نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 24 -8-2013
السنة السادسة
العدد: 2185
حوار مع مولانا النفّرى (42)
من “موقف الدلالة” (تانى مرة)
قال مولانا النفرى فى موقف “الدلالة”
وقال لى:
” عرِّفنى إلى من يعرفنى، يرانى عندك، فيسمع منى.
ولا تعــّرفنى إلى من لا يعرفنى يراك، ولا يرانى.
فلا يسمع منى وينكــرنى”.
فقلت له
سبق أن عشت هذا الموقف حين كنت أجرأ، حين تصورت أنه من حقى مخاطبته مباشرة (وظهر فى نشرة حوار مع الله “28” بتاريخ 4/12/2010) وقلت حينئذاك موجها حديثى إلى الله:
وهل يحتاج من يعرفك أن أعرّفك إليه؟
ما جدوى أن أحاول أنا أصلاً أن أعرّفه؟
أما من لا يعرفك فإذا كان قد نظر فى نفسه فما عرفك، فكيف يرانى؟ أو يراك عندى؟
ومن أنا حتى يرانى وهو لا يراك؟
ربما يعرف كلماتى ويظنها أنا، فيرددها كأنه سمعنى، فكيف يسمع منك؟
هو لا يعرفك ولا يعرفنى ولا يعرف نفسه
ينكرك فيخسر نفسه ولا يرانى ولا يراك، لا عندى، ولا عنده
وبعد
ثم إنى عدت “الآن” بعد تراجعى لأكتفى بحوارى مع مولانا، خطرت لى إضافة لعلها أكثر تواضعا على قدر قدرى، قلت أثبتها أيضا هكذا:
فقلت لمولانا:
تأكد لى مؤخرا أن “الإدراك” هو أداة معرفته الأولى، وانتبهت إلى أن أغلب بعض التخصص الذى أنتمى إليه، وهو ما يسمى “علم النفس”، قد اختزل الإدراك الحقيقى: أو تجنبه أو تجاوزه، ففزعت، حيث أن هذا التوجه قد أدّى إلى ضمور الحواس الأقدر على معرفة ربنا بدءًا بسلوك الطريق إليه، ضمرت لحساب الحواس الخمس، كما استبعدوا أيضا المخ التصويرى الشمولى الوجدانى بعد أن اسموه “متنحيا” ليطغى عليه مخ الحروف والتفكير الحساباتى والرموز المصقولة والتكْمِيَة المتراكمة.
الذى يعرفه أولا يا مولانا، لا يحتاج أن أعرّفه إليه،
لا، بل يحتاج ما دام حدسك يا مولانا تلقى هذه التوصية “عرِّفنى إلى من يعرفنى”.
نعم: نأتنس ببعضنا البعض. نحن ضعفاء إليه، فنتعرف على أنفسنا ونحن نتعرف إليه.
نتوجه “نحن/معا” حتى يراه عندى، وأراك عنده
أما الذى لا يعرفه فهو لن يعرفه بما أعرّفه به، لأننى سوف استعمل الرموز والألفاظ والحروف والتفكير وكل هذا ليس اللغة التى توصلنا إلى معرفته الأخرى
التعريف بالإقناع والتسبيب ليس تعريفا بل غالبا يكون إبعادا، مثل هذا التعريف لا يفتح الأقفال المغلقة، وأحيانا يغلقها أحكَمْ.
بل إن هذا الذى لم يعرفه أصلا قد ينكره أكثر حين تعجز حروفنا عن “رد البصر” إليه، “أو مسح الرّان” من على قلبه. وهو لا يسمع منى، بل إن تعريفى له بلغة غير لغة الإدراك الشمولى، قد يسهّل عليه الإنكار أسرع وأجهز.