نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 6-1-2021
السنة الرابعة عشر
العدد: 4876
الأربعاء الحر:
مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى (1)
الفصل العاشر:عن الحلم والإبداع والنوم (7)
مقدمة:
انتهت حلقة الأسبوع الماضى بقول:
المعلم: ……… أعنى كل مخ يختلف عن الآخر من حيث انتقاء المعلومات الداخله والمحتوى وربما الترتيب كذلك.
ونكمل اليوم
……………..
الطالب: يكفينى هذا، كل شئ “ربما ربما” … ومع ذلك…
المعلم: إن الموضوع يطول شرحه، ولو تذكرنا خطوات الإبداع المألوفة، لظهرت اعتراضات شديدة حول هذا التحديد بين المخين (أو النصفين) بهذا الشكل المسطح.
الطالب: عن أى خطوات تتحدث؟
المعلم: آه !! ألم أقل لك ذلك؟ كنت أود أن أؤجل الحديث عن الإبداع، ومع ذلك فإليك كلمة قصيرة عن خطواته:
(1) المرحلة التحضرية حيث تختبر المشكلة وتستكمل المعلومات اللازمة.
الطالب: هل هو تحضير مثل التحضير للامتحان.
المعلم: طبعا لا، ما هذا، إن حياتنا الصحيحة كلها هى مرحلة تحضيرية، وإلا فكيف يكون الحلم ابداعاً والتطور إبداعاً
الطالب: لست فاهماً.
المعلم: أحسن، خلنا، نقتصر على كتابة رواية، أو قصيدة، أو حتى اشراق فكرة علمية متبكرة .
الطالب: أحسن:
المعلم: خذ عندك بعد المرحلة التحضيرية تأتى.
(2) مرحلة الحضانة وهى مرحلة انتظار ليس فيها نشاط ظاهرى يتعلق تعلقا مباشرا بالمشكلة
(3) ثم مرحلة الإلهام حيث يصل المبدع إلى الحل وكأنه ضربة معلم جاءته فجأة وبقدرة خارقة فى حين أنها ثمرة إعداد وحمل كامنُ.
(4) وأخيرا مرحلة التحقيق والتطوير والتعديل وهنا يدخل الحل المطروح من خلال الإلهام إلى معمل الواقع واختبارات الزمن ليتأكد أو ينفى أو يُطور أو يُعدل.
الطالب: بذمتك هل تصدق أن من يريد أن “يبدع” سوف يمر بهذه المراحل وكأنه ينتقل من سنة أولى إلى سنة ثانية وهكذا؟
المعلم: طبعا لا مستحيل، إن كل ذلك إنما يحدث مرارا وتكرارا فى زمن بالغ القصر، لا أريد أن أذكره حتى لا تحول الحوار
الطالب: أكثر الله خيرك فماذا تريد أن تبلغنى إياه على قدرى
المعلم: أريد أن أؤكد لك أنه لا إبداع بدون نبض تشكيلى، وأن ما يسمى إلهاما ما هو إلا نتيجة جهد وخبرة ومعلومات هائلة وزاخرة.
الطالب: مخ أم أمخاخ؟
المعلم: عليك نور، كل الأمخاخ بما لايترك جزءا قديما أو حديثا إلا واشترك فى العملية.
الطالب: يا ساتر استر هذا أمر مخيف، مجرد تصوره صعب.
المعلم: ربما لهذا نجد أن المبدعين المعروفين قلائل، إذا قصرنا كلمة إبداع على من ينتج عملا جديدا مختلفا خارجه فيسمى كذلك
الطالب: ولكن ألست معى أن المبدعين بهم شئ من كذا أو كذا!
المعلم: ولكن هذا لا يعنى إطلاقا أنهم مختلو العقل لا قدّر الله، بل إن الإبداع هو قمة العقل، وبالتالى فهو قمة الصحة، لأنه أكبر نشاط ترابطى رغم ما يبدو على المبدعين من شذوذ، إلا أنه قد يكون شذوذا إلى أعلى، كما أن عدم توازنهم الظاهرى أحيانا هو إعلان عن نشاط متميز خاص.
الطالب: ترابطى؟ تانى؟
المعلم: نعم، فمازلنا نتحدث عن الوظائف الترابطية، وقد تدرجنا بها واحدة واحدة من الإدراك حتى الإبداع، وحتى الوجدان نظرنا إلى دوره فى اعتمال فعلنه المعلومات وهو ما أطلقنا عليه “العقل الوجدانى الإعتمالى” ونشاطه وصلنى مؤخراً على أنه منتهى الترابط للتوليف.
الطالب: سؤال أخير لو سمحت، هل هناك فرق بين المبدع، والفنان، والموهوب والعبقرى؟
ونكمل الأسبوع القادم
[1] – يحيى الرخاوى: “دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)، والكتاب قديم مهم (الطبعة الأولى سنة 1982) ولم يتم تحديثه فى هذه الطبعة، موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مؤسسة الرخاوى للتدريب والأبحاث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net