نشرة “الإنسان والتطور”
الأثنين: 20-10-2014
السنة الثامنة
العدد: 2607
الأساس فى الطب النفسى
الافتراضات الأساسية: الفصل الخامس:
ملف الوجدان واضطرابات العواطف (34)
الخلاصة والخاتمة
لم يصلنى، بعد، استجابة لنشرة أمس، ما يكفى ليعيننى على اتخاذ القرار المناسب، وعلى ذلك كان لزاما علىّ أن أتخذه اجتهاداً:
قررت إغلاق ملف العواطف حاليا بما فى ذلك تأجيل ذكر ما يسمى “أعراض اضطرابات العواطف”، مخالفا بذلك ما اتبعناه مع اضطرابات التفكير واضطرابات الكلام واضطرابات الإدراك فى الفصول السابقة، ذلك أننى شعرت أن تقييم اضطراب العواطف بعد كل ما ذكرنا بكل هذه التفاصيل يمكن أن يختزِل أو يشوه كل ما قلناه سالفا، فأجّلت تناول ذلك حتى أجد حلاًّ.
كل ما أود أن أعيده دون خجل، ولكن باختصار شديد هذه المرة، هو ما ذكرته للأطفال:
العواطف عقل تانى.
مش بعيد ما الأولانى.
……………….
……………..
هىّ حلوة بدونْ كلامْ
حتى مش محتاجة حضنْ، أو سلامْ
هىّ حلوة لما تطلع فى أوانها
لما تتحط فْ مكانها …… (1)
أما الكبار، فهم إن لم يفهموا رسالة الأطفال فإليهم ما يلى (وفى الإعادة إفادة خاتمة بإذن الله!).
العواطف هى تجليات العقل البيولوجى الذى حفظ بقاء وتطور الأحياء، وهذا العقل البيولوجى مازال يعمل مع سائر العقول الأخرى فى مرحلة الإنسان، وربما يكون هو الأهم والأقدر وهو الأوْلى بالاعتبار فى كثير من الأحيان.
الفرصة الرائعة
أود أن أحمد الله وأشكركم وأشكر نشرة الإنسان والتطور التى أتاحت لى هذه الإطلالة على ما يطمئننى إلى الوثوق فى ما أتبع من منهج، فقد تأكدت لى مشروعية الفرض الذى يقول:
“إن المبدعين فى كل المجالات بلا استثناء يبدعون ويصلون إلى إعادة تشكيل أبجديتهم من واقع تنشيط وتحريك عقولهم جميعا معا، وفى مقدمتها هذا العقل البيولوجى الأكثر ارتباطا بالوجدان، وهم إذْ يشكلون بأبجديتهم ما وصلهم هكذا، يمارسون جمع ما يتكامل منه من خلال الملاحظة والمواجدة جميعا، فيلتقطون عمق الظاهرة موضوع الإبداع فى نفس الوقت الذى يصفونها فيها من واقع كل ما وجدوا، ولاحظوا، وجمّعوا، ورتّبوا!
إن هذه المواجدة تظهر أكثر ما تكون تمثيلا للتقمص المبدع عند التشكيليين بشكل مباشر، لكنها تعتبر أيضا أساس جوهرى فى كل إبداع من أول قرض الشعر حتى نظريات العلوم الكموية فى الطبيعة والرياضة، ثم إن نفس المنهج هو سبيل العارفين على طريق الإيمان إلى وجه الحق تبارك وتعالى.
الخاتمة: مداعبة جادة!!
أثناء بحثى – كما وعدت أمس – لتسجيل مزيد من المقتطفات من الـ 216 صفحة (ملف الوجدان) وكان فى نيتى أن أكمل ما بدأت، وقبل أن أعدل عن التمادى فى الاقتطاف، لاحظت أننى أشرت إلى إبداع فان جوخ وكيف أنه يستحيل أن يخرج بهذه الدقة والروعة إلا إذا كان قد تحركت مستويات وعيه الإبداعى حتى استطاعت أن تنفذ إلى عيون وأجساد وحركة من سجله بريشته، خصوصا الحيوانات والطيور والطبيعة، وأذكر أننى دهشت أن داروين لم يستشهد برسومه وهو غالبا معاصر له، فقلت لتكن الخاتمة هى أن أعاود التذكير بالفرض السابق حالا ممثلا فى الفن التشكيلى خاصة، فتصورى أنه فن يغوص فى وجدان ما ومَنْ يبدع، ثم يعيد صياغة ما وصله بما عايشه بكل مستويات وعيه، فيُظهر له ولنا ما هو أعمق وأدلّ من الأصل (ومن الخيال)، بل يبدو أن هذا هو ما يحدث غالبا عند كل المبدعين فى أى مجال آخر.
كما لاحظت أيضا – أثناء المراجعة – أننى تحفظت على تركيز تشارلز داروين على “التعبير عن الانفعال” دون “المواجدة”، مع أننى وضعت فرضا أنه ما وصل إلى ما وصل إليه فى كتاباته كلها وليس فقط فى كتابه عن انفعالات الحيوان والإنسان، إلا من خلال المواجدة كعنصر مركزى فى إبداعه بالإضافة إلى ما تيسر له من ملاحظات مواكبة ولاحقة أثناء رحلته، أو رحلاته، وكل هذا مرتبط بفرضى السابق الذى يقترح أنه رأى “أصل الأنواع” و”أصل الإنسان” فى داخله وخارجه معا، وهذا لا يقلل من صلابة نظريته بل يزيدها قوة.
وكذا اكتشفتُ – أثناء المراجعة – أيضا أننى لم أعرض عينات كافية من إبداع فان خوج للتطبيق والحوار فخطر ببالى أن أقوم بالتجربة التالية:
أن أعرض – كخاتمة – على كل من يهمه الأمر، وأيضا على أصدقائى: تشارلز داروين و إرنست هيكل، ودانيال دينيت،!!! أن يعطى كل منهم وصفا – ليس بالضرورة اسم عاطفة بذاتها – لما يصله، من التشكيل المطروح وكلها لفان جوخ (غالبا) وذلك على الوجه التالى:
العمود (I): وهو الأقل أهمية وقد وضعته مضطرا لمقاومة الكسل والحيرة ومازلت أفضل عدم الاستجابة عليه.
العمود (II): وهو الذى يمكن أن يعطينا ما قصدتُهُ من التجربة
أما السطر الأسفل (III): فقد يثبت أنه الأهم ونحن نمارس المنهج معا
شكرا
وإلى اللقاء فى الفصل القادم
لم أحدده بعد
[1] – أرجوزة العواطف (الجزء الأول)، وأرجوزة العواطف (الجزء الثانى) من ديوان أراجيز الفطرة البشرية (للأطفال والكبار وبالعكس)