نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 23-11-2013
السنة السابعة
العدد: 2276
حوار مع مولانا النفّرى (55)
من “موقف الدلالة”
لا تخف من الخوف حتى لا تفسد المعرفة
وقال لمولانا النفرى فى موقف “الدلالة”
وقال لى:
الخوف مصحوب المعرفة وإلا فسدت
والرجاء مصحوب الخوف وإلا قطع
فقلت لمولانا:
أعجب يا مولانا ممن يمارس فعل المعرفة وهو مستريح مطمئن رائق البال هادئ الحال، فلو أنه كان يعرف ما عرف فهو ما عرف إلا ما عرف، ولو أنه يحاول أن يعرف ما لم يعرف، فمن أين تأتيه كل هذه الطمأنئية والدعه،
هذا الخوف مصحوب المعرفة هو الذى يؤكد لى أنها معرفة تستأهل أن تُعرف، بمعنى أن أواصل السعى فى طريقها خائفا وأنا أعرف ما لم أكن أعرف، هذا يا مولانا ليس خوف الرعب للهرب وإنما هو خوف المفاجأة بما لا أستطيع معه صبرا، حاولت يا مولانا ألا أخاف من الخوف لأنى لو فعلت فسوف ارضى بمعرفة كنت غنيا عنها غالبا، فتفسد المعرفة، لأنها تصبح “لا معرفة”، لكن من يضمن لى ضبط الجرعة؟ لا أحد إلا الكدح والجهاد كدحا إلى ما بعد الأفق، الغيب مخيف، لكنه رائع، خوف المعرفة المصاحب هو غير خوف الهرب الجبان وهو غير الخوف المصحوب بالرجاء.
أنت تعرف يا مولانا كيف رجوت أن يخف وزنى حتى أطفو فوق نهر الحزن وأنا أعبر إلى الشاطئ المجهول لأعرف، حين قلت من ثلاثين عاما:
يـاليتنى طفوتُ دونَ وزن
ياليتنى عبرت نهر الحزن
من غير أن يبتل طرفى فَرَقَا.
ياليت ليلى ما انجلي،
ولا عرفت شفرة الرموز والأجنة.
إى هجرة الطيور ،
فى الشاطئ المهجور .
عفوا فعلتــُـهَا …
يبدو أننى ساعتها أدركت، أو أدركتنى، هذه التوليفة الرائعة بين الرجاء والخوف والمعرفة، فأطلَّ الحزن الجميل كسحاب ملئ بالماء حتى اسودّ فأضاء، وحين زادت جرعة المعرفة فى نفس القصيدة يا مولاى، كاد الخوف ينقلب مهربا جبانا، لكنه سرعان ما تحول إلى إقدام، فغلبت موجة الحياة:
المهرب الجبان،
العمر بعد ما بدا،
المهرب الأمان.
فك الحبال صلت السلاسل،
العمر بعد ما انقضي.
ويظل الرجاء يا مولانا مصحوبا بالخوف يجمع التناثر المعرفى إلى معرفة جديدة حتى يصّاعد هول المعرفة إلى الاقتراب من أن يمتلك الساعى مقاليد القدر: “كن فيكون” فيرعب من جديد لكنه يواصل، يصحب بؤسه إلى فوق الفوق إلى فوق، ويختلط ألم الحزن بشوق التصعيد تحت رحمة سحابة الرجاء
وأحمد الله.
…يا مِقْوَد الزمان لا تُطْلِقْنِى
ثقيلةٌٌ ومرعبةْ:
قولة “كُنْ”.
لو “كان” : بــت بائسا،
لو “كان” طرت نورسا،