الدستور
30-6-2010
تعتعة الدستور
عن الطب والسياسة والحرب والعلم والرأسمالية المالية! (1من؟)
لو لم أكن أعمل طبيبا فى بلد فقير عريق – بلدى الجميل – لما صدقت حرفا مما وصلتُ إليه تفسيرا لما يجرى فى ساحات الحروب والسياسة والمال الآن.
تأكدت مؤخرا وأنا أتابع ما تمارسه إسرائيل منذ أكثر من نصف قرن، مدعمة بالمؤسسات العالمية، والرأسمالية المالية (الكانيبالية: أكلة لحوم البشر)، والإعلام الخبيث، والمفاوضات الشكلية، والوعود الكلامية، والمسكنات المرحلية، والإلهاء، والتهميش، تأكدت أن ثــمََّّ “نص معاد” (سكريبت) يجرى بنفس الوتيرة فى أكثر من مجال، بل ربما فى كل مجال وهو نفس النص: تتغير التفاصيل، لكن يظل الهدف هو المال والاستغلال، أما المضاعفات فهى احتمال انقراض النوع البشرى، نعم: هو نفس السكريبت مع احتمال بعض التحديث أو التعديل حسب مقتضى الحال وطبيعة المجال.
وفيما يلى الخطوط العريضة للمشاهد التى تحدث الواحد تلو الآخر (التفصيل عند التطبيق) :
1. تحريك معركة عرقية، أو إثارة فتنة بدائية، أو اختراع مرض..أو تهويل الأعراض الجانبية لعقار فعّال رخيص إلخ
2. تشغيل آلات إعلام مغرض غامر عملاق لتهويل الأمور
3. تكبير مشكلة ثانوية (جدا/ جدا)
4. إرعابٌ، فإلهاءٌ، فإزاحة (إعلاميا: محليا وعولميا)
5. عرض حلول هامشية فرعية
6. إشتغال فى الهوامش، وتفتيت فى القضية الأساسية، للإبعاد عن المشكلة الجوهرية
7. وصاية سلطوية شبه علمية أو رسمية مؤسساتية عالمية لفرض الرضا بحلول سطحية زائفة
8. ترويج قيم ملتبسة براقة مضروبة، بإعلام متآمر أو بعلم زائف أو إحصاء أعمى
9. غسيل مخ للمختص (المنفذ، الوسيط، الطبيب، المفاوض، إلخ)، وللعامة (جماهير الناس)
10. استسلام أبله وسكون بليد وعبودية من التابعين المخدوعين العالة
المحصلة :
تكديس الأموال عند فئة مستغلة من البشر على حساب بقية البشر، ومن ثم الانحراف بمسيرة الإنسان عن طريق تطوره، فتهديد لبقاء النوع البشرى.
المثال الأول: عن الطب والعقاقير والشركات:
لا بد من تحذير مبدئى أؤكد فيه أن الحديث هنا هو عن شركات الدواء وليس عن استعمال العقاقير بصفة عامة، إذ لا بد أن أقر وأعترف أننى أحترم العقاقير احتراما بالغا، وأننى أستعملها بكل ترحيب وتقدير، وأنه لولا العقاقير، خاصة فى فرع الطب النفسى الذى أمارسه، ما تعلمت ما هو العلاج النفسى (الذى يتصور الناس أنه بديل عن العقاقير، مع أنه تكاملىّ معها)، ولا جرؤت أن أبحر مع المجنون فى أعماقه، ولا عرفت من خلال ذلك : من هو الإنسان بإبداعه وتطوره ومحنه وتحدياته.
آمل أن تساعد هذه المقدمة القارئ على أن يصله هجومى على شركات الدواء دون التقليل من جدوى استعمال العقاقير للتداوى، وأيضا أن تحميه من التمادى فى الذهاب إلى الجانب الآخر فيصدق ويتبع التيار المضاد للطب عامة والطب النفسى خاصة، لصالح عشوائية العلاج، وفوضى الممارسات البديلة.
الطب فن يستعمل معطيات العلم:
الطب هو ممارسة فن العلاج، مستعملا المتاح من العلم والمعلومات، بأدوات الخبرة النشطة فى علاقة بشرية هادفة. ما تصنعه شركات الدواء باسم العلم، وباسم الطب، وبالإرعاب من الأعراض الجانبية ، هو يقابل ما تفعله الدول الكبرى من خداع وتمويه من خلال المؤسسات العالمية، والاتفاقات التحتية، والتجارة الخفية، وتخليق غرائز استهلاك جديدة…الخ.
دع ذلك جانبا الآن ودعنا نركز على الطب، ما هو معروض على وعى الناس فى الدول الفقيرة والتابعة خاصة هو ما يمكن أن يسمى الطب المصنوع والمستورد؟ ليس بمعنى الإنجازات العلمية المفيدة، وإنما بمعنى تفعيل آليات إعلامية ميكانيكية شبه علمية للإرعاب من الأمراض المستحدثة ومن الأعراض الجانبية، لخدمة أغراض مالية تراكمية أساسا.
بالنسبة لنا: أغلب هذا الطب المستورد هو طب مضروب، نستورده بديلا عن ممارسة فن الطب تاريخا وحاضرا، وأيضا نحن نستورد أوهام أمراض مضروبة لزوم أدوية جاهزة، انكشفت اللعبة بما جرى فى حكاية إنفلونزا الخنازير التى لها دلالتها السياسية الأخطر من دلالتها الطبية، المسار حاليا اصبح مقلوبا، بدلا من أن يوجد مرض نبحث له عن دواء يشفيه، يوجد دواء نبحث له عن مرض مضروب يبرر تسويقه بالشىء الفلانى، (سوف أؤجل الحديث عن فيروس الكبد المزعوم المسمى “س” حتى لا يفتح النار علىّ من كل جانب) .
انتهت المساحة، فأتوقف لأتساءل :
كم تعتعة سوف أحتاج لأطبق هذا النص المعاد (سكريبت) على كافة المجالات المشار إليها، فى العنوان والمقدمة؟ الحرب، والسياسة، والعلم، والرأسمالية المالية؟
لا أعرف!!
لهذا جعلت هذه التعتعة الأولى من .. “عدد مجهول”