“يومياً” الإنسان والتطور
6-10-2008
السنة الثانية
العدد: 402
يوم الإبداع الشخصى
قصة جديدة:
أحسن …!!
ألقت الصحيفة من يدها إلى الأرض، نظرت إليه طويلا وهو منهمك أمام الحاسوب قبالتها، فتحت عينيها أكثر وكأنها تراه لأول مرة، وقالت فـجأة:
– طلّقنى…
لم يلتفت إليها، وظل فيما هو فيه وكأنها لم تكن توجه كلامها إليه أصلا، لكنه رفع رأسه بعد ثوان، ونظر إليها وهو يبتسم ابتسامة قديمة، قال:
– “تانى” ؟!!
– قالت بلهجة أكثر تحديدا، وصوت أكثر حسما :
– “عاشر”
قال وقد تجددت ابتسامته القديمة، فصارت أكثر قـِدما
– روحى وانت طالق.
قامت فجأة، وتقدمت ناحيته، وقبل أن تستدير لترى ماذا يفعل أو يشاهد على الحاسوب، كان قد أطفأه بسرعة،
سألته:
– ماذا كنت تشاهد؟
قال:
– لا شىء
دق جرس الباب دقة لطيفة، ثم تحرك المفتاح فيه بهدوء، فانفتح، فقد كانت تحمل نسخة من المفتاح، لكنه الذوق، دخلت نَضِرة مشرقة وقد كشف رداؤها البهيج عن حيز محدود من صدرها وأغلب ذراعيها، فبدت بكشكشة الرداء حول كتفيها، واتساع ذيله المتناسق، كزهرة تتفتح. تجلت، برغم كل ما كانت فيه، فرحة الأم بابنتها، وربما فخرها بأنها ابنتها، ولم تسألها لماذاعادت من الجامعة قبل ميعادها، فقد كانت أحوج ما تكون إلى أى مخلوق، بل إليها هى بالذات، ابنتها. أخذت البنت تتملى فى وجه أمها وقد لاحظت أن فرحتها غير خالصة، فسألتها :
– ماذا ؟ فيه ماذا يا أمى؟
قالت الأم دون تردد
– أبوك طلقنى حالا
قالت البنت دون أن تضحك:
– وهل كنتما متزوجين ؟
لم تعقب الأم.
الوالد هو الذى ضحك وقال للبنت
– “برافو” عليكِ
غيرت البنت الموضوع فجأة، وألقت بالقنبلة
– أمى، لقد قررت اليوم القرار الذى لا رجعة فيه
قالت الأم وهى تلتفت إلى أبيها
– لا رجعة فيه!!؟، مثل أبيك ؟!!!
قالت البنت
– أنا لا أمزح
قالت الأم
– خيرا ؟!
قالت البنت
– قررت أن أتنقب
قالت الأم
– “ياخبر اسود” !! ألا تصلين أولا ؟
قالت البنت
– لقد قالوا لى أن هذا شىء، وذاك شىء آخر
نظرت الأم إلى الأب الذى بدا وكأنه يتابع بفتور ناعم
– ما رأيك ؟
قال
– أحسن
قالت الأم
– أحسن ماذا؟
قال الأب، وقد عاد ينظر فى الحاسوب الذى كان قد أعاد فتحه:
– أحسن، كل هذا.
قالت الأم
– كل ماذا؟
قال الأب دون أن يرفع عينيه عن الحاسوب
– كل شىء.