نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 2-7-2013
السنة السادسة
العدد: 2132
الثلاثاء الحرّ:
ثورة جديدة، لا تصحيح ولا استمرار !!
مقدمة
سبق أن أجبت فى حديث مكتوب يوم الأربعاء الماضى للإبنة الفاضلة “رضوى الشاذلى” المحررة باليوم السابع ، وكان ذلك حسب طلبها لنشره قبل يوم 30 يونيو، وهو – والحمد لله– لم ينشر حتى الآن، وهذا طيب لأنه لم يعد مناسبا بعد ما وصلنى من أحداث طيبة مفيدة لتعديل بعض آرائى،
واحتراما لما سبق الإدلاء به، وتمسكا بفضيلة التغيير والتعلّم، أصر على كل كلمة صرحت بها، لكن بعد إضافة ما وصلنى من أرض الواقع توضيحا أو تغييرا، أعتز به بقدر ما أعتز برأيى الأول.
فكتبت إلى الصحي ة اليوم (2 يونيو 2013) ما يلى : أرجو :
(1) عدم نشر الحديث الأصلى بصورته الأصلية، فقد فات وقت توقيته.أو…
(2) إذا رأيتم أنه ما زال صالحا للنشر، فأشطرت (لا أرجو) نشره بالتحديث الذى أثبته باللون الأحمر والبنط الأثقل سوادا، وبنفس المقدمة “” تحديث فى 2 يونيو”….إلخ ، ولكم خالص شكرى دائما ، وحفظ الله مصر،يحيى الرخاوى
الحديث الأصلى مع التحديث بالأحمر (العنوان المقترح):
1- ما هو تفسير الطب النفسي لحالة الإحباط التي يمر بها المصريون فى هذه الفترة منذ حكم الأخوان وحتى الأن ؟
د. يحيى:
الاحباط وارد دائما، وكأن علينا أن نضعه فى حسابنا منذ البداية حتى نعرف كيف نتجاوزه، الاحباط وارد سواء حكم الإخوان أم أى فريق لم يستعد بالقدر الكافى والمهارة اللازمة لاحتواء وتحمل مسؤولية ما يسمى ثورة، الثورات هى علامات فارقة خطيرة على طريق مسيرة أية أمة، لا توجد ثورة بيضاء بالمعنى الشائع، أغلب الثورات البيضاء تقريبا، هى مسخ للثورات الحقيقية، أنا لا أدعو لثورة حمراء لكننى أحاول أن أفيق من لايريد أن يدفع الثمن ليجتاز بثورتنا بحور مقاومتها ومحاولات محو آثارها أو عكس اتجاه مسارها، الثورة ليست مجرد مليونات وشعارات، الثورة إبداع جماعىّ، وأى إبداع لا يكتمل هو إجهاض لا ينتج عنه إلا مسخ غير كامل النمو، كلنا مسؤولون عن هذا الإحباط الذى نحن فيه الآن، فضل حكم الاخوان أنه عرّى خيبتنا بشكل لا يمكن السكوت عليه حين أقدم على الجهر بالسوء، وحين راح يغطى فشله وبالوعود بغير أساس، وبالتقية (أن يظهر غير ما يخفى)، وبضرب المؤسسات الأساسية مثل القضاء والداخلية ولا مانع من محاولة ذلك مع الجيش.
ومع ذلك فالبديل الحالى لو تعجل، قد لا يكون أفضل كثيرا ، إذا ظل غامضا وغير جاهز لمن يحسن بعد النظر.
تحديث فى 2 يونيو : ماوصلنى خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية هو احتمال أن يكون ثم بديل أكثر نضجا وموضوعية ، على شرط ألا نتعجل الحلول، ولا نرضى بالتوافق التلفيقى، ونستعد لاحتمالات الانتقام المجرم من الذين انتـُزعوا انتزاعا من أحلامهم المجنونة.
2- ما هو تأثير تشويه جماعة الأخوان وشيوخها للإسلام على تلقي الأخرين لما ينصح به الشيوخ أو ما يقدموه من معلومات ؟
د. يحيى:
الإسلام تشوه عبر التاريخ، وهو فى أساسه مثله مثل كل الأديان: ثورة فى الوعى البشرى بإلهام الله لبعض من اختار من البشر فصارو أنبياء عليهم الصلاة والسلام، والإسلام هو طريق للإيمان وليس هو هو الإيمان كما تعلمنا من الآية التى نزلت فى الأعراب، وهو إبداع متجدد واستلهام حى لصالح كل البشر وتعمير سائر الأرض، كل ذلك غائب تماما عن الإخوان وعن الشيوخ المحترفين وعن أغلب المؤسسات الدينية التقليدية، كل المعلومات الدينية – أو أغلبها- التى تقدم للعامة تحت اسم الإسلام وهى من نوع “المعلومات سابقة التجهيز” أو المعلومات “ديلفرى”، وهى تشويه لهذا الدين الرائع الداعى إلى كل أنواع الجهاد وخاصة الجهاد والأكبر إلى وجه الله، وهذا يتضمن الإبداع وتجديد الحياة.
3- ما هو رأى الطب النفسى والدافع وراء نزول الجماهير إلى الشارع من جديد بهذا الكم ؟
د. يحيى:
ولماذا ندخل الطب النفسى هكذا طول الوقت وكأننا – نحن الأطباء- نفهم فى السياسة الداخلية والخارجية، ناهيك عن الاقتصاد والدبلوماسية والحرب، وبالمرّة: نزول الجماهير إلى الشارع هكذا؟ أنا كمواطن وليس بالضرورة كطبيب يمكن أن أرجع ذلك إلى أسباب متنوعه، قد يبدو بعضها ضد بعضها، مثلا:
1- قد ينزل من يمكن أن يسمى الثائر الحقيقى أملا فى تغيير حقيقى بعد أن تعلم أن عدم النزول قد أذله وأهانه وهمّشه ثلاثين عاما بل ستين عاما وأكثر
2- قد ينزل بعضهم لأنه غافل عن حقيقة أغلب ما يجرى من ورائه، وخاصة عن حقيقة القوى الخارجية المحركة لهذا النزول .
3- وقد ينزل آخر لقلة خبرته السياسية، بعد حرمانه عقودا طويلة من ممارسة آليات مختلفة للحوار السياسى، فلما وجد الفرصة اندفع وكأنه وجد الحل الأوحد، دون الوعى بالخطوة أو الخطوات التالية.
4- وقد ينزل “بالقصور الذاتى” و”التكرار الغبى” متصورا أن ما نجح مرة بآلية معينة يمكن أن ينجح بنفس الآلية فى مرات أخرى، غير عارف أن التكرار الحرفى هو إعلان فشل الإبداع الثورى على طول الخط، لأن الظروف تتغير والمحكات تتغير، والأشخاص تتغير، والعوامل الخارجية تتغير.
5- وقد ينزل نتيجة لضعف المسؤولية وقصر النظر، ويصبح النزول بداية ونهاية مع أن الطريق يمتد ألف خطوة.
6- وقد ينزل تفريغا عن ضيق شخصى بآلية الإزاحة أكثر منه مرتبط بهموم البلد ومسؤولية التغيير، والبحث عن حلول عامة.
7- وقد ينزل انبهارا بمثالية طفلية جميلة ليتأكد من قدرته التى كان قد نسيها أو كانت قد ضمرت فعلا نتيجة عدم الاستعمال.
تحديث فى 2 يونيو : ماوصلنى خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية هو أننا تعلمنا من الخبرة السابقة ما يكفى لإحياء الأمل فى نهاية مختلفة، ومع ذلك فالحذر واجب من اعتبار أن مجرد النزول هو آخر جولة، فالمعركة مستمرة، والجهاد فرض عين على كل من يحب مصر ويحب الحياة ويحب الناس ويحب ربنا، ولكن لننتظر بداية الإبداع الثورى بعد الحمل الجارى الآن، إن انتصار هذا الشعب العظيم ممثلا فى كل هذه الملايين الصادقة التى تحب بلدها، هو فى أن يصنع الحلول، لا أن يجد الحلول ، جاهزة سواء عند الأمريكان، أم عند الجيش أم عند إسرائيل وهى تلبس طاقية الإخفاء، المعركة مستمرة ، ونحن فى بداية جديدة، فليكن المسار مختلفا، والاختيار موضوعيا، لتكون النهاية أرقى وأبقى، وتكون النهاية هى بداية جديدة أيضا لبناء دولة قوية قادرة، وليس نقلا حرفيا لديمقراطية ملعوب فيها وبها .
4- وما هو السبب الذي ربما يكون محبطا لهم .. وما هو السبب الذي ربما سيدفعهم إلى الهزيمة والعودة إلى بيوتهم من جديد؟
د. يحيى:
العودة للبيوت بعد النزول إلى الشارع والمياديين ليس علامة هزيمة، بل هى حركة ضمن حيوية برامج الحياة، هناك برنامج اسمه برنامج “الدخول والخروج“، لا يحدث النمو البشرى منذ الطفولة إلا به، وهناك برنامج “الإيقاع الحيوى” الذى يصنع كل نبض الحياة البشرية والحياة الطبيعية وهو المسؤول عن تداول الليل والنهار، والنور والظلام، ودقات القلب بين الانقباض والبسط، ودورات النوم بين الحلم واللاحلم، وبالتالى فإن معرفة طبيعة هذه القوانين يجعل حركية النزول والرجوع أمراً طبيعياً علينا أن نتوقعه ولا ترجح أية أفضلية لطور عن الآخر إلا إذا استمر طول الوقت أو دار فى المحل، فالقلب الذى يضغط الدم بصفة مستمرة هو قلب مريض إذ لابد أن يتبادل ضخ الدم مع فرصة استرخاء لعضلة القلب للامتلاء، والقلب الذى يكتفى بالإمتلاء يمتلئ حتى يشل أو ينفجر فالهزيمة ليست فى الرجوع إلى البيوت، وإنما هى فى الاختباء فى البيوت طول الوقت، وهى أيضا فى الضياع فى الشارع طول الوقت.
5- وهل نفسية المواطن بعد الثورة أصبحت أكثر انهزامية أم العكس.؟
د. يحيى:
لماذا هذا التعميم ؟ عن أى مواطن تتحدثين، هل العامل الزراعى الذى لم يغادر حقلة طوال هاتين السنتين أصبح أكثر انهزامية؟ هل العامل الذى تسببت الفوضى فى فصله عن عمله دون الحصول على حقوقه أصبح أكثر انهزامية؟ هل الذين أصبحوا أوصياء على الدين وعلى مصائر الناس إلى الجنة والنار أصبحوا أكثر انهزامية وهم منهزمون هازمون منذ البداية، أم أنهم أصبحوا أكثر تبجحا ووصاية؟ حتى المهاجرين المصريين مسلمين ومسيحين لا أعتبرهم انهزامين بقدر ما أتصور أن بعضهم لم يعد يحتمل أن يعيش فى بلد ليس به حكومة، أو لعل مهاجر آخر قد فضل أن يلتقط أنفاسه بعيدا عن وسط الحريق، أو لعل ثالث راح يستجمع قواه بعيدا ليعاود بناء بلده ولو من بعيد. الهزيمة الكبرى هى أن نتوقف عن الأمل.
6- ايه اللي اتغير في نفسية المواطن المصري في السنتين دول، لو احنا في ظروف عادية كان حايبقة محتاج كام سنة؟
د. يحيى:
سنتين مدة قصيرة جدا لنتوقع بعدهما تغيرا نوعيا مثل الذى نتصوره إن اختلاف الصورة التى كنا نرسمها لأنفسنا عن ما آل إليه واقع الحال ليس تغييرا جذريا نوعيا، إن الذى حدث هو: أولا: انفجار الانتقام بعد عقود من التهميش والاحتقار والامتهان والظلم. ثانياً: انطلاق النوازع البدائية بعد اختفاء صورة الأب والرب معا. ثالثاً: غلبة الزيف فى الدين والاعلام والتعليم والسياسة جميعا. رابعاً: تعرية الجهل الخاص والعام بما يجرى فى الداخل والخارج.
7- ما هو تحليل الشخصيات التي تقوم بتأييد الأخوان وتقوم بتبرير حتي قرارتهم الخاطئة ؟
د. يحيى:
من حق من ينتمى إلى الإخوان أو حتى ينتظر منهم خيراً أن يؤيدهم، وإلا فلماذا هو ينتخبهم أصلا أو يسير فى ركابهم، ثم إنه لا يمكن جمع كل المؤيدين فى موقف واحد، إنك تستطيعين أن تحكى سببا مختلفا لكل مؤيد من خلال طريقة تأييده وموضوع تأييده، فالذى يؤيد حصار المحكمة الدستورية غير الذى يؤيد سفر الرئيس مرسى إلى البرازيل، والذى يؤيد ديمقراطية الصناديق غير الذى يؤيد تزوير التصويت بشكل مباشر وغير مباشر وهكذا.
8- ما هو تحليلك لشخصية مرسي فى أحاديثه وكيفية تعامله مع معارضيه ؟
د. يحيى:
هذا مصرى ليس عنده فكرة، اللهم إلا فى تخصصه غالبا، وأنا لا أستبعد حسن نيته، لكن أعظم الكوارث فى التاريخ حدثت بحسن النية، حسن النية لا يحمى الضحايا من أثار مصائب ذلك، والرئيس مرسى لا يعرف أصلا معنى المعارضة رغم إقامته فى أمريكا بلد المعارضة الحقيقية والزائفة، فى أمريكا انتزعوا رئيسا من منصبه لمجرد أنه تصنت على حزب آخر، وسامحو رئيسا آخر مع أنه اعترف بممارسة الجنس الفمِّى مع موظفة رسمية فى البيت الأبيض، لأنه لم يكذب على الكونجرس، من أين للرئيس مرسى أن يستوعب معنى هذا أو ذاك؟ هذا رئيس لا يستطيع أن يميز بين موقعه الشخصى البسيط وموقعه كرئيس جمهورية ثم إنه فى جهل تام بمعنى “الزمن”؟ كيف يطلب فى خطابه أمس بإقالة كل المتسببن فى الأزمات فى خلال أسبوع “هكذا خبط لصق” دون تحقيق وإدانة؟ كيف يطلب تعيين كل المساعدين الجدد من الشباب مما لا يزيد عن أربعين سنة؟ هل نسى سن الجنزورى أو محمد حسنين هيكل مثلا، هذا كلام من لا يعرف معنى كلمة أسبوع أو مضمون كلمة الشباب، لكنه يتصور بما يقوله هكذا “أنه” يرضى جميع الأطراف”!!!
وأخيراً فإن تذبذبه وتراجعه لم يكن أبدا على مبدأ الرجوع إلى الحق فضيلة وإنما كان تنازلا عن مبدأ “إن خفت ماتقولش وإن قلت ماتخافشى”.
9- وما هى النصائح التي تقدمها للمتظاهرين حتي يتغلبوا على الإستفزازات التي قد يتعرضون لها من قبل جماعة الأخوان وخصوصا أثناء المظاهرات حتي لا ينجرفوا في أي معارك خاسرة؟
د. يحيى:
أنا ضد أن تأخذ آلية المظاهرات أولوية باعتبار أنها آلية التغيير الأمثل “على العمال على البطال” وإلا سوف نجد عندنا رئيسا جديدا كل عام أو بعض عام بغض النظر عن لونه وانتمائه، وفى نفس الوقت أنا لست متحمسا لتقديس الديمقراطية الزائفة التى تسّوقها أمريكا وتصدرها لنا هكذا، هكذا، لابد أن تكون المظاهرات مجرد رمز إعلامى وليس آلية تغيير هكذا بهذا التسارع الخطر
لقد خطر ببالى أنه يمكن تقنين العملية التى لجأت إليها “حركة تمرد” فى الحصول على توقيعات اعتراضية، وتكون هذه الطريقة خطوة إضافية مادام الرقم القومى المثبت سليما وربما يكون هذا بديلا عن قياس الرأى العام الذى هو من أقل الوسائل الحالية مصداقية فى مصر، إننى آمل أن نجد لذلك صيغة شرعية حتى يمكن التوفيق بينها وبين محتوى الصناديق التى هى ليست بعيدة عن مستوى الشبهات.
10- ماهو سبب زيادة تنفيذ حد الحرابة التي أصبحت تحدث بشكل كبير فى الفترة الأخيرة؟ وخصوصا أن من يقوم بهذه الوقائع مواطنين عاديين غير مسجلين خطرا؟
د. يحيى:
السبب هو انطلاق أبشع صور البدائية، واختفاء سلطة الدولة الحقيقية خارجنا واختفاؤها أيضا داخل نفوسنا، لم يعد هناك أب يقود الأسرة، ولا جندى ينظم المرور، ولا رئيس يتحمل مسؤوليته!! كما لم يعد الناس يوقرون القضاء ولا أحكامه، وأصبحت الأحكام تصدر من الجماهير فى الشوارع والميادين دون محاكمة، كما ساهمت الدولة فى امتهان القضاء أيضا، كذلك راحت تلعب بالداخلية ورجالها بطريقة لم تعد تطمئن أى أحد على حياته أو أسرته، كل هذا مجتمعا بالاضافة إلى ضعف الوازع الدينى الحقيقى ، وفى نفس الوقت تصعيد الإثارة والتحريض الدينى الأعمى، ثم أن هذه الصورة الهمجية زادت الأمور بشاعة وأكثر قسوة وبدائية من القتال بين الحيوانات الذى له قواعده وأصوله وأعرافه.
11- حادثة الأعتداء على الشيعة والتمثيل بجثثهم بهذا الشكل ما نتيجته وتأثير ذلك على نفسية المصريين ؟
د. يحيى:
إن من أخطر ما نمر به هو هذه التفرقة بين جماعات المسلمين، إذا كنا ندعى أننا لا نفرق بين مسلم ومسيحى، ونلوح بسماحة الإسلام حتى مع الأديان الأخرى، بل حتى مع الكفار، ” فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”، فكيف يصل بنا الحال إلى قتل مسلم لمسلم بهذه الصورة لمجرد اختلاف الملة، وكيف يصدقنا المواطن المسيحى أننا لن نفعل به نفسى الفعلة، وكيف نزعم أمام العالم الخارجى أو حتى أمام أنفسنا أننا نحترم الاختلاف أو نحترم الآخر.
ثم إن هناك بعد آخر وهو لعبة القوى الخارجية التى تريد أن تفرقنا إلى شيع وملل وفرق تتطاحن فيما بينها لتحول دون تجمع إسلامى فهى ضد أى تجمع بعيدا عن سلطتها، أو أى تجمع وطنى أو اقتصادى مثل دول البريكس أو مثلما حدث من قبل أيام “تيتو”، و”نهروا”، و”عبد الناصر” فى “دول عدم الانحيار” فهى تعتبر كل ذلك تهديداً للقوى العالمية المالية المفترسة لأنها تريد أن تعيد صياغة العالم لحساب مزيد من السيطرة الاقتصادية والاستعباد الحقيقى ثقافيا واقتصاديا لبقية الناس حتى كدت أتصور أنهم يعتبرون أنفسهم جنسا فوق الإنسان وأننا –الباقين- لا نصلح إلا كعبيد من الجنس المنقرض.
12- ما يحدث فى الشارع المصري من تحول فى التعامل والسلوك حتي طريقة تعامله مع الرئيس محمد مرسي مختلفة تماما وربما تكون بها أحيانا فجاجة فهل هذا شئ طبيعي نتيجة لحدوث الثورة أم أن هذا هو سلوكه الحقيقي؟
د. يحيى:
قلت فيما سبق إنه لم يعد هناك دولة أصلا، سواء فى داخلنا أو خارجنا، ثم ما حدث من اقتحام أقسام البوليس، واهتزاز صورة السلطة الأعلى مع التغيير غير المناسب وغير المفسر للنائب العام، وأيضا لوزير الداخلية كل ذلك جعلنا أقل تنظيما من أى قبيلة بدائية. إن الثورة لم تكتم، أصلا، فهى فى حالة إجهاض حقيقى والاجهاض نفسه لم يكتمل أيضا والمسألة تحتاج إلى اسعاف حقيقى فى العناية المركزة من كل الأطراف.
تحديث فى 2 يونيو : ولعل ما يحدث الآن هو حمل جديد، يحتاج صبرا جديدا، ورعاية جديدة، وولادة سليمة، وتربية أخرى، حتى يعوض الإجهاض السابق، أفضل تعبير “الثورة الثانية” (ربما لنتذكر ثورة القاهرة الأولى ثم الثانية فى مواجهة الحملة الفرنسية)، عن تعبير استمرار الثورة، أو تصحيح الثورة، إذا كان قد تم إحباط حتى الإجهاض، فالحل هو “حمل جديد”، وليس – كما قلت–إحياء المسخ المجهض، مهما كان الحمل فيه صحيحا فى أول أيامه.
13- هل فشل المعارضة كان سببا رئيسيا فى إحباط المصريين خلال الفترة الماضية؟
د. يحيى:
طبعا، مع الاعتراف باجتهاد وتضحية ومثابرة معظم المعارضين، لابد من الاعتراف بأن المعارضة ككل قد فشلت فى الوصول إلى المواطن المصرى الحقيقى، أعنى العامل المنتج المنتمى الذى يحترم الكبير ويتقى الله فيما يأتى وما يذر، كما أنها فشلت فى تجميع نفسها حول فكرة محورية وبديل واضح المعالم، فأصبحت الصفة الرئيسية التى تجمعها هى أنها “ضد الحكومة” وهذا لا يكفى لتسمى معارضة إذ لابد من خطوات بديلة ودراسات متكاملة وتواصل مع عامة الشعب وليس فقط جماعات من يسمون الثوار، ثم إن كثيرا منها اعتمد على الخطابة والتهييج الاعلامى وليس العمل السياسى الموضوعى.