نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 25-9-2016
السنة العاشرة
العدد: 3313
الطبنفسى الإيقاعحيوى (103)
Biorhythmic Psychiatry
مازالنا فى المقابلة الإكلينيكية (36)
التعرف على الفطرة من:
حركية التطور إلى إبداع الإيمان (3)
مقدمة:
إشارة إلى ما تم نشرة أمس، ومع تكرار التأكيد أن ما نقدمه ليس تفسيرا علميا للنص الإلهى، خطر لى أن أبدأ باعتراف مؤلم أن العلم الذى أقدمه لأؤكد من خلاله جوهرية العلاقة بين هذا الطب والعلاج ونتائجه، ليس علماً بالتعريف التقليدى، وهو مشجوب من كل المؤسسات العلمية السلطوية والتقليدية، كما أنه مرفوض من كل السلطات الدينية المؤسسية فى نفس الوقت، كما احتاج أن أذكـّر من يهمه الأمر أن الطب نفسه ليس علما أصلا، لكنه يَسْتَعْمِلُ العلم، فهو حرفة فنية عملية نقدية تستعمل المتاح من كل المعارف من علوم ونظريات وفروض تساعد فى تحقيق مهمتها فى الإسهام فى تصحيح مسار الفطرة البشرية التى حادت عن طبيعتها كما خلقها الله به وما جعلها الله له (وبعض ذلك ما يسمى “المرض النفسى”).
أما اضطرارى لاستعمال لغة الدين والتدين والإيمان فى هذا المقام فهو من باب الأمانة التى حمـَّلتنى إياها مصادرى، ومعايشتى لدينى، واجتهادي إليه، وما علمنى إياه مرضاىَ، فى عمق ثقافتنا الخاصة طول الوقت.
وبعد
قدّرنا فى نهاية نشرة أمس من بين ما اجتهدنا فيه أن: “الإيمان”، هو الإسهام البشرى لمواصلة حركية وتوازن إبداع كل ذلك، وكان المقصود بكل ذلك هو: حمل أمانة القوانين والبرامج البقائية والحياتية والإبداعية الأصيلة كما خلقها ونظـَّمها وأبقاها رب العالمين، منذ بدء الحياة حتى تركيزه مجتمعا فى “هنا والآن” معا إليه.
وأضيف اليوم:
إن كل ذلك موجود بدرجات مختلفة فى ذرّات الجبال، وأوراق الشجر، وحبات الرمل، وماء السحب، وكل ما بين السماوات والأرض.
وهو موجود فى حركية وعى كل الأحياء التى استطاعت أن تبقى بفضل نجاحها فى حمل أمانة قوانين البقاء كما خلقها خالقها الذى خلقها هو وقوانيها.وهو موجود فى وعى الأطفال منذ الولادة حتى يصل إلى وعيهم السليم أو يُحرموا منه بفعل فاعل ثم قد يعتريهم ما يؤدى إلى التشوية أو الإعاقة أو الانحراف الذى يسمى بعضه “مرضا”.
والإيمان كما هو موجود فى المادة وابتداء منذ الولادة، هو موجود أوضح نسبيا فى وعى “إيمان العجائز” حين تنشط الطفولة فيهم إلى مطلق الطبيعة دون نكوص.
وهو موجود فى بؤرة وعى جماعة دائرة العلاج الجمعى إذْ يعمل على استعادة التوازن
وهو موجود فى تشكيلات ونشاط التسبيح من كل ما، ومن، بين السماوات والأرض بمختلف اللغات.
وهو مواكب فى الإيقاع الحيوى الصلاتى عند المسلمين
فى اتساق نابض راتب مع إيقاع الكون إليه،
وهو موجود فى أى دين وأى عبادة تستلهم الاصل ، وتحمل الأمانة وتواصل الكدح إليه،
وكما حملت أمانة الاستشهاد بالوعى الشعبى من ثقافتنا الخاصة، وتكرارهم “أن الله هو الشافى”، وجدت أنه من المناسب جدا حتى الوجوب: الاعتراف بجميل الأصل: “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ* وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِين” (ليس فقط فى الآخرة) ِ فغامرت بالاستشهاد أيضا بما وصلنى من كتاب الله الذى أتعامل معه باعتباره وعيا خالصا(1) حاضرا يتنزل على وعيى كلما كنت أهلا لذك، أفعل ذلك بكل حذر، خشية أن أقع فيما أنهى عنه، فكتاب الله لا يحتاج دعما من خارجه، وفى نفس الوقت هو لا يبخل على من يصدق استلهام رسائله:
وفيما يلى بعض ذلك مع التأكيد – مكررا – على أننى واثق أن هناك ما يقابل ذلك فى كل دين صحيح لم ينفصل عن أصله بفعل فاعل.
فأبدأ اليوم بعرض ما حضرنى من حركية الإيقاع الحيوى فى كتاب الله الكريم، وأرجوا أن نلاحظ معا كيف جاءت حركية الإيقاع الحيوى تكاد تمثل كل أنواع التشكيل والجدل المحتملة، وأعود فأؤكد على لفظ “حركية” طول الوقت حتى فيما نحسب أنه جماد لا حراك فيه، وإليكم بعض ذلك على التوالى:
التداخل الملاحِق،
والإيلاج ،
والجرى،
والتكوير المتبادل،
والغمْر،
والامتداد،
والتجلى والتكوير مرة أخرى،
والتغليب،
والإنسلاخ،
والجرى،
وتقدير مسار المنازل،
والتسجية (من: الليل إذا سجى)
والسريان
ثم دورات إعادة البعث فى إيقاع النوم واليقظة (وغيرهما)
“يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاًوَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ”.(آية 54 الأعراف) | “أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”. (آية 29 لقمان) |
“…… يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُالنَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى ..” (آية 5 الزمر) | “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى”(آية 1 الليل) |
“أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً”(آية 45 الفرقان) | “وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا* وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا “(آية 1 ، 2 ، 3 الشمس) |
“إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ“ (آية 1 التكوير) | “تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ” (آية 27 أل عمران) |
“يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَار،َ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ”(آية 44 النور) | “وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ “ (آية 37 يس) |
“وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ “.(آية 38 يس)وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (آية 39 يس) | “لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ “(آية40يس) |
“وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ “(آية33 المدثر) | “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا “(آية 4 الشمس) |
“وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى “آية 2 الضحى) | “وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ“ (آية 4 الفجر) |
“وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ (2) وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ …” ( آية 60 الأنعام) |
وبعد :
هل هناك حركة أنشط من ذلك؟
هل هناك إيقاعحيوى أوضح من ذلك؟
وهل هناك فضل أكرم من ذلك؟
أما علاقة التسبيح بالايقاع الحيوى: فقد رأيت أن أخص بها نشرة الغد، برغم أنه قد سبق تناول الموضوع فى نشرات سابقة 23-2-2016.
[1] – نشرة بعنوان: “كشف الفطرة من: حركية التطور إلى إبداع الإيمان”، بتاريخ: 19-9-2016
[2] – أكرر دائما الاستشهاد بدعاء النوم ودعاء الاستيقاظ، لكننى فضلت أن أجعله فى الهامش، وهو يرتبط بكل ماورد هنا:
دعاء النوم: باسمك ربى وضعت جنبى وبك أرفعه، الله إن قبضت روحى فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها.
دعاء الاستيقاظ: الحمد لله الذى أحيانى بعد ما أماتنى وإليه النشور.