نشرة “الإنسان والتطور”
السبت: 16-8-2014
السنة السابعة
العدد: 2542
حوار مع مولانا النفّرى (93)
حول: “موقف التذكرة”
معنى جديد للغيب
وقال مولانا النفرى فى “موقف التذكرة”
وقال لى:
إن وليتنى من علمك ما جهلت، فأنت ولى فيه
فقلت لمولانا:
معنى آخر للغيب يا مولانا، معنى يزيد مما وصلنى عنه من قبل، ولا يحل محله.
دافعت يا مولانا عن حق البشر فى الإيمان بالغيب، بل عن حتم ذلك لنكون بشرا إليه، حين تعلمت منك أكثر فأكثر كيف أن الجهل ليس ضد العلم، وأن العلم الحقيقى ليس ضده الجهل، انفتحت آفاق المعرفة والإبداع بغير حدود، ولا أعرف هل أصاب الخجل أو الخزى من يرى أن الغيب هو مرادف للخرافة، أم أنه ظل أعمى وأضل سبيلا؟
الغيب ليس هو الخرافة، وليس هو الشطح العشوائى، وإنما هو العمود والعماد المكمل للمعرفة، إن لم يكن أصلها.
حين يكون “الله أعلم” فهو أعلم بما نعلم وما لا نعلم، فنرتع فى رحاب المعرفة الجهل مطمئنين إلى أنه عالم الغيب والشهادة، ونتمتع بحق الجهل – الطريق إلى العلم، وأيضا هو هو العلم الآخر- نتمع بحقنا فيه بكل إصرار ، ونفهم أكثر ما يتردد على مدى ممتد من العامة (كل العامة تقريبا) إلى اعتذار العلماء والمفتيين، نفهم قول أى منهم حين يلحق– بما يستطيع من أمانة- بكل ما يقوله أويفتى به أنه :”..والله أعلم”،
الله أعلم ليست جملة تعفى قائلها من الحسم والدقة ، لكنها تذكرة له بأن علمه حتى الآن، ودائما أبدا، سوف يظل، نسبيا إذا ما قورن بما لا يعرف، وما لم يعرف، فما بالك إذا ما قورن بعلم الذى يعلم السر وأخفى؟
“الله أعلم” عند من يتصدى للفتوى – إن صدق – تفتح باب الاجتهاد على مصراعيه، وتذكـِّره كيف أنه: فوق كل ذى علم عليم، بصير، محيط.
الجهل الذى وصلنا منك يا مولانا، هو الجهل الذى يسمح لنا أن نحترم العلم أكثر، لأنه نابع من الجهل يفضى=> إلى جهل أرحب=> إلى علم أرقى=> إلى جهل أرحب=> إلى علم أوسع=> إلى جهل معرفى أقوى => إلى وقفة =>إليه=>
ينبهك يا مولانا، فتنبهنا أن تـُـوليه من علمك ما جهلت، فكأنك حين تجهل تعلم أنه ولى جهلك وعلمك معا، فما ارحب المعرفة، فيكافئك بأن يوليك فيه ، وأنت تجهله، لتكون وليا مطمئنا إلى انتمائك إلى المعرفة القصوى، وإن لم تعرف إلا أطرافها.
ونحن نحاول أن نحيط بهذه الهدية: أمل أن نعرف الطريق لنيل بعضها بقدر ما نجتهد
“….الله أعلم”
الله أعلم يا مولانا بالظالمين
وهو أعلم بما يكتمون
وهو أعلم حيث يضع رسالته
وهو أعلم بما فى أنفسهم
وهو أعلم بما يصفون
وهو أعلم بما ينزّل
وهو أعلم بما لبثوا
وهو أعلم بما نعمل
وهو أعلم بإيماننا
فكيف لا نوليه من علمنا ما نجهل ونحن مطمئنون ؟،
فيكافئنا بأن ينصِّب من يصدق منا وليا فيما يعلم، وفيما يجهل ما دامَ قد وليَه فيه ؟!