نشرة “الإنسان والتطور”
الخميس: 22-5-2014
السنة السابعة
العدد: 2456
ص 155 من الكراسة الأولى
القراءة:
– أبشر بذكر الله، الرحمن الرحيم
أعوذ بالله من كل شر:
هذه بداية غير مسبوقة فى تدريب اليوم.
اعتدنا أن يبدأ شيخنا بالاستعاذة أو البسلمة، لكنه يبدأ اليوم بالبشرى بذكر الله “أبشر بذكر الله الرحمن الرحيم” ويلحقها فورا بأن يستعيذ بالله ليس فقط من الشيطان الرجيم وإنما من كل شر، “أعوذ بالله من كل شر”، ثم البسملة قبل اسمه، ثم يواصل.
إن مجرد هذا الاختلاف يذكرنى بأن نجيب لا يكرِّرُ مهما كرَّرَ، وحين يبدأ البداية دائما بالبسلمة مثلما نفعل جميعا، ومثلما علمنا القرآن الكريم، فإننا نستحضر اسم الله: نفتتح به ما ننوى فعله فنستحضر ربنا يرانا فيما نفعل، وإن لم نكن نراه، وقد سبق أن ناقشت ذلك ونبهت كيف أنهى بعض طلبتى أن يزين أطروحته للماجستير أو الدكتوراه بالبسلمة فى حين أنها تتضمن ما لا يشرف بهذه البسملة من أخطاء بل من تجاوزات أخلاقية أحيانا. (نشرة:21/6/2012 قراءة فى صفحة 81 من الكراسة الأولى)
حين يجئ شيخنا هنا يذكرنا بأن المسألة ليست تكرارا، وأن البسملة هى استحضار لربنا فى وعينا بكل مسئولية ذلك، فإن كسر التكرار بتغيير الصيغة إلى “أبشر بذكر الله الرحمن الرحيم” يفيقنا – أو هكذا فـَعـَلَ معى – إلى حقيقة استحضار ربنا فى وعينا فى كل لفظ وصمت وفعل نأتيه.
ثم إنه يكسر الاستعاذة الراتبة من الشيطان الرجيم بأن يجعل هذه الاستعاذة اليوم “من كل شر” فتعم الاستعاذة من الإنس والجن وأنفسنا على حد سواء إذا كان أى من هؤلاء مصدرا لأى شر، الشر الحقيقى ليس هو ما يعتبره الخواجة “بوش محور الشر” ، ولا هو ما يعتبره المكفِّرون شرا، الشر هو كل ما يعوق الحياة ويجهض نعمة الإبداع، ويفسد فى الأرض، ويظلم الأضعف.
– الورد جميل جميل الورد:
الورد جميل وله اوراق .. عليها دليل من الاشواق
ليس عندى ما أضيفه على علاقة شيخنا بأم كلثوم، وفن أم كلثوم، وصوت أم كلثوم، فقط أذكر وأتذكر حضور كلمات بيرم التونسى مع الشيخ زكريا أحمد، وهذه الجملة التى تبدو عادية أو حتى ماسخة من أن “الود له أوراق” إذا دخلت فى لحن الجمال والتحمت بوعى العشاق ثم صدحت بها أم كلثوم، ثم نقابلها الآن وهى تقفز إلى وعى شيخنا وهو يتدرب، فهذا حضور جديد يحتاج لمن يتابعنا حمدًا وترحيبا.
ثم نتابع النقلات ما بين “النرجس” و”الفل” و”الياسمين” برقة وعذوبة تجعلك تكاد تشم رائحة كل منها الواحدة تلو الأخرى مع نغمات الأغنية وصوت الساحرة.
ثم اختم بهذه الصورة للياسمين وقد تحوَّل عاشقا يغفو على الأغصان:
شوفوا الياسمين جميل نعسان
حلي له النوم على الاغصان
ليختم بيرم بتزاوج رائع بين العامية والفصحى قائلا:
بكل حنان تضمه الإيد
وبه تزدان صدور الغيْد
(هل عندك علم أن الغيد جمع “غادة”، وأنها لفظة من أجمل ما وُصفت به المرأة وهى تتثنى فى نعومة ولين؟)
– الفضل لصاحب الفضل:
ألتقطت عبارة الفضل لصاحب الفضل قبل أن تتداخل الكلمات، وإذا بى أتوقف عند تسبيحة من أجمل الحْمدِ لله، لم أكن منتبها إلى جمالها ورقتها هكذا من قبل.
“الفضل لصاحب الفضل” : عبارة تعنى امتنانا لا مثيل له، فصحاب كل فضل هو صاحب الفضل الأول والآخر، هو الله رب العالمين.
لكن هذا لا يمنع أن يُجرى الله سبحانه الفضل على أيدى عباده، وحين أذكر فضل هذا الرجل، شيخى الجليل، على كل من اتصل به وكل من قرأ له، وكل من اقترب منه، احمد الله أنى عشت فى عصر كان فيه هذا الرجل.
ثم فجأة، وبمحض الصدفة أعثر على هذين البيتين من قصيدة لم أعثر على قائلها تقول:
يا صاحبَ الفَضل العَميـمِ، وصاحبَ الربعِ الأنيس ِ
منّ الخمَيس ِ، إلى الخَميس ِ، إلى الخميس ِ، إلى الخميس ِ
فأذكر لقاءاتنا الخميس، وما سمعت عن خميس الحرافيش الحقيقيين قبل التحاقى بهم “احتياطيا” بعد “انتهاء الوقت الأصلى”، ثم خميس أم كلثوم، ثم هذا الخميس تلو الخميس فى نشرات “الإنسان والتطور” معه بلا انقطاع منذ بدأت “فى شرف صحبة نجيب محفوظ بتاريخ 27-9-2007 وحتى الآن .
وبعد أن أحمد ربى أن عرفت هذا الرجل الذى ظل يعلمنى – هكذا – حتى بعد رحيله المزعوم، أرجع ثانية إلى الأصل وأقول معه
الفضل لصاحب الفضل
لا إله إلى هو الكريم الوهّاب
– نفحات مصطفى الرافعى:
ثم أختم بما التقط وسط زحمة “الشخبطة” (شخبط فى الورقة: خلط فيها وأكثر الشطب)، وقد التقطتُ اسم “مصطفى الرافعى” قبل أن انتبه إلى لفظ “نفحات”، وحين انتبهت تذكرت من بعيد أن ثمة كتاب باسم “نفحات من وحى القلم” لمصطفى صادق الرافعى، ثم تداعت الذكريات هكذا:
كان لى صديق من الإخوان الأصليين اسمه كمال حلمى (المرحوم د. كمال حلمى)، كنا طلبة فى كلية الطب، تعرفت عليه سنة 1952 وما بعدها، وحين كنت استهين بالاحتلال الانجليزى وأننا قادرون على مواصلة البناء والإبداع والتحضر برغم وجوده، أراد أن يفيقنى حين تصور أننى لا أعرف حقيقة ذل الاحتلال البريطانى، كنت قد انتقلت من زفتا سنة 1945 إلى مصر الجديدة، وهى سنة جلاء الانجليز عن القاهرة، وكنت أرد عليه أننى لحقت بعض أرجلهم الحمراء العارية وهى تتدلى من ثكنات قصر النيل (التى أصبحت جامعة الدول العربية) قبل أن يرحلوا لكنه أصر أن يصحبنى (هو وأنا فقط) على رحلة بالدراجة إلى مدن القناة، وكانوا ما زالوا يحتلونها، حتى أشعر بمعنى الاحتلال وجها لوجه وهم يوقفوننا، ويفتشوننا…الخ، فكان ما كان، وامتطينا صهوة دراجاتنا إلى الإسماعيلة فالقنطرة فبورسعيد فدمياط (عبارة) فالمنصورة فالقاهرة، ووصلتنى الرسالة التى أراد توصيلها لى، هذا الصديق كان جميلا حتى مات جميلا، وكان إخوانيا رقيقا راقيا جدا، كان يحب محمد صادق الرافعى حبا جما، وكان فخورا بخصومته مع العقاد ومع طه حسين وكنت متحيزا لهما، وإذا كان قد نجح فى تعرية وعيى ليواجه ما هو احتلال وجها لوجه، فإنه لم ينجح فى إعادتى للإخوان، ولا أن يحببنى فى الرافعى حتى أقرأ له.
ثم ها هو شيخى الجليل بعد ما يقرب من سبعين سنة يدعونى للتعرف على “نفحات الرافعى”، فأتعرف على بعض ما يغرينى بالاعتذار للمرحوم صديقى كمال حلمى وللرافعى معاً.
و”كتاب نفحات من وحى القلم” يضم مجموعة من مقالات الرافعى النقدية والإنشائية المستوحاة من الحياة الاجتماعية المعاصرة، والقصص، والتاريخ الإسلامي المتناثرة في العديد من المجلات المصرية المشهورة في مطلع القرن العشرين، مثل: الرسالة، والمؤيد والبلاغ والمقتطف والسياسة وغيرها وهو يتكون من ثلاثة أجزاء وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1936 م. وفيها: اليمامتان –الطفولتان – في الربيع الأزرق.
وله كتب كثيرة غيره لن أورد أسماءها ولا إشارة إليها، مكتفيا بلمحة عن خصومته مع طه حسين والعقاد.
– أولاً: مع طه حسين: كانت هذه الخصومة بسبب كتاب طه حسين ” في الشعر الجاهلي ” الذي ضمّنه رأيه في أن جُلّ الشعر الجاهلي منحول، وهي مقولة خطيرة تنبه لها الرافعي؛ فحمل عليه حملة شعواء في الصحافة المصرية واستعدى عليه الحكومة والقانون وعلماء الدين، وطلب منهم أن يأخذوا على يده وأن يمنعوه من أن تشيع بدعته بين طلاب الجامعة، وترادفت مقالاته عاصفة مهتاجة تفور بالغيظ والحميّة الدينية والعصبيّة للإسلام والعرب، كأن فيها معنى من معاني الدم، حتى كادت هذه الحملة تذهب بـ ” طه ” وشيعته؛ إذ وقف معقود اللسان والقلم أمام قوة قلم الرافعي وحجته البالغة، وقد أسرّ ” طه ” هذا الموقف للرافعي، فما سنحت له سانحة ينال بها من الرافعي إلا استغلها كي يرد له الصاع صاعين. غير أن الرافعي كان يقارعه حجة بحجة ونقداً بنقد حتى توفي رحمه الله.
ثانياً: عن خصومته مع العقاد: فقد كان السبب فيها كتاب الرافعي ” إعجاز القرآن والبلاغة القرآنية ” إذ كان العقاد يرى رأياً مخالفاً لما يرى الرافعي، وقد نشبت بينهما لذلك خصومة شديدة تجاوزت ميدانها الذي بدأت فيه، ومحورها الذي كانت تدور عليه إلى ميادين أخرى؛ جعلت كلا الأديبين الكبيرين ينسى مكانه، ويغفل أدبه ليلغو في عرض صاحبه، ويأكل لحمه من غير أن يرى ذلك مَعابة عليه، وكان البادئ الرافعي في مقالاته ” على السفود ” التي جمعها له في كتاب صديقه إسماعيل مظهر، وتوقفت المعركة بينهما فترة وجيزة ما لبثت أن اشتعل أوارها مرة أخرى عندما نشر العقاد ديوانه ” وحي الأربعين ” فكتب الرافعي نقداً لديوانه، تلقفه العقاد بالسخرية والتهكم والشتم والسباب، ولم تزل بينهما الخصومات الأدبية حتى توفي الرافعي رحمه الله سنة 1937 عن 57 عاما.
وبعد
شكرا يا شيخنا الجليل، صحيح أنه لم تتح لى الفرصة أن أفاتحك بشأن هاتين الخصومتين التى سمعت عنهما أيضا من استاذى محمود محمد شاكر، لكن الحمد لله أن جاءت الفرصة الآن لتقرص أذنى وتدعونى للتعرف عليه، لأنى أعتقد أنك كنت تقدره حسب معرفتى بطباعك، وتقديرك لمثل هؤلاء الكرام المبدعين المحاربين.
لعلكما التقيتما هناك عند غافر الذنب وقابل التوب، فأرجوك أن تشكره نيابة عنا،
وإليكما وعدا أن اقرأ بعض ما أوصانى به صديقى الإخوانى المرحوم د. كمال حلمى، وأدعو أن تتاح له هو أيضا الفرصة ليلقاكما معا، فيخفف ذلك من غلوائه التى لم تشوه جماله أبدا.
أخيراً:
ما سبق ورده فى النشرات السابقة انظر الهامش.(1)
[1] – الصبر مفتاح الفرج: الصبر جميل:
كلمة (الصبر) | صحفة | عددها |
الصبر طيب | 37- 92- 95- 99- 110- 144- 172 | 7 |
مرارة الصبر | 103 | 1 |
الصبر جميل | 2- 13-52- 92- 100- 144- 148-157- 172 | 9 |
الصبر جميل وطيب | 171 | 1 |
الصبر طيب وجميل | 103 | 1 |
شيمتك الصبر | 27-51- 63- 127- 151- 166- 187 | 7 |
الصبر مفتاح الفرج | 157- 160 | 2 |
الصبر مع الصابرين | 195 | 1 |
الصبر من الإيمان | 32 | 1 |
الصبر عذب | 226 | 1 |
الصبر (فقط) | 236- 245 | 2 |
الله مع الصابرين | 1 | 1 |
إن الله مع الصابرين | 52 | 1 |
إصبر إن الله مع الصابرين | 154 | 1 |
الصبر جميل، جميل الصبر | 238 | 1 |
اللهم صبرك | 147 | 1 |
– يا مفتح الأبواب يا رب: وردت فى صفحة التدريب رقم (147) نشرة : 27-3-2014، وأيضا فى صفحة التدريب رقم (148) نشرة: 3-4-2014.