نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 6-3-2019
السنة الثانية عشرة
العدد: 4204
الأربعاء الحر
مقدمة فى العلاج الجمعى (1)
عن البحث فى النفس والحياة
عن العلاج الجمعى وبداياته معى!
1- إن هذا العلاج يتفق مع احتياجاتى فى هذه المرحلة من الرؤية والتطور، وأنى لم أعد أستطيع أن أمارس العلاج الفردى إذا أردت الحفاظ على امانتى من نفسى.
2- إنه فيما عدا فترات محدودة …..، فإن الحضور إلى هذا العلاج يتم باختيار كامل، وبالتالى بمسئولية كاملة.
3- إن الأسلوب الجارى فى هذا العلاج هو أسلوب تلقائى أساساً، وأنى لا ألتزم فيه بقواعد محددة، وأن تلك القواعد التى سجلها الباحث هى نتاج التفاعل والخبرة والسلوك التلقائى فى الهنا والآن، المرتبط بشريط الحياة Script الغائى المحدد فى شعورى بدرجه ما.. والمستقر فى لا شعورى بدرجة لا أعرفها بداهة.
4- إن هذا السلوك الغائى مرتبط على حد علمى (ربما للأسف) بمقولة بعيدة عن الواقع إلى حد ما وهى “أن الإنسان عامة قادر على ان يستمر فى النمو، بحيث يصل إلى مرحلة يحتاج فيها إلى قدر ضئيل – أو منعدم – من الدفاعات، وأن هذا وحده هو السبيل لإطلاق قدرات إبداعه وإعطاء حياته معنى ولمسيرته هدماً”.
5- إن التوصيل بين هذه التلقائية الآنية وهذا الهدف المطلق هى مهمة هذا العلاج، وهى مهمة لدرجة تبدو مستحيلة (ربما لأن الوجود الإلهى، أو شبه الإلهى هو الوجود الأوحد المنعدم فيه اللاشعور) وبالتالى فإن الفرد فى الأحوال العادية غير قادر على ان يحاولها – مجرد محاولة – وحده.
6- إن ظهور الأعراض هو النتيجة المباشرة لمثل هذه المحاولة المجهضة، أو المعجزة، أو المرهقة، (وهى محاولة كيميائية بيولوجية كيانية فى نفس الوقت).
7- إن طلب زوال الأعراض هو إعلان طلب العون من آخر، (يعرف الحكاية)، أو آخرين يحاولون نفس المحاولة.
8- إن هذا العلاج الجمعى يحقق هذا الاحتياج المرحلى بتواجد شركاء على نفس الطريق يقومون بنفقس المحاولة.
9- إنه إذا زاد الاحتياج – والاعتماد على هذا الذى يعرف الحكاية أو يعايشها، أو على هؤلاء الذين يحاولون نفس المحاولة، فإن العرض قد يستبدل بالاعتماد على هذا أو ذاك.. وتحدث خدعة توقف النمو (وقد ناقش الباحث هذه النقط بإيضاح مسهب فى أكثر من موقع).
10- إنه إذا حققت هذه المشاركة هدفها الأصلى –تخفيف الألم وكسر الوحدة – دون التوقف عند مرحلة الاحتياج والاستبدال، فإن الفرد قادر بعدها على الاستمرار بعد اكتساب ميزتين هما نتيجتان طبيعيتان لكل ذلك.
(أ) الاعتماد على المصادر الذاتية معظم الوقت: إذ يصبح احتياجه للآخرين موقوت، ومرتبط بمواقف معينة، ويصبح قادراً على ان يمارسه دون ارتباط معوق، لأنه فى رحلته منه وإليهم، وبالعكس، يبدأ من قاعدة ذاتية ثابتة، ويعود إليها دون تخلخل عنيف فى رحلة الذهاب والعودة.
(ب) التقبل النشط: وأعنى به القدرة على ممارسة الحياة مع كل الناس دون استثناء بالقدر الذى يضطر إليه فى سلوكه اليومى المختار (لاحظ التناقض الظاهرى بين الاضطرار والاختيار .. إلا أنه عمقه هو نفسه تناقض الواقع المحيط) ولكن هذا التقبل نشط بمعنى أنه ليس مجرد فرصة سلبية أو استعلاء “ودعه يفعل”Laissez Faire ولكنه احترام للاختلاف رغم المحاولة المستمرة للتفاعل والالتحام.
11- أنه انطلاقا من هاتين الركيزتين (الاعتماد على المصادر الذاتة والتقبل النشط)، سوف يجد هذا الفرد نفسه ملتزماً – إزاء نفسه أساسا – بقضية هذا الأسلوب فى الحياة الذى توصل إليه من خلال العلاج، وسوف ينجح فى ذلك من خلال نشاطه اليومى العادى كقدوة وكعضو متفاعل بلغة الواقع السائدة.
12- أنه من خلال هذا الموقف الأخير يستطيع أن يستغنى هذا الفرد – رويدا رويدا – عن احتياجه للدفاعات المشوهة ليحقق الهدف الذى أعلنته سابقاً وهو يحقق فرض “أن الإنسان قادر على ان يستمر فى النمو بحيث يصل إلى درجة لا يحتاج معها إلا إلى أقل القليل من الدفاعات”.
هذا هو التصور النظرى الذى يبدأ من احتياطى الشخصى، وينتهى إلى اتباع أسلوب يهدف إلى أن يكون هذا الاحتياج الشخصى احتياجا عاما .. وبالتالى تنكسر وحدتى ويخف ألمى..
ولكن هل يعنى ذلك أن المسألة برمتها مسألة شخصية؟ وهل يعنى ذلك أنى لابد وأن أفرض تحقيق هذا الاحتياج على من يقع فى طريقى؟
وهل يعنى ذلك أن المسألة تبتعد رويداً رويداً عن الموقف العام لمنتهى وعلمى لتصبح تصوراً خاصاً ومطلباً جانبياً.
الحق أقول – على حد علمى ومسئوليتى – أن الجواب بالنفى..
[1] – المقتطف من كتاب “مقدمة فى العلاج الجمعى” عن البحث فى النفس والحياة (من ص 90 الى ص 95) (1978) والكتاب متاح فى مكتبة الأنجلو المصرية وفى منفذ مستشفى دار المقطم للصحة النفسية شارع 10، وفى مركز الرخاوى: 24 شارع 18 من شارع 9 مدينة المقطم، كما يوجد أيضا بموقع المؤلف، وهذا هو الرابط www.rakhawy.net . وقد كادت تنفد الطبعة الأولى وجارى تحديثه وإعادة طبعه.