يحيى الرخاوى طبيب نفسى
باسم الله الرحمن الرحيم، باسم العدل الحق العليم، باسم الإنسان المصري العنيد، باسم التطور الحتمي يقف علي قمة هرمه الإنسان الساعي لوجه الله، باسم الحقيقة التي تفرض نفسها في دورات حتمية مهما طال الزمن وطغت قيم الزيف، واختفي بريق التطور النابض الغائر الأكيد، باسم كل ذلك وما دونه وما بعده، نفتح هذه الصفحة من صفحات التاريخ، بمجرد أن سمحت لنا إمكانياتنا المتواضعة بفتحها .. آملين أن تخط علي جدار الزمن أثرا يبقي بعدنا، يعلن بعض معالم محاولات إنسان العصر المقيم علي هذه البقعة المباركة من أرض الله – “مصر” – أن يكون إنسانا كما كرمه خالقه.
وقد كانت هذه الخطوة نصب أعيننا منذ فكرنا في إنشاء “جمعية الطب النفسي التطوري والعمل الجماعى”, بل وقبل ذلك منذ فكرنا في إنشاء ما يدعم استمرار هذا النشاط ابتداء، إذ كنا نحس أننا لابد أن نوصل صوتنا إلي الرجل العادي، والمثقف غير المتخصص، والزميل المتخصص علي حد سواء، نبلغه بعض ما نعيشه من خلال معاناتنا الحضارية التي احتدت من خلال مواجهتنا لجوهر الإنسان إذ يتعري في أزمة تمزق كيانه وتناثر تركيبه، تلك الأزمة التي تسمي مرضا نفسيا أوعقليا وهي لا تعدو أن تكون من مظاهر مضاعفات مسيرة التطور الحتمية.
ولا يخفي علي أحد ما وصلت إليه “الكلمة” في عصرنا هذ من امتهان لكثرة ماتداولها غير أهلها، ولكثرة ما تركها أهلها بلا رعاية أو قدسية، حتي أصبحت وظيفتها الأولي هي ملء وقت الفراغ بأصوات مسلية أو لاهية، أو تسويد بياض الورق بأشكال هي في واقع الحال “ديكورات” العقل المعاصر لا أكثر ولا أقل، ولم يخف هذا علين حين قفز التساؤل المتحدي يقول: هل نحن في حاجة إلي مزيد من الكلمات علي الورق، ومزيد من رؤساء التحرير والمحررين والأحاديث والندوات الخ الخ؟ هل نحن في حاجة إلي مزيد من المساجلات العقلية، والمباهاة، والمهارب، والتفريغ المشل، بمجرد إمساك القلم وتسويد الأوراق؟ أم اننا في حاجة إلي عمل وقدوة ومثابرة وإنتاج . ثم تأتي “الكلمة” نتاجا جانبيا شريفا سلسا؟؟
وبتعبير آخر: هل الكلمة هي التي تصنع الواقع وتؤكد الفعل، أم أنها ليست إلا تسجيل للواقع وتابع للفعل؟؟
والحق الحق أننا كنا – ومازلنا – نميل إلي الرأي الثاني رغم خطورته وصعوبته، ذلك الرأي القائل بأن العمل أولا، ومع هذا، فإن العجز عن الفعل الكافي وعن الإنتاج الفعال قد ألزمنا باتباع الطريق الأول جزئيا، ذلك الطريق الذي يحمل خطورة رص الحروف بلا جدوي، أو تسهيل مزيد من الاغتراب تحت دعوي قول الحق .., وقد كان المبرر المرحلي لإقدامنا علي إصدار هذه المجلة هو الأمل القائل أن الكلمة القادرة الشريفة هي نور المسيرة البشرية لا محالة، وأن وضعها علي الورق هو أمانة تاريخية لا مهرب من التصدي لها، ذلك لأنها تحمل فكرا إذا لم نستطع أن نصل إلي تحقيقه، فإننا لابد تاركين معالمه لأجيال من بعدنا تحكم علينا، وتكمل ما قد عجزنا عنه.
* * *
الهدف والطريق:
لابد أن نحدد بتفصيل نسبي الهدف من ظهور هذه المجلة ابتداء، ونحسب أننا حرصنا علي أن يكون هدفا له ذاتيته التي تبرر هذه الخطوة، بحيث لا تؤخذ باعتبارها مجرد تكرار لمجلات أخري علمية أو ثقافية تؤدي نفس الوظيفة ربما بإمكانيات أفضل، وقد حددنا هدفنا من واقع مباشر يقول: “إننا في مسيرتنا الحضارية نشارك إنسان العصر في مواجهة أزمة وجود يكاد يتفرد بها عن أجداده، فعصرنا قد حطم حواجز كثيرة، وهز أصناما راسخة، حتي اختل كيان الفرد العادي في مسيرته اليومية، وانتقلت مشكلة الوجود من صوامع الذهنيين إلي الشارع، وبهذا أصبح الفرد العادي أكثر فأكثر طرفا فاعلا في تحديد مصير الكافة، بما أتاح له التقدم من فرص زيادة الوعي والمساهمة في إصدار القرار”.
أما علامات المسيرة البشرية فهي واضحة صريحة ومتحفزة أيضا تتحدي أي متقاعس أو مناور معطل، ومن ذلك تحطم الحواجز في أكثر من مجال:
تحطمت الحواجز – كما ألمحنا – بين الصفوة المثقفة والرجل العادي قاريء الصحيفة اليومية.
ثم تحطمت بين الأوطان بفضل ثورة الترانسيستور ثم التليستار.
ثم تحطمت بين الأجناس بفضل فشل التمييز العنصري من المرحوم الفوهرر إلي السيد بيجين أيان سميت.
وكذلك تحطمت الحواجز بين العقائد بفضل فشل المذهبيين عند التطبيق الحرف المتشنج لمذاهبهم.
وكادت تتحطم الحواجز بين الطبقات بفضل تنافس الأنظمة المختلفة – اقتصاديا – في الإسراع برشوة الغالبية المنتجة .. حتي لو لم يصدق الراشون النية في الاهتمام بتطوير الإنسان أو تعميق وعيه.
وأخيرا كادت تتحطم الحواجز بين الأديان بفضل سعة صدر المتدينين علي كل جانب، نتيجة لفهمهم الأعمق لرحابة الدين ووظيفته بحيث أصبحوا يتسابقون في التوصية بمنح تأشيرات دخول الجنان كافة بالعمل الصالح لكافة البشر، تاركين لله العلي القدير وحده حق الاطلاع علي السرائر وما تخفي الصدور، ملتزمين بالشكل المنهجي الضروري للعبادة السليمة والتقرب إلي الله.
وهكذا يواجه الإنسان المعاصر أزمة تكاد تلقي به في بركه الميوعة والحلوسط، حيث يختلط كل شيء بكل شيء، إذ يفقد التعصب مبرراته، ويكاد يفقد المنهج أنصاره، بل ويكاد يهتز المؤمن في تقدير موقفه، وكل ذلك خطر أي خطر، يعني لوخدعنا فيه أننا نتخلي عن أسلحة بقائنا قبل الأوان، تحت دعوي ظاهرها الرحمة وباطنها من قبله العذاب، ومع ذلك فلا مفر من الأخذ بالمخاطرة باحترام المعطيات الجديدة، والتخطيط المسئول لمسيرة البشر من واقعها، لا من أحلام تجاهلها، ولا مفر من أن ينادي أي مواطن شريف في أي بلد أنه “بلدي أولي بي … منها أبدأ .. ثم يعم الخير الجميع”, وأن يصر كل صاحب دين علي الالتزام بتعاليم دينه لصالح البشر، ساعين إلي وجه الله من كل حدب وبكل لغة، وأن يصر كل صاحب مذهب علي الدفاع عن وجهة نظره، والتعلم من فشل تطبيقها لا الإسراع بالتخلي عنها، إلا أن زوال الحواجز التي يصف هذا العصر بوجه خاص يفيد أيما فائدة في قتل التعصب في مهده، وبالتالي في الإسراع بالتعلم حتي من الخصم ذاته.
إذا، فإنسان العصر مدعو – بالرغم منه علي ما يبدو – إلي التعاون مع أخيه الإنسان في كل مكان، بأقل قدر من التعصب، وأقل حماس واحتكار للعقيدة الخاصة، وبأكبر قدر من العمل واحترام اختلاف الطرق رغم توحد الهدف.
وأي دعوي انتكاسية تحاول أن تنتهز فرصة الفشل المرحلي الذي يعاني منه إنسان العصر، هي دعوي محكوم عليها بالموت تاريخا (إذا لم ينقرض الجنس البشري), وقد لبست الدعوات الانتكاسية في أيامنا هذه أحد ثوبين: الثوب السلفي، وهو ثوب ضيقي معوق، إذا التف يختفي خلايا المخ بالحرفية والجمود (إلا أنه ثوب حامي إذا كان درعا يسمح بالمنزال ويسهم في الحركة التطورية الوثابة) والثوب الثاني هو تلك العقائد الجديدة التي أخذت جمود الأديان واحتكرت جنان الأرض، دون أن تتحلي بحقيقة الأديان باعتبارها أقوي ما عرف التاريخ توحيدا للبشر هدفا وعملا وتواصلا، حيث أن أغلب العقائد الجديدة الرائعة قد بليت بحواريين وأتباع قاموا منها مقام الكهنة وحاملي القماقم وذابحي القرابين الأبرياء، ومازالوا ينتشرون ويبرقون ويرعدون، حتي حبسوا نبض الفكر في سواد التعصب والتحيز ضاربين بذلك أول ما ضربوا مذاهبهم الثورية قبل أي شيء آخر.
وقد حاول فريق ثالث وهب من عمق الرؤية ما أدرك به خطورة الخدعتين، وبدلا من أن يسهم من خلال عمق رؤيته وصدقها في إنقاذ السفينة من الغرق، استسلم لأوهام العدم وخدر اللاجدوي .. وانسحب.
ووسط هذا التحدي العنيف كان لابد لعلماء من موقف، وإلا فإن التاريخ لابد وأن يضعهم حيث لا يحبون، وليس هنا مجال تعداد مدي الظلم الذي يمكن أن يقع علي عالم رأي من خلال علمه ما يخالف السائد أو الحكام، فالتاريخ مليء بالمآسي التي يحاولنا روايتها، ولا يبدو أننا نجرؤ علي إعادتها.
ثم ثارت قضية ولدت ميتة وهي قضية العلم للعلم أم العلم للمجتمع، وكأنه يمكن أن يكون العلم علما بحق دون أن يكون – بداهة – للناس والمجتمع، لأنه إذا كان العلم هو وجه من أوجه الحقيقة، فأي حقيقة يمكن أن تفصل عن أصحابها، وبأي قهر، وإلي أي مدي؟؟
ومع هذه الضجة ذهب بعض المتعالمين إلى الاعلاء مما ظنوه علم اليقين، حتى قدسوا بدورهم قشورا كادت أن تسهم فى إعاقة المسيرة بدلا من أن تحل هذه المشكلة بالغة التعقيد.
وبعد
فلعلي أطلت في وصف هذه المرحلة الدقيقة من تطور الإنسان المعاصر، وأغلب الناس يعرفون معظم ما جاء فيها، إلا أني لم أجد بديلا لذلك كتمهيد وتأكيد لإعلان وعينا بما يحيط بالصراط الذي كتب علينا اختيارنا أن نمشي عليه، إذ أننا مع الوعي العميق بكل هذه التحديات قررنا أن نأخذ المخاطرة التي لا سبيل إلا بأخذها إن كان لنا أن نختار بين أن نكرم ما أكرمنا الله به أو أن نحقره ونمتهنه، وهو أمانة العقل وشرف الكلمة، ونحن نعلن ابتداء أننا نسير علي صراط تحيط به المخاطر من كل جانب، وقد مد فوق بركة الميوعة الآسنة، ونصب ما بين سجن الانتكاس وضلالات التعصب للأديان الحديثة من ناحية، وبين فراغ العدم وخدر اللاجدوي من ناحية أخري، نعرف كل ذلك، ونعرف أننا ألقينا بأنفسنا إلي تهلكة لا منجي منها إلا محاولة جادة مثابرة للاسهام بالقدر الممكن وباللغة المسموعة، للخروج من هذه المأزق المعاصر المتحدي*
إذا، فهذه المجلة ترجو أكثر مما تسمح به إمكانياتها، إذ نأمل أن نضرب المثل لسائر التخصصات بهذه المحاولة التي تريد أن تؤكد كيف يمكن أن يسهم كل علم من موقعه في المسيرة العامة.
علي أننا نعي تماما، ومنذ البداية خطورة تغلغل علمنا في الحياة اليومية بحيث تكاد تسمي كل ظاهرة في حياتنا اليومية إسما طبيا لاتينيا في الأغلب، تلك الظاهرة التي لا تخدم إلا تبرير الفشل وإعاقة المسيرة.
إذا: فماذا يمكن أن نقول، ماذا يمكن أن نضيف؟؟
إننا لنشعر أننا بهذا العمل المتواضع، وبقدر ما سنثابر ونواصل ونتعلم، ومن موقع أمتنا العريقة المنهكة، نستطيع أن نساهم في الدعوة العالمية لتكريم الإنسان بإطلاق قدرات تطوره إلي الآفاق التي خلق لها، والتي تبدو أرحب بكثير من واقعه الخائف المحدود.
إذا فهذه المجلة لا تخرج للناس التعطي فرعا من فروع الطب حقا أكبر من طاقته في توجيه مسيرة الناس، ولا لتحمله مسئولية أوسع من مدي قدرته، فإن الطب النفسي مهما امتدت رؤيته إلي خارج حدود المهنة لا يعدو أن يكون “حرفة مداواة” تعتمد علي النفعية الأمبريقية (الإختبارية) أكثر من اعتمادها علي حقائق علمية ثابتة، ومع ذلك فإن الآمال المعقودة عليه، والآفاق المتفتحة من خلاله ليس لها حدود.
وهكذا نحاول – من واقع هذه المحدودية وتلك الآمال – أن ننقل، بصدور هذه المجلة إلي الناس – بادئين بمصرنا والناطقين بلغتنا – بعض ما ينبغي أن يصلهم من معرفة بالإنسان .. معرفة قد تسهم في إنارة بعض زوايا مشاكله المعاصرة … ومن ثم في تغيير الفرد فالمجتمع إلي الغاية التطورية المعتمرة المتزايدة في الإشراق دائما أبدا.
ومن هذا المنطلق سوف نحاول أن نلتزم بأمرين، ما أمكن:
أولهما: أن تكون هذه المجلة متخصصة دون تزمت، ذلك لأنها تنطلق من منطلق طبي محدود، ولكن دون أن تسجن في قيود عجز الطب النفسي خاصة، ذلك لأن كل مايضيء المعرفة بالإنسان هو إسهام للطب النفسي، كما أن كل ما يظهر من خلال ممارسة الطب النفسي (وما يتعلق به من علوم النفس والفكر والمجتمع) هو إسهام في حصيلة المعرفة وفي مسيرة البشر في كل مكان.
وثانيهما: أن تكون هذه المجلة ملتزمة بتوظيف هذه المعرفة العلمية في تطور ناسنا أولا وقبل أي أحد، إذ لابد أن يستوفي بيتنا حصيره قبل أن نفرش العالم بالسجاد الفاخر.
إذا، فهي كلمة علمية مصرية أساسا، إنسانية شاملة في النهاية حتما.
وقد أسهم بالتعجيل في ظهورها محاولتنا أن نواكب الأحداث، وأن نتحمل مسئوليتنا في قبول التحدي الملقي في وجوهنا. لقد أخذنا مخاطرة السلام الشجاعة كمجرد بداية حزينة لمستقبل تتوقف بهجته علي قدر عملنا ومسئوليتنا، وهكذا أصبح كل فعل وكل كلمة لابد وأن تقاس بمقابلها عند أصدقائنا الألداء الجدد، ونحن نشعر في مجال تخصصنا هذا، ورغم احتكارهم لقيادته في كل انحاء العالم، أن عندنا من الرأي والفكر والأصالة ما يستحق أن يقال، بل وينبغي أن يقال في حينه حتي نحظي بفضل السبق وفضل الأصالة جميعا، هذا هو قدرنا وهذه هي فرصتنا، وليأخذها كل في موضعه، وقد فعلنا، والتاريخ يحكم بيننا.
ونحن بإصدار هذه المجلة نأمل أيضا في إتاحة الفرصة لكل صاحب رأي أن يقول كلمته، حتي لو لم توافق جوهر اتجاهنا، ونحن نعلم بعجز إمكانياتنا، لذلك فقد نشترط أن يكون مدخله من باب ما التزمنا به، ولغته علمية بالمعني الأشمل، ثم ليتجه حيث شاء كيف شاء علي أن يقبل أن يكون رأيه هو “الرأي الآخر” حتي لا تتميع طبيعة هذا العمل تحت دعوي تعادلية مستحيلة، ونحن نأمل من خلال ذلك أن نسهم بجهد متواضع أن يقول صاحب الاجتهاد كلمته دون اشتراط أن يتلون باللون السائد قبل أن يسمح لكلمته أن تري النور، حتي لاتصبح لكلمات رشاوي أكثر منها حاملة لقدس الحق أو لاجتهاد الخطأ، رشاوي لصاحب القوة، أو لصاحب الحاجة، فمن منطلق علمي ينبغي أن يكون واضحا أن مهمتنا تختلف عن الصحافة العادية، إذ نحن لا نبحث عن سامعين سلبيين أو مصفقين محتاجين، بل نحن ندعو للتفكير والتصحيح وبذل جهد تبني الرأي ونقيضه حتي نسير قدما إلي ما هو أنفع وأبقي، وقد تصدينا لمسئولية “نقل” ما نعرف لأصحابه دون رشاو صريحة أو مقنعة، مغامرين بالرفض ومحدودية الانتشار لفترة لا نعرف مداها، فضلا عن الإهمال والازدراء والتهوين وما إلي ذلك، وعلي قدر إيماننا بشرف قدرنا، وعلي قدر إصرارنا علي نقاء وصدق كلمتنا، وعلي قدر ثقتنا بقدرة إنسان مصرنا في أحلك الظروف سيكون استمرارنا.
ولابد أن نقدم اعتذارا مسبقا للصعوبة التي ستواجه القاريء في تصنيف مادة هذه المجلة، وهي نفس الصعوبة التي واجهتنا في إعدادها، ولاشك أن عدم ثبات المحتوي علي مستوي علمي بذاته، أو لغة مهنية خاصة قد يثير بعض الحيرة فضلا عن الرفض المحتمل، ولكن لعل في ذلك نفسه ما يثير أفكاره فيثرينا، وليحتملنا في هذه المرحلة البدائية غير المميزة أو المرحلة الأم، لأننا نأمل أن تصبح هذ المجلة في المستقبل القريب (أو البعيد) عدة مجلات أكثر تخصصا وأقرب تناسقا في المادة والمستوي واللغة، وحتي نحصل علي مقاليد القدرة من واقع الممارسة. سيجد القاريء المقال العلمي المرجع أو البحث العلمي المحدد والمقال العام والكتاب المترجم والملخص والخبرة الشخصية الذاتية سواء صدرت من طبيب أم مريض أم غيرهما، وقد حاولنا – بدرجة ما – أن نجمع كل مادة في قسم خاص وإن كنا نعترف ابتداء أنها محاولة تعسفية، لصعوبة التمييز بين الرأي والرؤية مثلا، أو صعوبة الفصل بين المعلومات والخبرة .. الخ.
خلاصة القول أننا نعتبر هذه المرحلة تجريبية ونلزم القاريء بالمشاركة في الرأي والنقد والتحرير معا ..
دعونا نبدأ بلا تردد، ونأمل بلا حدود.
* * *
هذا من ناحية الموضوع والهدف، أما من ناحية الشكل فقد تعمدنا أن تظهر هذه المجلة في أبسط الصور وأكثرها مباشرة، لنحترم إمكانياتنا المتواضعة من جهة، ولنتحدي الزعم القائل أن الناس قد أصبحوا لايهتمون إلا بالشكل، ولا يجذبهم إلا الإخراج، إذ لو نجحنا من واقع جديتنا واستمرارنا فلنا إذ ذاك أن نفخر بالناس الذين قبلونا من واقع ما نقول وما هو نحن .. وليس من بريق ما نظهر أو تزعم.
المحرر