نشرة “الإنسان والتطور”
28-9-2009
السنة الثالثة
العدد: 759
يوم إبداعى الشخصى
حوار مع الله (21)
موقف: قد جاء وقتى (1 من2)
1) وقال لمولانا النفرىّ
أوقفنى وقال لى: إن لم ترنى لم تكن بي،
فقلت له:
نكون فنراك،
هذا فضل منك
نكون بك! نصير إليك
أن نراك فنكون، هذا أصعب،
من يضمن أننا نراك، ونحن بعد لم نكن بك.
ندور داخل حلقة ذواتنا: يلقنوننا أن نردد: ” نكون أو لا نكون”
لا ثمة كينونة بدونك
أنت كائن سواء رأيتك أو لم أرك، وحين تأذن أن أكون بك، يستحيل ألا أكون.
الكدحُ أصعب فأصعب!!.
الصعب يلينُ بالسعى،
والسعى يغرى بالوصْل،
والوصل يعِدُ بالأمن،
والأمن لا يعنى السكون.
من ذا الذى يستطيع أن يراك كلك دون أن يعـشى،
فإذا عشى لا يكون، فهو لم يرك.
الرضا بما يلوح هو غاية رؤية الكادح إليك
لمحة من الشيء، هى الشيء، هى “كل” الشي،
وأنت قبل الشىء وبعد الشىء ليس كمثلك شىء،
كيف لا تكفى لمحة من لمحة اللمحة!!!؟
أى بصيص نور هو يقين بالنور.
أى حركة تكفى للإحاطة.
الإحاطة تــَوَجّهٌ غير ملموم، ولا معلوم.
السهم مجذوب إلى حيث ينجذب،
بلا شرط أن يصل إلى ما ينجذب إليه.
2) وقال لمولانا النفرىّ
وقال لى: إن رأيتَ غيرى لم ترني
فقلت له:
حروف الجر تجمعنا فيك، فلا أرى غيرك إلا إن كان بك.
بدونها أدور فى وهم المبتدأ والخبر، فأنسى.
إذا نسيتك امتلأ العدمُ بالـظلام،
وامتلأ الظلام بأوهام العلم وأرقام السوق
كل ما هو ليس بك/إليك هو “غيرك”
غيرك يخفيك بعماى، لا لغيابك
3) وقال لمولانا النفرىّ
وقال لى: إشاراتى فى الشئ تمحو معنى المعنى فيه، وتثبته منه، لا به
فقلت له:
..”فيه”،… و”منه”… و”به”،:
حروف الجر تلاعبنى، فتنبهنى، فلا أنجر إلا إليك
تمحو المعنى (فيه) لتثبت المعنى (منه)، ولا تثبت المعنى “به” !!
معنى المعنى نسخٌ للمعنى وليس إضافة له.
ليس للمعنى معنى إن انفصل عنك،
ومحو معناه وارد، بل واجب حين يُحشرُ فيه بذاته لذاته، تعسفا دونك .
لا يثبت المعنى إلا أن يقوم بذاته دون حاجة إلى أن يعـنى غيره، فهو يثبت منه فيه
كلما امّحى معنى المعنى فيه عاد إلى أصله.
الشئ لا يحتاج إلا أن يكون هو، ليَثْبُتَ بما هو، لا بمعناه.
ثباته بما هو، لا بمعناه،هو ثبات “منه”/”فيه” وليس ثباتا به.
إشارتك فى الشىء تكفينى، فلا أحتاج لتفسير أو تأويل أو تعريف أو تضمين.
4) وقال لمولانا النفرىّ
وقال لى: فيك ما لا ينصرف ولا يُصرف
فقلت له:
الحمد لك أنه ليس أنا الذى لا أنصرف ولا أُصرف.
حركتى بما لا ينصرف تعمق وجودى دون أن يشلنى أنه لا ينصرف
حركتى بما لا يُصرف هى أمان من تمادى نقص لا يُـرى
…، أتخلـّق أبدا جديدا إليك: “بما ينصرف وما لا يصرف”
فإذا كنت بك/إليك، فلا أول ولا آخر، ولا قبلُ ولا بعدُ، ولا صرف ولا تصريف.
ما لا ينصرف يسمح لى أن أدور حوله، فأطير منه لأفيض به، فأكون منه له إليه؟
ما لا يُصرف ليس سكونا يأبى أن يـُصرف، بل ديمومة متولدة إليك.
5) وقال لمولانا النفرىّ
وقال لى: أصمت الصامت منك ينطق الناطق ضرورة.
فقلت له:
كلام الصمت الصمت أقوى، فلماذا أُصمِـته،
الكلام الكلام الصمت الرطان أغبى وأفرغ، هذا ما ينبغى أن أصمته.
صمت الصمت كلام بليغ لا يحتاج إلى الكلام
صمت الصمت تسبيح هامس لا تسمعه إلا الجبال والسماوات والأرض، انت تهدينى به إليك.
حين يصبح الكلام صمتا أخبث، فالأولى أن يصمت ليسمح للصمت الناطق أن يتجلى،
أطمئن أكثر حين ينطق الناطق بغير كلام،
فلماذا أسميه صمتا؟
ولماذا أسميه أصلا؟