نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 12-12-2024
السنة الثامنة عشر
العدد: 6312
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (208)
الفصل الرابع
حتى رأى وجهه سبحانه، وسمع برهانه
الأصداء عودة إلى النص:
208 – الطائر الأخضر
قال الشيخ عبد ربه التائه:
أحببت حتى الذروة وحلقت بجناحى النجاح، وأطربنى الغناء فى الليالى البدرية، وعند المغيب هبط الطائر الأخضر فغرد وأشجانى دون أن أفقه له معنى.
أصداء الأصداء
من أطيب ما نتذكر من أساطير نشأتنا فى طفولتنا هو ما كان أهلنا يقولونه لنا: من أن “الذبابة الخضراء” التى تحوم أحيانا حولنا، هى “روح عزيز”، فأحببناها، وصالحنا الموت من خلالها، حتى أنه كان لى أخ لم أره كثيرا، كان بين شقيقـّى الأكبر منى، وكان بينى وبينه أقل من أربع سنوات، لكننى أذكر موته وزيارة عماتى فى هذه المناسبة، ولما وصفت المنظر لأمى وصورت مكان جلوسهم، وكررت مسامع من نحيبهم، حضنتنى وبكت، فلما كنا نرى الذبابة الخضراء (لم نكن نسميها ذبابة) كنت أفرح، وأمنع أى أحد من إيذائها صائحا به إنها روح ” سى خالد” (كان الأخ الأصغر فى أسرتى يلقب الأكبر بـ “سي”) – حضرنى كل هذا وأنا أعود للعنوان “الطائر الأخضر”.
وقد تصورت – لكل ما سبق- أن محفوظا عاد يصالح الموت الجميل، فيحضره بعد مشوار الحياة الناجح، وخبرات الحب الرائقة، يحضره ليغرد ويشجى، دون أن نفهم أى معنى، وهل نحتاج فى مثل هذا الموقف إلى فهم أصلا، أليس التغريد والصوت الشجى هنا هو هو المعني.
لكن علينا أن نتذكر، كما أشرنا مرارا، أن الموت لايكون كذلك إلا إن كنا قد تحضرنا له بالحب حتى الذروة والتكامل يطير بنا، والغناء فى الليالى البدرية يملؤنا، ولا يبقى بعد ذلك إلا أن نصبح طيرا أخضر نحوم حول من نحب بعد رحيلنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى د. الرخاوى للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث العلمية: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net.