“يومياً” الإنسان والتطور
1-5-2008
العدد: 244
وقفة عند حلم (51)
قراءة النص بما يستثيره !!
هل هذا يصلح نقداً آخر!!؟؟
مرة أخرى، ليست أخيرة أتوقف لأتساءل:
هل أكمل قراءة هذه الأحلام (الإبداع) هكذا؟
هل أصر أن أواصل وأنا أشعر أن ثم شيئا غير مريح، يصل إلى درجة الرفض، خاصة حين تفرض علىّ القراءة النقدية التقليدية، أن أقوم بترجمة النص إلى رموز وبالذات إذا كانت واضحة؟
هذا ما حدث لى فى حلم (51)،(وغيره مثلا: حلم 11، وحلم 6، وحلم 22، وحلم 31، وإلى درجة أقل حلم 1 وحلم 12 … إلخ)
هل ثم سبيلٌ آخر؟
طلب المشورة
مرة أخرى، ليست أخيرة أيضا، أطلب من المشاركين الحوار والمشاركة فى منهج جديد لاَح لى من تعقيب صديقين وصلانى حول حلم (51) بالذات، ليسا نقدا بالمعنى المباشر.
هذا الحلم، مثل قلة من الأحلام، وصلنى فاترا كما قلت، فاضطررت اضطرارا أن أقرأه رمزا يؤرخ لنقد حركة يوليو (ربما قبل أن تَتَثُور مؤقتا)، وقلت إننا لم نعد فى حاجة إلى نقدها رمزا بعد أن تعرّت كل هذا التعرى، وأصبح نقدها، بل ورفضها، مباشرة أمراً متاحا (وأحيانا مطلوبا)
وصلنى هذا الحلم فاترا واعترفت بذلك، ثم اضطررت إلى ما اضطررت إليه
جاءت قراءتى له فاترة كذلك، سجلتها واعترفت بورطتى.
ما جدوى هذا وذاك؟ (النص المرموز، والنقد تحصيل الحاصل؟)
ما أن وصلنى تعقيب كل من الصديقين رامى عادل ومدحت منصور، حتى انتبهت لاحتمال آخر، ثم قررت أن أطرح الأمر كله عليكم كما دار بخلدى، هكذا:
ابتداء: أعيد نشر الحلم بدلا من الإشارة إليه بوصلة (يومية 24-4-2008 “حلم 51، حلم 52”) قد يكسّل القارئ أن يستعملها.
****
حلم 51
وقف القطار دون وجود محطة فتساءلت صاحبتى عن السبب ولكنى لم أدر كيف أجيبها.
واذا بكتائب من الجيش تطوقه فتقتحمه شاهرة أسلحتها وساقت الى الخارج كثيرين من ضباط الجيش الذين كانوا بالقطار وعددا محدودا من المدنيين. وقبض علىّ فيمن قبض عليهم فتركت صاحبتى منزعجة خائفة. وجدنا أنفسنا فى صحراء. أمرنا الجنود المسلحون بخلع بدلنا والبقاء بملابسنا الداخلية، ولكنهم وضعوا العسكريين فى ناحية والمدنيين فى ناحية، واخذنا نتهامس أننا ضعنا وانتهى الأمر.
وجاء قائد الجنود ونادى علينا كل واحد باسمه. وتساءل صوت منا
– هل تقتلوننا بلا محاكمة؟
– فأجاب القائد بصراحة:
– الامر لا يحتاج الى محاكمة
وتحرك القطار فتذكرت صاحبتى.
(انتهى الحلم)
وإليكم تعقيب الصديقين:
أما رامى عادل الذى سمح له تداعى أفكاره أن أصنّفُهُ ناقدا رغم أنفه، نتيجة ما وصلنى من تعقيبه على شعر لى، وهذا ما أثبته فى بريد الجمعة الماضى، فقد كتب لنا ما حركّهُ فيه هذا الحلم (51) مايلى:
حين ارى أمين شرطة ارتعب وخاصة اذا كان متخفى فى زى مدني.
حين أمشى – او أركض – ليلا اشعر أنه من الممكن أن يخطفونى خطفا,
أنا مسئول عن حدوث انقلاب وفوضى وحظر تجول وخلل امنى
أصبح الضرب على القفا تقربا لله,
غير الإتاوات.
فى فيلم الارض اختلط دم بعويل وسباب وقصف.
الخوف والانكماش والمطاطيه أَسْلم يا عم يحيى.
حيطان الزنازين متلطخه نزيف.
عربات الشرطة صارت متسلحه بالمدافع.
وصرنا أغرابا نحذر السعار وداء الكلب.
التعقيب
بدلا من أن يستسلم رامى لإغراء ترجمة الحلم إلى ما يرمز إليه بشكل مباشر (كما اضطررت أنا آسفاً) استثاره الحلم وجرجره فأثبت لنا ما أثبته هكذا من وحى الحلم.
وصلنى أن هذا نوع آخر من النقد،
وصلنى أنه تقرير تلقائى لما ينبه إليه الحلم ويحركه فى هذا القارئ الناقد، بدلاً من أن يضطر أن يعرض رأيه مفكّرا مُنَظِّرَاً.
أكرر أن ما وصلنى من تداعى رامى على الشعر الذى نشرته هنا (المقامة الأولى باسم “كومة رعب”)، هو الذى دفعنى إلى هذه الوقفة، وأنا أبحث عن منهج آخر.
د. مدحت منصور
أما د. مدحت منصور فقد وقع تحت تأثير الحلم بألفاظه وفى محاولته أن يعبر عن ما وصله إضافة أو تبديلا قدم أعتذاره لصعوبة ذلك، ومع هذا فالمحاولة فى نفس الاتجاه ونقدم إقرار محاولة الابن مدحت بطبيعة محاولته.
فكرت فى الاعتذار لأن رؤية الحلم الأولى فرضت نفسها بوضوح و كأنى أنقل نقلا
ثم قررت ألا أعتذر.
…………..
…………..
قد كنت فى قطار آخر و صاحبتى معى أيضا, يبدو أنه نفس القطار, توقف فى محطته لكننا لم نجدها ووضح أن القطار لن يستطيع التقدم و لم يستطع العودة فقد نسفت القضبان , الكتائب حاصرت القطار , فصلوا المدنيين عن العسكريين و بعد أن أصبحنا بالملابس الداخلية أطلقوا النيران تحصد الكل , تملكنى الرعب إذ كنت طفلا , تسللت إلى الصحراء تاركا الجثث ورائى أتبع خطى صاحبتى و كان ذلك سهلا إذ كانت تنزف , واضح أن النيران أصابتها هى أيضا.
كانت تسير حافية القدمين فى لهيب الصحراء.
عدت إلى منزلى فوجدت الحاج أبو اليزيد فى زيارتنا يتحدث عن الغازات السامة التى سُنَباُد بِهَا، وأمى تكابر فى رعب: لن يستطيعوا ذلك.
لم أر وجه صاحبتى إلى أن قابلتها بعد عدة سنوات , كنت صائما و كان العطش على أشده , تلبس نقابا أسود يغطى وجهها , فهمت أنه قد تشوه, أرضعتنى ثديها حتى ارتويت , ثم رأيت نفسى شابا ورأيت صاحبتى و قد أنهكها التعب و جاء العسكريون القتلة بملابس مدنية و تناوبوا اغتصابها وأنا أقف لا أفعل شيئا و لم أرها بعد ذلك.
التعقيب:
ما رأيكم فى هذه الطريقة فى قراءة النص؟
أليست أفضل من القراءات التى أقدمها حتى الآن، وأنا أكاد أضيق بها؟ خاصة حين اضطر المرة تلو المرة إلى التفسير والقيام بترجمة النص لما يصلنى رمزا غصباً عنى؟
هل أحاول أن أتعلم من رامى ومدحت
أنا مرعوب من هذه الفكرة ورافض لها حتى الآن،
فماذا؟
ملحق النشرة:
(ملحوظة: مرة أخرى: آسف، وعلى من سبق قراءة ما يلى أن يكتفى بالتعقيب – آخر سطرين -، لكنى عدت أثبت النص كما أثبتُّ نص حلم (51) فى أول النشرة، ثم أثبت ما اعتبرته بمثابة النقد التلقائى من رامى، للتأكيد على الفكرة التى أريد طرحها فى هذه اليومية المنهج، وأنتظر الرأى فيها)
النص الشعرى، ونقد رامى، والتعقيب
كوْمَـةُ رعْْب
يا أيها الرعب المكوَّم عندَ جِذر القولِ، شوكِ الوصـل، غـورِ الصـدِّ،
قِف.ْ
لاتـُلــقِنى تحت السـنـابكِ والخيول مُطـْهَمَةْ.
قفْ، واختبئْ خـلـفَ الوفـاءِ النـابـتِِ المـتـعـدِّدِِ الوجْـهِ الملوَّنِ أحـرفا لا تـنـطفئْ…،
لا تكتملْ.
قفْْ.
لا تـطـلبِ الأخـرَى المزيَّنِ حرفُـهَا ببريقِ وعـىِ الصبحٍ لمَّـا ينبلجْ.
لا،.. .. لا لـم يُــقـَـلْ بعدُ الذى لاَ يـرتـسـمْ أبدًا, لأنَّ الـرسـمَ ضدَّ الإسـمَ, ضد الحـرفِ، ضـد العـيـنِ: ضد الحقِّ، ضد الوجـدِ سـهْـمـًا يغـــمِدُ الجُمَل المفيدة فى الرمـال الزاحفة.
يا حولُ ماذا حــوّلـَـكْ؟
فى أىِّ شـبـه القـارةِ المنـسـيـةِ الرّبعِ المكوَّمِ خالياًً خلفَ الشبكْ؟
فى أىِّ شـكـلٍ صوَّرك؟
فى شـكـلٍِ عنقاءِ اليمامـةِ أيقظتْ نـومَ المـطـأطـئِ رأسَــهُ خـلـفَ السـِّياج يـنـاهـزُ العـمـرَ الذى قـد أفـرزك؟
فبأىِّ آلاء الحياة البـكـر عـاهـدَكَ الـذى لا يـمـلكُ العـهـدَ الـذى قـدْ كـانَ لـكْ؟
أُمــدد يمينــكَ خـلـفََ وهـمِ البُــعدِ، بَـعـْـدَ البَعـْدِ عـمَّـا أنـت فيه الآن، ليس الآن إلا من سَلَكْ.
ما أحـلـكَـْك !
يا أيها العجـز الفجور المختبئ, فى عمقِ طياتِ الحياءِِ الباسـم المتهرِّب،
ما أغفلكْ،
لستََ المهـيأُ للرسالةِ جمرةٍ حمقاءَ تُــخفى وجهَ ظلٍّ أشعلكْ.
قالتْ: وأيـم الحق لمْ تُولدْْ، ولـــم يكُ للكيانِ الغامضِ المهجورِ كُفْوًا أو أحَدْ، فظللتَ مشروعاً تدور كما الرَّحَى فى بؤرة الكهف المكوَّمِ خاليا خلف الشَّبَكْ.
فتحرَّكَ القمرُ المـغـطَّـى وجهُهُ: بالطِّـينِ,
بالسُّحبِ الجـلـيلـةِِ،
بالنـعـومـة، باللزوجةِِ،
بالشـراسـةِ، بالـبـلهْْ.
هلْ أُجهضَ اليـومُ الذى لـم يـأتِ بعدُ؟ رغـم المـخاضِ المـنـتـظمْ؟
تبَّا ليومٍ ماوُلـدْ،
تبَّا لعـَـــيْنٍ لـم تـجـدْ،
تبا لقلبٍ لم يـعـد،
تـبـتْْ يداهْ،
طُمِسَـتْ رؤاه،
ما أغـنَـى عـنـهُُ مـا كـسَـبْ.
…..
القوةُُُ المـُـدوَّرةْ؟
وبـقـايـا عُشِّ القـُبَّرةْ؟
وريـاحُُ رائـحـةٍٍ تـفـوحُ بلا لقاحْ؟
ودوائـرُ الحـظِّ السـعـيدِ، دفاترُ التوفيـرِ، سـِعْرُ الـفائـدهْ؟
آلَ المآلُ إلى المُحالْ.
ما دام عَـقـرَبُـهَـا يُـطـاردُ عـقـرباً ضـلَّ السؤالْ،
ضلَّ السؤالَُ طريقَـهُ نـحـوَ السؤالِ الماثلِ المتمهِّـلِ الخطوِ الذى ضلَّ السؤالَ بدورِهِِ نحوَ التساؤلِ كدْح كـلِّ الموقنين بحتمِ خطوِ الكدْح َ نورِ الحقِّ ليسَ كمـثـلـه شئٌ مضَى, شئٌ أتَى، شئٌ يكون بلا كيانْ،
لكنَّهٌ هوَ كلُّ شئ.
وجهٌ بعـمقِ الشـوقِ نحوَ الشرقِ ينـتـظرُ الأنَا،
ليسـتْ هـُـنَا.
وجهٌ توارى تحت ظل الطفل يجرى خلف طيف سحابةٍ أسمتها أم الخِضر باسم الجدة العذراء ضاعت تحت صعق سنابك الخيلِ الذى قد ظلّ يجرى بعد خط نهاية السبق الذى ما كان قطُّ لهُ نهاية.
فرسُ النبىّ، …ذاك الذى قد أسرجوه لغير وجهة صاحبه، فرس النبى المائل الرأس المطأطئ ذيله نحو الشياطين التى تلهو عميقا بعد غوْر الهاوية
فرس النبى فراشة الفردوس سحر الملتقى عند الذى مِشكاته من زيت زيتون يقطّر شافيا سم المخاوف والمهارب والمحارق والرؤى.
ضاع الصدى فى رجع ترديد النُّواحِ على الفقيد “المَاوُلِدْ”.
رامى عادل: تعقيب على يومية “كومة رعب”
ذهب ولم يعد،
ممتطيا الضباب الشائك،
راقدا خلف سور التيه المفاجيء،
لاعقا طينة الارض الخليله،
محتدا زاعما انه الرافض الأوحد،
فرموه بغصن الفل،
روّعوه، حملوه، توّجوه بتاج من خشب،
آهٍ يا قلوبا من حطب،
غزال شرد فمال الدود وقد ورد من كل حدب،
لا لم يغب،
ماله وَجَمْ ..
فقط ارتطمْ
لاهٍ وَهَنْ.
لا لم يأن أن يعدلَ، فقد عَزَمْ.
د. يحيى:
هذا يا رامى أبلغ ما جاءنى من نقد لمثل هذا الشعر الذى عزفت عن نشره سنينا،
وردك هذا قد يشجعنى، أن أنشر بقية المقامات ولو متباعدة.
(انتهى ما جاء ببريد الجمعة)
وبعد …!
ما رأيكم؟ دام نقدكم؟