يصدر العدد الأول من هذه المجلة دون إعلانات إطلاقا, وذلك بفضل التعهد الكريم الذى قدمته مستشفى دار المقطم للصحة النفسية ممثلة فى مديرها الدكتور رفعت محفوظ بأن يقوم بمصاريف إصدار هذه المجلة بالكامل.
وإذ أعفانا هذا الموقف مما لا نحب أن نضطر إليه من استجداء خفي, أو نشر مالا نعتقد فى قيمته نعلن أن هذا الموقف ليس حلا حقيقيا ولا مضمونا, فمن أدرانا أن المستشفى المذكور ستستمر فى إعانتنا؟ بل من أدرانا أنها ستستطيع أن تجد ما تعيننا به بانتظام؟
إننا نشارك العالم هذه الأزمة التى ليس لها حل قريب, فالنشر بالأسعار الحالية للدوريات خاصة, لابد وأن يكون تحت رحمة الحكومة أو رأس المال, ويستحيل على أيهما أن يخلص فى المعونة إلا ليخدم أغراضه هو, التى قد تكون لصالح الانسان وتطوره أو لا تكون.
ونحن لا ندعى موقفا مثاليا مضحكا بأن هناك ما يميزنا عن غيرنا, ولكنا نتمنى من ذكاء من يمد لنا يده أن يعرف أن فى المشاركة فى الهدف بين رسالتنا وجهده قد تعنى له فى المدى الطويل مكسبا أكبر, وحياة أعمق, وفاعلية أشمل .. ومصراص شامخة.
ولابد وأن نقدم لأصحاب هذه اليد شكرا متواضعا, إذ أعفونا من أن ننشر على صفحاتنا دعوة للنكهة هى الضياع ذاته, أو ترويحا لحبوب السعادة فى حين أن غاية موقفنا أن نتعرف على ماهية السعادة, وبديلا عن ذلك نحن نبدى استعدادنا لتعريف الناس بما نقتنع بأنه مفيد مثل كتاب (غير معروف) أو وسيلة علاجية – عقار أو خلافه – ذات فاعلية نؤمن بها.
وسوف نبدأ من العدد القادم بالتعريف بالكتب التى نشرتها دار المقطم للصحة النفسية, وجمعيتنا, وبكل ما نقتنع بفائدته مما يصل إلينا من كتب فى اتجاه رسالتنا, وذلك بالمجان, وسنسمى هذا الباب ‘تعريف” وليس ‘إعلانا” أما بالنسبة لاعلانات العقاقير النفسية, فقد يفهم موقفنا بعض القائمين عليها ويقتنعون به فيقبلون أن نضع الاعلان عن منتجاتهم فى حدود عرض خبرة كلينيكية محددة فى مقال إعلامى مسئول مدفوع القيمة, لابد وأن يخضع لما أخضعنا أنفسنا له والتزمنا به, وهو خدمة فكرة التطور.
أما إذا تهددنا بالتوقف لا قدر الله, فقد تتراجع عن هذا الموقف معتذرين.. محترمين الواقع فى كل حين.. غير متنازلين عن ثقتنا فى حل قادم لا تعرفه مرحلتنا هذه.. لكنه قادم لا محالة.