نشرة “الإنسان والتطور”
24-8-2009
السنة الثانية
العدد: 724
يوم إبداعى الشخصى
حوار مع الله (17)
مقتطفات من موقف القرب (1 من 2)
وقال لمولانا النفرى فى موقف القرب
وقال (للنفرى)
1) أوقفنى فى القرب وقال لى: ما من شئ أبعد من شئ ولا من شئ أقرب من شئ إلا على حكم إثباتى له فى القرب والبعد
فقلت له:
الوعد بلقائك يقينٌ بوجودك، فما الحاجة إلى البعد أوالقرب؟.
حين تختفى المسافات أخشى أن يتدوّر الزمن،
وحين يصير البعد قربا والقرب بعدا أخشى أن أتوه فى بؤر الأمكنة
تدور بى النقط وقد تداخلت فأخاف أن تنغلق علىّ الدوائر
أجدك فى كل ذلك: بعد ذلك وقبل ذلك، فأجد كل ذلك،
أتسع بغير حدود، فلا تعود بى حاجة إلى مسافات
تذوب قطرات الزمن فى أبدية المكان فتمتد الأمكنة بى إليك، وتختفى النسبية
نسبية القرب والبعد إلى الموجودات بغير إثباتك هى تقريب عبثى عدمى
لا توجد الموجودات إلا بنسبتها إليك، فلا مسافات
تًوَهُّم قرب “الواحد” من “الآخر” دونك يجعل الآخر على مسافة لا يمكن اجتيازها إلا وهـْما
2) وقال له: البعد تعرفه بالقرب، والقرب تعرفه بالوجود،
وأنا الذى لا يرومه القرب، ولا ينتهى إليه الوجود
فقلت له:
فى رحابك يكون الوجود جزءا من الكل الحاوى، فهو القرب الحاني.
كيف يرومك سبحانك قربٌ وأنت أقرب من القرب نفسه؟
وكيف ينتهى إليك وجود وأنت بدايته التى ليس لها منتهى إلا أن تبتدى قبل وبعد ما لا ينتهى.
ما حاجتى إلى البعد أو القرب ما دمتَ قد أحطتنى فى رحابك بك؟
3) وقال له: أدنى علوم القرب أن ترى آثار نظرى فى كل شىء،
فيكون أغلب عليك من معرفتك به.
فقلت له:
راضٍٍ أنا بأدنى علوم القرب
ما ذا يكون الشئ فى ذاته إن لم يتجلَّ أثرك فيه؟
لا أرى الأشياء أصلا، وإنما أرى ما تجلّى منها من آثار نظرك فيها،
فإذا تجلى أثرك فيه فكيف تغـلب معرفتى به على أصله الذى هو أثرك؟
تتخافت معرفتى به فى نور آثار نظرك فيه
4) وقال له: القرب الذى تعرفه فى القرب الذى أعرفه، كمَعْـرفتك فى معرفتي.
فقلت له:
لم أعرف قربا فى القرب، وإنما حين وُجِدْتُ وَجَدتُ. ، فعرفت
أين معرفتى من معرفتك، بل معرفتى فى معرفتك،
القياس مستحيل، كذا النسبية
حروف الجر تربكنى، ثم تهزنى هزا
حرف “في” هذا الذى لا يكاد يدركه أحد بما هو. أجده فى بؤرة القرب، يجذبنا إليك من “علي” سطح تسطيحنا،
إن فى “في” سرُّ أعظم.
حرف “فى” هو حال من الأحوال،
حين تحضر المعرفة “في” المعرّفة؛، أسمح لنفسى بظلّ مسافة،
نحن فى القرب لا نقترب، وإنما نقع “في”…، فتتخايل معرفةً ما.
معرفتى لم تقع أبدا فى معرفتك، وإنما هى استضاءت فأضيئت، وما أضاءت إلا بنورك الذى يعشِى أمامه من يقترب فيغمض فيرى أوضح.
5) وقال له: لا بُعدى عرفت، ولا قربى عرفت،
ولا وصفى كما وصفى عرفت
فقلت له:
لا أسعى إلى معرفة قربك من بعدك بعد ما اطمأننت – إلى موقعى فيك- منك.
لا الوصف ولا العلم يستطيعان أن يتعديا حدود الوصف والعلم.
ليس كمثلك ـ سبحانك ـ شئ،
وأنت السميع العليم.
6) وقال له: أنا القريب لا كقرب الشئ من الشيء،
وأنا البعيد لا كبعد الشئ من الشيء
فقلت له:
قربك هو بعدك هو امتدادك هو غور تحققى بك،
هم لا يعرفون الشىء إلا بنسبته إلى الشىء،
شاهت رؤاهم وهم يحسبون أنهم يقربون صورتك إلينا بحديثهم عنك بلغة الشىء عن الشىء
ليس كمثلك شىء
ليس كمثلك شىء
لا فى البعد ولا فى القرب ولا فى نسبة أحدهما إلى الآخر.
7) وقال له: قربك لا هو بعدك وبعدك لا هو قربك، وأنا القريب البعيد قربا هو البعد، وبعدا هو القرب
فقلت له:
ومن أنا إلا بك، قلتُ أمضى أدور فأشرق وأظلم حول نفسى بك . فأنت أنت القريب البعيد،
أنت وحدك الذى يتساوى فيك البعد والقرب،
فإذا طمعنا بعد ذلك فليس إلا بك وبقدر سماحك.
8) وقال له: القرب الذى تعرفه مسافة،
والبعد الذى تعرفه مسافة،
وأنا القريب البعيد بلا مسافة
فقلت له:
حفظتُ الدرس، وحقك وجلالك حفظتُ الدرس فَرِحاً.
لا مسافات؟
المسافات تصنع قربا لا وجود له، وبعدا لا أمل فى إلغائه؟
أنت القريب البعيد بلا مسافة،
فاسمح لنا نتحرك فى مسافة حواليك إليك، حتى تلتقطنا برحمتك فى اللامسافة.
يصبح القرب قربا ليس اسمه كذلك.