نشرة “الإنسان والتطور”
الأربعاء: 6-1-2016
السنة التاسعة
العدد: 3050
حوار مع مولانا النفّرى (165)
من موقف “قلوب العارفين”
وقال مولانا النفرى أنه:
وقال لى:
يتعلق العارف بالمعرفة ويدّعى أنه تعلق بى،
ولو تعلق بى هرب من المعرفة كما يهرب من النكرة.
فقلت لمولانا:
كنت يا مولانا كلما حذّرَكَ فحذرتنا من اختناقنا فى “الحرف” توجهتُ نحو العلم فهو أشمل وأدق ووضعت الحرف فى خدمته، وحين تصلنى توصيته ألا نتوقف عند محطة العلم أجدنى فى رحاب المعرفة ومحيطها وأدعو لك وأحمده، ولا أتنازل عن حظى فى العلم بما تحدَّدَ من حروف، ولا حقى فى المعرفة بما تحيط بالعلم، ثم ها أنت يا مولانا توصل لى ألا أتعلق حتى بالمعرفة حتى لا تصبح حاجزا بينى وبينه، يا خبر!!! هل التعلق حتى بمعرفته يمكن أن يحول دون التعلق به، فليحذر من يفرح فيعلن أنه عرف الله فيتعلق بمعرفته هذه دونه، وليعرف أنه بذلك يدعى ما لا يعرف.
الجملة التالية لم أسلم لها بسهولة، فقد وصلتنى لأول وهلة أن التعلق به لا يتم إلا بالهروب من المعرفة، ولكننى حين دققت النظر وجدت أنه ليس هروبا مطلقا من المعرفة، وإنما هو هروب من المعرفة – حتى معرفته – إذا كانت تحول بينى وبين التعلق به هو: هذا التعلق الخالص الذى يغنى بدوره عن كل تعلق بأى أحد أو أى شىء أو أى وسيلة أخرى، أما المعرفة التى هى طريق إلى معرفته وليست بديلا عن التعلق به فلا هروب منها.
ربما كانت “الوقفة” هى التى تتجاوز المعرفة، وهى التى تسمح بالتعلق به بما لا يحتاج لغيرها.
أما الهروب من النكرة فهو ليس هروباً من الجهل الذى علـّمتنا يا مولانا كيف نحترمه مادام أنه ليس ضد العلم، فلعل النكرة التى نهرب منها تكون هى “النكرة العدم” أو “النكرة الإنكار” أو “النكرة العـَمَـى”، فإذا كان الأمر كذلك فالهروب منها واجب، فإذا ذكـّرك فذكـَرْتـَنـَا بأن نهرب من المعرفة التى على حساب التعلق به، كما نهرب من مثل هذه النكرات، فقد وصلت الرسالة أعاننا الله عليها.