نشرة “الإنسان والتطور”
الأحد: 30-8-2015
السنة الثامنة
العدد: 2921
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية: الفصل السادس:
ملف اضطرابات الوعى (35)
تعرفتُ على الحلم – أكثر– من النقد (2 من ؟)
مقدمة:
استكمالا لما جاء فى نشرتىْ الأسبوع الماضى أنه: “يبدو أن تعرّفى على ماهية الحلم بدأ من اجتهاداتى النقدية أكثر من خبرتى المهنية، طبعا فضلا عن خبراتى الشخصية التى لم توصلنى إلى ما توصلت إليه عبر النقد والممارسة، وبعد أن اقتطفت بعض اجتهاداتى النقدية، فى هذا المجال، بدءا من “الأفيال” لفتحى غانم سنة 1983 وحتى وصولى إلى أول محطات الأحلام إبداعا مع نجيب مفوظ، مرورا ببعض تجليات الغيطانى الأقرب إلى الحلم، مع إشارة إلى جارثيا ماركيز فى مائة عام من العزلة، أقول بعد هذه المقدمة انتهيت إلى أن قلت:
“أتوقف هنا قبل الدخول إلى نجيب محفوظ الذى اعتبرت مواكبتى لمسيرته الحلمية الإبداعية من أهم ما هدانى إلى طبيعة الحلم، والتى أعتقد أيضا أنها سوف تستغرق أكثر من نشرة”
وهأنذا أحاول أن أواصل، إلى أننى وجدت أن هذه العبارة تحتاج إلى تعديل يقول:
“…… اعتبرت مواكبتى لمسيرته الحلمية الإبداعية من أهم ما دعم لى فروضى عن طبيعة الحلم”
وذلك على الوجه التالى:
بدأت علاقتى بفهم مستويات الوعى، وبالذات فيما يتعلق بالحلم (والإبداع) من منطلق أطروحتى عن الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع(1).
وفيما يلى بعض مقتطفات من الجزء الأول من هذه الاطروحة، وهى التى سبق الإشارة إليها تفصيلا فى علاقة الإدراك بالحلم، ولكننى أعرضه ذلك هنا وأنا أقترب من عرض كيف أن المبدع يستطيع أن يعيش وعى الحلم مسئولا هادفا قادرا، فيقلبه إلى وعى الإبداع يفرز من خلاله نصوصا اقرب إلى الشعر، سواء سماها كذدك، أى “أحلام”، (مثما فعل نجيب محفوظ، بحدْسه الفائق)، أم ترك الأمر للنقد لاحقا.
هذا هو ما اكتشفتُه بالصدفة وأنا أقوم بمراجعة ما سبق لي نقده من أعماله، وخاصة ما أسماه هو شخصيا باسم “الأحلام”، أو “فيما يرى النائم”(2).
الفكرة المحورية فى هذه المداخلة الباكرة مبنية على نظريتى “النظرية الإيقاعية التطورية” التى ينبنى عليها كل ما ورد عن الحلم والنقد والشعر والإبداع.
موجز المداخلة:
تقدم هذه المداخلة فرضا يقول بأن الحلم هو نشاط معرفى، يقوم بوظيفة تنظيمية أقرب إلى الإبداع، سواء تم ذلك مع إعلان تأليف حلم يرويه الحالم عند استيقاظه، أم ظهرت نتائجه المعرفية والتنظيمية تؤكد كفاءة أدائه لهذا النشاط المنتظم المعاود، كجزء من الإيقاع الحيوى الشامل. يستتبع ذلك إعادة النظر فى مستويات الحلم من أعمق حركية التنشيط البيولوجى الإيقاعى الراتب، حتى التقاط بعض آثار هذا التنشيط من معلومات هى مادة صياغة الحلم المحكى قبيل اليقظة (هذا إذا حكاه الحالم أصلا)، وما بين هذا وذاك تقع مستويات وسطى من التنشيط العشوائى غير المعلن إلى إعادة التنظيم الإبداعى، مع احتمال تزييف بديلٍ بخيالٍ مصنوع، يحل محل إبداعية الحلم.
كما تتناول المداخلة مقارنة قياسية بين مراحل إبداع الحلم، ومراحل إبداع الشعر خاصة، مع إشارة للإبداع القصصى (والروائى)، كذلك تمتد المقارنة لموازاة قراءة الحلم بالنقد الإبداعى، بدلا من تفسيره الملتزم بقواعد من خارجه. تماما مثل التذكرة برفض محاولة تقييم النص الأدبى بعـلْـمَنَةٍ نقدية تقيسه بمقاييس من خارجه، مهما بدت مُحْكمة.
وأرى لزاما أن أعيد طرح منطلق هذه الدراسة مع بعض المقتطفات:
منطلق الدراسة
هذه الدراسة هى من منطلق شخصى خبراتى(3) أساسا، حيث تتحدد أبعاد هذا المنطلق من ممارستى لفن اللأم ، أو ما أسميته فن المواكبة العلاجية(4)، وأخيرا اسميته “نقد النص البشرى” ومن محاولاتى الإبداعية المتواضعة فى مجالات القص، وقرض الشعر، والتنظير فى علم السيكوباثولوجي، وأيضا انطلاقا من موقفى بوصفى إنسانا “يحلم”، ويتعلم، ويقرأ النصوص الأدبية ناقدا بقدر ما يقرأ النصوص البشرية فى تعريها وتحديها فيما يسمى: الممارسة الإكلينيكية توصيفا وعلاجا.
الإيقاعية الحيوية:
علىّ أن أشير فى عجالة إلى المنطلق البيولوجى(5) الذى أتناول من خلاله ظاهرتىْ: الحلم والإبداع معا.
1- تمثل ظاهرة تناغم الإيقاع الحيوى(6) امتدادا على متدرج يبدأ مما هو دون الذرة إلى الكون الأعظم.
2 – تقع الظاهرة البشرية فى موقع متوسط على هذا المتدرج الإيقاعى الحيوى، حيث تعد البشرية ظاهرة حيوية نابضة، تمثل كونا أصغر متداخلا فيما هو أعظم من أكوان، حاويا لما هو أصغر.
3- يتجلى بعض نتاج ذلك فى نوع الإبداع الذى يظهر فى صوره المختلفة، والذى يصنف فى النهاية بحسب اللغة المستعملة (الأدوات – والأبجدية)، أو النتاج الظاهر، أو كليهما، أو لا يسمى كذلك أصلا حين يكون إبداعا للكائن الحى بتحقيق تغيير أرقى مهما ضؤل حجمه، ومهما عجزنا عن رصده بالوعى الظاهر، ومهما اختلفت تسميته.
……..
هكذا يمثل الحلم إبداعا بيولوجيا منتظما على مستوى الدورة الليلنهارية (اليوماوية).
جـ- …. إن الناتج الإبداعى (وأحد صوره الإبداع الأدبي أو الشعر أو التشكيل) هو الصورة المتاحة لعطاء هذه العملية الحيوية، وهو الصورة التى تتجلى بالأدوات والمهارات الممكنة: على مستوى فائق من الوعى والإرادة.
أرجو ألا ينزعج القارئ من فرط هذا الإيجاز المبدئى، أو من إقحام كلمات مثل المخ والإيقاع الحيوى، فى حديث عن النقد والإبداع، ذلك أن المخ بأعقد ماوصل إليه تركيبيا ووظيفيا هو الممثل الأول للوجود البشرى ـ و إن كان ليس الأوحد، بعد أن استعاد الجسد دوره المحورى فى الإسهام فى المعرفة، ومن ثـّمَّ في جدل الإبداع. وحدة “المخ/الجسد”(7) هى بمثابة “الوجود الجامع” فى كل نتاج إبداعى، سواء كان استمرارا فى نمو خلاق، أم حلما معززا ..، أم جنونا مقتحما فاشلا (إبداعا مجهضا)، أم إضافة أصيلة متميزة (الناتج التشكيلى بكافة تجلياته) .
وسأكتفى بالإشارة إلى تنظيم نشاط الحلم اساسا، مع إشارة محدودة إلى علاقة بعض ذلك بالإبداع:
- الحلم هو نشاط مناوِبْ تنظيمى غائى “لمستوى آخر” من الوعى البشرى.
- (و”غائية” الحلم تعنى هنا أنه ليس عشوائيا، كما أنه ليس أساسا “تحقيق رغبة” كما شاع عن فرويد خطأ وصوابا، وإنما أعنى بالغائية هنا “تحقيق برمجة تنظيمية مكملة لغائية اليقظة فى تجليات الوجود”(8).
- الحلم يحاول بانتظام إيقاعى أن يُحكم التناغم، ويعزز التعلّم، فى حالة من وعى آخر، نشط – متبادِل(9)
- يقوم الإبداع بالمحاولة نفسها، إلا أنه ليس دوريا بالضرورة، كما أنه يتم بقصد إرادى نسبى بشكل ما، و هو يتم فى حالة “وعى فائق” (جدلىّ مشتمل، لا وعى عادى، ولا وعى بديل).
2 الحلم: إبداع الشخص العادى
يتواتر الحديث عن الحلم، فى سياق النقد، بشكل وصل إلى أن يطلق اسم: “الأدب الحلم”(10) على بعض أشكال الأدب. وقد بلغت الثقة بمن يستعملون هذا التشبيه درجة توحى – بشكل ما- بأن المشبـَّه به (الحلم) هو ظاهرة واضحة المعالم، تسمح بهذا القياس، وتبرر تأصيل حضور الحلم وعيا تركيبيا غائيا دالا، والأمر غير ذلك كما تابعنا حتى الآن!!!
وبعد
أتوقف هنا اليوم،
وسوف أرجع لمزيد من الاقتطاف من الأطروحة لاحقا، وشرح ما ينبغى ما أمكن ذلك، ولكننى أشير الآن بصفة مبدئية إلى مايلى:
عند دراستى لإبداع أحلام نجيب محفوظ المنشورة، وجدت أنه بحدسه وقدراته الإبداعية، استطاع أن يُحـْضـِرَ “وعى الحلم” فى بؤرة “وعى الإبداع”، وبالتالى أن يمسك بناصية توجيهه بتلقائية المبدع أساسا دون التخلى عن طبيعته الحلمية.
هكذا وصل لى أنه يقوم بتكبير ما يقوم به الشخص العادى حين يبدع أحلامه قبيل استيقاظه، لكن قبل أن يسطـِّحَها (الشخص العادى) بالحكى، أى قبل أن تفسدها الذاكرة أو تزيفها الإضافة وتلميع الحبكة، وهو (محفوظ) مع هذا التكبير لا يفقد الإمساك بخيوطه، ومواصلة تشكيلها مجتمعة دون أن تفقد طبيعتها الحلمية.
مررت بعد ذلك بخبرة فى العلاج الجمعى، عرضت بعضها فى نشرات سابقة، وهو أن أدعو أشخاصا عاديين (مرضى ومتدربين وشخصى) إلى أن يقوموا بتوجيه علاجى سيكودرامى بلعبة أسميتها “نعمل حلم” (نشرة: 22-9-2010،ونشرة 28-7-2013، ونشرة 29-7-2013)، وقد جرت المرة تلو الأخرى بتلقائية لم أتوقعها، وبآلية شديدة الحساسية وهى التركيز المطلق على “هنا والآن” أثناء التداعى، ونجح أغلبهم نجاحا يؤكد ما ذهبت إليه فى فروضى(11)، وما ذهب إليه محفوظ فى إبداعه .
وهذا ما سوف نحاول استكماله بدءا من نشرة باكر.
[1] – يحيى الرخاوى: “الإيقاع الحيوى ونبض الإبداع” مجلة فصول (المجلد الخامس-العدد الثانى-1985).
[2] – يحيى الرخاوى: “عن طبيعة الحلم والإبداع دراسة نقدية فى: “أحلام فترة النقاهة” نجيب محفوظ”، دار الشروق سنة 2011، وأيضا “رأيت فيما يرى النائم” (نجيب محفوظ) – عدد أكتوبر 1983 – مجلة الإنسان والتطور.
[3] – “شخصى” بالمعنى الفينومينولوجى، وليس الذاتى بمعنى “الشخصنة Personification، وهو يشمل أن تقل جرعة الذاتية الإسقاطية، لحساب استيعاب الموضوع فى وحدة “الذات/الموضوع الكلية”، التى تفرز الخبرة بمقدار نجاحها فى التخلص من الشخصنة والإسقاط.
[4] – يحيى الرخاوى: (1979) دراسة فى علم السيكوباثولوجى: 698- 702، 788-790، 783-784. القاهرة. جمعية الطب النفسى التطورى.
[5] – أعنى بكلمة “بيولوجي” طوال هذه الدراسة، المعنى الأشمل للكلمة، وهو “علم الحياة ”، بادئا بما هو دون الذرة، شاملا التفاعل البيوكيميائى، حتى الوجود الواعى فى حالة الظاهرة البشرية – مارا بمختلف أشكال وتجليات السلوك ـ وعلى هذا فلابد من الانتباه إلى رفض معنى كلمة “بيولوجي” الضيق الذى شاع بسوء الاستعمال بوصفها تـعنى ما هو كيميائى أو فسيولوجى. إن هذا المعنى الشامل لكلمة بيولوجى، هو الذى استعملته فى أغلب كتاباتى السابقة، ويبدو هذا التحديد ضروريا وبخاصة فيما يتعلق بما أسميته فيما بعد، هنا فى هذه الدراسة، “الواقعية البيولوجية”. إن جاك لاكان وهو يرفض بحدة ما هو بيولوجى عاد يعلن أو يقترح أنه ينتمى إلى ما أسماه البيولوجيا غير البيولوجية Non-biological Biology ، كما أن ميلانى كلاين (ممثلة للمدرسة الإنجليزية فى التحليل النفسى)، رفضت بيولوجية سيجموند فرويد بما تشير إليه من أولوية الغرائز ودفعها، لتُحل محلها “العلاقة بالموضوع” كأساس للنمو وفهم المسيرة البشرية فى السواء والمرض. إن مفهوم البيولوجى فى هذه الدراسة وكما يتبناه الكاتب هو مفهوم تطورى نوعا وأفرادا.
[6] – الإيقاع الحيوى Biorhythm الذى هو محور هذه الدراسة هو كل عمليات التوازن الحيوى المنتظم فى إيقاع نابض لا يتوقف، مع اختلاف وحدة الزمن : حيث تتراوح من الميكروثانية فى تفاعلات الكيمياء الحيوية، إلى الملليثانية فى نشاط الإطلاق Firing النيورونى المنتظم، إلى الثانية الكاملة فى دورة القلب، إلى تسعين دقيقة فى نشاط النوم النقيضي-الحالم-إلى الدورة الليلنهارية / اليوماوية /السركادية Circadian، يوما كاملا: نهارا وليلا واحدا، إلى دورات النمو المتعاقبة فى حياة الفرد Macrogeny، إلى جماع دورات النمو الفردىOntogeny إلى الطفرة فى تاريخ النوع كلهPhylogeny.
إن الإيقاعية الحيوية Biorhythm هى دورية منتظمة ـ بالنسبة لنشاط المخ بالذات (الذى كان يبدو قبل ذلك: إما كمشتبك توصيلات، أو مخزن معلومات) وذلك من أول الإطلاق النيورونى الدورى Periodical Neuronal Firing إلى الجهد الفاعل Action Potentialلمحور الخلية العصبية المفردة، إلى محصلة النشاط الكهربى للمخ ككل. وقد أوردت كل هذه التفاصيل لأن هذا البعد الإيقاعى الحيوى هو المحور الأساسى الذى تدور حوله الدراسة، وهو المحور الذى بنى عليه الكاتب نظريته المسماة “النظرية التطورية الإيقاعيةEvolutionary Rhythmic Theory لتفسير السلوك البشرى فى وحدة سيكوبيولوجية متصلة- فى الصحة والمرض (يحيى الرخاوى: محاضرات مختارة فى الطب النفسى، الموقع www. Rakhawy.org، وأيضا دراسة فى علم السيكوباثولوجى: هامش 3)
[7] – هذا الاصطلاح “المخ/الجسد” هو تحديث أدخل بدلا من التركيز على ” المخ” فى صورة الفرض الأولى وإن كان استعمال لفظ المخ سيغلب حتما إلا أنه سوف يعنى دائما هذه الوحدة المشتملة “المخ/الجسد”، تأكيدا لما كشف عنه العلم المعرفى الأحدث لدور الجسد فى التفكير والإبداع!
[8] – (دليل الطالب الذكى (للكاتب) الجزء الأول (1982) القاهرة ص94- 99 دار الغد للثقافة والنشر).
[9] – أستعمل كلمة الوعى هنا ـ مبدئيا ـ بمعنى تركيبى محدد; فهى تعنى أية: “منظومة بنيوية ، متناغمة فى مستوى بذاته، تصبغ كل نشاط المخ وحركية محتوياته بصبغتها وقوانينها على كل المستويات ، كل فى موقعه من تطور ودورات النشاط، وتبادل التنظيم”، وعلى ذلك فكلمة الوعى هنا لا تشير بالضرورة إلى إدراك معرفى أو حسى فى حالة اليقظة، فثمّ “وعى النوم” و “وعى الحلم” و”وعى اليقظة”. من هذا المنطلق أنبه إلى رفضى للاستعمال الشائع لكلمات مثل اللاوعى، واللاشعور (انظر للمؤلف دليل الطالب الذكي- الجزء الأول ص 235) هذا وقد تطور عندى مفهوم الوعى بعد ذلك حتى عدلت عن الاكتفاء بأن يكون الوعى بمثابة وساد للوظائف الأخرى، ذلك أنه ليس أرضية لمحتوى غيره، بقدر ماهو هو متداخل فاعل طول الوقت على مستويات متعددة متداخلة ومتبادلة ومتجالة معا.
[10] – أنظر مثلا: يحيى عبدالدايم: تيار الوعى والرواية العربية المعاصرة، “فصول”، المجلد الثانى، العدد الثانى 1982 ص 158، ثم انظر تعبير أدونيس “إنه يرفع الواقع إلى مستوى الحلم”، أو “فالأحداث التى تجرى فى هذا المسرح تشبه الأحداث التى تجرى فى الحلم”، ” وهى لذلك كأحداث الحلم” (ص187) ثم “بل هو الحلم”، “الحلم هو ذلك الزمن الآخر الذى يختلف عن الزمن ” (ص202) “أدونيس زمن الشعر”، دار العودة، 1979.
ومؤخرا (2005) يمثل ما يصدره نجيب محفوظ تباعا بعنوان “أحلام فترة النقاهة” نقلة مركزة متواصلة تسمح بتناول هذه الظاهرة بشكل تفصيلى، وبرغم أن نجيب محفوظ لجأ إلى هذا الشكل مضطرا (مع الاعتراف بأن إرهاصاته ظهرت فى أعمال سبقت، وخاصة أصداء السيرة الذاتية)، إلى أن طبيعة هذا الإبداع الأخير تؤيد الأطروحة الحالية بشكل يكاد مباشرا ، برغم أن معالمها (معالم الأطروحة) قد ظهرت فى إنتاج محفوظ قبل عقدين على الاقل من توالى صدور أحلام فترة النقاهة، وسوف نعود لذلك لا حقا فى المتن، وفى الملحق، وفى الهوامش على حد سواء.
[11] – بداهة لا يوجد أى شخص فى هذا التجربة ، يمكن أن يسمى مبدعا، فبعضهم لا يفك الخط، وأغلبهم متوسطى القدرات المعرفية، والمستوى التعليمى ، وسوف نعرض لذلك فيما بعد