نشرة “الإنسان والتطور”
30-5-2010
السنة الثالثة
العدد: 1003
تعتعة الوفد
ماذا – بجوار الدعاء – يمكن أن ينقذنا من ورطتنا هذه؟
حين عدت للكتابة للوفد منذ عشرة أشهر كان أول مقال لى بعنوان “من ينقذ الشاب جمال محمد حسنى من ورطته (29 يوليو 2009) أشرتُ فيه إلى مقال أسبق ببضع سنوات فى كتاباتى الأولى للوفد أيضا، قلت فيه أنه لا مانع عندى أن أنتخب هذا الشاب إن كان هو الأفضل، (ويفهم أكثر فى الاقتصاد)، ثم إننى استدركت فى المقال الأحدث قائلا: “لقد تغير رأيى فى هذا الشاب المصرى بعد هذه السنين، ليس لأننى اكتشفت أنه لا يفهم فى الاقتصاد،…. لكن لأننى تأكدت أن الاقتصاد الذى يفهم فيه ليس هو الاقتصاد الذى قد ننصلح به، إلخ”، ثم كتبت مقالا آخر هنا فى الوفد أيضا (19 نوفمبر2010)، بعنوان “عدلت عن انتخابك من أجلك انت”، قلت فيه “إننى بعد سماعى خطابه كله فى احتفالية الحزب الوطنى…. وصلنى أنه لم يتقن دوره بعد كل هذه المحاولات اللحوح، وعدت أشفق عليه من التمادى مما يبدو أنه لا يصلح له…..إلخ”
روح يا زمان تعالى يا زمان، مرض الرئيس الوالد، وسافر، وأجرى الجراحة بالتوفيق، وصاحبه الإبن البار، ضمن الأسرة الكريمة، ودعونا للوالد بالسلامة، ودعوت للإبن بأن يهديه الله لما هو أهل له، وما يصلح به ويسعده هو وزوجته وابنته..إلخ، ولم يكن فى تصورى –فى دعواتى- أن من بين ما يسعده أن يتولى أمر هذه الأمة على أية حال.
عاد السيد الرئيس الوالد بالسلامة بعد العملية الناجحة والحمد لله، ومرت النقاهة على خير، فى نفس الوقت الذى ظهر فيه شيخ آخر طيب، أكثر شبابا، يسمى الدكتور البرادعى، إلا أنه وصلنى –بشكل ما- أنه النسخة الغربية الناضجة المتواضعة الحكيمة لهذا الشاب المجتهد بغير توفيق، فتأكد لى رفضى لكليهما (قال يعنى عندى تذكرة انتخاب!!)، حتى لو زادت حكمة الشيخ وذكائه أضعافا عن شطارة الشاب وتسميعه دروسا شبه سياسية، لم تكن مقررة عليه يوما.
ثم منّ الله على الرئيس الكريم بمزيد من العافية، وعاد إلى لياقته، وبدأت التصريحات الأمينة والمخلصة توحى بأنه أدرك الجارى داخليا وخارجيا، ومن بينها عدم صلاحية كل الأسماء على السطح لتولى المسئولية بعده أو بديلا عنه، وبطريق غير مباشر وصل إلى المحيطين بسيادته، كما وصل إلى الناس، أن الرئيس مضطر أن يتحمل المسئولية مدة أطول، قدَرًا من الله واحتراما للواقع!! وبالتالى لاح لى أن الذى أنقذ أو يمكن أن ينقذ النجل الفاضل من ورطته هو والده الحانى الحكيم.
فى نفس الوقت بدا لى أن من أصابهم الرعب من ظهور د.البرادعى أثناء مرض الوالد الرئيس (بالصدفة)، وتراجع حضور الإبن الكريم إعلاميا (ليس بالضرورة الصدفة) قد عادت إليهم طمأنينةٌ مَا، حين عادت المياه تدور فى نفس الدائرة المستقرة المستمرة (برغم ما يصلنى من دورانها أحيانا أو غالبا أنها “دوامة بلا قاع”)، واحتار الناس، كما تساءل الخواجات، إذن ماذا؟ ماذا بعد؟.
وبإيمان المصرى الطيب أحال الرئيس المسألة كلها إلى ملك الملوك رب العالمين، والمصرى يعلم من قديم أنه “..ملك الملوك، إذا وهبْ، لا تسألـنّ عن السبب، الله يفعل ما يشا، فالزمْ حدودَك بالأدبْ”.
انطلاقا من هذا الواقع توالت الأخبار والتصريحات والتلميحات، وظهرت المانشيتات التى أقتطف بعضها على الوجه التالى:
(1) (الشروق: الجمعة 21 مايو 2010) “لماذا يختفى جمال مبارك حاليًا ومتى يعود للظهور الإعلامى؟”
(2) (الشروق السبت 22 مايو 2010 ) …..تمنى رئيس الوزراء أن يكون الرئيس مبارك هو مرشح الحزب الوطنى لانتخابات الرئاسة المقبلة،…. مشيرا إلى أن مصر تحتاج إلى الاستقرار، وأن مبارك هو القادر على تحقيق هذا الاستقرار…”
(2) (نفسه): “…. وفى ذات الإطار، يرى نظيف أن «السيستم» «System» لم يفرز بعد أسماء أخرى تصلح لهذه المهمة.
(3) (المصرى اليوم 21 مايو 2010 ) “…. «أفضّل من يفضّله الله».. بهذه الجملة مع «إشارة» من أصابعه إلى السماء، ….. كرر الرئيس هذا الرد ٣ مرات عندما أعاد أحد الصحفيين الأجانب على مسامعه سؤالاً بشأن من سيخلفه فى الرئاسة ومن يفضله، وذلك أثناء مؤتمره الصحفى المشترك مع رئيس الوزراء الإيطالى برلسكونى،
(4) (الدستور الجمعة 21/5/2010) “مبارك يعد المصريين بالبقاء حتى 2017 لافتتاح الجامعة الإيطالية مع “بيرلسكونى” ….رد الرئيس مبارك على… “احتمالات تقاعده” بالتأكيد أنه سيبقي رئيساً لمصر حتى عام 2017 على الأقل، (ورد ذلك –ضمنا- أثناء حديثه مع رئيس الوزراء الإيطالي «سيلفيو بيرلسكونى» عن المشروعات بين إيطاليا ومصر ومن بينها الجامعة الإيطالية ..إلخ)
(5) (نهضة مصر الإثنين 24 الجارى) محمد الشبه: “..ليس على الساحة السياسية الآن غير الرئيس مبارك، هو وحده الذى يتحرك ويسافر، ويجتمع، مع الوزراء …إلخ”
(6) الأهرام الإثنين 24 الجارى، المانشتات الرئيسية، (بنط كبير جدا، ثم أخبار فى براوييز متجاورة: أيضا فى الصفحة الأولى نفس اليوم):
- مبارك يبحث مع كابيلا وأدينجا دعم العلاقات الثنائية
- الرئيس يبحث الملف النووى الإيرانى مع وزير خارجية ألمانيا
- (الرئيس) …يعرض تصوره لسبل نجاح المفاوضات الفلسطينية الإسرائلية (فى مقابلته مع وزير الخارجية الإسبانية ميجيل أنخيل موراتينوس (ممثل) الاتحاد الأوربى
- (الرئيس) … بحث عددا من القضايا وفى مقدمتها البرنامج النووى الإيرانى والوضع فى العراق وباكستان والعلاقات الباكستانية، فى مقابلته مع السيد محمود قرشى وزير خارجية باكستان. ..
وبعد
برغم أن كل ذلك قد حل لى إشكال تعاطفى مع الشاب المجتهد جمال محمد حسنى، حيث شعرت أن الوالد الكريم كاد فعلا أن ينقذه من ورطته، إلا أننى توقفت أمام مواجهتى لورطة أخطر وقعنا فيها جميعا (بفضل السيستم!!):
السيد رئيس الجمهورية، يفوض الأمر لله، وأنا أصدقه، ولكن كيف، هل هناك آلية مع الدعاء؟ ماهى؟ من السهل، وإن شاء الله مستجاب، أن ندعو للرئيس بالصحة وطول العمر، لكن هل يكفى عشم الإجابة فى أن يهدى السيستم system (كما قال رئيس الوزراء) أن يفرز لنا بضعة أسماء “كويسة” خروجا من الورطة، ثم إننى احترت فى توجيه وتحديد الدعوة، فقد علمتنى أمى أن الدعوة تستجاب أضمن إذا أطلقت بالتفاصيل بما فى ذلك اسم الأم، فاحترت، لأننى لست متأكدا أن رئيس الوزراء هو عضو فى الحزب الوطنى، (ملامحه ورقته لا تدلان على ذلك) كما أننى لست متأكدا أيضا هل كلمة “السيستم” هذه هى اسم الدلع للحزب الوطنى، أم أنها تشير إلى “جماهير” الناس التى قصرت فى إفراز أسماء كافية أو مناسبة (لاحظ كلمة “أسماء”، وليس “أشخاص” أو “مواطنين” أو “زعماء”!!!)
إذا كان كل ذلك يعنى أن حكمة الوالد الكريم، ونعمة الصحة التى أسبغها الله تعالى عليه، وعلينا به، قد أنقذت، أو يمكن أن تنقذ الإبن الفاضل من ورطته، فمن يا ترى يمكن أن ينقذ هذا البلد من ورطته التى اتضحت هكذا جدا؟؟؟ جنبا إلى جنب مع الدعاء المستجاب بإذن الله؟