نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 23-9-2020
السنة الرابعة عشر
العدد: 4771
الأربعاء الحر:
مقتطف من: دليل الطالب الذكى فى علم النفس انطلاقا من: قصر العينى
مقدمة:
توقفنا الأسبوع الماضى عند مزيد من استفسار الطالب عن تحقيق الذات وامتداد الذات:
الطالب: يبدو أن ذاتى، تتمدد بحرارة النقاش، يكفينا هذا اليوم اعمل معروفا، لقد بدأت أرتبك
ونواصل اليوم:
الفصل الثامن: الدوافع (6)
المعلم: ولم لا؟ إن دوافع تحقيق الذات ثم امتداد الذات إنما تثار من خلال عاملين معاً (أ) تحقيق المستوى الأدنى من الدوافع بقدر كاف ثم (ب) الاحتكاك بالبيئة الانسانية من خلال مثل هذا النقاش الحى، أو النقاش مع العطاء الانسانى المسجل كتابة، مثل القراءة المعرفية (النقدية الإبداعية).
الطالب: وهذا يشمل النقاش مع ماهو مكتوب؟
المعلم: وما هو مسموع، وما هو مـُـشاهـَـد، عليك نور، وهكذا تفتح إمكانيات جديدة فى المخ هى التلقى الحوار، وليس التلقى الوعاء.
الطالب: أى حوار وأى وعاء.
المعلم: القراءة الحوار هى أن تقرأ ما تقرأ مثلما تحاورنى هنا الآن، أما القراءة الوعاء فهى أن تحفظ المعلومات وكأنها تنزيل مقدس، ثم تسكبها منفصلة عنك كما دخلت منفصلة.
الطالب: نعم نعم؟ أنت ما صدقت أم ماذا؟ .. آسف، عد بنا إلى آخر مرحلة، فإذا حقق الانسان الفرد ذاته كممثل للنوع، ماذا بقى به من حاجة إلى دوافع تدفعه إلى ما بعد ذلك؟
المعلم: بصراحة هذا ما لا أعرفه تحديداً.
الطالب: ما لا تعرفه؟ إذن لماذا تقوله لى؟
المعلم: لأنه فرض بالقياس، فمادمنا نفترض أن الانسان تطور إلى ما هو عليه الآن، فليس من حقنا أن نكف عن التصور أنه سيتطور إلى ما هو أعلى مما هو عليه الآن، حتى بعد أن تعمل كل أعضائه بكفاءة كاملة، حتى يمكن أن نتصور انطلاق حاجته لنمو أعضاء جديدة أو على الأقل تنظيمات جديدة قادرة على خلق خلايا جديدة إذا اقتضى الأمر.
الطالب: لا .. لا.. لا .. يفتح الله، إنه شئ يربك المخ، خلينى عند امتداد الذات، فإن مجرد التفكير فيما تقول – رغم وجاهته وبريقه – هو رعب لا أحتمله فلعله ضرب من الخيال تمتع به جنابك فى أحلام يقظتك تعويضا عن إهمال تدريس آرائك هذه لنا.
المعلم: علىّ الدور هذه المرة أن أعلن لك موافقتى: وهو كذلك.
الطالب: أظن يكفى الحديث عن الدوافع عند هذا الحد، فإن الحديث فيه مغر لدرجة أنه لن ينتهى.
المعلم: عندك كل الحق.
الطالب: سؤال أخير لو سمحت.
المعلم: خيرا؟
الطالب: لقد قلت فى البداية إن الدافع هو تنظيم نيورونى (وما يقابله من تنظيم خلوى) جاهز للإطلاق فما بعده، فأى تنظيم جاهز لأن يتعدى عمل كل الامكانيات الإنسانية معاً، وما هذا الذى هو بعده وقد جلس على قمة الهرم الحيوى؟
المعلم: هأنت ذا تجرجرنى للعودة، ليكن، لقد خطر لى هذا التساؤل وتمنيت بينى وبين نفسى ألا يخطر ببالك حتى لا يطول الحوار، وردى عليه فى إيجاز هو فرض سوف ألمح إليه بما يتناسب مع حجم هذا الدليل وهو: أن التنظيم الحالى إذا تم إطلاقه فى كفاءة كاملة مع سائر التنظيمات الأخرى، فإن ذلك يحمل وظيفيا ظهور تنظيمات جديدة من توليفات وتنسيقات أعلى، فإذا زادت الاحتياجات المتطورة عن قدرة هذه التنظيمات الولافية الجديدة فإنه لا يوجد ما يمنع من افتراض نمو خلايا جديدة وأعضاء جديدة، ولعل هذا يتماشى مع فتح مسيرة التطور إلى آفاق أرحب لا تعرفها، ربما تسمى “الغيب”.
الطالب: خلاص خلاص أنا الذى جئت به لنفسى .. لست فاهما شيئا.
المعلم: أنت فاهم، وهذا ظاهر فى عينيك، ولكنى أوافق أن هذا ليس وقته ولندع المرحلة الخاصة بدوافع تطوير النوع لا تلهينا عن ما هو أكثر إلحاحا.
الطالب: كاد يخيل إلى فى حديثك – وكلى ألم – أن أغلب وجودنا حاليا فى مجتمعنا هذا بظروفه القاسية، أعْنى أن أغلبنا مازال فى المرحلة الأولى والثانية من الدوافع.
المعلم: لا أظن ذلك، ربما أوافقك بالنسبة للمرحلة الأولى أما الثانية ففيها كلام، وكفى استطراد وإلا انتقلنا إلى الحديث فى السياسة.
الطالب: السياسة ؟!! لا ياعمى، أفضل أن تحدثنى إذن عن الحب والعواطف كمهرب شرعى من الحوّم حول الحمى.
المعلم: الحب والعواطف؟ تقصد الانفعال.
الطالب: وما الفرق بينهما؟
………
ونلتقى الأسبوع القادم بعرض: “الفصل التاسع: “الانفعال والعواطف والوجدان“
[1] – يحيى الرخاوى: “دليل الطالب الذكى فى: علم النفس انطلاقا من: قصر العينى” منشورات جمعية الطب النفسى التطورى (2019)، والكتاب قديم مهم (الطبعة الأولى سنة 1982 ) ولم يتم تحديثه فى هذه الطبعة، موجود فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى للتدريب والبحوث: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا حاليا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net