نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 29-1-2014
السنة السابعة
العدد: 2343
الشباب والخوف من إعادة النص (الاسكريبت)(1)
تم الفصل الأول بفضل انتفاضة الناس، واندفاعة الغضب، فى نور الأمل، ثم بدعم قوة وصلابة من آمن بما يجرى، لقد قام الشباب بدوره، – برغم كل الهمسات والهمهمات والشكوك والاحتمالات- سواء كانوا هم الذين كتبوا النص أم غيرهم، لكن ما تفجّر وأنجـَـز كان من داخلهم، فوصلنا إلى ما نحن فيه من فرحة، وحيرة، وتحد، ورعب، ومسئولية، وتردد، ووقفة، ومراجعة، أكثر الله خيرهم، ورحم شهادءنا منهم، وأسكنهم فسيح جناته، وبارك فيمن تبقى: يتعلم، ويواصل ويحبـَط ، ويستغفر، ويبدأ من جديد، بلا نهاية إلى الحياة الكريمة ووجه الحق تعالى.
الشباب ليس بشهادة الميلاد، الشاب هو من يحافظ على قدرته على الدهشة، وهو الذى يحافظ على قدرته على البحث عن ما وراء الظاهر، وتحمل مفاجأة نتيجة البحث، وهو الذى يمتلك دفع المخاطرة إلى غايتها الإيجابية، يواصل كل ذلك وهو يقوم بتشكيل البديل الصعب، فلا إبداع بدون مغامرة، والثورة إبداع جماعى، فاين كل ذلك ممن نسميهم شبابا الآن؟
إن هذه المواصفات هى موقف وجود يمكن أن يتصف بها أى ثائر مبدع فى أى سن، الثورة نفسها هى التعبير الأكثر تمثيلا لما هو “شباب”، وهى فى ذاتها عملية المفروض أن يستعيد بها الشعب -من كل الأعمار- شبابه، هى التى تجعل الشيوخ شبابا حين يطرحون التسليم جانبا، ويشكـّون فى الحكمة الكلامية التى تبرر لهم التأجيل طول الوقت، ولايتذكرون من خلالها إلا تجارب الفشل وقهر الأيام والحـُكـّام.
لماذا شاع إذن أن الشباب لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع على الدستور؟
الأرقام الرسمية تكذب ذلك، والنظرة العلمية لا تحدد الشباب بشهادة الميلاد، وإنما بالمواصفات السابق ذكرها.
لو أعدنا النظر فيمن توالى على حكمنا منذ سلم قال الشباب كلمتهم، لوجدنا أن الأمور لم تسر كما كنا نأمل وينبغى، لا الشيوخ أصبحوا أكثر شبابا، ولا الشباب اصبح أكثر خبرة وأدق حسابات، إذِ انتقلت عجلة القيادة بسرعة ومفاجآت، لم تتح لأى ممن تولى الأمر أن يكمل ولو بعض مشواره، حتى وصلنا إلى حكومتنا الحالية وهى تمارس دورها بكل ما أوتيت من قدرات تتناسب مع السن والظروف والخبرة وتعقيد الأحوال، صحيح أنها فترة محدودة، وأنها حكومة انتقالية، لكن يبدو أن الناس، وخاصة الشباب، قد ملوا الانتظار.
أخشى ما أخشاه أن يستمر الأمر على هذا النمط حتى بعد أن يتولى الرئيس الجديد – أيا كان – مقاليد الحكم، النص (السكريبت) أصبح يتصف بالاستعجال، والمطالب، والضجر، واللهفة على التغيير، وقريبا قد يتولى الفريق السيسى الرئاسة، ولا أستبعد أن نسمع من جديد هتافا خلال أسابيع أو بضعة شهور يردد: “يسقط يسقط حكم العسكر” يا خبر!!، أعوذ بالله من إعادة النص لثلاث سنين أخرى أو أكثر، فحكم الإفلاس ليس فيه، نقض أو تأجيل.
ربنا يستر ويتحمل كل منا مسئوليته شباب وشيوخا ونساء ورجالا، ولا يقتصر الأمر على الذهاب إلى الصناديق أياً كانت النتيجة وأيا كان الناجح.
الجميع “مستعجل” والكل ينتظر أن يأتى الحل من خارجه، وان يتم الإنجاز والإبداع والجديد “بلمسة سحرية ترضى جميع الأطراف”، ثم نخبره بالنتيجة على الفيس بوك!!
يا سادتى – شبابا وشيوخا وأنا أولكم:- الثورة لا تكتمل بالقصور الذاتى، أو بسحر مستورد، أو بدعاء الوالدين.
[1] – نشرت أصل هذا المقال فى موقع اليوم السابع بتاريخ: 16-11-2013، بعنوان: … بالقصور الذاتى أم بدعاء الوالدين!!؟؟، وتم تعديله وتغيير العنوان وتحديث بعض فقراته الحالية.