نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 11-7-2020
السنة الثالثة عشرة
العدد: 4697
قصة قصيرة (1)
حلم ولاّ علم؟
قال الشاب لأخته : والدنا !!
قالت: ماله ؟
قال: قرر أن يرشح نفسه !!
قالت: إيه ؟!! يرشح إيه؟!!!
قال: يرشح نفسه
قالت: فى إيه، يرشح نفسه فى إيه؟
قال: حايكون فى إيه؟ فى مجلس الشيوخ !
قالت: إنت بتقول إيه ؟ إنت جرى لعقلك حاجة؟
قال: أنا اللى جرى لعقلى برضه؟
قالت: إخرس ، إوعى تكون بتلمّح على والدى
قال: يعنى هوّا والدِك ومش والدى، بصراحة أنا خفت عليه
قالت: خفت بتاع إيه، تلاقيك أنت اللى بتخرّف، العيال بتوع الثورة لحسوا مخك
قال: هوّا اللى قال لى بنفسه،
قالت: قال لك إيه
قال: قالّلي اللى انا قلتهو لك
قالت: لأ بقى، ما هو يا إما انت اتخبلت فْ مخك، يا إما هوّا كان قصده حاجة تانية.
قال: حايكون قصده إيه غير اللى قاله
قالت: هوّا يعنى مش عارف يعنى إيه ترشيح ويعنى إيه مصاريف ، ويعنى إيه حكومة، ويعنى إيه ناس، ويعنى إيه انتخابات؟
قال: طبعا عارف ، وشاور لى على الكام قيراط مبانى اللى فى البلد، وإنه حايبيعهم ويتصرّف
قالـت: يبقى إنت اخدت واديت معاه بقى، دآ الظاهر الحكاية حتقلب بغم
قال: شفتى ازاى!!
قالت : وسألته حايرشح نفسه فين بعد ما يبيع الكام قيراط وما يفضّلناش حاجة فى البلد
قال: لا ما هو مش حايرشح نفسه فى البلد
قالت: إمال فين؟ هنا اسم الله عليك وعليه؟
قال: ولا هنا؟
قالت: إمال فين
قال: إيش عرّفنى ، ماتسأليه انتي، أنا كفاية علىّ الصدمة الأولانية
قالت: يمكن حايرشح نفسه عند امى واخواتنا
قال: حتى لو رشح نفسه فى العمارة مش حاينجح
قالت: طب ما دام انتَ عارف كده، يبقى إيه لزوم التخريف ده؟
قال: هوا انا اللى بخرّف برضه
قالت: طبعا انت، أنا ابويا عمره ما يشطح كده
قال: ما هو عشان كده أنا قلت لازم حصل له حاجة، لازم نلحقه، إنت عارفه هو طول عمره جد ومراعينا فى اللى يقدر عليه، واللى ما يقدرشى عليه، طول عمره سيد العاقلين، أنا حاولت أطرد الشك ما قدرتش
قالت: شك ؟ هيا الحكاية عايزة شك ، ما هى باينة أهه ّ
……
دخل عليهما أبوهما وقد سمع المقطع الأخير من الحوار، وراح يضحك بلا انقطاع ، ثم تمادى فى الضحك بصوت عال حتى انقلب الضحك إلى بكاء بنشيج مرتفع، فاندفعت البنت نحوه منزعجة، وأحاطته بذراعيها وكأنها أمه وهى تبكى على بكائه، فى حين تسمّر اخوها دون حراك، وحين استطاع أن يجمع نفسه تقدم بهدوء والألم يطفح على وجه، وقال لأبيه:
والدى، فيه إيه يا والدى؟ مالك ؟
قال الأب: ولا حاجة، أنا آسف، أنا سمعت انتو بتقولوا إيه، فخفت على مصر أكتر واكتر، زى ما انتو خفتوا علىّ كده، لأ أكتر كتير.
قالت البنت: الحمد الله على سلامتك يا والدى، ما هو الحكاية ما تنفعشى نصدقها كده، إنت لازم كنت بتضحك مع اخويا ، وهوّا من غباوته خد الحكاية جد
قال الوالد: مش قوى كده، أنا كنت باحكى له حلم ، بس هوه ما خدشى باله،
قالت البنت: أيوه قول كده
ثم التفتت إلى أخيها وقالت: الله يخيــّبك
قال الشاب لوالده : حلم إيه يا والدى، حضرتك بتستهبل ولا إيه ؟
قالت أخته: إخرس يا قليل الأدب ، دا والدنا وسيدنا وسيد الكل
قال الشاب وهو يتجه نحو والده: آسف، والله العظيم آسف، بس برضه ، يعنى،…. قصدى
قال الوالد: أصل يا ابنى أنا لقيت الحكاية باظت قوى، وما عادشى باين لها أول من آخر، قلت أحسن حاجة فى الزحمة دى، وأنا محتار حاموت، أخفف عن نفسى و أحلم براحتى
قال الشاب: يبقى مش حلم بقى
قال الوالد: لأ، يبقى حلم ونص، يعنى عاجبك نسيب مصر كده من غير حتى ما نحلم
قال الشاب: نحلم إننا نبنيها، مش إنك ترشح نفسك
قال أبوه: ما هو عشان كده أنا قررت أرشح نفسى رئيس جمهورية مصر، وابقى مسئول عن كل واحد فيها، فقمت عاملها، واعتبرتهم انتخبونى بأمر من ربنا ، ونجحت والحمد لله
قال الشاب: وبعدين بقى ؟؟ اللهم اخزيك يا شطان، دا كنت حاموت لمّا تصورت إنه ترشيح مجلس الشعب، تقوم توصلها للدرجة دى، ياريت اختى ما كانتش مشيت عشان تسمع بنفسها
قال أبوه: إنت ليه مش مصدقنى؟
قال الشاب: أصدّق إيه يا والدى اعمل معروف، والنبى تقول بسرعة إن ده راخر حلم
قال الوالد: إنت لسه شفت حاجة، دانا حارشح نفسى بعد كده رئيس العالم، وبرضه مسئول عن كل بنى آدم على أرض ربنا دى
قال الشاب: وبعدين؟ وبعدين؟!! يا بابا إعمل معروف بلاش هزار، كفاية اعمل معروف، أنا خايف ترشح نفسك المهدى المنتظر
قال الوالد: عليك نور، ما هو الحال مش حاينصلح إلا لما كل واحد فينا يبقى المهدى المنتظر، ويبطل انتظار بقى، هوا فيه مهدى بينتظر نفسه
قال الشاب: آه صحيح، والله عين العقل ، الحمد لله، بس يا رب ما يطلعشى حلم
قال الوالد: الحمد لله ونص، إنت مش حاتكـبـَّر عقلك بقى وتفهم أبوك، هوّا إيه الفرق بين الحلم والعلم، هوا فيه حاجة حاتصلح البلاوى اللى وصلنا لها دي إلا إن كلنا نبقى المهدى المنتظر، من غير ما ننتظر
قال الشاب: مش فاهم، أنا خفت
قال الوالد: عندك حق، أصل الحِمـْل تقيل قوى
قال الشاب: يا رب أفهم
قال أبوه: مش مهم تفهم، المهم تحلم، والحلم يبقى علم.
اندفعت الأخت إلى الحجرة وقد سمعت آخر مقطع فى الحوار، اندفعت نحو أبيها، وأحاطته بذراعيها غير المرة الأولى، كانت تشعر بمزيج من الألم والفرحة والفخر والعزم، وهى تقول:
ربنا يخليك لينا يا والدى، ربنا يطول عمرك لينا وللناس كلها.
قبـّلها أبوها بين عينيها، وأخفى عينيه وهو يدعو لها، وأخوها يحاول أن يفهم ،
ثم يبدو أنه فهِم دون أن يفهم، فاندفع يقبـّل يد أبيه،
فقبـّل أبوه رأسه وهو يقبل يده.
رفع الأخ رأسه ونظر لأخته وقال لها: الله يسامحك
قالت أخته: وينجـّى مصر
[1] – سبق نشرها في الموقع بتاريخ 17 فبراير 2015!!
– بمناسبة فتح باب الترشيح لانتخابات جديدة بدءا بمجلس الشيوخ لكن تمّ تعديل بضع كلمات فى نهايتها.