نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 11-8-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 5093
الأربعاء الحر:
مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)
الكتاب الثانى الحالات: من (21) إلى (40)
تذكرة:
ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (24) من الكتاب الثانى من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!
جزى الله الجميع عنا خيرا
****
الحالة: (24)
الفرق بين الموقف العلاجى
والموقف الشخصى/الأخلاقى(2) (1 من 2)
د.عونى:…. عندى عيانة عندها 35 سنة، متجوزة وعندها 5 أولاد متعلمة لحد تانية إعدادى وبتشتغل خياطة، هى بتشتكى من إن جوزها عنده ضعف فى الانتصاب، هما حاليا ما بيناموش مع بعض فى سرير واحد بقى لهم سنة، هى اللى مضايقها أوى أنها بتعمل حاجتين فى نفس الوقت، فهى بتتصل بأرقام عشوائية لحد ما يرد عليها راجل وتقعد ترغى معاه بالليل، وكمان فيه واحد بتشوفه بانتظام بيناموا مع بعض،.. بيعملوا كل حاجة ما عدا المعاشرة الجنسية.
د.يحيى: قلت لى بتشتغل خياطة مش كده.. فين يعنى؟
د.عونى: فى ورشة صغيرة تحت البيت، بتشتغل لحسابها.
د.يحيى: هم مستواهم الاجتماعى/المادى عامل إزاى؟
د.عونى: يعنى مش بطال.. هم عندهم سنترال وبيتين مأجرينهم، ومحل حلاقة، على مرتب زوجها ومكسبها من الخياطة، يعنى ماشى الحال.
د.يحيى: جوزها بيشتغل إيه؟
د.عونى: صول فى المرور.
د.يحيى: مرتشى؟
د.عونى: أيوه..، وهى بتقولى بيطلع سفريات للصعيد يقعد يومين أو تلاتة، بيرجع منها بفلوس كتيرة، وبيقول لها دى من اللجان اللى عملناها.
د.يحيى: الراجل اللى بتروح له ده.. متجوز؟
د.عونى: متجوز وعنده 3 أولاد.
د.يحيى: مستواه الاجتماعى إيه راخر؟
د.عونى: زيها تقريبا.
د.يحيى: هو جوزها بطل ينام معها من إمتى؟
د.عونى: المشاكل الجنسية بدأت تجيله من 8 سنين، بقى ينام معاها قليل من 4 سنين بمساعدة فياجرا، ومع كده المعاشرة بقت قليلة جدا آخر 4 سنين لحد ماانعدمت آخر سنة.
د.يحيى: هى عارفة إنك مسيحى؟
د.عونى: أيوه.
د.يحيى: بتحبك؟
د.عونى: أيوه..، شوية.
د.يحيى: إيه المشكلة بقى؟ فين السؤال؟
د.عونى: المشكلة إنى بابقى قاعد فى الجلسة محتاس بجد، مش عارف أعمل إيه؟ كمان هى مؤخرا بقت عنيفة أوى، الشهر اللى فات إتخانقت مرتين فى الشارع، مع ناس كانت حاسة إنهم عارفين هى بتعمل إيه، هم كانوا بيعاكسوها ببساطة… فراحت ضارباهم.
د.يحيى:…..، الخناقتين، كانو رجاله؟
د.عونى: أيوه.
د.يحيى: وضربتهم؟!!!
د.عونى: أيوه، وكمان مؤخرا جوزها جاله انزلاق غضروفى فى ظهره ونايم فى البيت، هى بتقول لى ساعات بابقى عايزة أنزل على دماغه بإيد الهون… أنا لو أضمن إن لو قتلته مش هادخل السجن.. لو حد يضمن لى خطة محكمة ما فيش وراها أدلة… هاقتله.
د.يحيى: هى من مصر هنا؟
د.عونى: لأ من “شمال الصعيد”.
د.يحيى: يعنى هى بتجيلك من “شمال الصعيد” عشان تحضر الجلسة كل أسبوع.. يا بنى ده مشوار ييجى ساعيتن، ده معنى كده إنتو واخدين الحكاية جد، شكرا، هى معاك فى العلاج من إمتى؟ ومنتظمة؟
د.عونى: أكثر من 10 شهور دلوقتى… ومنتظمة جداً.
د.يحيى: عشان تعرف تعالج حالة زى دى لازم يخطر على بالك شوية حاجات أساسية، مثلا الحاجة اللى باكررها عمال على بطال: إن الأسرة كمنظمة إنسانية ما زالت حديثة نسبيا وتقريبا عامله إشكال ما حدش عرف يحله لحد دلوقتى.. حتى الخواجات عملوا شوية محاولات بديلة، وكوميونات،.. وكلام من ده، بس برضه ما لقوش حل حقيقى، أحسن، ولا إحنا لقينا، خلينا نتكلم بصراحة وسيبك من التلصيم، ثم تعالى بقى للعلاقة الجنسية، ودى مسألة شاغلانى خصوصا مؤخرا، وباعيد وأزيد فيها، وبتتطور نظرتى وفروضى بالنسبة لها باستمرار، الحالة بتاعتك دى بتفتح ملفات كتير قوى.
د.عونى: يمكن علشان كده أنا محتاس.
د.يحيى: إنت حاولت تعرف الراجل اللى بتروح له البيت ده بتاخد منه إيه بحقيقى؟ رؤية؟.. علاقة؟….. حماية؟ حب؟ جنس؟ لذة؟ بتاخد إيه فى دول؟
د.عونى: يتهيأ لى كل دول ما عدا الحب.. هى بتقولى “أنا وأنا معاه باحس إنى فى حضن رجل.. مش زى جوزى.. بس أنا ما باحبوش بجد”.
د.يحيى: فى الحالات اللى زى دى المشكلة إنها بتبقى بتدور على علاقة فى حياتها، ممكن تكون فى الحالة دى هى عايزة منك، قصدى من العلاج النفسى، نفس الحكاية، وهى عشان كده منتظمة فى العلاج، مع إنها بتيجى من “شمال الصعيد” كل أسبوع، ثم إنت ما جيبتش سيرة عن ولادها خالص، يا ترى عاملة حسابهم فى اللى بتعمله ده ولا لأه؟
د.عونى: هى بتبقى خايفة جداً وهى رايحة البيت للراجل ده.
د.يحيى: طيب طيب، المعلومات بقت أوضح، ممكن بقى تحدد السؤال أكتر شوية.
د.عونى: أنا آخر جلسة لقيت نفسى بدوّر على الجزء الصغير اللى ممكن تكون مشاركة بيه فى المشكلة، عشان ألاقى حاجة أشتغل فيها معاها، ومابقيتش عارف ده صح ولا غلط.
د.يحيى: اللى انت عملته ده مظبوط، مش إنت عارف الحكاية اللى دايما بارددها من شعرى فى أغوار النفس، “تبقى جريمة عاملها اتنين، كل جريمة عاملها اتنين، ذنب المقتول ذنب القاتل، أصله استسلم”، فإنك تبحث عن دورها، ده مهم جدا، مش بس دورها فى مقابلة الراجل ده، طبعا ده واضح شوية، لأ، دورها فى خيبة جوزها كمان.
****
(انتهى وقت الإشراف، الساعة الثامنة صباحا، بحلول وقت العلاج الجمعى، فطلب المشرف أن يكمل الحالة فى الأسبوع التالى، وقد كان هكذا:…).
……..
د.يحيى: يا للا يا عونى، أظن إحنا اتواعدنا نكمل الحالة بتاعتك الأسبوع اللى فات، إحنا ما كملناش زى ما انت فاكر، أنا لسه عايز أعرف شوية عن أولادها؟
د.عونى: هى عندها ولد، هو الكبير، بتقول هى إنها مش مسئولة عن تربية الأولاد.. وهما دايماً فى خناق مع بعض، وهى دايما فى مشاكل مع الواد الكبير.
د.يحيى: عمره أد إيه؟
د.عونى: 19 سنة تقريبا بيشرب سجاير ومطول شعره وكلام من ده.
د.يحيى: بيتخانق معاها هى بس؟
د.عونى: لأ هو برضه على طول فى خناق مع أبوه.
د.يحيى: هو عامل إيه فى المدرسة؟ ولا بيشتغل؟
د.عونى: مش شاطر فى المدرسة.. هو لسه فى دبلوم تقريبا، وبيشتغل جنب الدراسة.
د.يحيى: أنا آسف يا بنى باقاطعك كتير.. بس الحالة صعبة، ولازم أعرف أكتر عشان أرد.
د.عونى: أنا أخذت المعلومات كلها، بس مش فاكر التفاصيل دلوقتى بالظبط.
د.يحيى: اللى تفتكره قوله.
د.عونى: عشان أخذت المعلومات دى من زمان فى أول العلاج، هى عندها خمسة أولاد 3 كبار و 2 لسه أطفال.. البنتين أصغر من الولد ده على طول وهما متحجبين وعايزين يتنقبوا.. بس هى مش موافقة.
د.يحيى: إذا كان الولد عنده 19 سنة وهو الكبير.. يبقى هى متجوزة بقى لها 20 سنة تقريبا؟
د.عونى: هى متجوزة وهى عندها 16 سنة.. إحنا أول مرة كنا وقفنا وأنا باقول لحضرتك إن أنا إبتديت أدور على الحاجة اللى هى ممكن تكون هى مشاركة بيها فى المشكلة.
د.يحيى: دورها يعنى؟
د.عونى: بالضبط.. وابتديت أحس إن أنا زى ما أكون باكرهها، أو بدور على حاجة تانية عشان أشتغل فيها معاها،..، آخر مرة بعد ما اتعصّبت شوية قالت إنها موافقة إن لها دور بس ما يزيدشى عن 2 % تقريبا من الغلطة دى يعنى.
د.يحيى: هى اللى حددت النسبة دى ولا إنت؟
د.عونى: لا أنا قلتلها حددى.. فقالت لى “قطمة”.
د.يحيى: قالت قطمة….، لو قطمة بطيخة مثلا، وإنت ترجمتها 2%، تبقى البطيخة قد الأوضة دى.. إزاى تترجم قطمة لواحد أو اتنين فى المائة يا شيخ؟
د.عونى: أنا قلت 1 أو 2 فى المائة تقريبا.
د.يحيى: طب لو قطمة تين برشومى، تبقى كام فى المية؟
د.عونى: هى قالت قطمة تورتة.
د.يحيى: على فكرة لو كلامك صح.. وهو صح.. تبقى لغة جيدة إنكم توصلوا للمستوى ده، ده حوار جيد مهما بدا انه نادر
د.عونى: بس ما اعرفتش أعمل إيه بعد كده؟
د.يحيى: برضه ده جيد.. طيب يا بنى.. العلاج النفسى، باقولها.. للمرة الألف هو علاقة إنسانية عادية..، بس “موجّهة”، يعنى يسرى عليها كل ما يسرى على أى علاقة، بس بنزيد عليها كلمة “موجهة” لصالح المريض، بهدف التغلب على توقفه عن حركية الحياة، أو تعثره فيها، أو بهدف إننا نخفف من تعاسته، مش الهدف هو التخلص من أعراضه وخلاص،. مش احنا اتفقنا على كده.!
لما تييجى بتسأل على حاجة فى الإشراف دلوقتى، ولو حتى إشرافك على نفسك بينك وبين نفسك، بيكون خطر على بالك فى اللاشعور أو تحت الشعور إنت متوقع إيه من المشرف، أو من الإجابة على السؤال والسلام، يعنى لو طلعت كذا حاتعمل كيت، ولو طلعت مش عارف إيه حا تتصرف بالطريقة الفلانية، مش كده؟ المسألة ما هياش حب استطلاع وخلاص، الفرق بين حب الاستطلاع والفرجة وبين المقابلة المسئولة الهادفة.. كتير خالص، أظن أنا قلت الحكاية دى قبل كده، لكن ما عنديش مانع أعيدها ميت مرة: حب الاستطلاع ده جيد جداً كبداية، لكن بينضاف عليه بعده مباشرة، سؤال: “إذن ماذا”؟، حب الاستطلاع ده صفة إنسانية ممتازة، لكن هى وبس ما يبقاش علاج،.. والواحد بيقدر يفقس نفسه بسهولة.. حب استطلاع من غير “إذن ماذا”؟ ما يبقاش علاج..، فأنت كنت متوقع وإنت بتسأل، لو وصلنا إن لها دور فى اللى جارى، إنت حاتعمل إيه؟ ولو مالهاش دور، إنت برضه حاتعمل إيه؟.. وبعدين هى لما قالت لك “قطمة”.. إنت رضيت كده واستريحت عشان وصلت للى إنت عايز تعرفه، طيب ما سألتش نفسك: لوطلعت مسئولة يبقى فيه احتمالات إيه، فى العلاج، لو طلعت قطمة، أو قطمتين أو تلاتة، حا تفرق إيه؟
د.عونى: أنا عايز أوضح حتة قطمه دى جت إزاى.. أنا من قبلها وأنا كنت عمال أمهد لها حتة إن انت غلطانة برضه، مهما كان، لأنها فى الأول من بداية العلاج وهى معلقة على كده: أنا مش غلطانة خالص، أنا بريئة فى المسألة دى.
د.يحيى: إمال مين اللى غلطان بقى؟ دى عاملة زى اللى بيسموه التفكير التآمرى.
د.عونى: أنا قعدت ألف وأدور عشان تقر بدورها ولو حاجة صغيرة خالص.. فطلعت منها كلمة “قطمة” دى.
د.يحيى:.. طيب نكمل من هنا، لو هيه حاجة صغيرة، وانت قبلت ده، كنت ناوى تعمل إيه.. هى ماشية مع الراجل، وبتروح له بيته، وقالت اللى قالته، إذن ماذا؟
د.عونى: مش عارف.
د.يحيى: كان فيه نقطة غامضة المرة اللى فاتت.. هى ماشية مع الرجل بس ما بتنامشى معاه..، وهى متجوزة ومخلفة خمسة، مش بنت بنوت يعنى، طب هى خايفة ليه؟!
د.عونى: آه..بيعملوا كل حاجة ما عدا الجنس الكامل.
د.يحيى: ما سألتهاش ليه، وإزاى؟
د.عونى: آه.. هى بتقولى أنا حاسة إنى باسيب الحتة دى، لأن هى دى اللى حاتخلينى أقف قدام ربنا فى الآخرة وأقول له، أنا مش غلطانة.
د.يحيى: يمكن ده تفسير معقول بالنسبة لها،.. لأن لازم اللى وصل لها إن ده فيه جلد، والتانى فيه رجم، يجوز حاجة زى كده، إنت طبعا ما تعرفشى النصوص دى لأنها مش فى دينك، معلشى، طيب: موقف الراجل ده من الحكاية دى إيه يا ترى؟
د.عونى: مش عارف قوى.
د.يحيى: هى بتصلى؟
د.عونى: أيوه بتصلى.. مش بتصلى الخمس صلوات.. هى بتطلع على السطوح تقعد تعيط بالساعات.
د.يحيى: يا ابنى الصلاة عندنا يعنى صلاة مش “دعاء”، الصلاة بالإنجليزى يعنى “دعاء”، وعندكم فى الغالب كده، “الدعاء” بيسموه “صلاة” برضه، إحنا عندنا الدعاء حاجة والصلاة حاجة تانية، بس بندعى جوه الصلاة برضه.
د.عونى: هى كمان مش شايفة إن اللى هى بتعمله ده غلط أوى زى ما تكون رابطة حتة أنا ما باحبوش بقلة الشعور بالذنب، مش متأكد، لكن ده اللى أنا حاسه.
د.يحيى: إنت ماشى مش بطـّـال “إذن ماذا”؟ بس ما استغربتش إن الحب يبقى ذنب، والجنس حتى مش كامل يبقى مش ذنب أو ذنب أقل؟
د.عونى: استغربت، وبدأت أدوّر على دورها فى الحكايات دى كلها؟
د.يحيى: يعنى إنت متصور إنها لو عرفت دورها أكتر فى اللى جارى، ده حايوقف العلاقة، أو حايصلح علاقتها مع جوزها؟
د.عونى: أنا عملت ده من فترة، أنا قلت لها نوقف مقابلة الراجل ده.
د. يحيى: يبقى انت دلوقتى: بتسأل عن إيه بالضبط؟
د.عونى: أنا إتحججت برمضان، وقلت لها نوقف عشان رمضان وكنت عايز بعد ما رمضان ما يخلص، تمتد الحكاية شوية بشوية بعد رمضان كمان.. بس هى أول ما رمضان خلص.. راحت له على طول.. كأنها عايزة تقول لى ما تحاولش توقف العلاقة دى.
د.يحيى: طيب بالله عليك، بتيجى لك ليه بقى؟
د.عونى: هى بتقول: عشان أنا ما ينفعش أكمل عيشتى كده.. أنا عايزة أعيش عيشة نظيفة.. أنا مش عايشة.
د.يحيى: يعنى هى بتقولك بتصرفاتها فى الواقع العملى إنها عايزة تكمل فى العلاقة، وفى نفس الوقت بتحكى بلسانها إنها مش عايزة، وما بتحاولشى بأى جدية إنها توقف أو تسمع كلامك، مش كده؟.. إذن ماذا؟
طيب هانعمل نطة جامدة فى المناقشة دلوقتى،.. لو إنت حطيت شرط إنها لو ما سمعتشى كلامك تبطل تيجى؟ هى حاتعمل إيه؟ أنت بقالك 9 شهور معاها مش كده؟
د.عونى: مش حاسس إن الوقت ده كفاية بحيث يسمح إنى أنا أقول لها ده دلوقتى.
د.يحيى: إمال بعد أد إيه؟ لما يحصل إيه؟ أنا محترم حساباتك لأنك ماشى واحدة واحدة، دا لو وافقنا إنك تقول لها كده من أصله، بس زى ما تكون إنت بتأجل وناوى تقول لها فى وقت بعدين.
د.عونى: ده إحساس، حاسس إن بدرى أقولها بطلى تيجى.. مش عارف.. مش متأكد.
د.يحيى: الإحساس ده ممكن يكون حاجة من اتنين.. يا إما حاجة شخصية حسب منظومتك الخاصة وده ممكن يكون حاجة واقعية جدا لازم نحترمها، لأنك مثلا خايف عليها من الفضيحة، أو خايف العيال يتأذوا مثلا. والطبيب فى بلدنا زى ما اتفقنا هو والد أولا وأخيرا، مش كده ولا إيه، فإنت مش عايزها تتأذى لا هى ولا أولادها، بس ممكن برضه يكون طالع من منظومة أخلاقية أو دينية عامة، إزاى تفرق الموقف ده من احتمال إن يكون الباعث لك فى النهْى، نابع من موقف أخلاقى أو دينى، يعنى إنك مش عايز الناس تهلس، ويمكن برضه فيه بُعد أعمق من كده حتى، من موقف ذاتى أخْفَى، إنك إنت مش قادر تهلس.. إنت فاهم الفرق يابنى..
د.عونى: بصراحة أنا مش مستحرم اللى الست دى بتعمله قوى .
د.يحيى: طيب إنت شخصيا..نرضاه على حدّ يهمك أمره؟
د.عونى: لأ … طبعا .
د.يحيى: ومادام مش مستحرمه.. ما ترضاهوش ليه.. ، إنت يابنى عشان تعرف موقفك الدينى والأخلاقى وتفرق بينه وبين موقفك الشخصى، بتشوف إنت تقدر ولا ما تقدرش، هاتتجاوز ولا حا تحكىّ، خللى بالك، لما بنقرب على الدين والأخلاق، فيه فرق بين القدرة وحقيقة الامتناع والمسئولية، الحكاية بتهرب مننا فى اللا شعور جامد، إحنا بشر غلابة، الحكاية صعب فعلا.
د.عونى: بالضبط.. بس الحكاية حكايتها هى مش أنا.
د.يحيى: يا راجل!!! ما أنا عارف، أنا بانكشك، احنا بندور على رفضك تصرفها، بنشوفه نابع من أنهى منطقة..عندك،. منطقة شخصية ولا منطقة تزمت أخلاقى عام ولا منطقة مهنية موضوعية.. الكلام ده مهم خالص.. مش ثانوى، إذا كان من منطقة شخصية هايبقى فيه تحيز لمنظومتك اللى أنت ما تعرفهاش كلها،.. إذا كان موقف مهنى موضوعى يبقى احتمال إنك عايز تحمى مريضتك، لأنها جت لك وبتثق فيك.. إنت طبيب راعى ووالد وخبير فى نفس الوقت.
د.عونى: أنا فاهم بس أنا باقول لحضرتك هو الموضوعية فى موقف زى ده أقيسها إزاى؟
د.يحيى: زى أى علاج… مش إنت من ضمن مهامك بالنسبة لأى مريض إنك تمنع المضاعفات برضه، مش فيه هنا خطر واستسهال وتخلى، حسب تقديرك إنت زى ما هو باين.
د.عونى: أيوه..
د.يحيى: هى بتيجى وبتروح المشوار ده كله أربع ساعات سفر رايح جاى، وبالانتظام ده ليه، مش عشان عيانة..، لازم هى شايفة الخطر والضرر برضه زى ما انت شايفه.
د.عونى: أنا مش لاقى أى حل تانى عشان أشيل الغلط ده.
د.يحيى: أديك قلت غلط، مع إنى أنا باتكلم عن “الخطر”، و”الضرر”، إستعمال الكلمات له دلالة، فى الغالب إنت بتسميه غلط من منطلق أخلاقى حسب منظومتك الشخصية، ولا إنت قصدك غلط موضوعى بحسابات مهنتك، واخد بالك من الفرق، إنت خايف من إيه؟ خايف عليها.. ولا على قيمك؟
د.عونى: خايف تفضل كده.
د.يحيى: ما تفضل.. ماهى مبسوطة.. عندها نقص هنا.. عوضته هناك، وخلاص.
د.عونى: ماكانتش جت .
د.يحيى: عندك حق، دا جواب كويس، بس يمكن جت لك تستعملك يا أخى،.. الناس دول ساعات بييجوا عايزين إمضاء من سلطة ما، والإمضا مش ضرورى بالموافقة الصريحة، ممكن من جواها قالت: يا بت تبقى خدتى موافقة ضمنية..إنك عيانة وإن ابوكى – اللى هوا إنتَ – عرف وساكت،.. الطبيب والد زى ما اتفقنا، وهى كده يمكن بتستعملك والد أعجز من إنك إنت تحوشها.. والد خايب يعنى،.. شفت قد إيه شغلتنا صعبة.
د.عونى: يعنى أعمل إيه؟
د.يحيى: بصراحة أنا مش عارف أعمل إيه لو أنا فى مكانك؟ كده مسئولية، وكده مسئولية، طول ما هى بتيجى، أنا غالبا باسيب الناس دول يعملوا اللى هما عايزينه، لحد ما تتطمن وتثق فى اللى احنا بنعمله إنه لصالحها أولا، ولصالح الباقيين اللى يهموها غالبا، يعنى لحد العلاقة العلاجية ما تبقى متينه كفاية، ولها قيمة عندهم، وبعدين أقول لهم يا أنا، يا تتحملوا المسئولية لوحدكم،.. مادام إنتِ مستمرة وده بيرضيكى، يبقى فين المرض بقى،.. يبقى أنا لازمتى إيه، وباخد بالى مش من الكلام اللى بتقوله فى العلاج وخلاص، لأ بنقيسها سوا هى بتعمل إيه فى نفس الوقت، شهر اتنين خمسة ماشى، إنما على طول يتهيأ لى تبقى الحكاية عايزة وقفة. وإلا يمكن تكون هى بتستعملك لحاجات إنت مش واخد بالك منها.
د.عونى: أنا عايز أقول لحضرتك حاجة بس.. أنا برضه مش متأكد دى الصورة الحقيقية ولا هى مبالغة شوية.. الصورة اللى بتوصلها لى عن جوزها إنه رجل بشع.. بكل معنى الكلمة.
د.يحيى: هى بصراحة هى الصورة اللى وصلتنى منك برضه، إنت فاكر أول ما قلت لى صول ومش عارف إيه قلت لك إيه؟ إحنا لازم نحترم كلامها بشكل ما، الستات لما يقولوا كلام زى كده بحرقة، بتكون وراه حقيقة بشكل ما، أنا محترم موقف حيرتك ده بصراحة.
د. عونى: بس فى نفس الوقت أنا عايز أكمل لحضرتك، كلامها: فى مرة تانية كانت بتقولى.. “أى واحدة عاقلة ما تسيبش جوزى ده”.
د.يحيى: الله يخرب بيتك، إنت حاتلخبطنا ليه؟ إحنا ما صدقنا شفنا إنه غتيت، يمكن قصدها أى ست ما تسيبوش بالمعنى العادى، يعنى الرجل عيبه جيبه…، مسئول والسلام، بيصرف عليها، وكلام من ده، بس برضه غتيت.
د.عونى: يمكن.
د.يحيى: أنا باتكلم على العلاقة اللى هى بعد البنية الأساسية، يعنى المصاريف والمجاملات، بس بعد كده الراجل راجل: يعنى راجل مإلى عين الست، قادر جنسياً…وبيحترمها وبيرعاها، ولا إيه؟!
د.عونى: بصراحة هو ما عندوش أى حاجة من دى، أنا قلت فى الأول إنه ما بينامش معاها.
د.يحيى: يمكن هى اللى رافضة؟!
د.عونى: آه، يمكن…
د.يحيى: طيب فيه هنا بُعد جديد أهه، مش يمكن المشكلة عندها برضه فى الحتة دى، يعنى هى قد إيه مسئولة زى ما قلنا فى الأول عن اللى حصل بينها وبين جوزها، حتى فى الجنس؟
د.عونى: ما هو ده اللى كنت باسأل عليه برضه.
د.يحيى: الـبحث عن طبيعة الحوار الجنسى أثناء العلاج النفسى شديد الأهمية، لكنه أصعب من البحث فى الحوار العادى، وفى المشاكل المادية،.. الناس العاديين اللى ما بيعرفوش يعبروا عارفين بالممارسة يعنى إيه حوار جنسى، وده كلام غالبا ما يتوصفشى بالألفاظ، ثم إن خبرة المعالج الشخصية يمكن –أو غالبا– بتكون ناقصة، الست ساعات ما تاخذش فى بالها مدة، وبعدين تبتدى تنتبه، فترفض.. ساعات ده يحصل بعد الولادة.. ساعات بعد خناقة تعرى جوزها قدامها، حاجة جواها تنط تقول: “لأ مش ده”، “لأ مش كده”! يبتدى الرفض، هو يحس بالرفض ده على أى مستوى، يعجز، ونخش فى حلقة مفرغة، وعينك ما تشوف إلا البلاوى المسيـّـحة، الحكاية صعبة شويتين، وأحسن حاجة إن إحنا نحط احتمالات، أكتر من إننا نصدر أحكام.
الحالة صعبة جداً يا بنى.. فيه موقف أخلاقى، وفيه معلومات ناقصة، الحالة عايزه هدوء وصبر، لازم ترجع للكلمة اللى قالتها دى مثلا ” أى ست عاقلة ما تسيبشى جوزى ده”، وسيبك من كل اللى إحنا قلناه، مش يمكن تلاقى حاجة تانية؟
الخلاصة إن العلاج النفسى بيدّى بديل مؤقت يسمح لك تشوف أكتر فى أكتر، ويسمح للعيان إنه يعيد النظر فى أحكامه السابقة، مش معنى مسألة إن الطبيب والد إنه يمسك عصاية الحلال والحرام، وهات يا أحكام، المسألة هى الرعاية والمسئولية، وإعطاء الفرصة لاكتساب الثقة لإعادة النظر، وبعد كده كل مرحلة تتحسب بنقلة العلاقات، ونوعها فى كل مرحلة، وبحاجات كتير قوى زى ما انت عارف.
إنت عرضت الحالة بأمانة شديدة، خصوصا حيرتك، ورفضك، وقبولك وصبرك.
شكرا، وربنا معاك، كمّل يا ابنى يمكن تحصل حاجات كويسة مش على بالنا.
****
وسوف نعرض التعقيبات على هذه الحالة والردود عليها يوم الأربعاء القادم الموافق: (18/8/2021)، بالإضافة لما يرد إلينا خلال هذا الأسبوع عن هذه الحالة مع جزيل الشكر سلفا.
[1] – يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] – نشرة الإنسان والتطور: 7-12-2008 من حالات قصر العينى. www.rakhawy.net