نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 17-11-2016
السنة العاشرة
العدد: 3366
منتدى النقد:
فى رحاب نجيب محفوظ
مقدمة واستئذان
بعد أن توقفت عن التداعى على تداعيات شيخى، وبعد أن بدأت فى عرض بعض ما كتبته فى نقد أعماله، سواء ما سبق نشره كما هو، أو ما قمت بتحديثه بما جــدّ لى، وجـدَّ علىّ، وبعد أن دخلت عامي الرابع والثمانين منذ أيام، رحت أجمع أوراقى المتناثرة، وأحسب احتمالات أيامى المتبقية، فوجدت أكواما من الأوراق والوثائق والمحاولات لا تسمح لى بأى تأجيل، فقلت أستأذنه من جديد أن أخصص الخميس للنقد عامة بدءا بعرض جهدي النقدى فى أعماله التى لم تنشر بعد تحديثها أو نقدها (ما أمكن ذلك)، وقد أذن لى، وهأنذا أشكره وأطلب منه أن يدعو لى أن أكمل ما كان يوصينى به وينتظره منى.
وقد بدأت فعلا فى الأسابيع الماضية بعض ذلك، وقد وجدت أننى فى نقدى لنقدى رواية الشحاذ قد أشرت إلى رغبتى فى مقارنتها بــ”مالك الحزين” إبراهيم أصلان، كما وجدت الآن وأنا أراجع بعض أوراقى عن رواية السراب أننى أشرت إلى نيتى، بل بداياتى، فى مقارنتها برواية “إسم آخر للظل” لحسنى حسن، ولكننى لم أجد أننى قمت منذ هذا التلويح بأى جهد منظم فى هذا الاتجاه، فتصورت أن الفرصة التى أتاحها لى التوقف عن التمادى فى التداعيات قد تسمح بذلك.
واليوم أكتفى بأن أنشر هذا الهامش البداية، وهو هامش شخصى بدرجة زائدة، لكننى لم أستطع أن أقاوم نفسى أن أجعله مقدمة لهذه النقلة الجديدة:
حكايتى مع “السراب”
بعد أن كتبت نقدى لنقد رواية السراب، وهو الذى نشر أغلبه فى مجلة “فصول” العدد الاول سنة 1984 وأعدت نشره هنا فى نشرة الخميس الماضى، رحت أقلب فى أوراقى ثم فى حاسوبى بعد أن لفتت نظرى كلمة بدأت بها نقد السراب لتقديمه فى ندوة لجميعة الطب النفسى التطورى سنة 1997، كلمة تشير إلى بداية علاقتى فى قراءة محفوظ، وبالذات مع السراب، إذ عثرت مصادفة على ملاحظة شاب منبهر وهو بعد فى السابعه عشر من إبداع كاتب مهم اسمه نجيب محفوظ، كان ذلك سنة 1950 قررت أن أقاوم حرجى وأثتبها كالتالى:
أولا: فى أجندة لم تبل أوراقها لدرجة سمحتْ لى بالقراءة: وجدت أننى وأنا فى السنة التوجيهية فى مدرسة مصر الجديدة الثانوية (خامسة علمى) قد استجبت لتوصية صديقى حسن قنديل وهو فى نفس السنة فى القسم الأدبى بأن أقرأ لكاتب يستاهل: اسمه نجيب محفوظ، وأهدانى حسن روايتين حديثتين لهذا الكاتب هما “القاهرة الجديدة” و”السراب”، وقرأتهما فوصل إلىّ ما وصله وأكثر، وظللت أعترف بهذا الفضل لصديقى هذا حتى رحل وهو سفيرنا فى السويد منذ سنوات.
وجدت أننى كتبت وأنا فى هذه السن مقتطفا من “القاهرة الجديدة” ذلك الحوار الذى دار فى أول الرواية بين “على طه” و”أحمد بدير” أساسا مع تعليق محجوب عبد الدايم المتكرر على الاثنين أنه “طز” “طز” ويبدو أن المقتطف وافق ما كان يشغلنى شابا يمر بحيرة معظم شباب هذا العصر فى هذه السن ، كان المقتطف الذى أثبتـٌّه كالتالى:
“……التفت مأمون رضوان إلى على طه وقال وجل همه أن يذكر رأيه لا أن يجذب أحد إلى عقيدته:
– الله فى السماء، والإسلام على الأرض هاكم مبادئى
فابتسم على طه وقال بدوره:
– لشد ما يدهشنى أن يؤمن انسان مثلك بالأساطير
فقهقه محجوب قائلا
– طز
(انتهى المقتطف، دون أن يلحقه أى تعقيب للشاب صاحب الأجندة)
كما وجدت فى نفس الأجندة كلمة عن “السراب” أكثر اختصارا، وأكثر انبهارا، وأقل دلالة، دونأى مقتطف من الرواية، وجدتنى قد كتبت فى نفس السنة يوم 10 مارس سنة 1950..ما يلى:
“…يالك من عبقرى يا نجيب يا محفوظ، أشكرك وأشكرك وأشكرك، لقد عالجت موضوعا جبارا، لقد تكلمت فأبدعت، …. فاحسنت وأحسنت وأحسنت”.
ولم أزد على ذلك، ولم يقتطف الشاب ما يشير إلى ما بهره هكذا
ثانيا: ثم أتيحت لى فرصة الرجوع إلى “السراب” لأناقشها من جديد فى الندوة المشار إليها سنة 1997، وقد مر على كتابتها خمسون عاما (أول طبعة 1948)، فأضفت إلى رأيى فى نقد عز الدين اسماعيل هوامش مستقلة عن الرواية مباشرة تستحق التسجيل لم أحاول أن أنشرها واكتفيت بتسجيلها فى حاسوبى وعلى صفحات الرواية أثناء الإعداد للندوة.
وهذا ما سوف أنشر بعضه فى الأسبوع القادم