نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 8-11-2014
السنة الثامنة
العدد: 2626
حوار مع مولانا النفّرى (105)
من موقف ما تصنع بالمسألة
وقال مولانا النفرى
وقال لى:
انظر إلىّ فى نعمتى تعرفنى فى تعرفىّ إليك.
وقال لى:
من لا يعرف نعمتى كيف يشكرنى.
فقلت لمولانا:
أوصى نفسى – يا مولانا –، وكثيرا من مرضاى بالإكثار من الحمد على حساب الاستغفار فى فترة معينة من تطور معاناتهم أو تطور علاقتى بهم، ويسألنى بعضهم: الحمد على ماذا بالضبط، فأصر ألا يوجه حمده إلى نعمة معينة، أو فضل من الله بذاته، فيستجيب كثير منهم أكثر من أهاليهم الذين يصرون على مناقشة مغزى ما أقول، وكيف لا يستغفرون!! وأوضح أننى لم أنْهَ عن الاستغفار وإنما أوصى بالحمد أكثر كثيرا، وإذا تمادت المناقشة اعتذرت، وواصلت أطلب منهم أن نحسن الحمد دون تحديد ما نحمده عليه وسوف يذهب كل حمدٍ إلى “صاحب النصيب من النعم” دون تخصيص مسبق، وإذا بك يا مولانا تهدينى الآن إلى عمق آخر فيما كنت أفعل وأتصور، وإذا بالحمد نَظَرٌ وتعرف، حين نربط النعمة بواهبها نراه فيها، فأى فضل وأى عمق فى أن ننظر إليه فى نعمته، ومن ثَمَّ تعرفه إلينا.
كثيرا ما يحدث يا مولانا فى العلاج الجمعى خاصة أننا حين نحمد الله نتفق أننا نحمده وهو بيننا، “هنا والآن” معنا، وسطنا، وحوالينا، فكنا نتعاون أن نرى حضوره يجمعنا فى وعى جماعى يتوجه بنا إليه وكأننا نطبق كيف نراه فى نعمته علينا بنا، وغالبا يحدث ذلك دون أن نذكر لفظ الجلالة كما تعلمنا منك يا مولانا: “وقال لى”:، “وقال لى”:.
الرؤية الجديدة أيضا التى وصلتنى اليوم هى أننا حين نعرفه فى نعمته ترتبط كل نعمة به تلقائيا، فهو يتفضل علينا بأن نتعرف عليه فيها، وكأن هذا التعرف عليه هو الفضل الذى نجنيه من حضوره فى كل نعمة، والأمر لا يقتصر على أن نتعرف نحن عليه أو نعرفه، بل إن الفضل يتمادى فيتعرف هو إلينا، يالروعة التعبير “يتعرف إلينا”.
ثم إنك يا مولاى تذكرنا بشرط جميل للارتقاء بالشكر حين يردف إليك:
وقال لى:
من لا يعرف نعمتى، كيف يشكرنى.
يحضرنى أيضا حوارى مع مرضاى حين أصر معهم ومع نفسى أن نتحسس أى تحسن فى الصحة على طريق الشفاء وأقول لهم وخاصة لمن يصر على أنه كما هو ( أنا زى ما أنا) أقول له ألم تتحسن ولو 1 % فيهتز موقفهم ويقول، يعنى! أو بعضهم يقول 5 % وآخرون يرتفعون بالرقم إلى 30 % أو أكثر قليلا، فنتذكر معا أنه “لئن شكرنا ليزيدننا”، وأن علينا أن نركز حتى على هذا الواحد فى المائة، وإذ بنا نفاجأ أنه يتضاعف تلقائيا، وأحيانا فى نفس الموقف (وأحيانا فى نفس اللحظة)، ثم نعاود المحاولة وتصحيح رؤيتنا للنعمة التى تتضاعف تلقائيا بمجرد إقرارها وشكرنا له، وهكذا اقرأ وأعيش وأحاول معهم تفعيل ما وصلنى من أنه “وأما بنعمة ربك فحدث” وأنتبه تلقائيا، وأنبه، إلى أن الحديث بالنعمة ليس بالكلام الذى قد يسرقنا إلى حد التباهى، وإنما بأن نعرف أن النعمة نعمة وهى منه وهو فيها، وبالتالى علينا أن نضعها فى موضعها عملا صالحا وقربا مبدعا، وبالتالى تكون أول خطوة هى أن نرى النعمة نعمة، نراها بحجمها أو حتى بأكبر من حجمها بدلا من أن ننكرها أو نقزمها بعمانا.
ثم إنك يا مولانا عاجلتنا لتذكرنا أنه حتى يكون الشكر شكرا صادقا، علينا أن نعى جيدا طبيعة النعمة ومعناها وحضوره فيها، هذا فقط هو ما يجعل الشكر أعمق وأصدق، فيبارك هو أكثر وأكثر “لأزيدنكم”،
وبعد
هكذا يا مولانا ترتبط الرؤية بالتعرف بالحركة إليه بالتعرف إلينا بالتعرف عليه فى نعمه وفى وجودنا جميعا.