نشرة “الإنسان والتطور”
13-3-2010
السنة الثالثة
العدد: 925
تعتعة الدستور
حمدا لله على السلامة
تعاطفت مع سيادة الرئيس محمد حسنى مبارك، الإنسان المصرى العادى من كفر المصيلحة، ثلاثة أو أربع مرات خلال ربع القرن الماضى، الأولى: بمناسبة أول تصريح له بعد اغتيال السادات، وقبل توليه منصب الرئاسة رسميا، حين صرح آنذاك بطيبة وكأنه فوجئ بالمنصب، أن هذا لم يكن أبدا فى حسابه، وكأنه كان يقول لمن حوله بصدق بسيط: أعينونى فى هذه الورطة، البركة فيكم معى، ولم أكتب عن ذلك حتى الآن برغم اننى استشهدت به فى أحاديثى الخاصة كثيراً.
الموقف الثانى كان بمناسبة نجاته فى حادث محاولة الاغتيال فى أديس أبابا، (كتبت فى الوفد بتاريخ 12/ 7 /1995) خطابا مفتوحا أقول فيه: “الحمد لله على سلامتك – سيادة الرئيس- حمدا قويا مسئولا مباركا فيه،” “….. إن من يحب مصر أكثر هو الذى يستطيع أن يمسك بزمام عواطفه، وأن يحتفظ بسلامة منطقه، وأن يضيف من موقع مسئوليته ما يجعل فرحتنا بنجاتك يقظة لا حذرا، وما يجعل حمدنا تعقلا وتدبيرا لا انفعالا وتهليلا، وما يجعل مستقبلنا حسابا وحضارة لا مظاهرات وأغان”..إلخ
ثم تعاطفت مع سيادته، ومع السيدة حرمه بعد أن أظهرا الصبر والحزن الجليل حين فقدا حفيدهما رحمه الله، قلت: فى الدستور (بتاريخ 27/5/2009): ” … للحزن جلاله وزخمه ونبله وعنفوانه، هذا هو ما تجلى لى فيما وصلنى من كل شعبنا الجميل بكل طوائفه وتوجهاته، هذا شعب حضارى يودع صبيا جميلا ليس باعتباره أحد أفراد الأسرة الحاكمة، بل راح يودعه كفلذة كبد جماعىّ لشعب يعرف كيف يتألم، وكيف يواسى، ما بلغنى منى ومن كل من قابلتُ هو أن الرئيس لم يعد رئيسا، ولم تعد السيدة الأولى أولى أو أخيرة، ولم يعد ابنهما هو هو، ولم يعد حفيدهما الباسم الفارس الصغير هو فقيد أسرة فوق قمة هرم اجتماعى مصنوع، أنزل الموت الرئيس من كرسيه المرصود بالمعارضة المسنود بالمؤايدة، أنزله ليتربع فى قلوبهم واحدا منهم، لا أكثر ولا أقل، لا لينتخبوا هذا الشيخ الطيب للمرة الرابعة أو العاشرة، لكن ليخففوا عنه بعض آلامه التى استنتجوها أكثر من غيابه عن الجنازة، … بغض النظر عن الموقف السياسى، أو اختلاف الرأى، أو الشكوك المحيطة، أو الجوع المجرم، أو التشرد العشوائى، الذى يعانى منه أغلب الناس صغارا وكبارا.
ثم ها هى ذى المرة الرابعة – يا سيادة الرئيس- التى أتعاطف معك فيها وأنا أدعو الله أن يتم شفاؤك، فأبادر – كمواطن عادى مهموم- بأن أنتهز الفرصة لأبلغ سيادتكم ما بلغنى مؤخرا، كما اعتدت فى مثل هذه الأحوال:
أولاً: بلغنى يا سيادة الرئيس أن الشعب بعد أن اطمأن مرارا على صلابة صحتك والحمد لله، يفضل أن ترشح نفسك فى الانتخابات القادمة، بديلا عن إبنكم الفاضل السيد جمال، لو أن الخيار سوف يظل قاصرا على التفضيل بينكما، لعل المدة القادمة، أطال الله عمرك، تعطى فرصة للنجل الكريم أن يقوم بدور حقيقى أفضل مما رسم له فى هذه المرحلة، فهو لم ينجح يا سيدى، مع فارق السن، أن يصل إلى وعى الناس مثلك، برغم ما يبذل له ومن حوله من جهود لا تصل إلى عمق وعى الناس مقارنة بسيادتكم، بمازلتم تتميزون به من حضور البديهه التى داعبت بها عوادك بعد العملية أمس، أو من صفاء ذهنك فى خطابك قبل الأخير فى اجتماعى مجلسىْ الشعب والشورى.
ثانياً: إذا رأيتم سيادتكم أنه قد آن الأوان لترتاح، وهذا حقكم فى هذه السن، فلا تظلم ابنك بالتمادى فى ورطته، واقبل التعديلات التى يقترحها مخلصون مثل الدكتور البرادعى لتعطى للناس وله فرصة اختيار حقيقية تثبت ما أعلنته سيادتكم مرارا قبل ذلك
ثالثاً: بعيدا عن هذا وذاك، استسمحك أبلغك أن أبلغك بعض ما بلغنى من تساؤلات تافهة وثانوية، وإن كانت تدل على حب الناس لك خاصة فى مثل هذا الوقت، فقد تمنى بعض الناس أن يكون علاجك فى الخارج فى عملية بهذه البساطة، ليس تهوينا للطب فى مصر، وإنما هو من باب الأخذ بالأحوط ولو من جهة التمريض …إلخ، كما تمنى آخرون أن يكون علاجك على حسابك الخاص – فتح الله عليه سعة أكثر من الرزق-، وليس على حساب الدولة، لتضرب مثلا لمسئولين ليسوا هم الأولى بالعلاج على نفقة الدولة، لا فى الداخل ولا فى الخارج
سيادة الرئيس هذا هو ما اعتدته معك، فسامحنى على تجاوزى، وفى انتظار عودتك بالسلامة إن شاء الله، لك منى دعوات خالصة، وتمنيات طيبة
والله معنا ومعك فى جميع الأحوال.