نشرت فى الدستور
3/12/1997
1967 – 1997
لست أدرى إلى متى سوف يظل هذه الطعم المر يملؤ وعينا ويغلف أحاسسنا ويسود حياتنا. مازالت آثار مرارة 1967 تلاحقنا بعد ثلاثين سنه، لم تغسلها انتصارات اكتوبر، ولا محاولات التصحيح المجهضة، ثم جاءت هذه الكارثة الجديدة وإذا بنا نسترجع المرارة القديمة وتطفو إلى وعينا وجه شبه ما بين 1967، 1997 بالرغم من اختلاف الظاهر، واختلاف الظروف، واختلاف نوع النذالة، إلا أن وجه الشبه هذا قد بد لى أنه تردد فى كتابات كثيرة: نجيب محفوظ، أحمد فؤاد نجم، محمود التهامى، جمال بدوى، عادل حمودة، وجمال الغيطانى، وكاتب هذه السطور وآخرين، فما هى الحكاية؟
أرجح أن أوجه الشبه هى فى:
(1) الاسترخاء السابق للكارثه.
(2) حجم الصدمة.
(3) طعم المرارة.
(4) ضخامة آثار العدوان.
فاذا أضغنا إلى ذلك ما لحق بالحادث من:
(5) الاكتفاء بالتغيير الشكلى.
(6) العجز عن استيعاب عمق المعنى.
(7) التردد فى الإقدام على ثورة سياسية إدارية حقيقية. , ثم:
(8) استمرار التجاوزات، وتمثيلية الديمقراطية الانتخابية.
فإذ استمر كل ذلك: فإنه يحق لكل مواطن مخلص أن يفزع، ليس فقط على قطاع السياحة، وإنما على هويته ووجوده شخصيا، الإهانات تتلاحق، وكاد لفظ “مصرى-مسلم يصبح عورة تستأهل الإخفاء.
ولكن ما جدوى هذا الفزع ثم هذه الكتابة؟ ثم الكتابة، ثم اللقاءات، ثم الكتابة؟ ثم التصريحات؟ ثم الكتابة؟
ما لم يحدث تغيير دستورى قوى ومبدع وجذرى يسمح لكل الناس بالمشاركة الحقيقية فى الترشيح والانتخاب وابداء الرأى على كل المستويات بدءا من أعلى مستوى, أى دون استثناء.
وما لم نغامر بتقبل رأى الناس حتى لو كان خاطئا، ليشاركوا فى تحمل نتائج اختياراتهم.
وما لم تحدث تغييرات عملية بوليسية وإدارية لضبط الشارع، والمعاملات، بشكل ظاهر وحاسم يصل لكل فرد من أفراد الشعب، ودون أى استثناء (مثلا الانتظار على جانب واحد من الشارع، لافتات المحلات بالعربية حتى مواعيد العمل فى المحال والورش… إلخ).
مالم تحترم السلطات الأساسية (التشريعية – والتنفيذية – والقضائية) بعضها بعضها احتراما مطلقا، احتراما يؤيده التاريخ، والعرف، ولا يفسده سوء تأويل ألفاظ القانون.
ما لم يحدث كل ذلك فلا جدوى من مزيد من الكتابة، كذا عيب، والله يصبرنا، ويسترها معنا -رغم كل شئ (إن أمكن!!).