نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 17-9-2014
السنة الثامنة
العدد: 2574
من أفكار وآراء مواطن مصرى (2 من 2) (1)
س 11 : بالنسبة للعلاج الجماعي هل هو مفيد ويؤتي ثماره بشكل سريع كآداة علاجية؟
د. يحيى:
اكتشفت أن العلاج الجماعى يمثل لى مصدرا من أهم مصادر ما عرفت عن النفس البشرية وعن الإنسان المصرى، وفائدة العلاج الجماعى ليس فقط فيما يعود على الأفراد المشتركين فيه للتخلص من معاناتهم وأعراضهم فحسب، وإنما فائدته أيضا أنه يسمح بإتاحة الفرصة لتنشيط عمليات النمو فى المريض والمعالج معاً فى حركية أقرب إلى أصل الطبيعة البشرية ، وهو ينتشر عبر العالم مع إحياء هذا الأمل، وقد عايشت ذلك مؤخرا فى المؤتمر الدولى الأول بعنوان: “العلاج النفسى الجماعى والعمليات الجماعية أمل فى الأوقات العصيبة” الذى عقد بالقاهرة فى الفترة من 14 يناير إلى 17 يناير 2014، واطماننت أن بعض الطيبين فى العالم يسيرون فى الاتجاه الصحيح.
س 12 : هل يمكن اعادة تشكيل مفردات الناس بشكل جديد وما هي الادوات التي تنصح بها اثناء هذه العملية؟
د. يحيى:
لم أفهم جيدا تعبير “إعادة تشكيل مفردات الناس” لقد قلت حالا إن المخ البشرى يعيد تشكيل نفسه باستمرار، وكل ما علينا معالجين ومربين وسياسيين أن نواكب هذه العملية لندعمها فى الاتجاه الصحيح ليظل المخ البشرى كما خلقه الله، ويعيد تشكيل نفسه كما خلقه الله أيضا، وباستمرار.
أما الأدوات فهى “التعليم” و”الإعلام” و”السياسة” و”العلم السليم”، ولهذا تفصيل لا يتسع له المقام.
س 13 : هل تتأثر احيانا بمريضك وانت تصيغ شخصيته من جديد ؟
د. يحيى:
طبعاً، وقد ذكرت حالا أن ممارستى العلاج هى نقد النص البشرى لإعادة تشكيله، وأنا لا أقصد بتعبير النقد أنه ينطبق على المريض دون الطبيب، فالطبيب الذى لا ينقد نفسه نصا بشريا قابلا وجاهزا لإعادة التشكيل قد لا يصلح لهذه المهنة، على الأقل كما أمارسها أو كما أوصى بطريقة ممارستها.
س 14 : ذكرت في احدي اشعارك “متي تعود اليمامة لعشها” ما هو المقصود باليمامة ومتي ستعود؟
د. يحيى:
بحثت عن هذا النص فى شعرى فلم أجده وإنما وجدت قصيدة مازالت شديدة الإيلام بالنسبة لى وليس من حق الشاعر أن يقول ماذا يقصد بشعره سواء بالنسبة للقصيدة أو لجزء منها فما بالك بتفسير كلمة، لكنه قد يشير إلى مناسبتها أو ظروف تشكيلها.
هذه القصيدة كانت بعنوان “اليمامة والهدهد” وقد بدأت هكذا:
إذ ْ كانت طفلهْْ، إقتربت يوماًَ من سور الشرفه ، رأت الهدهد يتمايل مختالاً بجماله، عشقَت لون الريش ، وحفيف الحركة
وانتهت هكذا:
نظرت للأرض الرحم الأم ، ناداها الهدهد ، فتذكرت العش المجدول ، طارت مثل يمامه ، تبحث عن صدر وليف لم يولد أبداًُ ، وتهاوت فى زفة عرس
س 15 : ذكرت ايضا في احدي اشعارك “نجماً شارداً أطل بابتسامة، فلاح نور الفجر” هل هذا يرمز للامل الذي ينتظره المصريين؟
د. يحيى:
ما هذا؟ أنا لا أذكر هذا النص تحديداً، ومع ذلك فإن أقرب نص إلى ما أشرت جاء فى ديوانى “سر اللعبة” وقد كتب سنة 1971، وأنا لم أكتب حرفا فى شعرى أو غير شعرى إلا وهو متصل بالأمل الذى ينتظره المصريون وكل الناس وإليك مقتطفا من شعرى بالعامية
دانا لما بابص جوا عيون الناس، الناس من أيها جنس،…. بالاقيها ف كل بلاد الله لخلق الله. وف كل كلام ،.. وف كل سكات. واذا شفت الألم، الحب، الرفض، الحزن الفرحه فى عيونهم.. يبقى باشوف مصر. وباشوفها أكتر لما بابص جواي. والناس الحلوين اللى عملوا حاجات للناس، كانوا مصريين !!
”كل واحد همه ناسه، كل واحد ربه واحد، كل واحد حـر بينا، يبقى مصري”
س 16 : هل يوجد شيئ اسمه مستحيل ومتي يمكن للانسان تجاوز المستحيلات؟
د. يحيى:
لقد كتبت فى نشرة “الإنسان والتطور” التى أصدرها يوميا من موقعى منذ ثمان سنوات تحت عنوان “استحالة الممكن وإمكانية المستحيل” ما أقتطف منه ما يلى:
يقاس المستحيل عادة- بالسقف الذي لايمكن تخطيه بالحسابات المسبقة، وبالبعد البين عن المجمع عليه من الجميع، وبالقياس بالسائد الجاثم الساكن أبدا ..، وبقهر المجتمع والسلطة وخوفهما معا…. و… و..، مع أننا علي مسار التطور الممتد نمارس المستحيل طول الوقت، وحين ننجح نتجاوز كلا من: السقف، والحسابات والسائد !! وغير ذلك
إن الحياة الحقيقية هي حركة دائبة بين المستحيل والممكن، وبالعكس: بين الممكن والمستحيل، وهي مصممة طول الوقت أن تجعل المستحيل ممكنا، وفي نفس الوقت أن تحول دون أن يتحول الممكن إلي مستحيل.
س 17 : ثار المصريين علي الحكم العسكري فأسقط حسني مبارك ثم ثاروا علي الاخوان فاسقطوا مرسي، والان هناك قاعدة عريضة تؤيد الحكم العسكري ولا تري سواه هو الحل… ما رأيك في هذا؟
د. يحيى:
الحكم العسكرى ليس بالضرورة أن يكون الحاكم عسكريا بمعنى أن يلبس الحاكم،”حلة عسكرية” أو حتى أنه كان يلبس هذه الحلة، وإنما هو كل حكم فرد قاهر طاغ، سواء كان من يمارسه مدنيا أو عسكرياً، المهم فى أى حكم هو العدل والانتاج والإبداع سواء حكمنا عسكرى أو مدنى، أو حتى حكمنا جان من تحت الأرض.
س 18 : تحليلك لرؤساء مصر السابقين…؟
د. يحيى:
أنا لا أحلل رؤساء مصر السابقين، وإن كنت قد كتبت طويلا عن جمال عبد الناصر وأحيانا عن السادات، لكن لم يكن تحليلا وأفضل أن نركز فى حكامنا الحاليين لأنهم الأولى بالنقد والتعديل، طبعا دون إهمال دروس خطئنا مع السابقين وأخطائهم معنا.
س 19 : ما هي الشروط التي يجب ان تتوافر فيمن سيحكم مصر الان..؟
د. يحيى:
(1) أن يبدأ بالعمل على توفير الانتاج الحر المستقل بأقل قدر من الديون وأكبر قدر من العمل.
(2) أن يقيم العدل البشرى الممكن
(3) أن يصحح التعليم بما يحافظ على حركية العقل البشرى وقدرته على النقد والابداع
(4) أن يحدد أعداءنا، بوضوح وانه لا يوجد شىء اسمه ثقافة سلام مع استمرار معاهدة السلام، فلا ثقافة سلام إلا مع أقران، ومادام أحد الأطراف يملك قنبلة ذرية والآخر لا يملكها فنحن فى حالة ثقافة الحرب حتى دون حرب إلى يوم القيامة.
س 20 : نصيحتك للرئيس القادم؟
د. يحيى:
أن يحسن الاستماع لما يصل إليه، وألا يرشو الفئات لمجرد اكتساب الشعبيه إلا بعد توفير مصادر الرشوة، وألا يتبع أية قوة فى العالم إلا بعد الاستقلال الاقتصادى الذى يسمح بمعاملة الند، وأن يحاول تطبيق ما جاء فى الاجابة على السؤال السابق من حيث تحديد العدو والحفاظ على ثقافة الحرب دون حرب ما أمكن ذلك.
س 21 : نصيحتك للمصريين ؟
د. يحيى:
التوقف عن لعبة التغيير من الشارع لمدة عشر سنوات، والعمل طول الوقت كل فى موقعه، وأن يعبد كل منا الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله سبحانه يراه.
[1] – حديث تم نشره كاملاً فى مجلة 7 أيام بتاريخ 28 يناير2014