الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / تعتعة: ..الحق فى الفرحة وسط المصائب، والأحزان!!

تعتعة: ..الحق فى الفرحة وسط المصائب، والأحزان!!

يومياً” الإنسان والتطور

4-10-2008

السنة الثانية

العدد: 400

تعتعة (الأصل)

هذه هى أصل التعتعة التى أقتطفنا منها فقرة أول أيام العيد (الأربعاء)،

ننشرها كاملة، ونعتذر لما جاء من إعادة.

.. الحق فى الفرحة وسط المصائب، والأحزان!!

أردد كثيراُ – مثل غيرى – تلك النغمة التى مازالت تعبر صادقة، أو متصنعة، عن الحزن أو الحسرة أو الإحباط  أو ماشابه، حين يحل العيد بلا عيد، حين نضطر أن نعيش مظاهر البهجة بلا فرحة، حين تلمع ألوان ملابس الأطفال وهى خاوية من طفولتها، كل هذا الاحتجاج على العيد أو النعَابة مع حلوله، أصبح معادا حتى السخف أحيانا.

أنا مصمم هذه المرة أن أدافع عن “حقنا فى الفرحة” برغم كل شىء، العواطف لا تقسم إلى عواطف سلبية وأخرى ايجابية، كل العواطف ايجابية إذا ظهرت فى وقتها، ودفعت إلى غايتها، وحققت هدفها. للحزن ما يبرره: الحزن يظهر حين نواجه آلام الواقع، حين نحبط فى آمال مشروعة، حين نحرم من حقوق بديهية، وللغضب وظيفته حين يحافظ على كرامتنا، وحين يحمينا من ظلم طاغ، وحين يدفعنا لفعل مغيِّر، وللفرحة دورها، حين نكافىء بها أنفسنا على ما حققنا، حين تربط بيننا وبين من يفرح معنا، حين تؤكد لنا أننا على حق، حين تقربنا من الحق تعالى وهو يرضى عنا فنرضى عنه.

العيد هو العيد!! ما رأيكم – برغم كل شىء- أن نتعلم كيف نفرح، برغم كل شىء، نبدأ من الآخر فنقول:

 إن من يحرم نفسه من الفرحة اليوم، بادعاء أنه ليس هناك ما يُفرح (وهذه حقيقة) يستأهل ألا يفرح، وهذا هو عقابه الطبيعى! ما رأيكم؟

الشمس تشرق كل يوم، وهذا أمر مفرح، وتغرب كل يوم وهذا أيضا أمر مفرح، نحن نستنشق هواء مليئا بالجراثيم والسموم وبخار النفايات، لكننا نستنشقه بالرغم من ذلك، نستنشقه فنعيش حتى لو كانوا لا يريدون لنا أن نعيش ليحدوا من زيادة السكان بأثر رجعى، لو لم يوجد هذا الهواء الملوث وسط كل هذه المآسى لما استطعت أنا أن أكتب هذا الكلام ولا استطعت أنت أن تقرأه، وربما فرحنا معا لأننا مازلنا أحياء.

 بالأمس ضبطت نسمة شاردة منعشة، تتسلل بعد العشاء بساعتين، وهى تخترق عباءة قيظ جاثم، فسرقتها لى قبل أن تلاحقها الرطوبة فتكتم أنفاسها، ثم أنفاسى معها، ولو أننى لم أنتبه لحقى فى هذه النسمة العابرة لجاءت ومضت دون أن ألمحها، بكاء طفل جارتكم لا يوقظك فقط من النوم ، لكنه قد يذكرك بتشكيلات وتقاسيم بكائك طفلا، وكيف كنتَ تستعمله لأغراض بريئة، وأخرى خبيثة طريفة، ثم أنه قد يذكرك بأن النساء مازلن ينجبن أطفالا ربما يقدرون على ماعجزنا نحن عنه.

يومك هذا المكون من 24 ساعة، هل تستطيع أن تسرق منها نصف ساعة إلى ثلاث ساعات تمارس فيها حقك فى الفرحة وأنت تُخرج لسانك لكل من يحاول أن يحرمك منها. تخرج لسانك للسياسة والبورصة والأسعار وفشلنا فى الأولمبياد، وتخبطنا فى الثانوية العامة، وكذب الشركات، وألعاب التآمر، نصف ساعة فقط تقتنصها اقتناصا ثم تعود تمارس كل حقوقك فى التعاسة، والهم، والنكد كما تشاء، عندك يا أخى باقى الأربع وعشرين ساعة، اقلبها فيهم غمًّا “كما تشاء”  واترك لك، لنا، نصف ساعة فى الأيام العادية، وثلاث ساعات متفرقة كل يوم من أيام العيد.

هل عندك مانع؟

هل ستنحل المشاكل إذا أنت حرمت نفسك من هذه الفرحات الصغيرة، القصيرة؟ هل حرمانك نفسك من الفرحة، هو الذى  سيحل أزمة المساكن أم سيغير الوزارة أم سيهذب رجال الشرطة أم سيحقق العدل أم سوف يزيح الكابوس الأمريكى الأقذر؟

أنصح نفسى وأصدقائى وصديقاتى المرضى وغير المرضى أن يقيسوا انتماءهم لعملهم وفائدته عليهم بمحكات من أهمها: (1) ماذا يحقق العمل من عائد، (2) ماذا يخرج منه من انتاج، ثم (3) إذا ماكان يعود بفرحة تشرح صدره أم لا، يعنى ينفتح قفصك الصدرى بضعة سنتيمترات فيدخل الهواء أسهل ، ويخرج براحته، وأنت عائد من عملك، أو وأنت تتذكره.

 إذا تحقق ناتج أى عمل على حساب الفرحة فهو اغتراب يتراكم،

 وإذا تحققت الفرحة بدون عمل فهى رفاهة رخوة قبيحة.

أنا أدعوك اليوم أن تجمع كل المصائب والمظالم والكذب والظلم والنفاق واللاجدوى والحزب الوطنى والإعلام الغث، تجمعهم جميعا أمامك الآن، وتخرج لهم لسانك، وقد تكون أكثر جرأة وتلعب حواجبك أو حتى تتمايل رقصا، وسأسامحك لو فعلتها ولو من الوضع جالسا.

إعملها من أجل خاطر العيد ثم قبـِّل يدك وجها لظهر، وأنت تفرح ولو ربع ساعة، طيب خلِّها ساعة ونصف من أجل خاطرى، وعندك الساعات الباقية من الأربع وعشرين ساعة املأها غما وهمّا كما تشاء، ولذلك ألف مبرر ومبرر.

 وكل سنة وأنت فرحان “أحيانا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *