نشرت فى الدستور
11-7-2007
“بيت الطاعة” (2)
(1)
قالت البنت لأخيها: لكننى ما زلت أحبه، قال: أنا أخجل أن أسمع اختى تقول ذلك بعد ما حدث، قالت: ماذا بيدى؟ أقوله لمن إن لم أقله لك؟ أنا نفسى أعترض على مشاعرى هذه التى تغمرنى رغما عنى، أمسح بكرامتى الأرض غصبا عنى، أنا لست مسئولة، قال: أهكذا ؟ لم أعد أطيق سماعك. من المسئول إذن؟ قالت: الحكومة، قال: ملعون أبو الحكومة، لا أنت تعرفين الحب، ولا الحكومة تعرف الكرامة؟ قالت: لكننى ما زلت أحبه، قال: ألا تخافين أن أقتلك؟ قالت: ياليت.
(2)
قال الشاب لضابط البوليس: أنا قتلت طفلة غبية وأريد أن أسلم نفسى، قال الضابط: إنتظر حتى أفرغ مما بيدى، قال الشاب: وهل ما بيدك أهم من القبض على قاتل بريئة غبية دفعت حياتها ثمنا لتفريطها فى كرامتها، كرامتنا؟ قال الضابط: أنا أدرى بالأهم، إنتظر يا “قاااتل” !!، قال الشاب: تحسبنى مجنونا؟ فلتصدر أمرك بالقبض علىّ، ثم تؤجل استكمال ما بيدك، ألا تخشى أن أهرب بعد اعترافى هذا؟ قال الضابط: ياليتك تفعلها وتريحنا، قال الشاب: أنت مسئول عن جثة طفلة ملقاة على الرصيف فى شارع القهر الأعظم بمصر الجديدة، قال الضابط : هل رأيت كيف تخلط؟ !! قال الشاب: أقصد مصر الحديثة، قال الضابط: لو سمحت!!. قال الشاب: ألا تخشى أن أتمادى فى القتل، حتى أَصِل إلى المسئول الحقيقى، قال الضابط: إعقل يا إبنى، الطيب أحسن، وهل يوجد مسئول حقيقى عن أى شىء حقيقى، قال الشاب: مرة أخرى، أحمّلك مسئولية ما قد يحدث للحكومة!! قال الضابط: مائة فى المائة.
(3)
قالت البنت لأخيها: هل أقسام البوليس هى المكان المناسب لمثل هذا الهزل؟ قال: بصراحة، أنا لم أفهم موقف الضابط، ولا أعرف ماذا كان سيفعل لو ذكرت له اسم القتيلة، وأنها شقيقتى، قالت: كان سيستدعينى لاستكمال المحضر!! قال: أنا لا أمزح، أنا حكيت لك كيف أن القتل حدث فعلا، قالت: إعمل معروفا خلّ أحلامك بيننا. قال: ألم نتفق على أنه لا فرق بين الحلم والعلم؟ قالت: نحن لم نتفق على شىء، وليس معنى أننى آخذك على قدر عقلك، أن تشرك البوليس فى تخريفك؟ قال: أليس القتل جريمة؟ والجرائم من اختصاص البوليس، وإلا فما اختصاصُهْ؟ قالت: أنت تتكلم عن القتل كأنك تقتل بيذقا فى لوحة شطرنج، قال: أنت لا تعرفين مابى، لأول مرة أدرك ما وراء انضمام شاب مثلى للجماعات.
(4)
قال الشاب لأخته : لكن الشئ لزوم الشئ، قالت: أليس هذا هو الإرهاب العاجز: نتنازل، ثم نتبلد، ثم نيأس، ثم نبرر، ثم نقتل من نعرف ومن لا نعرف. قال: أحسن من أن نسلم أنفسنا لحكم الطاعة، فلا يتسلمنا أحد، قالت: أنا لم أفعل إلا ما يفعله كل الناس، شعبنا كله فى “بيت الطاعة”، ما الجديد؟ قال: فلماذا إذن لا تتسلمنا الحكومة؟ قالت: كما لم يتسلمنى خطيبى/زوجى، قال:آه !! لقد نسيت، فكيف تريدننى بعد ذلك ألا أقتل؟ هل عندك سبيل آخر؟ قالت: بعد أن لملمت نفسى، ولعقت جروحى، أفقت وتفتحت أمامى طرق أخرى ، قال: غير كتابة المقالات، وتبادل النكات، وإرسال الميلات، والتبرير بالمؤامرات، أليس هذا هو غاية ما يفعله ناسنا طول الوقت؟ قالت: ليس تماما.
(5)
قالت الأم للأب: لقد عثرت على سكين المطبخ الرفيعة الحادة جدا تحت وسادة الولد، قال الرجل : ماذا !!؟ كفى تخيلا، لعلك أنت التى دسستيها بعد أن فضضت بها كيس الوسادة الجديدة، قالت: هل أنا مسطولة، لقد سألته عنها، وادعى أنه كان يبرى بها قلمه الرصاص، قال الرجل: وهل دخل بيتنا رصاص يحتاج أن يُبرى منذ وفاة المرحومة والدتك، قالت المرأة: تحسبنى أمزح، هو الذى قال: إسأله، قال: لعله تجنب إحراجك.
(6)
قال الشاب لأخته : أنا لست قاتلا، أنا أدافع عن نفسى عن ناسى، ما ذا لو كان خطيبك قد حضر لاستلامك إلى بيت الطاعة من القسم؟ هل كنت ستذهبين معه ؟ قالت : لا أعرف، ربما قتلته، قال: رأيتِ كيف؟ قالت: ألهذا لا تستلمنا الحكومة؟ قال: ربما . قال: فما العمل؟ الا يوجد بديل؟ قال: بل هو أقرب مما نحسب، قالت: ماذا؟ قال : هذا الذى نصنعه أنا وانت طول الوقت بوعى يتراكم ويتجمع، قالت: لست فاهمة، قا : ليس مهما، ومع ذلك تشاركين
قالت: ربما، ملعون أبوه فعلا، ولسوف يرى…
قال: تقصدين من؟ قالت: هى قذيفة ذكية تتوجه لصاحبها بدقة دون وصاية.
قال الشاب: رأيتِ كيف؟