“يوميا” الإنسان والتطور
30-6-2008
العدد: 304
يوم إبداعى الخاص
قصة قصيرة (!!!)
“….الأمور تسير كيفما اتفق، وهو مازال يصّاعد ولا يتعجب كيف يرق السحاب حتى يكاد يذوب فيثبت أنه بخار هش غير مابدا له وهو بعد على الأرض، كان يخيــل إليه أنه جبل من الجليد الناصع، ومع ذلك لم يتعجب وهو يخترقه بهذه النعومة الهادئة.
كانت يمامة تقف على سور الحديقة المتهدم، وكان ذكَـرها يدور حول نفسه يستعرض.
رعدت السماء على غير توقع، اهتزت ورقة شجر تريد أن تسقط، ثم تراجعت. تصايح ديك بالآذان برغم أننا اقتربنا من الظهيرة.
تراءت له بقعة رطبة فوق التراب الناعم. لا بد أنها بفعل فاعل، لكن الحادث قيد ضد مجهول، ومع ذلك فإن الجميع داخلهم سرورٌ هامس من حيث أن مثل هذا الحدث إنما هو دليل على أن الحياة مازالت أقوى، وأنها مستمرة، وأنها دائما تعاود البدء من جديد.
بويضات متناهية الصغر لا تـُـرى بالعين المجردة توشك أن تفقس فى بقعة الأرض الرطبة ذات الرائحة المؤلفة من سوائل الجسد مجتمعة، دون استثناء العرق.
تشمم جلال الرائحة جيدا فتيقن أنه مازال يعيش. هذه السوائل هى عصير الحياة قبل أن تتشكل، لم يرفع جلال رأسه مثلما يفعل الحمار بعد أن يشم آثار حمار يسبقه.
همستْ نملة لزميلتها وهى تصعد على جدار أملس جدا: أسرعى قبل أن ينفـَـدْ.
كأن جلال قد سمع ما قالته النملة، تأملهما، لم يغلبه حب الاستطلاع ليعرف ما الذى سوف ينفد.
لم يعد يفكر فى مثل هذه الأمور بهذه الطريقة، ولا بأى طريقة أخرى، لكنه متأكد أنه يفكر باستمرار فى هذه الأمور وغيرها، ليس فكرا فكرا، لكنه فكر حتما، وإلا فماذا يكون؟.
هذه ليست البداية، فحياته كلها بدايات لحوح….
“ما قبل” الفصل الأول: سوق السلاح
من رواية : ملحمة الرحيل والعوْد
الجزء الثالث من ثلاثية : المشى على الصراط
صدر مؤخرا: الطبعة الأولى (2008)
الناشر: الهيئة العامة للكتاب
وأيضا: يوجد فى الموقع