نشرة الإنسان والتطور
الخميس: 29-6-2023
السنة السادسة عشر
العدد: 5779
تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) [1]
وهكذا نواصل نشر “الأصداء” مع “أصداء الأصداء”
بقلم: “يحيى الرخاوى” واحدة واحدة (132)
الفصل الثالث
“إبن حظ”: طفل تائه (يا أولاد الحلال)
فى ثوب كهل يعبد ربه
الأصداء عودة إلى النص:
132- المشى فى الظلام:
قال الشيخ عبد ربه التائه
عرفت الرجل فى طورين فى حياته الطويلة :
عرفته فى شبابه محبا للعبادة ملازما للمسجد مأخوذا بسماع القرآن الكريم، وفى شيخوخته ساقه قدره الى الخمارة فأدمن الخمر متناسيا مالا يهمه، وكان يرجع الى بيته فى الهزيع الأخير من الليل ثملا يترنح ويغنى أغانى الشباب خائفا الظلمة الحالكة.
وحذره محبوه من المشى فى الظلام فقال.
- حراس من الملائكة يحيطون بى، ويشع من رأسى نور يضىء المكان،
أصداء الأصداء
[ملحوظة: يخطر ببالى أحيانا أن أشطب البداية التى تقول: “قال الشيخ عبد ربه التائه” من كل الفقرات التى لا يظهر فيها الشيخ محاورا بشكل صريح مباشر داخل الفقرة وليس فى أولها، ونجحت الفكرة، ووجدت نفسى أقرب إلى النص مما لو بدا بهذه الوصاية، لأن النص يرجع – بذلك إلى الكاتب مباشرة، وهناك فرق حتى لو كان عبد ربه هو الكاتب، وهذا هو الأرجح].
ما قاله الشيخ الذى أدمن الخمر وهاص بها ومعها على كبر، ما قاله فى النهاية من أن الملائكة يحيطون به.. إلخ. لا يضيف شيئا إلى ما سبقت الإشارة إليه من أنه ليست كل الأخطاء بالضرورة علامة الضياع أو الفساد أو الكفر، وأنه يوجد مع الخطأ احتمال الوعى الأعمق والتماس الغفران، إذن فهده الفقرة لم تضف شيئا، بل إنها هزت هذه القيمة التى دافع عنها محفوظ سابقا بذكاء وعمق، لأن صورة هذا العجوز السكران الخائف من الظلام قد يجعل البعض يأخذون زعمه هذا باعتباره مجرد هذيان سكران.
ربــما !!
ـــــــــــــــــــــ
[1] – يحيى الرخاوى “أصداء الأصداء” تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) (الطبعة الأولى 2006 – المجلس الأعلى للثقافة)، و(الطبعة الثانية 2018 – منشورات جمعية الطب النفسى التطورى) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف www.rakhawy.net