نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد 6-6-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 5027
ثلاثة دواوين (1981 -2008)
الديوان الثالث: (دورات وشطحات ومقامات) (1)
المجموعة الثالثة
عشر مقامات (المقامة الثانية)
نبض قلب (2)
تـضـاءل حرفُ الأمانِ القديمِ، تضاءلَ حـتـى اضـمـحلَّ الضياءُ
ولكنّ فى جوفِهِ نبضةٌ: تأبّـت فآبـت تـعـانـى من السـُّكر حدَّ الإماتة، ماتتْ، فقامتْ،
فراحتْ تغازلُ سؤرَ الحُطامِ الذى ظلَّ يسرى بليلِ الكلامِ الـذى لـمْ يــُـقلْ.
وحين ارتـوى الحـرفُ- بعد الضياعِ – بماءِ السرابِ:
تمدَّدَ خلف المنال إلى أن تخطـَّى البُراقَ ليمضى بلا صاحـبٍ يـرتـدى مِسْحَةَ القتل تحت الحجاب الذى ظل يغشى النعاسَ،
فيصحو انتباهً إلى غــَـسـَــقِ الوعـىِ حين اسـتـطالْ،
وماطـال إلا الحـفـاةُ العراةُ رعـاء قطيعِ الـذئابِ المشـتـّت أسمالُهـا فى نعيق القـِــرَبْ.
تمادى بخطو اليقين ولمـّـا استبانـتْ معابـِــرُ من جـيدهَـا المشرئِبِّ إلى ما تجاوز حدَّ الأفق:
ولما تبين خيطُ الظـلام وفـاتـتْـهُ سـَــجـْــدَةْ سـهـو صـلاةَ المـودّع بـيـن يـديـهِ دليل الهُـداة،
ولا وقتَ!!، حان الضياعُ بإذن حديث المآقى الأُخـَــرْ.
وما إنْ تولّى.. تولى .
بربى الذى ليس ربا سواه: اشرأبت عليه السنونُ
ولمَّا انـْـتــَـبـَـهْ،
تمطّى…كأنْ لم ينمْ،..
تولى. …. فوَلّى،
ولما تولـَّى تدلـَّى، دنا فتدنـَّـى،
وقوسين حول الكلام المؤجـَّلِ حتى الصباح:
بلا أصبح الناس ناساً،
ولمَّا يحقـــق حـُلـْمَ المُنى والأرَب.
بدا مـِنْ على الشاطىء المختـَفِى،
بدا من قبيل المجاز،
بدا فى حديث المساءِ الطلىّ،
بدا وكأنّ المرادَ تحقق لمـَّـا تمنطق سيفَ البـُراق،
وما كان يبغى المرادَ، لأن المراد بدا ليس مثل الـمُنَى والأرَبْ،
بدا فتبدد حتى التلاشـِـى فزادَ رُواءَا.
ولما تسحّبَ تحت الوسادة قبل المنابتِ جوف الجذوع
بغير جذورٍ، نـمَى واستطالَ.. تمادَى.
فقلت له: العفو عند الكرام إذا قــدَرُوا الناسَ حقَّ الحياةِ،
وحقَّ المماتِ، وحقّ الوجودِ العدمْ،
وماردَّ بعدُ التحيةَ أصلاً،
وليست “سلاما” كتلك التى قلتـَـهَا قبل أمسٍ،
ولا مثل “عِمْتَ صباحا”
ولا مثل “أهلاً وسهلاَ”
ولا مثل شئ.
وراحتْ تذوبُ بحد الأفقْ،
وما كنتُـها.
ولكنَّـكَ ارْتَبْتَ فاشْتقتَ فاستسلمتْ لحفيفِ النغمْ.
وهمسُ الرموز…. تُــباهـِـى،
فتاهت أوائلـــه فى ثنايا المثانى: زوايا الدروب،
مقابِضها صَدِئت والمزالجُ زيدت بغير التواءٍ جديدْ،
وقبل الظلام ارتدى شاربين فأرخوا اللّحَى، دونـما شـُذِّبـَتْ.
وآهٍ لو الناسُ ناسٌ،
لو الله خلقٌ كثيرٌ،
لو الناسُ آلهةٌ طيبون،
لو الكلُّ عاش الحقيقةَ مثل زمانٍ يولـّد نبضَ الخلاصِ الذى مثله ليس منه اثنتين!!!
المقطم: 9/11/1990
[1] – يحيى الرخاوى: ثلاثة دواوين (1981 – 2008) الديوان الأول: “ضفائر الظلام واللهب”، الديوان الثانى: “شظايا المرايا”، الديوان الثالث: “دورات وشطحات ومقامات”. منشورات جمعية الطب النفسى التطورى. (2018)
[2] – المقامة الثانية “نبض قلب” من الديوان الثالث: “دورات وشطحات ومقامات” المجموعة الثالثة: “مقامات “(ص 311)