نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 9-6-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 5030
الأربعاء الحر:
مقتطف من كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه (1)
الكتاب الأول الحالات: من (1) إلى (20)
تذكرة:
ننشر اليوم، وكل أربعاء، – كما ذكرنا – عملاً أقل تنظيرا وأكثر ارتباطا بالممارسة الكلينيكية العملية وخاصة فيما هو “العلاج النفسى”، فنواصل نشر الحالة (15) من الكتاب الأول من سلسلة الكتب الخمس التي صدرت بعنوان “بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه”، ولا يحتاج الأمر إلى التنويه إلى أن أسماء المتعالجين ليست هي الأسماء الحقيقية، وأننا حورنا أى معالم قد تدل على صاحبها احتراما لحقوقه وشكرا لكرمه بهذا السماح بما يفيد من قد يمر في مثل محنته، أو خبرته أو علاجة!
جزى الله الجميع عنا خيرا
****
الحالة: (15)
“التحول” (2) المتعدد الأوجه
د. عبد الكريم: عندى عيان عنده 21 سنة.، وترتيبه الوسطانى فى إخواته، فوقـه أخت أكبر منه وتحته ولد صغير وهو مسيحى الديانة..، من حوالى ست سنين قابل واحد فى سوبر ماركت كدا وخده، وقعد يكلمه فى الأديان وكدا وأقنعه انه يسْلِمْ، وكدا…
د. يحيى: وهو بيتشغل إيه؟
د. عبد الكريم: بيكوى لبس فى مصنع ملابس وبيقبض حوالى 350 جنيه فى الشهر… المهم الراجل دا أقنعه إنه هو يسلم وكدا.. فأسلم، وبدا يخش الجوامع وكدا .
د. يحيى: أسلم فى الأزهر؟
د. عبد الكريم: لا ما أشهرش إسلامه، وبدا يخش الجوامع ويصلى وكدا، وبعدين المصنع اللى بيشتغل فيه كله مسيحيين.. فلما عرفوا ضربوه وكدا.
د. يحيى: عرفوا إزاى؟
د. عبد الكريم: حكى لواحدة زميلته فى المصنع محجبة وهى قالتلهم.
د. يحيى: يبقى مش كلهم مسيحيين.. تبقى تقول أغلبهم مسيحيين.
د. عبد الكريم: آه أغلبهم.. فمسكوه ضربوه وكدا، وبعد كدا هو ساب البيت ومشى وسافر بلد فى الأرياف ناحية اسكندرية كدا.
د. يحيى: هو عنده كام وعشرين؟ قلتى؟
د. عبد الكريم: هو عنده دلوقتى واحد وعشرين.. وقعد هناك مع الفلاحين سنتين، بعد ما حكى لهم قصته إنه كان مسيحى وأسلم.
د. يحيى: سنتين من 19 إلى 21؟
د. عبد الكريم: لا من 17 إلى 19 وبعدين رجع مصر لأمه وكدا..، وهو عايش مع أمه وأخوه الصغير فى البيت.. الأب سايب البيت ومش بيصرف عليهم..، و”العيان” حاليا لما رجع وكدا خدوه برضه أصحابه للقساوسة فغيروا فكره، وبقى تايه ومش عارف يروح لأى دين.. هو بيقول لى مش عارف أبقى مسلم ولا مسيحى.. وعنده مشكلة تانية إنه من وهو صغير بيحب يخش على أمه بالليل، وهى نايمة ويتحرش بيها.
د. يحيى: صغير كام سنة يعنى؟ كان سنّـه كام سنة؟
د. عبد الكريم: ماعرفش بدأ من إمتى .
د. يحيى: يعنى سبعة؟.. خمسة؟ حداشر؟
د. عبد الكريم: حاجة كدا.. يعنى خمسة كدا.
د. يحيى: طب ولما بلغ؟
د. عبد الكريم: نفس الحكاية، قاعد برضه بيتحرش بيها.
د. يحيى: يعنى من خمسة لحد تلاتاشر… أربعتاشر؟!
د. عبد الكريم: لا.. لغاية دلوقتى؟
د. يحيى: لغاية دلوقتى، لغاية دلوقتى يعنى قعد يتحرش بيها مدة قد إيه؟!
د. عبد الكريم: يعنى ييجى خمستاشر سنة؟
د. يحيى: خمستاشر سنة؟ مش كتير يا جدع أنت؟!
د. عبد الكريم: اللى حصل؟
د. يحيى: كل تحرشايه تقعد قد إيه؟
د. عبد الكريم: هو بيخش ينام جنبها.
د. يحيى: ويقعد يتحرش!!!؟
د. عبد الكريم: آه.
د. يحيى: يتحرش ولا يتهرش؟ أنا مش باقـلـّس، بس الكلمة دى عايزة توضيح لا مؤاخذة.
د. عبد الكريم: لأه..، يتحرش..
د. يحيى: وهىَّ إيه؟ أمه يعنى بتعمل إيه؟
د. عبد الكريم: ممكن تصحى فى يوم تقوله بلاش الحركات اللى أنت بتعملها دى.
د. يحيى: طيب وبعدين؟
د. عبد الكريم: وهو كمان بيقول إنه مارس علاقة كاملة مع جدته
د. يحيى: جدته لأمه؟!
د. عبد الكريم: آه.
د. يحيى: كان عنده كام سنة ساعاتها؟!
د. عبد الكريم: من أربع سنين..، يعنى كان عنده سبعتاشر سنة.
د. يحيى: أيام ما أسلم؟
د. عبد الكريم: مش عارف.
د. يحيى: يا أخى إحسبها، ومع ذلك ماشى، كمّل…
د. عبد الكريم: وحاجة كمان… إن هو أنا أول ما شفته فى العيادة كان بيهتم بشكله قوى، وبيتكلم برقة زى البنات، فأنا شكيت إنه هو “مِثــْـلى، بس هوه ما قالـْهاش غير فى خامس جلسة.
د. يحيى: قال إيه؟
د. عبد الكريم: قال إنه كان دايما العيال تاخده ويعملوا معاه كدا غصبن عنه،… كانوا يتهموه بسرقة حاجة، ويجرجروه لمكان مقطوع، ويعملوا معاه، وهو بيقول كان بيروح معاهم عادى، وساعات كان بيحب الحاجات دى، بس هو مبطل بقاله سنة.
د. يحيى: عيال إيه بقى!!،.. وهوا بقاله سنة يادوب مبطل، يعنى قعد على كده لحد ما بقى عنده عشرين سنة، مش كده؟
د. عبد الكريم: أيوه.
د. يحيى: طب مش عيال بقى اللى بياخدوه، دول بقوا كبار شوية، شويتين، ولاّ إيه؟
د. عبد الكريم: آه كبار.
د. يحيى: إنت قلت عيال؟!
د. عبد الكريم: آه، وكمان هو كان بيقول إنه بيخش على الإنترنت ويصاحب بنات من النت وينزل يقابلهم.. يعنى هو بيقول غاوى يخش فى قصص حب، على النت ويقابل البنات بس عمره ما اشتهاهم جنسيا.. بيقول إن الشهوة للجنس الآخر بتيجى ناحية أمه بس.
د. يحيى: إنت بتشوفه بقالك أد إيه؟
د. عبد الكريم: قعدنا مع بعض حوالى أربعتاشر مرة.
د. يحيى: طب كويس..، يعنى حوالى تلات شهور، السؤال بقى، إوعى تكون نسيت إن ده إشراف.
د. عبد الكريم: السؤال..!!!؟
د. يحيى: آه طبعا، هو إنت بتحكى حكاية؟ ولا عندك سؤال؟
د. عبد الكريم: ما هى الحالة كلها سؤال.. أنا مش عارف حاعمل معاه إيه .
د. يحيى: يا ابن الحلال، مش هوه بيجى فى ميعاده؟
د. عبد الكريم: آه
د. يحيى: وبيمشى فى معاده؟
د. عبد الكريم: آه
د. يحيى: وانت بتتكلم أقل ما هوه بيتكلم؟
د. عبد الكريم: آه
د. يحيى: يبقى ده هو العلاج، بس لازم فيه حاجة عندك محددة شوية هىّ اللى خلتك تحكى كل ده،…دوّر على أسئلة محددة يا ابنى.. لازم تعرف إنت حكيت ليه، أنا عاذرك، الحالة فعلا شديدة، صعبة…
د. عبد الكريم: أنا مش عارف أتعامل معاه إزاى….
د. يحيى: ما انت بتتعامل، المسألة داخلة فى بعضها صحيح، لكن إنت بتتعامل، وبتتعامل كويس، وهوّا بييجى، هى حالة تحير بصراحة، نشتغل فى إيه ولا إيه !؟ فى حكايته مع جدته؟…، ولاّ مع الشذوذ والعيال اللى بيروح معاهم؟ ولاّ مع النت؟ ولاّ مع الشات Chat؟ ولاّ مع تغيير الدين؟ ولا مع علاقته بأمه؟ ولاّ مع المجتمع اللى حواليه؟..(المجتمَعين) لكن قل لى: مش هو رجع نفس الشغل؟
د. عبد الكريم: آه فى نفس الشغلانة.
د. يحيى: اللى هما ضربوه فيها؟!
د. عبد الكريم: آه.
د. يحيى: وقال لهم بقى إنه مسيحى ولا مسلم؟!
د. عبد الكريم: ما اعرفش.
د. يحيى: بقى ده اسمه كلام!!؟ ما تعرفشى؟ رجع إمتى؟
د. عبد الكريم: رجع من سنتين وهو عنده 19 سنة.
د. يحيى: يعنى انت دلوقتى حكيت لنا تاريخه، مش ملاحظ إنك ما حكيتشى لنا أى حاجة عن الأربعتاشر مرة اللى قعدتهم معاه بانتظام، حصل إيه فى الأربعتاشر مرة دول؟ وازاى ما تعرفشى بعد كل الزحمة دى موقفه بالتفصيل هنا وهنا وهناك؟ إيه بقى اللى حصل معاك مش ده بقى العلاج؟
د. عبد الكريم: اللى حصل معايا أنا؟
د. يحيى: إمال معايا؟
د. عبد الكريم: لما عرفت موضوع أمه..ما رفضتوش.. أصل هو قعد يقول لى.. لو قلت لك انت كده حاتحتقرنى.. بس قال لى، وأنا لقيت نفسى ما رفضتوش، وإديته قرصين ستلاسيل بالليل، فالقصة هديت.
د. يحيى: برافو عليك، يارب تكون قلة الرفض دى من جوّاك، خلى بالك إنت عملت عملة كويسة، إنك بحسك الإكلينيكى، ما خدتش الحكاية حكاوى وأحكام أخلاقية وبس، كونك إديته دوا يقلل نشاط المخ القديم فى ظروف زى دى، معنى كده إنك لقطّ حركية بيولوجية عايزة يعاد تنظيمها، الله يفتح عليك، آدى وظيفة الدوا فى الوقت المناسب، وأديك شفت النتيجة، لكن، بتقول: القصة هديت، يعنى ما انتهتشى، أنهى قصة فيهم قصدك اللى ما انتهتشى؟!
د. عبد الكريم: قصة أمه.
د. يحيى: يعنى هو لما جالك 14 مرة.. يعنى تلات شهور.. كان لسه بيعملها مع أمه؟!
د. عبد الكريم: آه كان لسه، ما أنا قلت إنه بيعملها لحد دلوقتى..
د. يحيى: انت عارف يا ابنى إن الحكاية دى فى سن سبعة أو سن خمسة غيرها فى سن عشرين أو واحد وعشرين؟!
د. عبد الكريم: بس هو بيقول إنه مجرد تحرش، يعنى ما فيش علاقة جنسية كاملة خالص.
د. يحيى: يا ابنى مش بيقعد يحتك فيها وهى نايمة من ورا أو من قدام ويمسك صدرها؟!
د. عبد الكريم: آه..
د. يحيى: لمدة قد إيه؟ يعنى ثانيتين وتروح متقلبة وشاخطة فيه؟ ولا تروح فى النوم أكتر يقعد دقيقة أو عشر دقايق؟.. با ابنى الكلام ده مهم، “مهم للفهم..والعلم”، مش بس للعلاج، إحنا عايزين نعرف هل الأم دى مشاركة ولا لأ؟ قابلة ولا لأ؟، إنت عارف حكايتى مع عقدة أوديب دى، أظن أنا اتكلمت فيها عدة مرات ـ هنا، وغير هنا ـ أنا وصلت لشوية فروض تفسر الحكاية دى غير اللى قالها فرويد، من ضمنهم إن النداء بيبدأ من الأم.. الأم غالبا هى اللى بترسل الرسالة الأولى، غالبا من اللاشعور، ومش ضرورى تكون جنسية فى البداية، وبعدين يمكن يوصل لها أو لابنها الاستدعاء ده شعوريا، ده واحد من الفروض اللى أنا حطيتها، وانا واخدها من كلام أمهات بحق وحقيق، مش ضرورى مريضات، وساعات مريضات، بس من أمهات المرضى أكتر بصراحة، باقول لك المسألة ما بتبقاش جنس كده حاف ومن الأول، بيبقى زى نداء، حاجة كده زى رغبة فى استرجاع الإبن للرحم، وبعدين بيتقلب جنس لأن هى دى اللغة المتاحة للاقتراب جامد حتى الاسترجاع، كلام صعب شوية عايز شرح طويل، ومش هوه بس اللى خطر لى، المهم إنى لما كنت باسألك الأسئلة دى كلها عن تفاصيل ومدة التحرش اللى بتقول عليه، ماكنتش باتهم الأم، لأن عندى فروض أخرى كتير مش ضرورى تكون الحكاية بالضبط كده فى كل الحالات، سواء الحالات كانت سليمة أو مريضة. معظم الفروض اللى أنا وصلت لها، ولسه ما رجحتش ولا واحد منها بتستبعد شويتن حكاية التنافس مع الأب، مع إنى فى مراحل تانية، ما باستبعدشى نزعات قتل الأب الداخلية، ولا عقدة الخصاء ولا الكلام ده، البنى آدم شايل تاريخ طويل مهبب ورائع جواه، والمسألة عايزة صبر وتنوع فى الرؤى … تقوم انت تيجى فى حالة علاج نفسى، مكثفة بالشكل ده، وما تاخدشى تفصيلات كافية حول المنطقة دى، تضيع عليك حاجة مهمة اللى بنسميها العوامل المُدِيمَة (3) (من الدوام) يعنى العوامل اللى بتخلى الحدث العابر، أو العرَض المؤقت، يستمر ويستمر ويترسخ، لحد ما يبقى نوع من السـِّمـَة فى الشخصية، أو يبقى مزمن والسلام، أصل لما يكون السلوك أو العرض بيأدى وظيفة، ويحقق استكفاء بأى شكل، مش بس للمريض، لأ لحد قريب منه مشترك معاه فى الإمراضية، بتبقى الحكاية محتاجة إننا نقطع الحلقة دى، عشان المستفيد من العرض – مرضيا طبعا – يوقـّف تغذيته وتدعيمه وحرصه على استمرارية المرض.
الحكاية دى مش ثانوية خصوصا فى الحالة بتاعتك دى: إحنا هنا قدام أزمة “تحول“، إنتو ما بتسمعوش كلمة تحول دى يمكن إلا فى الهستيريا، لما الصراع والقلق اللى ناتج عنه يتحلّ بأنه يتحول لعرض عضوى نسميه هستيريا تحولية، (4) بصراحة أنا.. لما رحت فرنسا كنت باقضى وقت كتير فى المكتبة، وكان شاغلنى موضوع عن الهستيريا دى، فرحت أدور على كلمة “تحول”، فإذا بالتراث كله، كله تقريبا بيتكلم عن “التحول” فى الدين مش فى الهستيريا، فقعدت أقرا أقرا لقيت كلام مهم، ودلالات متنوعة للتحول من دين لدين، ومن ملة لملة،… فعملية التحول فى الدين دى عملية شديدة الأهمية فى تاريخ البنى آدمين، وفى تاريخ العلاج النفسى والإمراضية (السيكوباثولوجى) برضه.
فى الحالة دى ممكن تكون هذه العملية، قصدى عملية التحول، هى الرابطة ما بين كل المظاهر اللى تبان ما لهاش علاقة ببعضها، فنكتشف إن المسألة مش مجرد تغيير دين، أو شذوذ جنسى، أو ميول محارمية، يمكن نكتشف إن المسألة هى إن العيان ده بدال ما يكبر بالطول، انقلبت الحكاية إلى حالة “تحول مستمر”، “فى المحل“، زى محلك سر، حاجة كده تحل محل النمو، اللى بصحيح، العيان ده ما اتحددتشى معالمه بعملية نمو سليمة، ما اتبلورشى: إشى جوه، وإشى بره، عشان يبقى له معالم خاصة محددة مستقرة فى وقت بذاته، وبقية تركيباته تبقى كامنة أو مكبوتة، لحد ما يرجع يكتمل بيها فى أزمات النمو إن كان جدع، أو يقعـد كاتم على نـَفَسْها، أو تطلع بالتبادل فى الحلم أو أى حاجة.
نبتدى هنا فى الحالة دى بالموضوع الجنسى، مع إن العيان جه يشتكى من الحيرة فى موضوع تغير الدين، بس علاقته بأمه بدأت من بدرى قوى، وأبوه غايب عن البيت، “فاكر؟” وبرضه نفتكر علاقته الأغرب بجدته، على حد قوله ولو إنى مش مصدق قوى، فيه احتمال ولو بسيط يكون تخيل، هوا بيقول إنه عمل علاقة جنسية كاملة معاها، وهى أم برضه، بس يجوز اللاشعور لعب لعبة كده من وراه، واعتبرها مش أمه، المهم إبتدا الكلام ده بدرى، ومن مدة إنت مش قادر تحددها، ماشى، وقلنا إزاى أمه يمكن تكون مشتركة فى اللعبة، سواء شعورى أو تحت الشعورى أو لا شعورى، آهى مشتركة وخلاص.
الحكاية هنا تتفهم أكتر لما نبعد شوية عن اللغة الجنسية، بمعنى إننا نفهم ابتداءً حكاية الاحتياج، وطريقة إروائه، لأنه لو هو روى الاحتياج ده من أمه، بالشكل ده، سواء عينات أو أكتر، وأخد شكل جنسى، وهى وافقت على كده، وتثبـّتَ الحال، حاتلاقى حصل إعاقة فى عملية النمو، يعنى ما حصلشى استقطاب طبيعى بين ذاته وبين أمه جواه وبعدين براه، أو العكس، وأظن الحكاية دى امتدت فما حصلشى برضه استقطاب كفاية بين دينه والدين النقيض الغالب اجتماعيا، وبرضه ما حصلشى استقطاب كافى بين ذكورته إيجابيا وبين أنوثته الكامنة، من هنا يمكن نفهم احتمال إن التحول من دين إلى دين هو نوع من إعلان هذا التذبذب فى حركية النمو، وبرضه نفهم إن ممارسة الجنس مع الذكور ماشية مع كده، ثم احتكار الأم لاشتهائه الإناث دون بقية الحريم والبنات، يبين لك إن هذا التوقف الاستقطابى بالعرض، ناقص، فوقف مطرحُهْ فى معظم المناطق. الحاجة اللى على الوش اللى هوه جى يشتكى منها، (حكاية الدين):
..هو بيقول لك “..أنا مش عارف أبقى مسلم ولا مسيحى”، حاتلاقى نفسك بقى تحدد هدفك المبدئى فى التعاقد العلاجى فى النقطة دى، طبعا إحنا ما بنكتبشى كونتراتو ونسجله، إنما الأهداف المتوسطة بتنط لنا أول بأول وهى ساعات اللى بتحدد المسيرة، هو بيقولك أنا مش عارف أبقى مسلم ولا مسيحى، ده بِيْرنّ جواك غصبن عنك،.. تبص تلاقيك من غير ما تدرى رحت مرتب أهداف العلاج ورا بعض، يبقى الهدف الأولانى إيه؟ إنه يبقى مسلم ولا يبقى مسيحى..، ولا الهدف إنه يبطل تحرش بأمه، ولا الهدف إنه يقدر يعمل علاقة جيدة واقعية غير علاقات النت ومش عارف إيه؟ ولا الهدف إنه يبطل ممارسات مثلية، حاتقولى إنها كلها أهداف مهمة، حاقولك طيب بس لازم ترد على نفسك: أنهو قبل انهو؟؟؟
…غالبا حاتلاقى الرد إنك ما تعرفشى، ولا أنا طبعا، ممكن تستعبط تقول هو حر هوا اللى يحدد الأولويات، حاقولك: لا يا شيخ!!!؟؟، دا كلام بعض الخواجات اللى بيشتغلوا مع مستوى واحد من الحرية، ثم إنت من غير ما تعرف بتحدد أهدافك وأولوياتها، أظن هنا فى مصر، لازم تحاول تحدد موقفك إنت من حكاية التحول من دين لدين، أعتقد إن ده حاينط فى “لاوعيك” أكتر من الهدف الأخلاقى إنه يبطل تحرش بأمه، وأكتر برضه من حكاية الشذوذ، إحنا بنتجنب مواجهة الحكاية دى عادة لأنها صعب علينا احنا، لكن ما نقدرشى نمنع تأثيرها لمجرد تصور إننا نجحنا نتجنبها.
هل سألت نفسك إنت إيه إحساسك يا بطل لما المسلمين يزيدوا واحد؟ حاتفرح؟ ولا لأ؟
د. عبد الكريم: لأ
د. يحيى: اسم الله!! طيب.. ولما ينقصوا واحد..حاحتزعل، ولا لأ؟
د. عبد الكريم: لأ.
د. يحيى: لا يا شيخ؟
د. عبد الكريم: أنا متأكد.
د. يحيى: أنا أظن إنك مش متأكد، قصدى مش قوى يعنى، ويمكن تقول لنفسك، هما يعنى المسلمين دول مسلمين بحق وحقيق؟ وكلام من ده.
د. عبد الكريم: يعنى.
د. يحيى: مهما كانت الصعوبة، لازم تدور على الأسئلة دى جواك وانت بتشتغل، مش تقعد تحزق يعنى، وياتنفع ياماتنفعشى، وتقعد تحط احتمالات عشان تظبط نفسك وأنت بتحوّد، إذا حوّدت، وياترى..!!
د. عبد الكريم: أحوّد فين؟
د. يحيى: تحّود ناحية اللى جواك، اللى انت مش عارفه، بصراحة إنت يعنى عملت حاجة جيدة جدا.. إنك إنت وإنت قدام حالة شديدة اللخبطة كده، ولها أكتر من قضية جوه وبره، قدرت إنك تحافظ على علاقتك بيه، وإنك تخليه ييجى بانتظام شديد أربعتاشر مرة.. بتقول ماغابش ولا مرة؟!
د. عبد الكريم: لا ماغابش.
د. يحيى: لازم كان فيه جواك سماح حقيقى، أهو هوا ده من أهم معالم العلاج النفسى،…إنك تقعد مع بنى آدم مش عارف انت بتعمل إيه معاه، ولا عندك إجابات حاسمة فى أى اتجاه، وعمال تشتغل مع نفسك، ومعاه، ولا بتجاوبه إجابة محددة تريّحه، ولا بترفضه فى نفس الوقت ومع ذلك يفضل ييجى، زى ما يكون فيه عقد خفى.. ورا كل الحاجات دى، مش معنى كده إن الانتظام فى العلاج هو غاية المراد بمعنى نهاية المطاف، لكن فى معظم الحالات هو فرصة للتوجه نحو غاية المراد، مع إننا عمرنا ما بنحدد غاية المراد، لأنها عملية مفتوحة النهاية، صحيح نقدر نحدد علامات على الطريق، وأهداف متوسطة، إنما غاية المراد ده بصراحة هوه نتيجة مش غاية، تصور!! المراد هو إن الدنيا تتحرك فى الإتجاه السليم وبس.
.. فيه احتمال يكون المريض منتظم فى العلاج لأسباب سلبية، ده احتمال وارد، فى رأيى بنسبة مش أقل من عشرين أو خمسة وعشرين فى المية.. فى حالتك دى إنما كمل يابنى واصبر، وبص لنفسك، وبعدين له، وبعدين لنفسك، على طول، واطمئن باستمرار إنه بيروح شغله يوميا، حتى مع الناس اللى ضربوه دول، إياك يبطل، وكل ما تتزنق، أديك بترجع لنا مرة تانية وتالتة ورابعة ونقول ونعيد، ونغير أولوية الأهداف حسب الحالة، ولما بنخلص من هدف متوسط.. نشوف الهدف اللى بعده، وهكذا، إحنا ورانا إيه؟… مش كده برضه؟
د. عبد الكريم: كده
****
التعقيب والحوار:
د. مشيرة أنيس:
وصلنى من الحالة المعروضة كلام حضرتك عن العلاقة الجنسية مع الأم والميول المثلية والتذبذب ما بين دينين وإنها كلها أعراض إعاقة عملية النمو….لكن العمل بعد كده إيه مع العيان ده…؟
يعنى بعد ما الواحد يشتغل مع نفسه فى تقبل العيان و ما يقوله…وهناك حرص من العيان على المداومة على الجلسات….المفروض الواحد يرتب الشغل مع العيان ده إزاى…بصراحة حاسة الحالة صعبة جدا.
وسؤال آخر هل جنس المعالج (إن كان ذكر ولا أنثى) حايفرق فى العملية العلاجية؟
وحضرتك كمان اتكلمت عن المثلية ووصفتها بإعاقة نمو…يعنى تمنيت إن حضرتك تكلمنا عن رؤيتك للمثلية الجنسية خصوصا إننا نقابلها كثيرا.
د. يحيى:
أولا: ليس المطلوب من المعالج إن يصنع المعجزات، أو أن يجيب إجابات حاسمة على كل الأسئلة، وما دمنا نؤمن بإيجابيات الحياة، فإن حرصنا على الاستمرار والحوار والتعلم جدير بأن يخلق لنا حلولا لم تخطر على بالنا.
ثانيا: جنس المعالج (ذكر أو أنثى) يوضع فى الاعتبار طبعاً، لكن المعالج الكفء والمريض المثابر، يمكن لكل منهما أن يتجاوز ذلك حين يصل للمريض أن المعالج نفسه ذكر وأنثى معا، وربما يسعى المريض فى هذا الاتجاه دون أن يدرى.
وبصراحة يا مشيرة لا أخفى عليك أننى أصبحت أكثر حيرة فى مسألة الجنسية المثلية هذه، خصوصا بعد أن بدأت أتعمق فى التفرقة بين الجنس الفجّ التفريغى والجنس الحب التواصلى، محتار بجد، وأخاف أن أجد نفسى قد فهمت المسألة أكثر، فأحتاس أكثر.
نؤجل هذا الموضوع لو سمحتِ حتى نرسى على بر أو أرسى أنا على الأقل على بر، ولنتذكر دائما أن الطبيعى طبيعى مهما تَفَذْلَكْنَا.
د. نعمات على:
السماح الحقيقى ده شىء صعب جدا ومحتاج وقت وجهد وتغير فى شخصية المعالج لأنى باشعر أن المريض يلاحظ الرفض حتى فى حركات أو نظرات المعالج حتى دون أن يتكلم، أشعر أنه شىء صعب بس مهم؟ بس إزاى أوصل له؟؟
د. يحيى:
كله إلا خداع المريض، خصوصا فى حكاية السماح هذه، لكن ماذا نفعل؟
وطبعا تعرفين إن “السماح” غير “التفويت” غير “ادعاء الحرية” غير “الشفقة” غير “الطبطبة”.
د. نعمات على:
…. هل انتظام المريض فى العلاج حتى لأسباب سلبية ممكن أن يتحول لأسباب إيجابية نظراً لعلاقة المريض بالمعالج؟
د. يحيى:
ممكن.
لكن النقلة قد تحتاج وقتاً طويلا، والحذر واجب، الحذر من التمادى فى “السلبية” و”الاستعمال” و”التبرير” و”الاعتمادية”.
د. نعمات على:
عندما قرأت الحالة أحسست بموافقة الأم وأيضا الجدة على العلاقات الجنسية التى حدثت وأن ذلك ممكن إنه يكون سبب من أسباب التحول فى الدين ومواقفه الأخرى فى العلاقات التى أدت إلى تحول تانى. ممكن إن أقول حتى الآن: إن المريض لم تكن له “ذات” واضحة، هو راحل يتنقل بين عدة ذوات هشة، فإلى ماذا سوف يؤدى به الحال؟
د. يحيى:
الله أعلم،
نحن وشطارتنا، وهو وشطارته.
لكن حكاية عدة ذوات هذه لابد أن نستعملها بحذر خشية سوء الفهم، أو استسهال التفسير.
الإشكال هو أن تشريح مثل هذه الحالة يبدو سهلا، لكن حين ننتقل إلى الاستفادة من ذلك، ونحن نحاول أن ننشط عملية النمو الجدلية نحو مرحلة أعلى من الواحدية النسبية المستمرة النبض، هذا الكلام النظرى يحتاج من المعالج نفسه أن يسمح بمثل ذلك لنفسه، كما يحتاج زمنا قد يطول، وأيضا يسنده فى كل ذلك مجتمع مسامح وفى نفس الوقت منضبط.
يا ساتر! كان الله فى عوننا .
وطبعا فى عونه قبلنا ومعانا.
[1] – يحيى الرخاوى: “كتاب: بعض معالم العلاج النفسى من خلال الإشراف عليه، ” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2018)، والكتاب موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net
[2] – مثل الحالة السابقة: 14- هى من حالات الإشراف على العلاج النفسى فى قصر العينى، وهو الإشراف الأقدم، الذى استمر حتى الآن طوال أكثر من نصف قرن، لكن للأسف لم يكن هناك أى تسجيل كتابى منتظم، حتى التسجيلات الكتابية – من الذاكرة- التى كتبها الجيل الأول – أساتذة الآن – ضاعت لأسباب لا أريد ذكرها، (وطبعا لم يكن هناك تسجيل سمعى مرئى كما هو الحال الآن).
– نشرة الإنسان والتطور: 31-8-2008 www.rakhawy.net
[3] – Perpetuating factors
[4] – Conversion Hysteria