الاهرام: 24/3/2003
….. وسوف ينتصر الناس !!!
إننا – نحن البشر – سوف ننتصر (تصور!)، النصر الحقيقى لن يكون لصدام أو بوش أو شارون وأمثالهم. النصر لنا نحن. سوف ينتصر الناس، كل الناس معا، سوف ننتصر على الطاغوت مهما طغي، ومهما تأجل إعلان النصر. شرط النصر الوحيد هو نبدأ الآن ونحن نعى الدرس من الجانبين. نبدأ الآن من جديد ولا نتوقف أبدا.
هى ليست حربا أصلا. اللهم إلا إن كان ثم ‘نظام حربى جديد’ نتعرف على معالمه من محور شارون/بوش وأتباعهما، .هى جريمة بكل معنى الكلمة. يقتلون من لا يعرفون بأوامر من مجهول. يقتلون ليجمعوا مزيدا من الأموال، ومزيدا من الأصوات الانتخابية، لمزيد من النهم، ومزيد من الاستهلاك. يقتلون مع سبق الإصرار والسفالة.
يتصور الواحد منهم أنه انتصر لمجرد أنه ضغط على زر أطلق صاروخا، ليقتل ناسا لا يعرفهم، وييتم أطفالا أبرياء، ويهدم بيوتا آمنة، ويدفن بشرا أحياء تحت الأنقاض، ثم يتجشأ وهو يمضغ الكلمات فى مؤتمر صحفى أشبه بسيناريو مهترئ فاتر.
هذا النظام السياسى الجديد ليس إلا ردة العالم إلى قرية بدائية لها عمدة غبى فى واشنطون، وشيخ خفراء فى لندن ، ومهرج مضحك للاثنين فى مدريد. وقاتل مأجور فى إسرائيل. يسمح هذا النظام السياسى الجديد لرجل متوسط القدرات أن ينذر مجلس الأمن (قبل إنذار صدام) أنه إن لم يوافقه على رأيه تماما خلال 24 ساعة، فسوف يوقفه (يوقف مجلس الأمن) عن العمل!! نفس النظام هو الذى جعل جرثومة الأنثراكس فى روث فرس عليل قرب البصرة ، أشد فتكا ودمارا شاملا من ترسانة نووية فى إسرائيل.
ثم قل ما شئت عن النظام الاقتصادى الجديد : حيث المال يحكم الحكومات، والحكومات تستعبط (أو تستعبد) الشعوب.
يتصورون أنه مطلوب من كل دول المنطقة فالعالم أن تحفظ الدرس الذى يلقنهم إياه هذا المجرم الأبله من خلال هذه الجريمة التى تسمى حربا خطأ. . ينتظرون منا أن نتقن ديمقراطية سمعان الكلام، وأن نحذق تحية التعظيم سلام، وأنه على الدول العاقلة التى تريد النجاة أن تتبع ما يلي:
1- أن تتنازل عن كرامتها جميعا، حكومات وأفراد دون استثناء.
2- أن تتوب إلى السيد دبليو بوش توبة نصوحا لا تسمح لها بأى حلم بالاختلاف أو نية فى اتجاه الاستقلال من أى نوع.
3- أن تشكل جيوشها لغرض الاستعراض دون القتال، وأن تشترى بأغلب ميزانيتها أسلحة للتخزين دون الاستعمال.
4- أن توقع على بياض قبل أى اجتماع لبحث عمليات السلام بالكلام والإذعان للامتهان.
5- أن تعتمد فى اقتصادها على المعونات المشبوهة والقروض المشروطة.
6- أن تستعمل دينها من الظاهر فقط، وفى المناسبات مثل الدعاء للمنصور بمواصلة النصر، وللمهزوم بالتوبة النصوح.
وبرغم كل ذلك :
فإننى أقرأ هذه اللحظة التاريخية من بعد آخر : لقد تعرت قوى الدمار والخراب والتهديد بالانقراض، من أول صدام حتى ميلوسوفتشى إلى دبليو بوش وشارون ..إلخ. نحن – البشر – سوف نتعلم درسا آخر. قد نتبعهم أكثر ونحن أشد خوفا، لكن هذا لن يطول. سوف نتجمع دون إذن منهم نبحث عن ديمقراطية أخرى، وحرية أخرى ، وسوف نشيد مجلس عدل (لا مجلس أمن) ليس فيه حق النقض، وسنزرع الصحراء بماء البحر، وسيضطرد الإبداع إلى ما لا نعرف، ساعين إلى وجه الحق أبدا. وسيولد أطفال أجمل من الذين فقدناهم، ونفقدهم.
لقد بدأ كل ذلك فعلا فى كل مكان، ليس فقط بالمظاهرات والاحتجاجات، ولكن بالإبداع والتجاوز. لم تقتصر البداية على موقع بذاته. النبلاء منهم يبحثون – إبداعا- عن حلول رائعة، وعلينا أن نشارك، وسوف نجدها، يوما ما ، ولن يطول الانتظار، نحن -البشر أصحاب المصلحة- بدأنا فعلا، و لن نتوقف.