نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 29-9-2012
السنة السادسة
العدد: 1855
حوار مع الله (82)
من موقف “الأعمال”
وقال له (لمولانا النفـّرى):
وقال لى:
إن أردت أن تثبت بين يدى فى عملك فقف بين يدى
لا طالبا منى ولا هارباً إلى، إنك إن طلبت منى فمنعتك رجعت إلى الطلب لا إلى أو رجعت إلى اليأس لا إلى الطلب.
وإنك إن طلبت منى فأعطيتك رجعت عنى إلى مطلبك،
وإن هربت إلى فأجرتك رجعت عنى إلى الأمن منْ مهربك من خوفك
وأنا أريد أن أرفع الحجاب بينى وبينك.
فقف بين يدى لأنى ربك ولا تقف بين يدى لأنك عبدى.
وقال لى إن وقفت بين يدى لأنك عبدى ملـت ميل العبيد،
وإن وقفت بين يدى لأنى ربك جاءك حكمى القيوم
فحال بين نفسك وبينك
فقلت له:
لا ملجأ منك إلا إليك،
إن لم أطلب منك فممن أطلب؟
الطلب يغنينى فى ذاته لا بالاستجابة إليه ولا بمنعه
تمنحنى طلبى فأفرح لأعاود طرق الباب ليفتح لى فأنسى طلبى، وأواصل الطرق.
تمنحنى طلبى فأتبين أنه لم يكن هو، بل كان الوسيلة إليك.
تهدينى إلى ما أفعل، فأتأكد أنك راضٍ عنى، فأنا راض عنك.
أى يأس هذا الذى يمكن أن يشككنى فى سعيى، وحقى فى رضاك؟
المنع خير، والإجابة خير، والطلب وسيلة، والحق وجهك سبحانك.
عطاء الدنيا والآخرة لا يغنينى عنك.
فضلك إذْ تعطينى هو فضلك إذ تعطينى، وليس ما تعطيني.
واردٌ أن يـضلّنى مطلبى إذْ يتحقق.
واردٌ أن يضيعنى يأسى إذا تأخرت الاستجابة.
واردٌ أن يسعرنى طمعى إذا تماديت فى الطلب.
وأنا خاسر فى كل هذا، من كل هذا، فاغفر لى ضعفي.
يشفع ُلى عشمى فيك، ودلالى عليك.
أقسمت ُعليك، وسوف تبرّنى كما وعدت:
ليس بتحقيق مطلبى، بل بتثبيت وقفتي.
لا ثبات لوقفتى إلا “بذهابٍ – إيابٍ” لا يكفّان عن السباحة فى المحيط، يقينا بأن له شاطئاً غير محدود، وإن لم يَبْدُ فى الأفق؟
أشرُف أن أكون عبدك وأنت ربّي،
لكنى لا أشرف ـ بفضلك ـ أن أميل ميل العبيد.
ليست تجارة هى، مع أنك تغرينا بتجارة تنجينا من عذاب أليم.
ليست تجارة، لأننا عبيدك حباً لا ذلا.
لا أميل ميل العبد، لا أخنع، ولا أشرك بك شيئا.
فسمحتَ لنا أن تكون ربّنا.
حررتنا من عبودية ميل العبيد، هذا حكمك العدل القيوم.
نفسى توّاقة مع ذلك إلى عبودية ليس بها ميل، ولا لها مقابل،
فحُـلتَ بينى وبينها كرما منك،
فتجلّيتَ ربى وأنا حولك منضبطا فى دائرة مفتوحة، لا أنحني.
لا أميل، لا أملّ، لا ألين.
لا أتوقف، كدحا إلى وجهك كدحا.
يفرضون ما يفرضون، سواء حـسُـنت نواياهم أم نصبوا الشباك.
تظل الوقفة هى الشروق المتجدد من داخلنا.
كل ما يفرضونُ علىّ أقلبه إلى وسائل إليك، لا بديلا عنك.
اللهم اهدهم إن أحسنوا النية،
واغفر لهم إن أخطأوا السبيل
ورد كيدهم إن عَمُوا وصموا حتى ظلموا وضلُوا، وأضَلُّوا.
وأعِنّى على كل هذا إليك.