اليوم السابع
الأربعاء: 18-12-2013
طيب…، وماذا عن من يقول “لا”؟
أنهيت مقال أمس بأنه مما يؤكد أيضا حاجتنا لـ “نعم” هو وعينا لمغزى ودلالات “لا”، وقد سجلت تصورى أن “نعم” ليست خاصة بالدستور، وإنما هى تعلن – ضمنا- أنه قد آن الأوان أن تكون لنا دولة فيها قانون ومحاكم داخل أقداس المحاكم لا فى الشوارع والساحات، ولا فى الميادين ولا فى وسائل الإعلام… إلى آخر ما بينت أمس، واليوم أضيف أن كثيرين ممن سوف يقولون “نعم” ينبغى أن يقولوها درءًا لتداعيات نتيجة “لا”. تماما كما حدث فى انتخابات الرئاسة السابقة، وهو أن الذين قالوا “نعم” للدكتور مرسى، كانوا إنما يقولون “لا” للفريق أحمد شفيق.
ما الحكاية بالضبط؟ هل نحن نلعب سياسة؟ أم نلعب “دستور”؟ وإذا كانت لجنة الخمسين وقبلها خريطة الطريق، وبعدها: الحكومة الانتقالية تبحث عن تفويض لاستعادة معالم بلد عريق يستحق أن تكون لها دولة، فلماذا كل هذا اللف والدوران؟ بصراحة منعت نفسى من التمادى لسبب بسيط وهو أننى مقتنع بأنه لاسبيل إلى العودة للعيش فى دولة لها معالم إلا بكل هذا اللف والدوران، كما أننى أعلم جيدا أننى سوف ألقى ربى وليس تحت إبطئ هذا الدستور أو غيره، ولكننى سوف ألقاه وأنا مسئول عن كل نقطة دم كنت أستطيع أن أحول أن تسيل بغير وجه حق بسبب احتمال اسهامى- بقولى “لا” مهما كانت المبررات فى تأجيل إرساء معالم الدولة المشار إليها آنفا.
دلالات “لا” المحتملة:
علىّ الآن أن أوصّل للناس تقمصى لفريق الــ “لا” كما فعلت أمس مع من سيقولون “نعم”:
أولا: إنها “لا”: لأن “ما بنى على باطل فهو باطل“، وبما أنهم يعتبرون رأى ملايين الناس فى 30 يونيو كانت مجرد أوهام الإعلام والعميان، وأن ما ترتب عليها من عزل و”توزير” وخمسونيّه” وما هو إلا انقلاب باطل، قام به قطاع طرق يستحقون الإعدام، بل أن نقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وبالتالى فلجنة الخمسين باطلة أصلا، وبالتالى فالاستفتاء باطل، وبالتالى فهم يرفضون بـ “لا” هذا “الباطل” وما “بنى عليه”.
ثانياً: “لا بالإزاحة والتعميم“: فهى “لا” لكل ما له علاقة بهذا الدستور من لجان وقرارات وخطة طريق، واستفتاء ولجان، بل ومحاكمات كل هذا مرفوض بهذه الــ “لا” التى سوف يلصقونها باستفتاء الدستور، بمعنى أنها “لا” ليست قاصرة على الدستور، وإنما هى “لا” لــ 30 يونيو، و”لا” للعزل، و”لا” لخريطة الطريق، و”لا” للحكومة الانتقالية، و”لا” للجنة الخمسين و”لا” لمشروع الدستور ولكل هذه السيرة من أساسها.
ثالثا: “لا” لقبول الحل الأمنى وإهدار دم شهدائهم: هؤلاء سوف يقولون لا وهم يربطونها بما يكرهون، بحق أو بغير وجه حق، مثل “لا” لفض رابعة والنهضة، و”لا” لاعتقال زعمائهم، و”لا” لقتل الأبرياء من وجهة نظرهم حتى لو كان للدفاع عن النفس، و”لا” للمحاكمات الرسمية الجارية (بحق أو بغير وجه حق).
رابعا: “لا”لسرقة الهوية الإسلامية للمصريين: وهذه يقولها بعض الذين يصدقون ما يشاع عن الهجوم على دينهم، الاسلام العظيم، مغفلين موافقة الحزب الأكثر سلفية والتزاما، حزب النور، ومغفلين أيضا مباركة الأزهر الشريف مجد مصر المسلمة، وهم يتعامون عن موقف مفتى الديار (السابق)، هؤلاء سوف يقولون “لا” خوفا على ما صوروه لهم من أن دينهم مهدد إذا قالوا: “نعم” كما يريدها الصليبيون والعلمانيون والكفار.
خامسا: “لا”للجزء فيعم على الكل: بعض المجموعات سوف تقول “لا” وهى تركز على بند واحد من كل بنود الدستور البالغ عددها (247) مثل بند المحاكمات العسكرية للمدنيين، أو مواد تخص فئات معينة مثل القضاء أو العمال والفلاحين، فتمتد هذه الــ “لا” المحدودة إلى كل الدستور دون النظر إلى العواقب.
وبعد
قالوا: حيرتنا يا شيخ حين أشرت إلى أن الذى سيقول “نعم” سوف يقولها لما فى نفسه وليس للدستور، وأن الذى سيقول “لا” سوف يقولها حسب معتقداته وضلالاته وأوهامه، أليس الأسلم إذن أن نمتنع عن التصويت ونرتاح؟.
قلت: كله إلا هذا.
ونلتقى غداً.