نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 1-12-2012
السنة السادسة
العدد: 1919
حوار مع مولانا النفّرى (4)
موقف “العز”
من موقف “العـز” (1)
وقال له (لمولانا النفـّرى):
لولاى ما أبصرت العيون مناظرها، ولا رجعت الأسماع بمسامعها”.
فقلت لمولانا:
حين عرفت من مرضاى وكدحى أن الخلية الواحدة الحيّة لا تستطيع إلا أن تؤمن، وصلنى ما يشبه ذلك،
وحين وصل هذا الوعى الذى ألقاه سبحانه فى وعيك يا مولانا إلى بعض من لم يستطع أن يترجمه إلى لغة مأهولة (بيولوجية أيضا)، تكلم، عن “الحلول” أو “وحدة الوجود” فكفّروه
أيضا: يبدو أنه حين خلط “صهيب” الإيمان بلحمه ودمه، كان يسمع ويرى – غالبا – فى موقف العز بفضله سبحانه وتعالى، “صهيب مؤمن نسى، إذا ذُكّر: ذَكَرْ (أدرك)…،…، ليس للنار فيه نصيب”.
****
من موقف “العـز” (2)
وقال له (لمولانا النفـّرى):
لو أبديت لغة العز لخطفت الأفهام خطف المناجل، ودرست المعارف درس الرمال عصفت عليها الرياح العواصف.
فقلت لمولانا:
يعلمك يا مولانا، فتعلمنا: أن لغة العز تتجاوز الفهم والمعارف، ومن رحمة ربنا بنا أنه لا يبديها دفعة واحدة، فأدعوه سبحانه أن يدعم جانبا من الأفهام بلغة العز، بقدر ما تطيقها هوامش الأفهام، أملا أن تغلف أو يترسخ بعضها فى جوف المعارف حتى تنبت وتترعرع، أو على الأقل تتنازل عن غرورها الغبى، الذى يعميها عن موقف العز، ولغة العز.
****
من موقف “العـز” (3)
وقال له (لمولانا النفـّرى):
لو نطق ناطق العز لصمتت نواطق كل وصف،
ورجعت إلى العدم مبالغ كل حرف.
فقلت لمولانا:
هل هى رجعة مطلقة إلى العدم؟
أليس هناك احتمال لكمونٍ فإعادة ولادة بفضله؟ لتصمت نواطق الحروف الواصفة إن حلت محل نطق العز، لكن دعنا نأمل أن نروّضها أن تختفى مدعمة برحمته تعالى، أمام هوْل منطق العز حتى لا تنفجر بنا عواصفه، تختفى لتظهر، وهكذا.
كله بفضله
****
من موقف “العـز” (4)
وقال له (لمولانا النفـّرى):
لا أنا التعرف ولا أنا العلم، ولا أنا كالتعرف ولا أنا كالعلم.
فقلت لمولانا:
لو كررتُ لهم يا مولانا أنه سبحانه وتعالى “ليس كمثله شىء” ألف ألف مرة، لسكتوا قليلا ثم عادوا يصفونه مرة بالعلم ومرة بالتعرف ومرة بالإثبات ومرة بالمنطق، قلت لهم – من واقع الحال – إن كل هذا يبعدنا لا يقربنا إليه، لأنه يشرح الشىء بالشىء، ويصف الشىء بالحرف، ويثبت الشىء بالبرهان، فأحنوا رؤسهم، فحسبت أن الرسالة وصلت وأن الإدراك تنشّط، ثم التفتُّ فإذا بهم ينسون أنه سبحانه ليس التعرف ولا مثل التعرف، وليس العلم ولا مثل العلم، لأنه ليس كمثله شىء، لكنه فى كل شىء، وهو السميع العليم، “هكذا” فقط.