الرئيسية / نشرة الإنسان والتطور / جذور وأصول الفكر الإيقاعحيوى (7) مقتطفات من كتاب: “قراءات فى نجيب محفوظ”

جذور وأصول الفكر الإيقاعحيوى (7) مقتطفات من كتاب: “قراءات فى نجيب محفوظ”

نشرة “الإنسان والتطور”

السبت: 17-6-2017

السنة العاشرة

العدد:  3577    17-6-2017

 جذور وأصول الفكر الإيقاعحيوى (7)

مقتطفات من كتاب:

“قراءات فى نجيب محفوظ”

مقدمة

انتقلت الآن إلى كتب أخرى أعدّها للطبع (أو إعادة الطبع) الورقى كما بينت سابقا، بعد أن أرسلت إلى المطبعة الكتب الأربعة التى أشرت إليها الأسبوع الماضى، وجدت نفسى أراجع أصول كتابى الأول فى نقد نجيب محفوظ، وعنوانه “قراءات فى نجيب محفوظ”، وإذا بى – كما فوجئت بالنسبة للكتب الأربعة السابقة قيد الطبع، أكتشف أننى قارئ كسول لأعمالى شخصيا، وطبعا كان قد خطر ببالى أن أقوم بنفسى بنقد أعمالى حين افتقدت الناقد الذى يأخذنى مأخذ الجد، والقارئ الذى يأخذنى مأخذ “الفعل”، (فى حدود علمى)، لكننى عدلت تماما برغم نجاح تجربتى بالنسبة  لديوان “سر اللعبة” ثم “ديوان أغوار النفس”، لكن عندك: هذا لم يكن نقدا أصلا، بل كان شرحا على المتن، ما زلت خجلا مما فعله هذا الشرح بأصل الإبداع، مع أننى فخور بما أضافه من تنظير طبنفسى، ونفسامراضى، الأول (شرح ديوان أغوار النفس) استحق عنوان “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” وأخرج كتابى الأم (1) الذى أشرت إليه مرارا، واعتبرته وما زلت أعتبره أصلا فى تنظيرى حتى قبل أن تكتمل فروضى فى الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى، والثانى أخرج ما أسميته “فقه العلاقات البشرية” الذى ظهر إلكترونيا فحسب (حتى الآن) فى عشرات النشرات فى موقعى، ولم يقتصر على عرض هذه التشكيلات التى صورها المتن شعرا، بل امتد إلى التنظير أيضا فيما هو العلاقات البشرية عامة، وكيفية الكشف عنها من خلال العلاج الجمعى بصفة خاصة، وقد بلغت صفحاته كما يعرف المتابع (560 صفحة) من القطع الكبير A 4 .

المهم، ها نحن الآن أمام أسلوب آخر للاستفادة، والإفادة ما أمكن، من هذا المدخل التى نتعرف فيه على النفس البشرية كما خلقها بارئها، وكيف يمكن أن نشوهها نحن النفسانيين بعشوائية أو غرور، ثم كيف نشأت مهن ومدارس ومؤسسات تحاول أن تصحح مسارها بأسلوب غير ما شاع واحتكَرَ وأزاح ما هو غيره، هذا الذى شاع هو ما يسمى “الطبنفسى السائد Main Stream Psychiatry ، وذلك بدعم من خارج المعرفة النفسية التقليدية، مثل ما نرصده حاليا وهو ما أسميناه “إرهاصات الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى”.

لاحظنا فى الأسابيع الماضية، ومنذ بدأنا هذه المحاولة، أننى أكتفى بمقتطف حرفى من أعمالى السابقة ، البعيدة عن الطب، وهى الأقرب إلى النقد الأدبى، مع بعض ما تيسر من إبداعاتى المتعددة التجليات والأدوات، وأننى أكتفى بتسجيل هذا المقتطف مع أقل قدر من التعقيب، بهذا الأسلوب الذى جربناه فى الأسابيع الماضية، وهو ما جعلنى أستشعر من جديد أصول هذا الفكر من ناحية، ودعمه لفروضى من ناحية أخرى.

 تأكد لى من خلال ذلك أن قنوات معرفة الفطرة البشرية ، وهى فرض عين على كل من يتصدى لرأب صدعها بأى وسيلة كانت ، هى قنوات متعددة، لعل أهمها – بالنسبة لى على الأقل – هى قناة النقد، وقناة الإبداع عموما، ولعل هذا – كما ألمحت سابقا- هو ما شجعنى أن أسمى ممارستى مهنتى من هذا المنطلق الذى تسمى أخيرا “الطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى” أسميها أو أصفها بمصطلح “نقد النص البشرى”

وبعد

نواصل اليوم مع كتاب جديد، سوف أسلمه إلى المطبعة (غدا أو بعد غد) وهو كتاب “قراءات فى نجيبت محفوظ”، وقد فوجئت وأنا أراجعه مفاجأة أكبر مما ذكرتها وأنا أراجع الكتاب السابق للاقتطاف منه الأسابيع الماضية “رباعيات و رباعيات”، فوجئت بكمّ هائل المعلومات وحجم الكشف ومقدار الدعم الوارد فى النص حرفيا فى هذه الأعمال المحدودة التى لا تمثل إلا عينات من إبداع هذا الإنسان الرائع القادر الجميل، نجيب محفوظ، وحين بدأت الاقتطاف من نقدى فقط (وليس من اصل الإبداع) كدت أنقل العمل كله مندفعا بفرحة الائتناس، لأثبت لزملائى أولا أننى لا أنطلق من فراغ، وأن المعرفة ليست حكرا على أحد، وأن الله سوف يحاسبنا – كما أشرت مرارا – على ما عرفنا ، وعلى ما لم نعرف ، ما دام كان بإمكاننا أن نعرفه.

كتبت هذا العمل (قراءة فى نجيب محفوظ) منذ عدة عقود، فهو فعلا أصل لما وصلت إليه، وكتبه محفوظ قبل ذلك أعمق وأشمل طبعا، لكننى شعرت وأنا أراجع نقدى له أنه كتب اليوم ليدعمنى فى مهمتى وأنا أحاول توصيل الرسالة فيما يتعلق بالطبنفسى الإيقاعحيوى التطورى.

جدير بالذكر، ربما توضيحا للكم الهائل الذى شعرت أنه سيمدنا بدعم رائع لفروض هذا الطب، أنه قد خطر لى أن أعرض تاريخ تطور ظهور هذا العمل، لكننى فضلت أن أبدأ بعرض تاريخ تعرفى على هذا الرجل كما ورد فى مقدمة الطبعة الأولى لهذه العمل (1992)، وإن كنت أحسب أن من تابعنا فى هذه النشرة منذ صدورها، وقد خصصت نشرة الخميس من كل أسبوع للحديث معه، أو الحديث عنه، – طوال عشر سنوات – لا بد أن يكون قد وصله أكثر بكثير مما سوف أقتطفه حالا، لكن هذا تاريخ قديم قد يبين بداية وطبيعة العلاقة، وحدود التقدير والحب والتقييم، والعرفان والحمد.

مقتطف من مقدمة الطبعة الأولى:

فى ‏شتاء‏ 1948، ‏وكنت‏ ‏حول‏ ‏الرابعة‏ ‏عشر، ‏قال‏ ‏لى ‏زميل‏ ‏صديق، وكنا فى سنة رابعة ثانوى (الثقافة العامة) (2)، ‏ونحن‏ ‏نسير‏ ‏فى ‏جماعةٍ‏ ‏صباحا‏ ‏إلى ‏مدرسة‏ ‏مصر‏ ‏الجديدة‏ ‏الثانوية، ‏قال‏ ‏لى ‏إنه‏ ‏اكتشف‏ ‏من‏ ‏يستأهل‏ ‏القراءة، ‏ونصحنى ‏بقراءة‏ “‏القاهرة‏ ‏الجديدة‏”، ‏وفعلت، ‏وكنت‏ ‏ما‏زلت‏ ‏أتحسس‏ ‏بداية‏ ‏طريقى ‏إلى ‏تذوق‏ ‏الكلمة‏، ‏قبل‏ ‏أن‏ ‏يصبح‏ ‏لى ‏معها‏ ‏شأن‏ ‏خاص‏.‏

منذ‏ ‏هذا‏ ‏اليوم‏ ‏بدأت‏ ‏حكايتى ‏معه‏: ‏

تعرفت‏ ‏على ‏نفسى ‏من‏ ‏خلاله‏: ‏القاهرة‏ ‏الجديدة‏، ‏فالسراب‏، ‏فخان‏ ‏الخليلى ‏ثم‏ ‏خذ‏ ‏عندك‏ … ‏حتى ‏تاريخه‏..!!‏ وتحسست‏ ‏مصر‏ ‏الحارة‏ ‏معه، ‏ممسكا‏ ‏بيده‏ ‏معظم‏ ‏الوقت، ‏لا‏ ‏أتبع‏ .. ‏ولا‏ ‏أفـْلـِت‏.‏ لست‏ ‏أدرى ‏لم‏َ ‏تصورتـه‏ ‏شيخا‏ ‏مليئا‏ ‏بالفتوة‏ ‏والحياة‏ ‏واليقظة‏ ‏وحب‏ ‏الاستطلاع، ‏يمسك‏ ‏عصا‏ ‏بيمينه‏ ‏يتحسس‏ ‏بها‏ ‏جدران‏ ‏بيوت‏ ‏الحارة‏ ‏وأسوارها‏ ‏المتهدمة، ‏الناقصة‏ ‏البناء، ‏ويتجنب‏ ‏بها‏ (‏بالعصا‏) ‏عثرات‏ ‏الأرصفة‏ ‏والحجارة، ‏ويمسكنى ‏بيده‏ ‏الأخرى ‏طفلا‏ ‏ناظرا‏ ‏يدّعى ‏البصر، ‏ثم‏ ‏لا‏ ‏الطفل‏ ‏يكف‏ ‏عن‏ ‏القفز‏ ‏والتلفت‏ ‏والتساؤل، ‏ولا‏ ‏الشيخ‏ ‏محفوظ‏ ‏يكف‏ ‏عن‏ ‏الشرح‏ ‏والإعادة‏.

قابلته‏ ‏فى ‏أوائل‏ ‏السبعينات‏ ‏مرة‏ ‏واحدة‏ ‏فى ‏الأهرام، ‏ووددت‏ ‏ألا‏ ‏تتكرر‏ ‏المقابلة، ‏مثلما‏ ‏أفعل‏ ‏عادة (للأسف)‏ ‏مع‏ ‏كل‏ ‏من‏ ‏أحب‏ ‏هذا‏ ‏الحب.

سألته‏ ‏فى ‏هذه‏ ‏المرة‏ ‏الواحدة‏ ‏عن‏ ‏خبرة‏ ‏عمر‏ ‏الحمزاوى ‏فى ‏الخلاء، ‏وعن‏ ‏التصوف‏ ‏حلاَّ لما آل إليه حال البشر، ‏وعن‏ ‏علاقته‏ ‏شخصيا‏ ‏بهذا‏ ‏وذاك، ‏فنبهنى ‏إلى ‏ما‏ ‏لا أنساه‏ ‏كلما‏ ‏شطحتُ‏ ‏ألما، ‏أو‏ ‏كدت‏ ‏أنسحب‏ ‏إنهاكا، ‏قال‏:‏

‏ “‏إن‏ ‏ما‏ ‏لا‏ ‏يصلح‏ ‏لكل‏ ‏الناس‏ ‏هو‏ ‏حل‏ ‏مضروب‏ ‏محدود‏ ‏فى ‏الواقع‏ ‏والتاريخ”‏.‏

‏ ‏اغتظت‏ ‏منه‏ ‏حتى ‏كدت‏ ‏أقتنع‏.‏

حاولت‏ ‏أن‏ ‏أتقمص‏ ‏سماحته‏ ‏فعجزت، ‏أن‏ ‏أستلهم‏ ‏صبره‏، ‏فتوقفت،

رفضت‏ ‏كل‏ ‏أغلفة‏ ‏قصصه، ‏وبعض‏ ‏سيناريوهاته‏، ‏وكثيرا‏ ‏من‏ ‏نصائحه، ‏ومبالغته‏ -‏أحيانا‏- ‏فى ‏الرمز‏ ‏العارى‏.‏

‏ ‏تحفظت‏ ‏على ‏نوع‏ ‏أصدقائه‏ ‏وبعض‏ ‏خصوصياته‏ ‏وقلة‏ ‏أسفاره‏ ‏وفرط‏ ‏إنتاجه‏ ‏ولون‏ ‏فرعونيته.

قبـِلـته‏ ‏لاعب‏ ‏كرة‏ ‏سابق‏- ‏بعد‏ ‏دهشة‏ ‏مناسبة‏- ‏كما‏ ‏قبلته‏ ‏وفديا‏ ‏قديما، ‏وإبن‏ ‏بلد، ‏وأنيس‏ ‏جليس، ‏وسياسيا‏ ‏ملتزما، ‏وحضاريا‏ ‏مستوعبا‏ ‏للتاريخ‏.‏

واكبتـه‏ ‏مبدعا مؤمنا‏ ‏متفردا، ‏وعارفا‏ ‏زاهدا، ‏وفحلا‏ ‏مقبلا‏ ‏وغير‏ ‏ذلك‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏تنبض‏ ‏به‏ ‏حياة‏ ‏صوّرتها‏ ‏لنفسى ‏دون‏ ‏أن‏ ‏أبحث‏ ‏فى ‏مصادرها، ‏أو‏ ‏أحاول‏ ‏التحقق‏ ‏من‏ ‏بعض‏ ‏صدقها‏.‏

حين‏ ‏أخذ‏ ‏نوبل‏ ‏بالنقط‏‏، ‏فرحت‏ ‏لنا‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏فرحت‏ ‏له، ‏وشكرتهُ‏ ‏أكثر‏ ‏مما‏ ‏هنـَّأته، ‏وشعرت‏ ‏أنه‏ ‏أضاف‏ ‏إليها‏ ‏تشريفا، ‏وفوَّت‏ ‏عليهم‏ ‏مناورة‏.‏

قـراءة:

لا أذكر‏ ‏أننى ‏قرأت‏ ‏عملا‏ ‏لنجيب‏ ‏محفوظ‏ (‏وربما‏ ‏لغيره‏) ‏دون‏ ‏حــوار‏ ‏يكاد‏ ‏يكون‏ ‏مسموعا، ‏حتى يصل‏ ‏أحيانا‏ ‏إلى ‏التماسك، ‏ولو‏ ‏أردت‏ ‏أن‏ ‏أكتب‏ ‏قراءتى ‏المنظمة‏ ‏له‏ ‏لاحتاج‏ ‏الأمر‏ ‏إلى ‏موسوعة‏ ‏كاملة‏ ‏مكونة‏ ‏من‏ ‏عدة‏ ‏كتب‏،

مقتطف من مقدمة الطبعة الثالثة 2017

صدرت الطبعة الأولى من هذا العمل عن “الهيئة العامة للكتاب” سنة 1992، ثم صدرت الطبعة الثانية، مع سلسلة منشورات “مكتبة الأسرة” سنة 2005 ، وعرفت عن صدورها بمحض الصدفة، فقد صدرت دون إخطارى أو استئذانى، وقلت لعل هذا متاح ضمنا طالما أن الناشر فى الحالين هو نفس الهيئة (العامة للكتاب)، وبالتالى فقد تم إعادة طبع نسخة مكتبة الأسرة الطبعة التى تعتبر الطبعة الثانية، دون تغيير حرف، اللهم إلا شكل الغلاف (للأسف)، وأحسب أننى لم أكن لأكتب مقدمة لتلك الطبعة مختلفة عن مقدمة الطبعة الأولى لو طُلِبَ منى ذلك.

هذه الطبعة الثالثة تصدر بعد ربع قرن من الطبعة الأولى (2017)، وبعد أن قرأت محفوظ أكثر وأعمق، وكتبت دراسات نقدية أكثر تنوعا عن أعمال أخرى له (3)، وأيضا بعد أن تعرفت عليه شخصيا لمدة ثمان سنوات متواصلة، سجلتها فى كتاب  إلكتروني بعنوان “فى شرف صحبة نجيب محفوظ” كان يصدر فى حلقات، كل خميس فى موقعى الخاص، (وذلك من تاريخ 31-12-2009 إلى 1-8-2013).

ثم توالى النشر إلكترونيا حين عايشت كراسات تدريباته لاستعادة القدرة على الكتابة بعد الحادث الأثيم، وكانت بمثابة تداعيات طليقة، يكتبها يوميا لم يقصد بها نشرا عاما، فراعيت ذلك، وأطلقت تداعياتى الشخصية على هذه التداعيات بشكل تلقائى مع الرجوع إلى بعض المصادر والمراجع اللازم الرجوع إليها فى محاولة التعرف على هذا الإنسان المبدع الرائع، فوصل إلىّ من هذه الفرصة ما زادنى معرفة به، وبطبيعة إبداعه، وأحيانا – نادرة – ببعض ملامح عملية الإبداع ذاتها وهو لم يقصد إلى ذلك قصدا فى تدريباته طبعا.

………

هذا بالإضافة إلى ما سبق أن نشرته مستقلا عن أصداء السيرة الذاتية (4)، بعنوان “أصداء الأصداء”، وعن قراءات وتقاسيم على أحلام فترة النقاهة بعنوان: “عن طبيعة الحلم والإبداع، دراسة نقدية فى “أحلام فترة النقاهة” لنجيب محفوظ (5)، وآمل أن أواصل بعد ذلك أجزاء تالية ضرورية إذا ما أتاح العمر،  وسمح الوقت، وتمكنت الأداة.

‏………….

أنا أبداً لم أكن من مريديه الأقرب قبل الحادث، حين جاءت هذه الفرصة الصعبة المتحدية بعد الحادث، وجدتُ لى قرب نهاية عمرى أبا جديدا، جديرا بأبوة مختلفة، وأنا الذى عشت طول عمرى فى رحاب أبٍ حانٍ قادر، فإن لم أجده شَّكلته تشكيلا، لكن يبدو أن هذا الوالد كان مسك الختام، فهو لم يحتجْ منى إلا أن أتلقى أبوته التى وجدت فيها شفاء للناس، وأنا منهم، فانتفت منذ البداية شبهة أننى قريب منه بصفتى طبيبا نفسيا، ورحت أكرر هذا النفى كلما أتيحت الفرصة، برغم إلحاح هذا التفسير غير الذكى، بل إن ما حدث فعلا هو عكس ما شاع، فهو الذى عالجنى كما سجلت ذلك فى قصيدة خرجت منى فى عيد ميلاده الثانى والتسعين وقد نشرت فى الأهرام بتاريخ: 15/12/2003 ” بعنوان “صالحتنى ‏شيخى ‏على ‏نفسى‏”، جاء فيها :

‏… ‏زعموا‏ ‏بأنى ‏قادر‏ ‏أشفى ‏النفوس‏ ‏بما‏ ‏تيسر‏ ‏من‏ ‏علومٍ ‏أو‏ ‏كلامٍ ‏أو‏ ‏صناعهْ

عفوا‏، ‏ومن‏ ‏ذا‏ ‏يشفى ‏نفسى ‏حين‏ ‏تختلط‏ ‏الرؤي‏، ‏أو‏ ‏يحتوينى ‏ذلك‏ ‏الحزن‏ ‏الصديق‏ ‏فلا‏ ‏أطيق؟

حتى ‏لقيتـُـك‏ ‏سيدي‏، ‏فوضعتُ‏ ‏طفلى ‏فى ‏رحابك‏.

طفل‏ ‏عنيدْ‏. ‏مازال‏ ‏يـُدهش‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏من‏ ‏جديدْ‏.‏

صالحتـَنى ‏شيخى ‏على ‏نفسىَ ‏حتى ‏صرتُ‏ ‏أقرب‏ ‏ما‏ ‏أكون‏ ‏إليهِ ‏فينـا‏،‏

صالحتـنى ‏شيخى ‏على ‏ناسِى، ‏وكنت‏ ‏أشك‏ ‏فى ‏بــله‏ ‏الجماعة‏ ‏يُخدعون‏ ‏لغير‏ ‏ما‏هْمْ.‏

‏ ‏صالحتـنى ‏شيخى ‏على ‏حريتى‏، ‏فجزعت‏ ‏أكثر‏ ‏أن‏ ‏أضيع‏ ‏بظل‏ ‏غيرى‏.‏

………الخ

فى عيد ميلاد سابق كتبتُ مقالا أصف فيه كيف أنه يبدعنا نحن المحيطين به إذْ نلقاه ونتحوطه، فيتحرك وعينا بفضل سماحه وصبره وما يثيره فينا بتلقائية نادرة المثال قلت فى هذا المقال الذى نشر فى الأهرام بعنوان: “إبداع حى <==> حى” بتاريخ 30/1/2002

‏”رحت‏ ‏أتابعه‏ ‏وهو‏ ‏يروّض‏ ‏الـقدَر‏ ‏بفعلٍ‏ ‏هادئ‏ٍ ‏طيبٍ‏ ‏صبور‏، ‏ساعة‏ ‏بعد‏ ‏ساعة‏، ‏يوما‏ ‏بعد‏ ‏يوم‏، ‏جلسة‏ ‏بعد‏ ‏صحبة‏، ‏حديثا‏ ‏بعد‏ ‏نكتة‏، ‏فعاينته‏ ‏وعايشته‏ ‏وهو‏ ‏يبنى ‏معمارا‏ ‏جديدا‏ ‏من البشر، وهو‏ ‏ما‏ ‏أسميته‏: ‏الإبداع‏ ‏حى<==>‏حى (‏استعارة‏ ‏من‏ ‏التعبير‏ ‏صواريخ‏ ‏جو <==> ‏جو‏)، ‏أعنى ‏الإبداع‏ ‏الذى ‏يصل‏ ‏مباشرة‏ ‏من‏ ‏وعى ‏يتخلق‏ ‏إلى ‏وعى ‏يتشكل‏، ‏دون‏ ‏حاجة‏ ‏لأن‏ ‏يصاغ‏ ‏فى ‏رموز‏ ‏خارج‏ ‏ذات‏ ‏صاحبها”‏.

وبعد

أكتفى بهذا القدر اليوم لنبدأ الاقتطاف غدا من هذا النهر الجارى بما يؤكد تعدد مناهل المعرفة للتعرف على “النص البشرى” الذى “نعالجه” (أقصد نقوم بنقده مع نقد نصوصنا البشرية معه).

[1] – “دراسة فى علم السيكوباثولوجى” 1979 دار عطوة – القاهرة

[2] –  سنة واحدة قبل التوجيهية = الثانوية العامة الآن.

[3] – أنظر الكتاب الثانى:”دراسات نقدية أحدث”الطبعة الأولى : تحت الطبع أيضا

[4]- يحيى الرخاوى: “أصداء الأصداء”  تقاسيم على أصداء السيرة الذاتية (نجيب محفوظ) المجلس الأعلى للثقافة 2006.

[5] – يحيى الرخاوى: “عن طبيعة الحلم والإبداع دراسة نقدية فى “أحلام فترة النقاهة” لنجيب محفوظ، دار الشروق، الطبعة الأولى 2011، الطبعة الثانية 2015 

النشرة التالية 1النشرة السابقة 1

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *