نشرت فى الدستور
9-5-2007
..أنت معنا أم مع الحكومة؟!!!
(1)
قالت البنت لأبيها: متى يتوقفون عن الكذب هكذا؟ قال الأب: من هم؟ قالت: كلهم، قال: كل من؟! متى تتوقفين أنت عن اعتبارى ولى أمرهم وأنه علىّ أن أفسر تصرفاتهم؟ قالت: ولىّ أمر من؟ قال: ولى أمر الذين تسألينى عن كذبهم، قالت: ألستَ أبى؟ أسأل مَنْ إن لم أسألك؟ قال إسأليهم هم، قالت: من هم؟ قال: كلهم، قالت: فأنت تعرفهم، قال: أعرف من؟
قالت: عن إذنك ، أنا ذاهبة لأرقص فى حجرتى، ثم أصلى العشاء، وأنام . قال الرجل: لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
(2)
قالت البنت لأخيها: لماذا يستهينون بعقولنا هكذا؟ قال أخوها: تقصدين من؟ قالت: كلهم. قال: إسمعى، أنا لست أبى، مَنْ تقصدين؟ قالت: خذ مثلا: مدرسى الدين والتاريخ، قال: هم يدرسون ما طلب منهم تدريسه، فأين الاستهانة؟ قالت: إنهم يستهينون بعقولهم قبل عقولنا ، قال: يخيل إلى أنهم يقبضون رواتبهم مقابل أن يتركوا عقولهم بالمنزل قبل أن يحضروا إلينا، قالت: وهل يجدونها حين عودتهم، قال: أظن أنهم ينسون أين خبّأوها حتى ضمرت من عدم الاستعمال، قالت: فلماذا نصدقهم؟ قال: حتى هم لا يصدقون أننا نصدقهم، قال: بل وربما لا يريدون منا أن نصدقهم.
(3)
قال الشاب لأخته: لقد ألفت حلما هذه الليلة، قالت: ألفته أم حلمته؟ قال: لست متأكدا، أصلى سمعت مؤخرا، أو ربما قرأت، أننا نؤلف أحلامنا ونحن نستيقظ، قالت: حلوة هذه، نؤلف أحلامنا بدلا من أن نشارك فى تاليف أحداث يقظتنا، قال: ألا تريدين أن أحكيه لك، قالت: لا. قال: لماذ؟ قالت: لأنك ستحكيه سواء أردت أم لم أرد. قال: يا دمك: “رأيتنى يوم الحساب، وثم شيخ جليل يرتعد خوفا وأسفا وهو يقول: أنا مالى، هم الذين صدّقونى واتبعوا كلامى”، قالت قديمة: لقد قلتَ لى مثل ذلك من قبل، قال: إنتظرى، قالت: انا أكمله لك: لقد حاولتَ أن تُرجع الساعة لتتبرأ منه كما تبرأ منك، فلم يُستجَب لك، كان الأوان قد فات، أليس كذلك؟ قال: إيش عرفك، قالت: ربنا فى الآية الكريمة.
(4)
قالت البنت لأخيها: هل يا ترى “هم” يستمعون مثلنا للألحان التى تعزفها الطبيعة فتقربنا إلى الله؟ قال: لا أظن، لو كانوا يفعلون لتوقفوا عن الصياح هكذا ليل نهار، حتى لا يختل اللحن. قالت: الله يهديهم، قال: ويهدينا، قالت: أنا خائفة، قال: وأنا كذلك.
(5)
قال الشاب: هل أنت يا أمى معنا أم مع الحكومة؟ قالت من أنتم ومن الحكومة؟ قال: “نحن؟ نحن: أنا وأختى وكل الناس، قالت: ومَن الحكومة: قال: الحزب الوطنى، وشيخ الأزهر، والمفتى، والبابا، ورجال الأعمال، قالت: وهل فصلوا الحكومة عن الناس؟ قال: هى التى فصلت نفسها. حتى فضائيات التخويف والترهيب هى مع الحكومة دون الناس، قالت: هل عملوا تليفزيونات للترهيب غير تليفزيونات الإرهاب، قال: أنت يا أمى دمك شربات، ماذا طبخت لنا اليوم؟ قالت: محشى ورق عنب، قال: وهل يصل لمزازة محشى المرحومة جدتى؟ قالت: .. وسوف يفوق محشى جدتك. قال: ربنا يخليكى يا أمى، لكنك لمْ تقولى لى: أنتِ معنا أم مع الحكومة؟ قالت”: مع الحكومة!!! قال: يصحيح؟؟!! قالت: وهل تفرق؟ قال: أبدا، فهم لا يحتاجوننا أصلا.
(6)
قال الشاب لأخته: هذا الرجل الشاب، ما ذنبه؟ يبدو لى أنهم سرقوا منه شبابه دون أن يدرى؟ لقد كنت أحبه. قالت: وأنا والله، ربنا يتمم بخير ويعوض عليه، ويسعده بعروسه. قال: يعوض عليه أم علينا؟ أخشى أن يكون والده هو الذى ورّطه هكذا، تحت زعم مصلحة الوطن، قالت: مصلحة الوطن أم “الوطنى”؟ قال: مصلحة الناس، قالت: وهل الحزب الوطنى هو الناس؟ هم مندوبوا الحكومة لابسين أقنعة الناس، أتصور أنهم يخدعونه طول الوقت وهم ويقدمونهم له على أنهم الناس
قال الشاب بعد صمت: هل من المستحيل أن يكون هذا الرجل الشاب معنا لا مع الحكومة؟ قالت: لا أظن، فهو يبدو مستغرقا فى دوره لشوشته، قال: أنا أرجح أن والدته هى التى ورطته، أى أم لا ترجو شيئا قدر سعادة ابنها، قالت: ربما تتصور أن سعادته هى فى استلام العهدة كما هى سترا وغطاء، قال: أية عهده؟، هل أصبحنا عهدة نجهز للاستلام والتسليم؟ قالت: ولكن قل لى: مالذى يضطره لسماع كلامهما؟ قال: لست أدرى، أحيانا لا أستبعد أن يكون داخل داخله معنا لا مع الحكومة. قالت : لكنه لا يعرفنا أصلا، فكيف يكون معنا؟ قال: ولا هو حتى يعرف الحكومة.
قالت : ربنا يستر.
قال: نحن وشطارتنا