نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 31-7-2013
السنة السادسة
العدد: 2161
مقتطفان عن رمضان، وإضافة ثلاثة فوازير
مقدمة:
اعتدت كل رمضان أن أكتب كلمة عن رمضان، لكننى لم أفعل هذا العام، لا أحد من أهل الصحافة طلب منى ذلك ولا خطر لى أن أفرد عددا واحدا من نشرات الانسان والتطور لذلك، يا ترى لماذا؟ هل انشغلت بالجارى وهو شديد الإثارة، شديد الإرباك، شديد التحدى، بالغ الوعود، جسيم الانذرات؟؟!؟
ربما
قررت اليوم ونحن فى بداية العشر الاواخر من هذا الشهر الكريم أن أقتطف بعد ما كتبت سابقا: اعتذارا وتذكرة.
****
المقال:
رمضان بين الامتناع والإبداع والمحو والتشويه
المقتطف الأول
نشرت فى: 18-8-2010
ما معنى الامتناع عن سلوك حسبت أنك لا تستطيع أن تمتنع عنه، لماذ نفعل ذلك أحيانا، فرادى بإرادتنا، أو دوريا جماعة معا؟ صام: أمسك عن الشىء، وصام: سكن، أن تمسك عن ما اعتدت أن تقوم به أو تتعاطاه، فأنت صائم، وأن تسكن بعد حركة فأنت صائم (تستعد للحركة القادمة)، بهذا وذاك أنت كائن حى تمارس الإيقاع الحيوى الذى هو قانون فطرة الله التى فطر الناس والكون عليها.
تاريخ الحياة ملئ بهذه الحركة والسكون، وحين صار الإنسان إنسانا – بفضل الله- انتظم هذا الإيقاع بين نوم ويقظة، وبين نوم حالم ونوم بدون أحلام، وبين صوم وإفطار، مع عبادات تواكب الشمس والقمر فى دوراتها الحيوية (فى الإسلام كنموذج)، يبدو أن كل هذه الروعة، وكل هذا التاريخ لم يصل إلى بعض الزملاء الأطباء (والمشايخ) المتحمسين للدعاية للصوم، فعادوا مثل كل عام يسرفون فى تعداد فوائد الصوم بمعلومات ساذجة، تستعمل فى غير موضعها حتى تمسخ روعة الصوم وتكاد تطمس حقيقته، وتفسد غايته
الذى يصلنى من كل هذا، خاصة حين يفخر الأطباء والمسلمين بان الخواجة العلامة فلان الفلانى قد أقر واعترف أن الصوم “كويس” جدا للصحة، هذا الدين العظيم بالغ البساطة شديد العمق فى آن، لا تحتاج إقامة شعائره إلى التذكرة بكل هذه المزايا التى لم يبق إلا أن تقدم جوائز عينية بالقرعة للصائمين المتقدمين لتمبولة الصيام، على أن يقسم كل واحد أنه لم يصب بالصداع ولا ساعة أو بعض ساعة، وزيادة فى السخرية والردع تصورت أن تكون جائزة الفائزين أن يعفوا من صيام نصف رمضان القادم !!!
كثير من المتدينين غير البسطاء، ومن المؤلفة قلوبهم، ومن الذين يعبدون الله على حرف، يمارسون مع كل رمضان أمرا آخر غير هذه الرشاوى شبه الصحية بأن الصيام مفيد جدا للسكرى والنقرس وتصلب الشراييين والبدانة المفرطة، وذلك بأن يلجأوا إلى تغيير نظام العمل والنوم والالتزام بحيث يصبح الصوم مجرد إعادة تنظيم إطلاق طاقات الجشع والنهم.، فهم يغيرون مواعد الحضوروالانصراف، والنوم واليقظة، حتى تتواءم مع محو كل ما يمكن أن يترتب على فضيلة الامتناع فرادى وجماعا،
ما هذا بالله عليكم؟
العبادة عبادة، فمن شاء فليؤدها، ومن شاء فليمتنع عنها سرا (ليس في الصيام رياء) أو علانية، هو وشجاعته وتقاليد مجتمعه، وقلة ذوقه، الصوم بالذات هو له –سبحانه، وهو يجزى به!! ذكر شرَّاحُ الحديث وجوهاً عديدة في معنى قوله تعالى في الحديث القدسي (إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزى به) مع أن الأعمال كلها له وهو أيضا الذي يجزي بها، رجعت إلى ما تيسر لى من أقوال الشراح، ووجدت أغلبهم قد رأوا ان تخصيص الصوم بأنه لله تعالى هو لأنه الأبعد عن الرياء، فلا أحد يصوم حقيقة وفعلا، إيمانا واحتسابا، ليعلن للناس أنه صائم، فى حين أنه يستطيع أن يفطر بمجرد أن يغلق بابه دونهم، الصائم هو صائم فى السر والعلن، لأن الله سبحانه معه فى السر والعلن، ولن يستطيع أن يخفى عليه أنه قد أفطر من خلف ظهر الناس، هنا يتجلى الحوار الصامت الملئ بحضور الحق تعالى قريب، أقرب من حبل الوريد، الحق تعالى يحيط بعبده بينه وبينه طول الوقت ليلا ونهارا، صائما ومفطرا، كما يسع كرسيه السمات والأرض، فيسر عبده إليه مايسر، فيرضى عنه ربه فيرضى عبده، وهذا هو الجزاء الأوفى،
فى العلاج الجمعى نتعلم ونعلم كيف نكف عن استعمال كلمة، لا أستطيع، لا أقدر، ونقول للمريض نحن هنا لنجرب ما لا نستطيع، وليس لنكرر ما نستطيع
……………….
……………….
بداية الإبداع هو أن “تستطيع” ما تتصور أنك لا تستطيعه، أن تكف عن الاتباع لتعيد النظر فيمن تتبعه حتى الاغتراب، أن تتحرك عكس اتجاه عقربى الساعة لعلك تمتلك ناصية الوقت، فتخلق زمن الإبداع بما تشاء كيف تشاء. يأتى رمضان فيسمح للشخص العادى أن يجرب انه يستطيع ما يتصور أنه لا يستطيع‘ فإذا به يستطيعه ببساطة وشجاعة وإقدام، يستطيعه سرا وعلانية، وحين تستطيع ما كنت تحسب أنك لا تستطيعه، تبدأ رحلة الإبداع، فهذا فتح لك لتطرق بابا كان موصدا أمامك، أن تجرب إعادة النظر فى كل ما فرض عليك حين لقنوك ما سمح لبعض قدراتك أن تمارسها دون بقيتك فيأتى رمضان، لو أنك لم تمحه بتغيير نظام يومك، ولم تشوهه باختزاله إلى فوائد صحية غير صحيحة، يأتى يعرض عليك أن تحاول، فى شتى المجالات، ما حسبت أنك لا تسطيعه.
هيا قبل ان يعلم حكامنا هذا الاحتمال فيصدروا أمرا بإلغاء رمضان حفاظا على الامن العام، وضمانا للاستقرار.
المقتطف الثانى: (أسبق من الأول)
نشرت فى: 12-10-2005
فوازير رمضان السياسية
………….
………….
حين تتوقف قدرتى عن تحليل الواقع، وما يمكن أن يترتب عليه، أسمح لنفسى بأمرين: أن يشطح خيالى فى تصورات احتمالات ليست مألوفة، وأيضا أن اطرح اسئلة ليس لها عندى إجابات جاهزة لعلها تحرك من هو أقدر منى، فيفكر معى، معنا، فى مغزى مختلف الإجابات، ومن ذلك:
أولا: ماذا لو كففت أنا شخصيا عن المشاركة بما هو ليس فى اختصاصى، واكتفيت بعيادتى، وبعض علمى، ومنظرتى؟ وصرفت ما كسبت طول حياتى على راحتى ومتعى فى هذه السن الجميلة (العقد الثامن!)؟
ثانيا: ماذا لو ربنا أخذنى غدا، وأنا أتصور أن لى دورا لا غنى عنه، وأننى “ماحصلتش”، ثم سارت الدنيا كما هى، وغالبا أحسن!!؟؟
ثالثا: ماذا لو أن الرئيس مبارك، فى صحوة مفاجئة، قرر مثل الرئيس السادات، الله يرحمه، أن يؤلف حزبا جديدا اسمه “الحزب المبارك النهضوى” مثلا؟ مع الإبقاء على الحزب الوطنى جدا ؟
رابعا: ماذا لو قرر رئيس الحزب المبارك النهضوى، بخلاف ما عمل الرئيس السادات، أن يرفض الهرولة فلم يقبل فردا واحدا ممن كانوا أعضاء فيما يسمى الحزب الوطنى، ولم يبد أسبابا لذلك. هو حر كرئيس حزب جديد له لائحة جديدة.
وبعد
حين راجعت هذه التساؤلات، وغيرها مما حذفت اكتشفت أننا مازلنا فى رمضان، وأنه قد جرت فى الأمور أمور فأضفت ما يلى:
21 رمضان 1434 (30 يوليو 2013)
خامسا: ماذا لو سمح القانون بترشيح الرئيس مبارك والرئيس محمد مرسى وآخرين بعد اسبوعين من الآن للرئاسة؟
سادسا: ماذا لو فاز الرئيس مبارك، ثم تنازل عن فوزه للرئيس محمد مرسى حيث ترتيبه الثانى نظراً لسنه، وما تعلّما من تاريخه
سابعا: ماذا لو تنازل الرئيس محمد مرسى بدوره عن الرئاسه للمرشح الثالث أ.د. عبد القادر مانديلا سامح الشعبى وذلك حرصا على عدم تكرار الأخطاء، وحبا فى مصر، ابتغاء مرضاه الله.
وختاما:
اللهم إنى صائم!
وطبيب نفسى!!
وكل رئيس وانتم طيبون