نشرة “الإنسان والتطور”
3-10-2009
السنة الثالثة
العدد: 764
تعتعة الدستور
اقتراحات شاطحة، لديمقراطية آخر تحديث…!!!
هذه التعتعة تحتاج من سيادتكم قدرا أكبر من الخيال، والصبر، والسماح، (“ماشى”!!!؟)
زاد إعجابى بالديمقراطية بعد انتخابات اليونسكو الأخيرة، وقد أسفت – طبعا – على عدم فوزنا بهذا المنصب برغم أنى فقدت الثقة فى كل (أو أغلب) التنظيمات العالمية من أول منظمة الأمم المتحدة، حتى التقسيم العالمى العاشر للأمراض النفسية، مرورا بمنظمة الصحة العالمية!!، رحت أتابع عدد المرشحين مقارنة بعدد الناخبين، وأفرح بدورات الانتخاب المتلاحقة يوما بعد يوم، حركت هذه الاحتفالية الديمقراطية خيالى الباحث دوما عن بديل لهذا الصنم (الديمقراطية) المفروض علينا فرضا لمجرد أن كل الأصنام الأخرى، أقبح وأكثر خطرا منه.
أنهيت تعتعة سابقة هنا (27 ديسمبر 2006) بعنوان “انتهاء العمر الافتراضى للديمقراطية الأمريكية (وبالإنابة) بإشارة إلى أمل فى إبداع بشرى يحل هذا الإشكال : أعنى إشكال: “حتم مشاركة الناس فى اتخاذ القرار مع فشل وعجز وفساد كل الوسائل المطروحة على الساحة للآن”، تصورت آنذاك أننا –البشر- سوف نصل، من خلال التكنولوجيا التواصلية، والثورة الإعلامية اللامركزية، إلى إمكان العودة إلى نوع من الديمقراطية المباشرة (دون إنابة)، وذلك بإمكان إتاحة الفرص للكافة، فئة فئة، ومستوى مستوى، للمشاركة فى اتخاذ قرارات تتصاعد هيراركيا حسب أهمية القرار وإمكانيات سرعة التواصل والتوصيل والمراجعة، ثم قرأت بعد ذلك عن “الديمقراطية الرقمية”، فتصورت أن أحد المبدعين الجادين قد اهتدى إلى تطبيق شطحى بطريقة عملية، وإذا بى أكتشف أنها خدعة أخرى، يقتصر إنجازها – حتى الآن- على استعمال التصويت بالنت والكمبيوتر والبطاقات الإلكترونية وكلام من هذا، مما يتيح تحديث الخداع أو الاغتراب، أو التزوير، حسب درجة الفساد وخبث الإعلام.
ثم جاءت انتخابات اليونسكو هذه، ففرحت بطرافتها الديمقراطية، ولم آسف كثيرا على نتائجها السياسية، وركزت على آلياتها الجارية أمامى حين راحت الأصوات تتحرك على الشاشة وكأنها بندول نعمت صواميله: إيرينا بوكوفا 8 – 8 – 13 – 29 – 31 مقابل فاروق حسنى: 22 – 23 – 25 – 29 – 27، تساءلت: ماذا جرى أويجرى هكذا خلال أيام؟ أليس فاروق حسنى هو فاروق حسنى؟ والسيدة إيرينا بوكوفا هى إيرينا بوكوفا؟
حركت هذه الطرافة ذاكرتى فتذكرت شطحا ديمقراطيا قديما آخر، استلهمته من مارجريت تاتشر عندما انزعجت لحصول حزبها على 62 % من المقاعد، فخجلتْ بدلا من أن تفرح أو تفخر، ولم تتردد فى أن تصرح بمخاوفها ألا تكون هناك معارضة حقيقية تحد من احتملات تسلط حكومتها، برغم ما هو معروف عنها – آنذاك- من فرط محافظتها، وعنجهية تسلطها، قارنتُ ذلك بفرحة حكامنا بأرقام الـ: 99%، التى تراجعت مؤخرا – ربما بفضل الحياء لا النزاهة – حتى كادت تصل إلى 93% ويجوز 91 % (رأيت كيف!!)، بما يتيح درجة مناسبة من المعارضة الكلامية تتناسب مع درجة نمونا الديمقراطى!!! نشرت حينذاك شطحى الباكر الذى أوجزه كما يلى:
فلتكن انتخاباتنا بالقائمة، ولنضع حدا أقصى للسماح لأى حزب بالمشاركة فى المجالس النيابية، تماما كما أن هناك حدا أدنى لذلك، بمعنى أن يحرم أى حزب من الحكم أو التمثيل فى مجلس الشعب إذا حصل على أكثر من 60% من الأصوات مثلا، تماما مثلما يحرم الحزب الذى يحصل على أقل من 8%. سوف تقول لى أن من يتبقى بعد ذلك لن يمثل أغلبية الشعب، وسوف أرد دون شطح: وهل الموجودون الآن يمثلون أغلبية الشعب ولا مؤاخذة؟، المصيبة أننى بدلا من أن أتراجع عن هذه الأفكار مع علمى بما وصلكم الآن، تماديت بعد انتخابات اليونسكو هكذا:
الشطح الجديد (1): ننتخب من كل محافظة (أو مؤسسة أو ما ترون) خمسة أو خمسين مندوبا بأية طريقة “كويسة”، ثم يجتمعون معا، وهات يا تصفية فيما بينهم حتى يصل العدد إلى 60 ممثلا للقطر كله، مثل اليونسكو، ثم هات يا جولات بنفس الطريقة، ومن يفوز فى النهاية يتسلم منصب رئيس أى موقع يختاره، أو أى منصب ترونه!.
الشطح الجديد (2): (أصعب وأظرف): نسمح، أو نفرض، على كل مواطن بلغ من العمر 18 سنة أن ينتخب بمعرفته أى مواطن آخر عمره أكثر من أربعين عاما دون أن يترشح أصلا، أنا مثلا سوف أنتخب الدكتور حامد عمار، وعم على السباك، وعبد الرحمن الأبنودى، دون إذن أى واحد منهم، ثم هات يا تصفية بين المائة الأوائل بنفس طريقة اليونسكو، وسوف نرسو على الشخص الأنسب رئيسا لأى موقع يختاره، أو أى منصب ترونه! (أيضا).
ما رأيكم؟؟!!.
(رجاء لأخى أ.د. أحمد عكاشة ألا يتسرع بالحكم).