الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (48) : أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج، مع نقلة الأعراض

التدريب عن بعد: الإشراف على العلاج النفسى (48) : أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج، مع نقلة الأعراض

“نشرة” الإنسان والتطور

 17-5-2009

السنة الثانية

العدد:  625

 التدريب عن بعد:

الإشراف على العلاج النفسى (48)

 (سوف نكرر فى كل مرة:  أن  اسم المريض والمعالج وأية بيانات قد تدل على المريض هى أسماء ومعلومات بديلة، لكنها لا تغير المحتوى العلمى التدريبى، وكذلك فإننا لا نرد أو نحاور أو نشرف إلا على الجزئية المعروضة فى تساؤل المتدرب، وأية معلومات أخرى تبدو ناقصة لا تقع مناقشتها فى اختصاص هذا الباب).

أهمية التاريخ الأسرى أثناء العلاج، مع نقلة الأعراض

د. شوقى سليمان: صباح الخير يا دكتور يحيى

د. يحيى: أيوه أتفضل يا شوقى

د. شوقى سليمان: …. عندى عيان عنده 27 سنة بيشتغل فى شركة قطاع خاص معايا بقاله سنة وشهرين، وأنا بدأت اباعد بين الجلسات، واقلب العلاج متابعة، بس لقيته رجع المرض نِشِط تانى

د. يحيى: بتشوفه هنا فى المستشفى ولا فى العيادة

د. شوقى سليمان: لا هنا، هو كان هنا وخرج متحسن

د. يحيى: وبعدين؟

د. شوقى سليمان: حضرتك كنت قلت ينفع الجلسة نصف ساعه كل أسبوع، فعملت كده بعد مدة لما ابتدينا متابعة، بس دلوقتى يعنى رجعت للجلسة ساعة كل أسبوع، وزودت الدواء، دلوقتى طول الوقت بيحكى عن خوفه  لترجع الأعراض، هوه، هوه مافيش أعراض بس خايف انها تيجى، وهو فى الشغل ابتدى يحس تانى إن الناس فيه احتمال حد بيراقبه، بس عارف إن مفيش حاجة، لكن بيخاف للحاجات دى تجيله لدرجة، بيقول إنه عايز يسيب الشغل

د. يحيى: هو تشخيصه ايه؟

د. شوقى سليمان: كان فصام 

د. يحيى: ودلوقتى ؟

د. شوقى سليمان:  مش عارف قوى، ما ينفعش نفس التشخيص

د. يحيى: فيه حاجة قلناها كتير اسمها نقلة الأعراض Symptom Shift، يعنى عرض بيجى مطرح عرض، وحاجة اسمها “نقلة المرض”   Syndrome Shiftيعنى مرض بيجى بدال مرض، احنا اتكلمنا فى ده كتير، مش كده؟

د. شوقى سليمان: أيوه.. بس يعنى العيان ده كان فيه فترة كان كويس خالص، ما فيش لا ده، ولا ده

د. يحيى: وبعدين؟

د.شوقى سليمان: ما كانش فيه أعراض خالص لمده حوالى 10 شهور وكان بيجى مبسوط من الشغل واخوه معاه فى نفس الشغل، كان بيدينى تقرير كويس ان المدير بتاعه مبسوط منه وانه بيشتغل كويس

د. يحيى: ما هو لازم نحدد نوع الكواسة فى مجالات كتير، فى مجال الأعراض وفى مجال العمل وفى مجال النوم وفى مجال علاقته بالناس

د. شوقى سليمان: … كان فيه علاقات وكمان كان بدأ يخطب وحاجات زى كده

د. يحيى: يعنى كانت فيه فترة إفاقه معقولة

د. شوقى سليمان: تمام، بس من حوالى شهر كده بدأ يخش فى الحالة اللى باحكى عنها دى، خايف لَلاْعراض تجيله

د. يحيى: طب ما يخاف

د. شوقى سليمان: لأ، دى زادت لدرجة إنها بقت تأثر على شغله قوى، بقى ياخد إذن ويسيب الشغل ومايكملش اليوم

د. يحيى: انت بتشوفه بقالك قد أيه

د. شوقى سليمان: بقالى شهر دلوقتى واقف معاه فى الزنقة دى

د. يحيى: مش هوّه لسه بيروح الشغل

د. شوقى سليمان: أيوه، بس أداؤه انخفض والمدير بتاعه اشتكى منه

د. يحيى: انا متأسف، طب والتاريخ الاسرى؟

د. شوقى سليمان: والدته كانت عندها وسواس قهرى شديد

د. يحيى: السؤال بقى؟

د. شوقى سليمان: انا دلوقتى بقالى شهر واقف محتاس

د. يحيى: الوسواس القهرى اللى كان عند الست الوالده قعد وقت قد أيه

د. شوقى سليمان: قعد كتير

د. يحيى: قد أيه

د. شوقى سليمان: لحد ما ماتت بيه يمكن حوالى 20 سنة أو أكثر

د. يحيى: فين المشكلة؟

د. شوقى سليمان: أنا دلوقتى مزنوق معاه، هو طول الوقت بيصدرلى خوفه ده طول الجلسة تقريبا

د. يحيى: وليه بتتزنق ما هو بيجى منتظم وبيمشى وبيشتغل، تبقى الجلسة نصف ساعة كويس قوى، يعنى بين العلاج النفسى والمتابعة

د. شوقى سليمان: انا دلوقتى رجعت أخليها ساعة مش نص ساعة

د. يحيى: انت عارف إصرارى على إن الجلسة تبقى ساعة خصوصا أثناء التدريب، تفتكر إيه اللى خلانى ما اعترضشى على إنك نقصت الجلسة إلى نص ساعة.

د. شوقى سليمان: مش عارف، أنا رجعتها ساعة لما لقيت نفسى ما بقتش ألاحق على كلامه بقى يشتكى كتير وبقيت مضطر أسمع وقت أطول

د. يحيى: أنا قبلت تبقى نص ساعة عشان هوّه فصامى وماكنتش عايز ننكش كتير، لكن كده أحسن برضه، بس قل لى هو بيشتكى ولا بيحكى

د. شوقى سليمان: بيحكى

د. يحيى: أيه الفرق بين يشتكى ويحكى؟

د. شوقى سليمان: بيشتكى فيها معاناة شوية عن الحكاوى

د. يحيى: صح، تقريبا صح

د. شوقى سليمان: مش عارف أعدى الحته دى معاه

د. يحيى: انت بقى مزنوق فى أيه بالظبط؟

د. شوقى سليمان: عايزأشوف سكه معاه علشان أعدى الحته دى

د. يحيى: وليه تعدى؟ ماتسيبه هوّا يعدى

د. شوقى سليمان: يعنى انا شايف دلوقتى أداؤه فى الشغل بدأ ينخفض، واحنا كنا ماشين كويس

د. يحيى: هل فيه علامات تانية غير إنه هو خايف لحسن الأعراض ترجع

د. شوقى سليمان: اللى حصل إنه فى شغله بدأ يستأذن كتير، وما يكملش اليوم والمدير بتاعه اشتكى وهو بيقول إنه مابيركزش فى شغله

د. يحيى: سيبك من حكاية انه ما بيركز وما بيركزشى، والكلام ده مش كفاية، معظم اللى بيشتكوا من عدم التركيز، زى ما باقول دايما، مخُّهم بيركز من وراهم، غصبن عنهم، المهم الإنجاز الفعلى سواء ركز أو ما ركزشى، المهم إنتاجه

د. شوقى سليمان: ما هو أخوه شغال معاه فى نفس الشركة، وبيقول لى انتاجه قلّ

د. يحيى: هوه قاس إنتاجه إزاى؟

د. شوقى سليمان: كان بيسلم فى الاسبوع َ لوحتين تلاته بقى ما يكملش لوحه

د. يحيى: هو ده المهم، أكتر من حكاية إنه خايف ان الاعراض تيجى، فانا رأيى إنك تهتم أكتر بمستوى إنجازه فى الشغل، وتخلى دَهْ المقياس الأساسى بتاعك

د. شوقى سليمان: انا باحاول

د. يحيى: يعنى بدل ما تقول لنا دلوقتى إن المشكلة إنه خايف ان الاعراض ترجع، تبتدى بإنك تقول إن هو بقى أقل انتاجاً فى شغله، أنا شايف إن ترتيب “محكات التحسن” والإفاقة واستمرارها مهم، صحيح خوفه إن الأعراض ترجع ماشى مع تقصيره فى شغله، لكن الأخير هوه الأهم، خصوصاَ ان امه كان عندها وسواس قهرى، ففيه احتمالات إن الفصام اللى كان عنده يتقِلبْ وسواس قهرى زى أمه، عشان كده أنا  باركز معاكم على التاريخ الأسرى لأن التاريخ ده بيشاور لنا على“برامج جاهزة” ومستعدة للخدمة بالتباديل والتوافيق والبرامج دى أو الاستعداد لتنشيطها بيتنقل من جيل لجيل، الفصام العيان بيخرج منه بعد العلاج وهوّه عنده تنويعات مختلفة من الأعراض، ده إذا ما كانش الشفا كامل، ومآل الفصام بيتسمى ساعات “النقلة الثالثة”، البداية هى الأولى، وبعدين الفصام الصريح، هو النقلة الثانية والمآل ده بيسموه النقلة الثالثة، ودى ورقة كان قدمها لنا الدكتور محمود سامى عبد الجواد فى أوائل السبعينيات من مرجع روسى، وفيها من ضمن الأمراض اللى بتحل محل الفصام فى النقلة التالتة دى الوسواس القهرى، وزى ما انتوا عارفين التقسيم العاشر حاطط “اكتئاب مع مابعد الفصام” ضمن تنويعات الفصام، وده برضه يعتبر نقلة تالتة وعندك برضه نقص الطاقة Anergia، والانحراف السيكوباثيربى Psychopathic deviation  غير حاجات تانية.

 انتو عارفين يعنى ان انا راجل بتاع بيولوجى، وباهتم بالوراثة جدا جدا، فممكن يكون هذه التخوفات اللى ظهرت عند مريضك ده يا شوقى دى إشارة  إلى نقلة نحو الوسواس القهرى، الاحتمال ده وارد خصوصا إن الضلالات بتاعته إن الناس بتراقبه، هوّه نفسه بقى يكذبها، يعنى بقى عنده بصيرة فيها، يبقى برضه رايحة ناحية الوسواس، إذن الحكاية زى ما تكون الحالة حاتقلب باضطراب وسواس قهرى، وده جيد، مش بطال لأنه أحسن من الفصام، بس دمه تقيل، يعنى إننا نستبدل مرضى بمرض ماهياش حاجة حلوة قوى، بس لازم نفتكر إن التفكيكة أحيانا فى الفصام بالنسبة للعيان بتبقى أريح من السجن بتاع القهر والوسواس دى، فإنت وانت بتقيس خطواتك بتحط فى اعتبارك مقاييس عملية، علمية فى نفس الوقت، فإنت غير إنك تاخد مجرد كلامه، تبقى عندك فى ذهنك الاحتمالات العلمية المختلفة، ومن ضمنها تشكيلات النقلة الثالثة، أنا موافق مرحليا إنك رجّعت الجلسة بقت ساعة، ده جيد على شرط ان العيان يكون بيحكى مش بيشتكى ويزن وبس، يعنى شويه حكى وشويه شكاوى، لأن الشكاوى بس ممكن تثبت المخاوف، لو الفرض ده صح، يبقى العلاج النفسى هنا ممكن ياخد سِكّة تانية، إنت لو معالج حريف، وان شاء الله حاتبقى كده واكتر، ممكن تهوّى على سجن الوساوس المحتملة، بإنك تحتوى خوف عيانك ده، يقوم خوفه يقل من رجوع خبرة التفكيكة اللى حصلت أثناء حدة الفصام، قصدى الخبرة اللى دخلته المستشفى، يعنى تسمح بجرعات بسيطة من الجنون بيسموه “مينى جنون”، minipsychosis ، زى المينى جيب كده، وأظن احنا شاورنا على الحكاية دى قبل كده، بالشكل ده يمكن ما يضطرشى يلجأ سجن الوسواس زى أمه، لأنه مش حايخاف يتمادى ناحية هيصة التفكيك، ماهو الوسواس بيحتدّ ويزمن طول ما الواحد خايف يتجنن، فلما عيانك يصاحب الجنون واحدة واحدة وهوّه فى حضنك ومايخافشى منه، فلا حايبقى كده ولا حايبقى كده.

 بس خلى بالك إذا كانت أمه ما دخلتش أصلا فى التفكيك وقعدت عشرين سنة موسوسة، هو يمكن مايقدرش يعملها زى والدته، لأنه مرعوب أكثر منها من خبرة الجنون اللى هوه مرّ بيها، وهىّ مامرتشتى بيها، حاتلاقيه مش عايز يرجع للخبرة دى تانى أبدا، وبرضه خلّى بالك، لو هو استسلم قوى للنقلة للوسواس، يمكن يكون أصعب من والدته، ويجوز الوسواس لو أتمكّن يبقى معوق له حتى فى شغله وعلاقاته بدرجة ألعن من الفصام.

فاضل بقى حكاية العلاقات يعنى مش حايكفى بقى ان أخوه معاه فى الشغل، وواخد باله منه ده شاب عنده 27 سنة ومهندس وآن الآوان يفكر فى إنشاء أسرة، فيمكن بيظهر خوفه من رجوع الأعراض كل ما تزقه انت ناحية الارتباط، انت بقالك معاه مدة كويسة، سنة وشهرين ودى مده مش قليله، كتر خيرك على كرمك، فاضل بقى إنك تهدّى اللعب جواك انت، لان هو حايحلها فى الغالب، وكل اللى عليك إنك تقعد واقف كده تاخد بإيده، حايحلها إزاى؟ الله أعلم، ولو حلها حتى باضطراب وسواس قهرى، يمكن تبقى مجرد، مرحلة، ومع استمرار العلاج والتهوية على اللى جوه، الأمور غالبا حاتتلمّ لفوق شوية شوية،

 أنا شايف انت عملت شغل كويس، فمافيش داعى تستعجل أو تخاف زيه، وطبعا تقدر تلعب فى الدوا بالراحة، وعندك المحكات اللى تقيس بيها فى كل المجالات: الشغل والأعراض، والخوف منها، ضيف عليها مقياس النوم، وفايدته، وازاى بيملى بقية وقته غير الشغل، وبرضه نوع تدينه، ولو الأمور ماشية واحدة واحدة مع شوية ذبذبة كدا ولا كده، والعلاقة مستمرة، فى الغالب المسائل حاتبقى أحسن، وربنا يسهل.

د. شوقى سليمان: على الله.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *