نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 31-10-2012
السنة السادسة
العدد: 1888
تعتعة التحرير
من سيقول “نعم”، ومن سيقول”لا”: على ماذا ؟؟
قالت البنت لأخيها: هل قرأت مسودة الدستور، قال أخوها: لا طبعا، قالت: لا طبعا؟ لماذا لا؟ ولماذا طبعا؟ قال: “لا”، لأننى لا أثق فيما يجرى هكذا أصلا، و”طبعا” ، لأنه ليس عندى وقت، قالت: اسم الله عليك وعلى وقتك الغالى، إذن أنت ستمتنع عن التصويت، قال: إلا هذا، قالت: إذن كيف ستساهم فى الاستفتاء وانت مواطن صالح فلقتنى بحديثك عن الديمقراطية، وضرورة بذل الجهد والوقت للإحاطة بكل ما نساهم فى ترجيحه، قال: ومازلت أصر على ذلك، لكن لا يقدر على القدرة إلا الله، قالت: قدرة ماذا، ويقدر مَنْ، هل أنت حاولت وفشلت، أنت ترفض الإطلاع على المسودة من أصله فى صورتها النهائية مع سبق الاصرار والترصد، قال: مثلى مثل الشعب المصرى، قالت: تعنى الأميين منهم، قال: كلنا أميون والحمد لله، قالت: لكن هذا الشعب العريق أثبت درجة رائعة من الوعى، ولنتذكر نسبة المشاركة بمجرد أن أتيحت له الفرصة، قال: فرحة ما تمت، تحولت أوراق الاقتراع إلى صكوك للجنّة، كما تحول صندوق الانتخاب إلى صندوق الدنيا “وبختك يا أبو بخيت”، ثم دخلنا سيرك اللجنة التأسيسية بمسابقات فوازير الشطارة، قالت: تعنى ماذا؟ قال: ألم تلاحظى كيف تداخلت مواد الدستور فى بعضها البعض وهم يدسون السم فى العسل، قالت: يدسون ماذا؟ إذن أنت قرأت المسودة!! قال: والمصحف أبدا، لكننى أتابع السيرك المقام من بعيد لبعيد، حتى عرفت حيل السحرة وهى ترقص الحبال كأنها حيّات تسعى، ولا توجد حية سيدنا موسى لتلقفهم الواحدة تلو الأخرى قالت: لست فاهمة، ربما كونتَ رأيك من المقتطفات والجدال الذى ينشر فى الصحف، قال: أنا لم أكّون رأيا بعد، فأنا أوافق على بعض المواد وأعترض على مواد أخرى، حتى أهم بتمزيق الصحيفة ، قالت: وأنا كذلك، إذن كيف يطلبون منا أن نستفتى بهذا الشكل؟ المفروض أن نستفتى على مادة مادة، قال: اسم الله ، ونظل من غير دستور حتى الثورة القادمة، دعينا نعمل مثل كل الناس، قالت: إعمل معروفا أنا لست ناقصة وماذا سيفعل كل الناس؟ قال: الذين سيقولون “نعم” هم الذين سينتخبون الإسلام، والذين سيقولون “لا” سوف يقولون “لا” للإخوان، أما الدستور فهو ليس له دعوة، قالت: أنت تسخر وأنا أتكلم جدا، قال: أنت التى تحتاجين إلى اختبار ذكاء حتى تعرفى أنك تسألين أسئلة بلهاء، قالت: أنت الذى تخلط الكلام، أصبح عقلك لا يجمّع مثل يونس شلبى ، تقول كلاما غير مترابط، وفى نفس الوقت تتصور أنك سيد الحكماء، طيب، وأبى؟ هل عندك فكرة هل سيقول نعم أم لا؟ قال: اسأليه أنت حتى تعرفى تأثير الوراثة فى حالتى وحالتك وهل هو التخلف العقلى أم التفكك الفكرى، قالت: وراثة ماذا يا غبى وأنا أذكى من مسز تاتشر والست ميركل معا.
****
قالت البنت لأبيها: هل ستشترك فى الاستفتاء على الدستور يا أبى، قال: طبعا، قالت: وهل ستقول نعم أم لا، قال: سوف انتخب الإخوان طبعا، قالت: تنتخب الإخوان ماذا يا أبى؟!! هذه ليست انتخابات، هذا استفتاء على الدستور الذى سيحكمنا عشرات السنين، قال: إذن سوف انتخب الإسلام، قالت: يا أبى يا حبيبى هذا ليس انتخابا لمجلس شعب جديد والإسلام ليس مرشحا للرئاسة، قال: إعملى معروفا يا حبيبتى أنا أقول “نعم” من قبل أن تولدى، اقول نعم فى أية انتخابات حتى يثبت العكس، قالت: وهل لم يثبت لك العكس بالنسبة لمن حكمونا حتى الآن بعد أن انتخبتهم؟ أم أنك تنازلت عن حقك فى التراجع؟ أو ربما لا تريد أن ترى العكس حتى الآن!! قال: عكس ماذا؟ قالت: عكس الإسلام الحقيقى، وعكس ما وعدوا به، وعكس ما تصوروا أنهم يقدرون عليه، قال: إعملى معروفا، انتبهى لدروسك، ماذا تريدين منى؟ قالت: لا شىء قال: هل تريديننى أن أقول “لا” حتى يفصلونى من عملى؟ ومن أين تأكلون؟ وكيف تكملين تعليمك أنت وأخيك؟ أقول “لا” فلا يتبقى لى لا دنيا ولا آخرة، قالت: ما هذا يا أبى!! أنا آسفة يا أبى، أنا آسفة ، قال: آسفة على ماذا، قالت: على البلد، قال: يبدو أنى أنا الذى ينبغى أن أتأسف على شىء لا أعرفه، عموما: أنا آسف من باب الاحتياط، قالت (وهى تميل نحو يده): حقك علىّ يا أبى.. قال (وهو ينزع يده من شفيتها): ماذا تفعلين يا حبيبتى؟ ماذا تفعلين؟ ربنا ينجحك ويرزقك بابن الحلال الذى يستأهلك.
*****
قال الأخ لأخته: وهل سألت أمى؟ قالت الأخت: لا، فأنا أعرف رأيها، قال: وما رأيها؟ قالت: هى سوف تقول “لا” بكل وضوح، وهى تصر أنه لو وجدت مادة واحدة لا توافق عليها فهذا يكفى لرفض الدستور كله، قال: ولكن الدستور سوف يمر كما هو كما تعرفين ولو كان صوت أمنا بألف صوت، ثم هل هى عندها بديل؟ قالت: نعم، قال: فما هو هذا البديل إلحقينى به، قالت: تقول دستور 1923 أو حتى دستور 1971، وهى تصر أنه لم يجد أى جديد يستدعى دستورا جديدا، قال أخوها: آه صحيح!! تصورى أننى لم أفكر فى هذا أبدا، قالت: لأنك انسقت وراء التغيير، التغيير، التغيير دون أن تسأل نفسك مع كل هتاف للتغيير: تغيير ماذا؟، قال: يا خبر!! يبدو ذلك، قالت: لم يكن ينقص إلا أن تطالبوا بتغيير مشرق الشمس لتشرق من المغرب، قال: “فبُهِتَ الذى كفر” صدق الله العظيم، قالت: اسم الله عليك وعلى حواليك هل استشيخت أم تأخونت؟ قال: وهل مجرد حضور بعض آية كريمة فى كلامى يجعلنى كذلك، قالت: لقد خيل إلىّ أن الحكومة سوف تحتكر آيات القرآن الكريم، فلا يستشهد أحد بها إلا بإذن على البطاقة بعد رفع الدعم، قال: إعملى معروفا، كله إلا هذا، القرآن ملك للجميع، حتى لغير المسلمين، قالت: أعرف ذلك، قال: لكن ما هذا ؟ ما حكايتك أنت أولا ؟ أنت تسألينى وتسألى أبى وتعرفين رأى أمى ولم تعلنى أنت موقفك، قولى لى أولا، وأنتِ؟
قالت: أنا؟!!
قال: نعم أنتِ هل ستشاركين؟
قالت: طبعا
قال: وهل ستوافقين أم ترفضين
قالت: وانت مالك يا “رِخِمَ”