عود على بدء
حوار قديم جدا، هو هو يعود الآن جدا،
مع محمد جاد الرب
وهو مازال يبنى الأهرامات الخاصة
مقدمة:
مع صدور العدد الأول من هذه المجلة، حـضـرنا الصديق “محمد جاد الرب” بكل ما هو، وما يمثله، وما يرجوه، وما يدعو إليه، وما يحلم به. وظلت الحوارات تجرى معه ونحن نبحث عن جديد حتى توقفنا، فتوقف، أو تكررنا فتوقفنا، أو ما كان والسلام
وبعد عودة المجلة للصدور، عاد “جاد الرب” للاقتراحات، والدعوات، والمشاريع، والأحلام، ولم نشأ أن نتمادى فيما كان، وخاصة بعد ضخ الدم الجديد فى المجلة، ذلك الدم الذى لوح لنا بشكل آخر، وحفز آخر، و مهمة أخري.
ومع ذلك، فقد رأينا أنه لا بأس من أن نستضيف هذا النبض المصرى المعاد، بين الحين والحين، فمن قال إن التكرار لا يفيد ؟ ومن قال إن هناك تكرارا أصلا ؟ هذا هو “حسن سليمان” يعيد ويزيد أكثر من أربعين لوحة، لنفس الطبيعة التى سميت ظلما “الطبيعة الصامتة”، ومع ذلك تقول كل لوحة جديدا، وتثير جديدا، والمفروض أنها تتغير ليس فقط بإعادة رسمها، وإنما أيضا بإعادة النظر إليها، وهذا هو جارودي، وغير جارودى يعلمنا كيف أن تكرار نقوش المساجد، ليس تكرارا، وأن فن الأرابيسك ليس تكرارا، وقبل كل هذا، وبعد كل هذا فقد أننا ننسى أن طلوع الشمس صباح كل يوم ليس تكرارا، شريطة أن تذهب إليها وهى تطلع، ولا تكتفى بقراءة موعد شروقها فى الصحف أو فى تسمعه فى الإذاعات
المهم، أهلا يا عم جاد، ولتـعذرنا إذا نحن لم ننـشـر لك، ونحاورك، إلا كل حين وحين
فالتكرار، على الرغم من نفعــه وروعته معا، ليس إلا تكرار أيضا.
جاد الرب:
(العنوان) هرم أخناتون كيف نبنيه ؟!
الرخاوى:
تلقيت عنوانك هذا، ومعه نص كلمتك التى سوف تلقيها فى الندوة (إياها)، وتساءلت -مثل زمان- ما الذى يحافظ عليك كل هذا الزمن، وهل هذا الإصرار العنيد، على الرغم من كل شيء، هو الذى أعاد لكليتيك عملهما بعد غسيل كان المفروض أن يتم طول العمر؟ علاقتك بالحياة تجعلنى أفخر بها، رغم أنها ترعبني، وتخجلني، وتعلمني، وتتحداني، يالله، ماذا عندك يا جاد ؟
جاد الرب:
بسم النور الحقيقى
الرخاوى:
وهل هناك نور غير حقيقي، إن كان يستحق كلمة “نور”؟
جاد الرب:
للنيل فرعان / رشيد ودمياط
وللدين فرعان / الأقباط والمسلمون
وقبل أن يتفرع النيل كان المنبع فى السودان والحبشة وغانا والبحيرات وقبل أن يتفرع الدين أتانا من أخناتون أشجع فرد فى التاريخ بشهادة البروفسور جيمس هنرى برستد فى فجر الضمير.
الرخاوى:
بصراحة يا عم محمد للدين مائة فرع، لماذا هكذا ألغيت الأديان الأخري؟ قل كل من عند الله
جاد الرب:
بوذا. . . وأخناتون
وإن كان محمد قد ذكر إبراهيم كأب للاكتئاب نقلا عن تراث سبقه فاليوم نحن لا نشكك فى الإسلام وكلنا نرفع الإصبع متسائلين:
هل من المعقول يا إبراهيم ما يفعله أحفادك على أرض فلسطين من إنشاء قاعدة نووية تحاصر آسيا وأفريقيا، هل هذا هو إسلام إبراهيم أم أننا نحيا خلال عالم سقطت فيه الديانات أصلا ؟
الرخاوى:
ماله سيدنا إبراهيم يا عم جاد، واحدة واحدة، هل صدقت أن هؤلاء الحثالة هم حفدة أو ورثة أى سيدنا عليهم السلام، يا عم الحكاية كلها نظام السوق والتسويق، السادة والعبيد، النظام العالمى الجديد هو أن تسيب اللى راكب راكب واللى نايم نايم ثم يعلو الراكب حتى ويموت النائم فى قير كسلة العظيم، ونحن نستأهل، مهما قلت، أكرر دائما هذا الشعر القاسى الذى قلته غصبا عني” تبقى جريمة عاملها اتنين، كل جريمة عاملها اتنين، ذنب المقتول ذنب القاتل، أصله استسلم”، كلما استرجعت هذا الشعر خجلت من قسوته، لكنه يعود يتردد فى رغما عنى حتى لا أستسلم، لما يسمى التفكير التآمري، والتخدير التفاوضي، والاتفاق التواووى (إشتقاقا من “واي” بلانتيشن، يالله !!!)
جاد الرب:
إننى أنتهز الفرصة لتحية الصديق الدكتور/ أحمد صبحى منصور على دراسته الرائعة التى كشف فيها عن موقف القضاء فى الدولة الأموية والعباسية ومأساة أبى حنيفة.
الرخاوى:
وأنا كذلك، ولو أنى مرعوب حتى الفخر -أيضا- من دراسته الحالية فى هذا العدد، وسواء صح كل ما قاله أم غير ذلك، فقد أنقذ ببعض ما قال ديننا الحنيف من الجمود والبلاهة، ربنا يستر.
جاد الرب:
بل إنه كان متميزا حقا وهو يكشف أن تسجيل تاريخ الإسلام لم يبدأ إلا خلال الدولة العباسية ذاكرا أن مئات الخطب للرسول خلال مسجده بالمدينة فى سنوات البعثة الأولى لم تعرف التسجيل.
الرخاوى
إيش حال لما تقرأ ما كتبه عن تسجيل الأحاديث هذا العدد، هو المسئول، يا شجاعته يا أخي، العلم علم، والصدق صدق، دعك أنت.
جاد الرب:
ما الحل؟ خلال حوار مع الصديق الأستاذ/ علاء الدين الكاتب الصحفى بروز اليوسف وصباح الخير اقترحت عليه الدعوة إلى بناء: هرم أخناتون، ثم من يكون (أخناتون) هذا الذى يسكن معى بيتى والذى أدعو الدكتور يحيى الرخاوى إلى استضافته خلال (منبر أخنتون)
الرخاوى:
يا عم جاد، بدأت معنا سنة 1980 وأنت تحلم، ببناء هرم، وإحياء تاريخ، وتقديس أثر، وظللنا نكرر حتى توقفنا، أما كفانا أهرامات، ألم يئن الأوان لبناء أنفسنا فى مواجهة العالم، ومعه.
جاد الرب:
الحرب على الأبواب
إن الصهيونية لا تعرف السلام بل إن الصهيونية = دودة القطن واسعة الانتشار. أما وسائل المقاومة العربية فحدث ولا حرج عن التوكسافين الذى يقتل الفلاحين والذى يقتل الغرباء خلال بيئة مصر وكل الطيور والذى تصالح مع الدودة..
الرخاوى
ما هذا يا جاد، لم أفهم ماذا تقصد بجمع قتل الفلاحين مع الغرباء، وهب أنك تمزح أم تعنى هذا الجمع، فأنا لم أفهم كيف أنه من خلال بيئة مصر نقتل أو لا نقتل الطيور، وهل التوكسافين هو الذى تصالح مع الدودة ؟ وإذا كان الأمر كذلك أليس ذلك قهرا لسمية التوكسافين ونصرا للدودة، لا أظنك تقصد أيا من هذا، ولنحدد ما تريد، وخاصة فيما يتعلق برافدى الدين فى مصر.
جاد الرب
الكنيسة القبطية ودورها: كان هرتزل فى مطلع القرن قد زار بابا الفاتيكان البابا (بيوس) وعرض عليه المشروع الصهيونى بالصورة التالية:
أنت تعرف يا بابا أن الأرض اليهودية والمسيحية فى فلسطين أرض واحدة والنتيجة أن البابا بيوس طرد هرتزل فى عام 1904 رافضا المشروع الصهيوني.
كما طرده أيضا السلطان عبد الحميد سلطان الترك لنفس السبب.
وقد حاولت فرقة كبيرة داخل الكونجرس الأمريكى إعادة إحياء مزاعم هرتزل فادعوا أن المسلمين فى مصر يضيقون الخناق على الأقباط اعتمادا على وحدة الأرض اليهودية المسيحية التى ادعاها هرتزل من قبل.
إن تاريخ الكنيسة القبطية المصرية تاريخ عظيم حقا يبدأ بصفحة القديس مرقس الرسول فى مطلع القرن الأول للميلاد إذ كان (مرقس الرسول ) عائدا من فلسطين حيث التقى مع عيسى الناصرى المسيح.
وأول هبوط مرقس الإسكندرية التقى بإسكافى أعطاه حذاءه كى يصلحه ولما فتح مع الإسكافى قضية مصر والتوحيد الدينى فوجيء بالإسكافى يقول له:
إن بلادنا تعرف التوحيد من قديم الزمان. . هذا ليس جديدا علينا. .
الرخاوى
نعم، التوحيد ليس جديدا علينا، والإيمان ليس جديدا علينا، والتدين ليس جديدا علينا، ولكن الجديد هو الشكل الذى نوحد به، والذى نؤمن به، والذى نتدين به، نحن لسنا فى حاجة إلى دين جديد، كما قلت فى “حكمة المجانين” ولكننا فى حاجة إلى ملايين الأنبياء” بل إن الإنترنت، على الرغم من جزئية وسطحية وتحيز استعمالاته حتى الآن، إلا أنه يوحى بأن يكون فى إمكان ملايين الأنبياء، أو كل البشر، التقارب أسرع وأنفع، وبالنسبة لمصر القبطية فدعنى أعترف لك أننى أحب لفظ “قبطي”ونصراني” عن لفظ مسيحي، كذلك دعنى أعترف لك أننى أشك فى هذه الإسرائيل التى لا تتوقف عند الاستيلاء على الأرض، بل إنها تستولى على المسيح نفسه عليه السلام، ولعلك تعرف محاولات تهويده تاريخيا، ليس تهويدا بمعنى وحدة الأديان وإرجاعها إلى أصلها ثم تفرعها كما أشرت فى البداية، وإنما بمعنى احتكاره لصالح مصالحهم، ولتأليب الصليبيين، وليس المسيحيين، علينا (وعلى الأقباط ضمنا طبعا)، إننى حين أقرأ تعبير “الحضارة المسيحيهودية ” Judochristian Civilization أمتلئ غيظا وحذرا، وأتلو الآية الكريمة ” كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله”، إن هذه الحضارة المزعومة اقتلعت جذور الأنبياء السابقين، وأقصت الإسلام بعيدا فى سجون الأحاديث المكذوبة، والاجتهاد المحظور، والإرهاب اللاإنساني، ولا أحاول أن أفسر خيبتنا بهذا التآمر، فنحن نستأهل ياجاد، أنا شخصيا أستأهل كل ما جرى ويجري، حتى لو حملت المسئولية وحدي، ماذا أفعل حتى بكلماتك، حتى بهذه المجلة يا أخي؟
جاد الرب
تكتب فى افتتاحية العدد القادم داعيا عقل مصر إلى التكاتف لبناء هذا الهرم الثقافي. . والعلمى فقد بنى ميتران وسط باريس هرما للثقافة.
الرخاوى
والله يا شيخ لقد جمعت كل الافتتاحيات التى ظهرت منذ سنة 1980، ووجدتها تصلح كتابا يعلن كيف حاولنا بالكملة أن نجد أنفسنا ونساهم، ولكن خذ عندك مليون افتتاحية أخري، وبليون هرم ثقافي، وقل لى ماذا يمكن أن تصنع أهرامات الكلمات، ومقابر الثقافة (لحفظ مومياوات الأصوليين المتدينين والأصوليين العلمانيين على حد سواء) ومتران لم يبن هرما للثقافة بديلا عن الثقافة كما يبدو لى أحيانا أن ما يسمى النشاط الثقافى فى مصر، هو بديل عن معايشة الوعى الثقافى الحقيقي، عن مواكبته، والتعلم منه، وتحويله، لقد أصبحت هاممتنا مغطاة بقشور الكلام، وانفصلت بقية عقولنا، وأجسادنا عنا، ورحنا ندور حول بعضنا حتى بهذا الحوار يا جاد، لا تؤاخذني. ماذا تفيد الكلمات بعد، لقد شعرت فى فترة توقف هذه المجلة أن ثمة احتمال أن يكون الصمت أكثر أمانة وصدقا، لكننى تراجعت كما ترى بفضل فريد زهران وصحبه وما يمثلونه لي.
جاد الرب
يجب أن يتعاون المثقفون من الأصدقاء لتحرير نشرة شهرية بثلاث لغات
1- العربية 2- الفرنسية 3- الإنجليزية. . هذه النشرة تحت عنوان: “هرم أخناتون”
الرخاوى
يا أخى الله يسامحك، نضع إسما فرعيا على الإنسان والتطور، يقول “مجلة الإنسان والتطور”، الشهيرة بـ “هرم أخناتون”، خلاص ؟ أهذا هو الخلاص ؟ ولماذا كل هذه اللغات والآخرون لا يأخذوننا مأخذ الجد، لأننا لا نأخد أنفسنا مأخذ الجد، قل لى بالله عليك من الذى سيقرأ النشرة الإنجليزية أو الفرنسية، وهل هناك من يقرأ النشرة العربية أصلا، ومع ذلك نصدر!!
جاد الرب
يجب التنويه فى النشرة الإنجليزية أننا اخترنا اللغة الإنجليزية لأنها كانت لغة جيمس هنرى برستيد العظيم كما يجب تنسيق التعاون مع معهد الدراسات الشرقية بجامعة شيكاغو الذى أسسه ” برستيد”، أما بالنسبة للفرنسية فإننى أقدس اسم جان فرانسوا شمبليون، إن الهرم احتفال مصرى بقرص الشمس رسول الضوء والحرارة والحياة للإنسان والحيوان والنبات. .
جاد الرب
ثانية!! الهرم ؟ والتقديس؟ لا تمل أنت أبدا من بناء الأهرامات وتقديس الأبطال المحليين والغرب على حد سواء، يا بختك بإصرارك هذا، لعله هو الذى أنقذك من الفشل الكلوى الذى سمعت عنه، حمدا لله على السلامة، ولكن قل لى هل بنى صديقك-صديقنا- أخناتون هرما؟
جاد الرب
لم يبن أخناتون هرما بل بني: معابد غير مسقوفة لا تحجب أشعة الشمس عن فلاحى مصر وهم يصلون تعبدا للخالق آتون الذى يطل عليهم من سمائه..
ثم وصلت معابد أخناتون إلى السودان والعراق كما يؤكد دكتور أحمد فخرى فى مؤلفاته
هرم أخناتون، أمل الماعت. . أمل عقل مصر أمل الوحدة الوطنية..
إننى أتمنى أن أرى دكتور يحيى الرخاوى والدكتور ميلاد حنا إذ يمثلان الهرم بين البابا شنوده بابا الإسكندرية وسائر أفريقيا وشيخ الأزهر الشريف الشيخ سيد طنطاوي.
الرخاوى:
بصراحة لست مستبشرا خيرا بكل هذا، يحيى الرخاوى مهما أعاد وأزاد، فعزوفه عن التواصل العام والدولى وعن النشر المقتحم (أوعجزه عن كل ذلك) سوف يجعل كل ما يعمل اجتهادا فرديا محدودا يموت بموته حتما، أما صديقى ميلاد حنا، وعلى الرغم من نيله جائزة سيمون بوليفار، فأنا أقدر كل ما فعل، وأتابع محاولاته فى مجالات الثقافة ومحاولات الحوار، لكننى لا أرى له أى موقف إبداعى جذرى يطمئننى بعد كل ذلك، ويبدو أن افتقاره للإبداع هكذا هو الذى أغراه أن يهاجم نوبل وصاحب نوبل مصر بمناسبة نيل هذه الجائزة السيمونية، وهو يتصور أنها جائزة أفضل من نوبل، وأنها لتاريخ الشخص كله، فى حين أن محفوظ أخذ نوبل لعمل واحد هو أولاد حارتنا، بالله عليك يا عمنا ميلاد هل هذا كلام؟ الله يسامحك يا عم ميلاد، أفقدتنا فرحتنا بجائزتك يا شيخ، أما محاولات الشيخ طنطاوى وأبينا شنودة فهى محاولات مصرية صميمة، أخشى أن تموت بموتهما، يا جاد نحن نحكم بالصدفة، ونتدين بالصدفة حسب ستر رب العالمين لمن يتولى السلطة، وذات مرة كتبت فى الدستور التى أغلقوها وهى البيضاء التى ليست من غير سوء فى حين تركوا الصحافة الصفراء، والصحافة الموف، والصحافة الشانجان (على كل لون يا بطاطستة)، أقول لقد كتبت مرة أتساءل: ماذا لو أصبحنا فوجدنا الفاضلة النشطة السيدة الكريمة (إلخ) سوزان مبارك وقد لبست حجابا، ومع ذلك أعلنت هذه الفاضلة أن هذا أمر شخصى غير ملزم لأحد، تصور معى ماذا ستكون خطب الجمعة، وماذا سيكون موقف الأزهر، وموقف أساتذة الجامعات من الدكتورات السافرات، ونساء الوزراء (الخليعات)، كل ذلك لأن سيدة فاضلة رأت أن من حقها أن تغطى رأسها لما وصلها مؤخرا من أن هذا أقرب إلى التدين، يا أخي، إن كل ما نملك إزاء المسيرة الديمقراطية هو أن نخلص الدعاء لربنا “أن يولى من يصلح “، أنا لا أحاول أن أثنيك عن إصرارك، وحتى لو حاولت فلن أنجح، ولكننى فقط أذكرك أن الذى صنع الإمام الأكبر سيد طنطاوى (بدون دكتور) هو نفسه وليس نظاما تعليميا أزهريا يفرزه، والذى صنع البابا شنودة هو تاريخه الشخصى الممتد فى التصوف والسياسة والتعبد والتثقف، وليس نظام التأهيل فى الكنيسة القبطية الحالية، وربما أتجرأ وأضيف أن الذى صنع يحيى الرخاوى هم مرضاه ولغته العربية (وليس معهده أو اتصالاته العالمية أو ملاحقاته المقلدة للأحدث فالأحدث) يا عم جاد، إنك لو شاهدت اجتماع أى مجلس قسم فى الجامعات المصرية العظيمة، وكيف يتلون بتغيير رئيسه، وتتغير المقررات، فيعاد طبع الكتب، وتتغير المناهج، ثم يأتى رئيس آخر لا نعرف كيف تكون حسنا أو سيئا، وهات يا تغيير وتعديل وتبرير. .إلخ لو رأيت كل ذلك لرعبت مثلي، أنت تعرف طبعا أننى أعلنت مرارا أننى عجزت عن التمتع برفاهية اليأس، وأن أكره ما أكرهه هو ذلك التعبير الكاذب الذى لم يقله سعد زعلول إلا فى سياق آخر غير الذى يستعمل فيه، أكره مسألة أنه ” لا فائدة”، لا أبدا: ثمة فائدة ونصف، لا مفر من أن نواصل، أن نقولها ونلقى بها وستنبت حيث سقطت على أى أرض فى العالم أجمع، سنعمله (الطيب) ونرميه فى البحر ولن يضيع، ولكن لن نرى آثار أى من ذلك قريبا، ولماذا نصر أن نراه ما دمنا عشنا بالأمل فيه، ونحن نسعى إلى تحقيقه على الرغم من كل ما قلته لك حالا.
والآن هات لنا ما يؤنسنا من قراءاتك لإخوة فى أمريكا الجنوبية أو إفريقيا أو حتى أسبانيا
جاد الرب
من كتاب “أسبانيا. . ابعدى عنى هذه الكأس” يقول الشاعر الأسبانى قيصر باييخو:
حشد. . فى نهاية المعركة
وبعد أن مات المقاتل. . جاءه رجل. .
وقال له: لا تمت. . لقد أحببتك جدا لكن الجثة – آه – واصلت موتها. .
دنا منه اثنان وقالا له: لا تتركنا أيها الجسور. . إلى الحياة..
لكن الجثة واصلت موتها. .
هرع إليه عشرون، مائة، ألف، خمسمائة ألف هاتفين:
أليس لهذا الحب كله قدرة على الموت ؟
لكن الجثة – آه – واصلت موتها
أحاط به ملايين البشر بتوسل مشترك إبق معنا أيها الأخ. . لكن الجثة . …..
الرخاوى
لا أقول شكرا، ولكن أقول عذرا إذا لم نواصل الحوار، فإنما نشرته هذه المرة لأتذكر حلما لم يمت، ولأشعر أن الجثة لم تواصل موتها، أو حتى لو واصلت موتها فهى تواصله ليتم البعث، بدلا من ادعاء الحياة من جثث تتحرك بالموجه عن بعد (الريموت كونترول) الآتى من إشارات اللغة الأخبث للنظام إياه، النظام العالمى الذى هو بالى بالك !!!!!!
ولك منى ما تعرف، مما يمكن، ومما يستحيل
ولم لا ؟