نشرت فى ملحق الجمعة
جريدة الأهرام : 17-7-2015
عندك حق!
كانت قد وضعت الوسادة الصغيرة الناعمة الخفيفة فوق رأسها، وقد نامت على جنبها الأيسر ووجهها إلى الحائط،، وبرغم خفة الوسادة شعرت أن نفـَسَـها قد انكتم حتى كادت تختنق، ومع ذلك فقد استطاعت أن تنام دون أن تسمع صوت شخيرها المنتظم.
فجأة طارت الوسادة إثر نثرة من ذراعها ووقعت على الأرض دون صوت، استيقظت من النوم فزعة غالبا مما كان يجرى بداخلها أكثر، استدارت ونظرت إلى الجزء الخالى من السرير وحاولت أن تعاود النوم على الجنْب الآخر ووجهها هذه المرة ناحية الباب، قبل أن تنام مدت يدهها فوق الغطاء وكأنها تبحث عن من ينام بجوارها تحته، ولم يكن الغطاء منبعجا قليلا أو كثيرا، ولا بحجم طفل صغير أو قطة، مع ذلك ظلت تتحسسه هنا وهناك بقوه متوسطة، وكأنها تريد أن توقِظُ مَـنْ تحته.
فارقها النوم أكثر، فقامت ولفـّـت فى الحجرة الضيقة لفة واحدة،، ثم انحنت ورفعت طرف الملاءة ونظرت تحت السرير، وقامت ثم عادت ترفع طرف الملاءة مرة واحدة أخرى، فكـّرت أن تذهب إلى الحمام لكنها عدلت حين تأكدت أنها لم تستشعر ما يبرر ذلك، عادت فألقت برأسها على الوسادة الرئيسية الأصلب قليلا، ثم جذبت من جديد الوسادة الصغيرة الناعمة وبدلا من أن تضعها على رأسها ووجهها ألقت بها بعيدا حتى وصلت إلى عُقب إلباب.
كادت تغفو من جديد إلا انها سمعت صوت لفة مفتاح الباب الخارجى، فتنهدت بارتياح، ثم نظرت فى الساعة بغضب، وأقفلت عينيها وانتظرت حتى يفتح باب الحجرة لكنه لم يُفتح، فانتظرت أكثر فلم يفتح أيضا، والعجيب أن النوم غلبها فجأة دون أن تستدعيه.
قامت هذه المرة لأسباب حيوية، وانطلقت مباشرة إلى دورة المياه ولم تلمحه نائما على الأريكة فى الصالة وهى ذاهبة، لكنها لمحته وهى راجعة، وترددت هل توقظه، ثم عدلت حتى لا يَظـُن بها الظنون.
وهى تتقلب على السرير للعودة للنوم من جديد سمعت صوت الباب الخارجى يفتح ويغلق، وفى الوقت نفسه سمعت غطيط النائم فى الصالة، ولم تحاول أن تربط بين هذا وذاك بل ملكها خوف غامر دون سبب محدد، برغم وجود الأسباب، ولم ينقذها من تضاعُف الخوف إلا استغراقها فى النوم من جديد.
***
على مائدة الإفطار جلسا صامتين وكأن شيئا لم يحدث، لأن شيئا لم يحدث فعلا، قطعت هى الصمت وسألته : إلى متى؟؟
قال: إلى متى ماذا؟
قالت : إلى متى يستمر الجارى يجرى هكذا ؟
قال: أىُّ جار تعنين؟
قالت: كل الجارى
قال: إلى أن نستيقظ
قالت: ومتى نستيقظ؟
قال: إيش عرَّفنى !!
قامت وفتحت النافذة قبل أن تكمل إفطارها، دخل هواء منعش لا يتناسب مع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة فى صحف هذا الصباح، فابتسمت، ثم ابتسمت أوسع، ثم قالت بفرحة راضية متحفـِّزة، لكنها لم توجه كلامها إليه، بل ظلت تنظر حيث تنظر:
– أنا لم أستنشق هواء طازجا بهذا الجمال والقوة من قبل .
قام واقترب من النافذة المفتوحة هو الآخر، ونظر فى نفس الاتجاه وكتفه يلاصق كتفها، ثم سحب شهيقا طويلا وقد أحاطها بذراعه اليسرى وقال :
– عندك حق.
قالت: فهو يريد بنا الخير
قال: إذا أردنا نحن بأنفسنا الخير
قالت: وعمِلـْنا على ذلك
قال: عندك حق! .