نشرة “الإنسان والتطور”
الثلاثاء: 3-2-2015
السنة الثامنة
العدد: 2713
الثلاثاء الحرّ:
نـُبـْذَة عن “الضمير” (1)
قبل الأسئلة:
هناك دراسة حديثة توصلت لوجود منطقة الضمير في مخ الإنسان.. برجاء توضيح ذلك بالإجابة على الأسئلة المطروحة!
س1: ماهو الضمير ولماذا يختلف من شخص لأخر؟
د. يحيى:
الضمير كلمة شائعة مألوفة حسنة السمعة مشبوهة الاستعمال، وهى تفيد ذلك الوازع الداخلى الذى يتكون عند كل إنسان منذ الصغر، نتيجة للتربية السليمة، وقد يبالغ فى الترهيب والتذكير بالعذاب دون ربطه برحمة الله وغفرانه، حتى يتضخم مفهوم الضمير لدرجة الشك فى كل تصرف وقد يصبح معجزا لا مساعدا،
المفروض أن الضمير هو جزء من الطبيعة البشرية ، خلقه الله فينا منذ أكرم الإنسان بحمل الأمانة “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا “، وأيضا: “بَلْ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ”، وكذلك “كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً”
لكن الذى حدث هو أن فساد المجتمع وغباء التربية أفسدا كل ذلك ، فالضمير يتكون من تقمص البيئة المحيطة إن كانت صالحة أو فاسدة، ، وليس من ظاهر السلوك أو سلاسل النصح والإرشاد من ناس لا يعرفون حقيقة العدل وجمال التحلى بالضمير كما خلقه الله.
فالمسألة لا تحتاج لأبحاث مستوردة من الخارج كما ترى، حتى لا يحاسبونا على حق استعمالها بالعملة الصعبة أو يشترطون أن تكون ضمائرنا على مقاس ضمائرهم.
س2: هل يسيطر مخ الإنسان علي الأشياء المعنوية والمشاعر والأحاسيس كما يسيطرعلي الأشياء المادية؟ وكيف يحدث ذلك؟
د. يحيى:
المخ عضو رائع قائد أكرم الله الإنسان بخلقه على قمة مراحل التطور، وهو المايسترو الذى ينظم كل الوظائف، ولا يسيطر عليها ، وهو لا يسيطر على الأشياء المادية كما جاء بالسؤال، بل يحترمها، ويضع لها القوانين التى تسيرها، ويننتفع بها، ويتعلم منها،
أما علاقته بالمشاعر والأحاسيس فإن ذلك أيضا من صميم عمله، وهم يتكلمون الآن فى العلم المعرفى العصبى عن ما يسمى “العقل الاعتمالى المشارك فى تنظيم المعلومات” سواء كانت معلومات مادية أو عواطف أو مشاعر أو حتى منظومات قيمية، وهذا هو المقصود غالبا بالقلوب التى تعقل ” “أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا”، هذه القلوب هى فى المخ البشرى أيضا.
س3: هل يمكن التحكم وتغيير ضمير الإنسان عن طريق التاثير علي الأفكار كما يحدث مثلا في “غسيل المخ”؟ وكيف يحدث ذلك؟
د. يحيى:
طبعا ممكن ونصف، بل إن هذا ما يحدث على مستوى العالم كله فى هذا الوقت من التاريخ بالذات، وهو اتجاه خطر وظالم، فقد سيطرت القوى المالية المفترسة، والسلطات المستعمِرة على من هو أضعف وأفقر من خلال مثل هذا الغسيل المخى، فأصبح الاستعمار ليس فقط لأراضى الناس وموادهم الأولية وعرق أبنائهم، وإنما انتقل إلى الاستيلاء على عقولهم وحقوقهم وأفكارهم ومبادئهم، بما يخدم مصالحهم، كل ذلك يجرى تحت شعارات يساء استعمالها بتحيز مطلق، رغم بريقها اللامع، وهذا عن طريق الإعلام المغير، والسياسات المتحيزة، واختفاء العدل، والقياس بمقياسين ، بل أكثر.
[1] – نشر بجريدة النبأ