اليوم السابع
الخميس 9-1-2014
الاستفتاء: بين فلسفة العلم وفلسفة الفقه
كما أن هناك فرق بين القانون وفلسفة القانون، وكما أن هناك فرق بين علم العقاب وقانون العقوبات، وكما أن هناك فرق بين العلم وفلسفة العلم فإنّ هناك فرق بين الفقة “وفلسفة الفقة”، وهذه التسمية ليست من عندى، وهى قد تفاجىء أولئك الذين يعيشون التصادم التاريخى بين الإمام أبى حامد الغزالى وابن رشد فى كتابيهما “تهافت الفلاسفة” ثم “تهافت التهافت” وكذلك أولئك الذين لا يزالون يرددون القول الجارى: “من تمنطق فقد تزندق”، وكل ذلك إن دل تواتره على ألسنة العامة وبعض المتعجلين والمتجمدين فإنه يدل على توقفنا عن التطور والتطور والاجتهاد.
فلسفة الفقة علم حديث، متفرع من الحقل العلمى المسمى فلسفة العلوم، وهو الحقل الذى يهتم بتفسير الظواهر الكامنة وراء كلمة العلم.
يا ترى: كم من المسلمون الجادون قرأ فى هذا العلم الحديث ضمن العلوم الأحدث؟
ويا ترى: كم من الذين يتصدون للفتوى بغير هدى ولا دليل غاص فيه، واحترم واستلهم قواعده، فأبدع وأضاف بما ينفع الناس ويمكث فى الأرض؟
ويا ترى: كم بابا يمكن أن يفتح، وكم شمسا يمكن أن تطلع لو أننا واكبنا عطاءه وثراءه.
أنا لم أتابع تفاصيل إضافات المرحوم الدكتور نصر أبو زيد، لكننى أزعم أنه كان ينتمى إلى الخطوط العامة للتوجه الأكثر ثورية فى هذا العلم الحديث، تقول المراجع المحايدة: إن “فلسفة الفقه”علم جديد برز مؤخرا على الساحة العلمية بقوة، وهو متفرع من الحقل العلمى المسمى بـ “فلسفة العلوم” إذ يهتم هذا الحقل بتفسير الظواهر الكامنة، وراء العلم، تشكيله وتكامله، مبادئه وتطور مسائله، وسر الابداع أو التقليديه فيه، “فلسفة الفقه” تعنى: مجموعة من التأملات الفلسفية المتوجهة إلى علم الفقه ومبادئه التى يتشكل منها، ولأن علم “فلسفة الفقه” يندرج تحت الحقل العلمى العام فى “فلسفة العلوم” كان من الطبيعى أن يتحرر من قيود ونتائج الفقه الموروثه. نعم، هو يحاول تحليل تلك النتائج باحترام لائق ضمن دراسته للمبادئ السابقة الذكر، ثم هو يواكب التغيرات المثرية للحياة من حيث أنه يعتبر أن للتاريخ كياناً خاصاً، وقوامه بأن نستوعب مراحله واحدة تلو الأخرى، وهذه المراحل تشكل كلها أمراً واحداً نسميه التاريخ، وهو من المبادئ المهمة جداً لهذا العلم، ففى التاريخ حلقات ومراحل، وعندما تمر فكرة ما بهذه المراحل، فسوف تتطور، حيث تجد فى كل مرحلة تأريخية وضعاً خاصاً لها، فقد تتطور وتضعف
وبعد
كررت مرارا وأنا استحث نفسى والناس أن أواصل العمل دون يأس وكأنى مسئول عن إصلاح ما جرى لبلدى طول الوقت، ولو وحدى حتى لو تقاعس التسعون مليونا، ثم يتمادى بى الشطح لأتصور أننى مسئول عن إصلاح “مسار العالم أجمع فردا عاديا عبدا فقيرا إلى رحمة ربنا وعونه، لا نبيا ولا المهدى المنتظر كما تتجلى مثل هذه الطموحات عند بعض مرضاى وهم يبتعدون عن الواقع من فرط بشاعته، وآلامهم، كتبت يوما لأحد تلاميذى الذى أرهقته آلامى، وإصرارى على قبول التحدى، حتى وحدى: كتبت إليه أقول: “لا ليس دينا يا بنىّ ولا مسيلمة الجديد”، ثم كررت فى معظم كتاباتى كيف أننا سنسأل فردا فردا عن الحفاظ على الحياة البشرية “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” وأن الله نبه البشر أنهم “وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً “
وبعد
خطر لى كل ذلك وأنا أتذكر قاعدة فقهية لها علاقة بمسئولية حمل الأمانة فى هذا اليوم المسمى الاستفتاء على الدستور وتساءلت: ياترى هل الذهاب للإدلاء بصوتى مشاركة لناسى فى هذا اليوم، هل ذهابى هنا هو “فرض عين” مفروض على كل واحد بغض النظر عن قيام الآخرين به؟ أم أنه فرض كفاية إن قام به بعضنا؟ بغض النظر عن ما إذا كان رأيى هو “نعم” أو “لا”.
وهذا هو حديثنا غدًا.