“نشرة” الإنسان والتطور
الثلاثاء : 6-1-2015
السنة الثامنة
العدد: 2685
الثلاثاء الحرّ:
الفصل الخامس:
أبو النمرس (1)
كانت البقرة لا تهز رأسها لا يمينا ولا يسارا، لكن الجرس حول رقبتها صار يشخلل بما يكفى أن يثبت أنها تلف. الغما محبوك على العيون الواسعة التى يمكن آن ترى حتى وهى وراء الغما الذى تتسع مساحته أكبر بكثيرمن وظيفته.
نبح كلبُ نباحا قبيحا، فتوقفت البقرة عن السير، وتوقف الجرس عن الشخلله. فزع الرجل المكلف بالمهمة، كان على وشك أن يغطس فى نوم متسحب برغم الصداع المتزايد بلا سبب ظاهر. مد يده فى سيالته وأخرج قرصين “ريفو” وابتلعهما دون ماء فشرق، وسعل متواصلا حتى كاد يتقيأ.
أمسك الرجل بفرع شجرة جاف يستنقذ به، فطقطق الفرع ثم انكسر فكاد الرجل ينكفئ على وجهه وزاد فزعه رغم أن الذى حدث لم يكن نادرا (ولا حتى مفاجئا).
تلفت الرجل حوله وفزعه يتزايد وكأن خطرا جسيما أصبح يهدده من خارجه من كل ناحية. اندفع نحو الترعة وهو يلعن كل شئ، سب الدين.
ابتسمت الدكتورة مادلين التى كانت تتابع المنظر من خلال نافذة صيدليتها.
أنكرت كل ذلك بينها وبين نفسها، ثم عادت فقالت بصوت عال (لنفسها أيضا):
”يستاهل”.
[1] – هذا الجزء “المقدمة”، هو تقليد سبق كل الفصول فى رواية “ملحمة الرحيل والعود” الجزء الثالث من الثلاثية الروائية “المشى على الصراط”، الذى صدر بعد ربع قرن من صدور الجزء الأول “الواقعة” سنة 1976 – ط2 2008، ” والثانى “مدرسة العراة” سنة 1977- ط2 2008، هذا الجزء المقدمة يبدو منفصلا لكنه فى نفس الوقت متصل بالفصل الخامس من الجزء الثالث من الثلاثية.